خطورة الرشوة
· الحمد لله الذي حرم الظلم على نفسه وجعله بيننا محرماً... وأشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له... وأشهد أن محمداً عبده ورسوله... صلى الله عليه
وسلم.
· أما بعد: عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فهي خير زاد،
وطريق السعادة والنجاة.
تعريف الرشوة والتحذير منها:
· أيها المسلمون، من الآفات التي فتكت في مجتمعات الأمم، وعصفت بقيمها،
آفة الرشوة، وهي ما يُعطى لإبطال حق أو إحقاق باطل.
لقد حذر منها الإسلام أشد التحذير،
وجعلها من الكبائر التي تُهلك صاحبها وتُفسد المجتمع.
أدلة التحريم من القرآن الكريم:
· يقول الله تعالى في محكم التنزيل: ﴿وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ
بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا
فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:
188].
فهذه الآية تصف حالة المرتشي الذي يدفع
للحاكم ليأكل مال غيره بغير حق.
· ويقول سبحانه: ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ﴾
[المائدة: 42].
والسُّحْت هو المال الحرام، وأخبثه مال
الرشوة
أدلة التحريم من السنة النبوية
· الحديث الأول
(اللعنة): عن عبد الله بن عمرو رضي الله
عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ
وَالْمُرْتَشِيَ وَالرَّائِشَ» أَو «الرَّائِحَ» (يعني: الوسيط بينهما). رواه أحمد
والترمذي وحسنه الألباني. انظروا إلى شدة الوعيد: اللعنة، وهي الطرد والإبعاد من
رحمة الله، تشمل كل الأطراف.
· الحديث الثاني
(ليس منا): عن أبي هريرة رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ فِي
الْحُكْمِ». رواه أحمد وأبو داود.
· الحديث الثالث
(ناراً في بطنه): لتوضيح عاقبة أكل
المال الحرام، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْكُلُ
اللُّقْمَةَ مِنَ الرِّبَا فَيُعَذَّبُ بِهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ». (رواه ابن
ماجه). ومال الرشوة من أشنع أنواع المال الحرام.
· قصة مؤيدة من السنة
(قصة الحَكَم الفاسد):
· ويوضح لنا النبي صلى الله عليه وسلم صورة مروعة للرشوة في القضاء، في
حديث طويل عن أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه: أن رجلين اختصما في بيع أرض، فوجد
المشتري فيها جرة ذهب، فقال البائع: "بعتك الأرض وما فيها"، فقال
المشتري: "بعني الأرض فقط". فتحاكما إلى رجل، فقال الحَكَم: "ألكما
ولد؟" فقال أحدهما: لي غلام، وقال الآخر: لي جارية. فقال الحَكَم:
«أَنْكِحُوا الْغُلَامَ الْجَارِيَةَ، وَأَنْفِقُوا عَلَى أَنْفُسِكُمَا مِنْهُ،
وَتَصَدَّقَا». قال النبي صلى الله عليه وسلم معقباً: «مَنْ وَلِيَ الْقَضَاءَ
فَإِمَّا أَنْ يُصِيبَ وَإِمَّا أَنْ يُخْطِئَ، فَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ،
وَإِنْ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ». ثم قال عن ذلك الحَكَم: «فَذَاكَ رَجُلٌ قَضَى
بِغَيْرِ حَقٍّ، وَذَلِكَ الَّذِي أَشَارَ بِمَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ،
فَهُوَ فِي النَّارِ». (رواه الطبراني في الأوسط، وحسنه الألباني).
فهذه القصة تبين كيف أن الرشوة (وهنا
كانت المصلحة للوسيط) تُفسد القضاء وتذهب بالحقوق.
·الآثار المدمرة للرشوة
· أيها المؤمنون، إن للرشوة آثاراً مدمرة:
· إثم عظيم وغضب من الله.
· ضياع الحقوق وانتشار الظلم.
· انهيار الثقة بين أفراد المجتمع ومؤسساته.
· ضعف الأمة وهلاكها، كما في الحديث: «... وَإِذَا أُعْطُوا الرِّشَا
فِي الْحُكْمِ سَمِعُوا وَأَطَاعُوا...». (رواه الطبراني).
· الخاتمة والدعاء:
· اللهم إنا نعوذ بك من الكسب الحرام... اللهم طهر مجتمعنا من الرشوة
والفساد... ربنا اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين
· اللهم احفظ بلادنا من الفساد والمفسدين... اللهم أرنا الحق حقاً
وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه...
· وصلى الله وسلم على نبينا محمد...