الْبِيئَةُ نَعَمَةٌ وَأمَانَةٌ
الحمد لله وكفي وسلام على عباده الذين اصطفي
وبعد:
قَالَ سُبْحَانَهُ:" وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ "
عبادالله:
إعلموا جيداً أنه كما قَالَ الشَّيْخُ
مُحَمَّد شَاكِر -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-:
«إِيَّاكَ أَنْ تَظُنَّ أَنَّ تَقْوَى
اللهِ هِيَ الصَّلَاةُ والصِّيَامُ وَنَحْوُهُمَا مِن العِبَادَاتِ فَقَط،
إِنَّ تَقْوَى اللهِ تَدْخُلُ فِي
كُلِّ شَيْءٍ، فَاتَّقِ اللهَ فِي عِبَادَةِ مَوْلَاكَ، لَا تُفَرِّطْ فِيهَا،
وَاتَّقِ اللهَ فِي إِخْوَانِكَ لَا تُؤْذِ أَحَدًا مِنْهُم، وَاتَّقِ اللهَ فِي بَلَدِكَ، لَا تَخُنْهُ وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْهِ عَدُوًّا،
وَاتَّقِ اللهَ فِي نَفْسِكَ وَلَا
تُهْمِلْ فِي صِحَّتِكَ، وَلَا تَتَخَلَّقْ بِسِوَى الأَخْلَاقِ الفَاضِلَةِ».
ونحن بدورنا نقول لك
اتق الله فيما سخره الله لك من مرافق
وممتلكات عامة للجميع حتى لا تكون خصيما للأمة يوم القيامة
ايهاالاخوة:
هناك مهامَّ إلهية وتكاليفَ ربانية
أنيطت بكل إنسان ، وينبغي له القيام بها، ويحذر من التغافل عنها أو التكاسل عن
أدائها،
إحدى هذه المهام هي عنايته بالبيئة
التي سخرها الله له وعدم الإفساد فيها،
يقول الراغب الأصفهاني رحمه الله: "
والأعمال ثلاثة:
عمارة الأرض: المعنية بقوله تعالى:
﴿وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ .
وعبادة الله تعالى، المعنية بقوله:
﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ .
وخلافته: المعنية بقوله تعالى:
﴿وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ .
ويقول الزمخشري رحمه الله، عند تفسير
قوله تعالى: ﴿وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾:
أى "أمركم بالعمارة، والعمارة
متنوعة إلى واجب ومندوب ومباح ومكروه، وكان ملوك فارس قد أكثروا من حفر الأنهار،
وغرس الأشجار، وعمَّروا الأعمار الطِّوال، مع ما كان فيهم من عسف الرعايا، فسأل
نبي من أنبياء زمانهم ربه عن سبب تعميرهم، فأوحى إليه: «إنهم عمروا بلادي، فعاش
فيها عبادي»". [الكشاف عن حقائق التنزيل].
وهنا نتسائل..
ماذا قالت الشريعة عن البيئة ؟
اسمع:
عند البخارى عن أنس بن مالك رضي الله
عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِن مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا،
أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ منه طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ؛
إِلَّا كانَ له به صَدَقَةٌ».
( ونستفيد من ذلك بالسماحة فيمن يأكل من
زرعنا طلباً للأجر
.. )
اسمع :
فى صحيح مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ
اللهِ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، فَإِنْ لَمْ يَزْرَعْهَا،
فَلْيُزْرِعْهَا أَخَاهُ»
( ونستفيد من ذلك عدم تبوير الأرض وتركها
مرتعا للكلاب
..)
اسمع :
عند البخارى عَنْ أَنَسِ رضي الله عنه،
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ
وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى
يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا»
(ونستفيد من ذلك ضرورة المحافظة على
الغرس والزرع
...)
اسمع :
عند البيهقى عن رجل من أصحاب النبي صلى
الله عليه وسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن نصب شجرةً فصبَر على
حفظِها والقيامِ علَيها حتَّى تُثمرَ، كان لهُ في كلِّ شيءٍ يُصابُ من ثَمرِها
صدقةٌ عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ»
( ونستفيد من ذلك الصبر على زراعة
الأشجار حتى تثمروعدم التعجل بقطعها...)
وأكد هذا المعنى، قوله صلى الله عليه
وسلم: «مَنْ قَطَعَ سِدْرَةً صَوَّبَ اللهُ رَأْسَهُ فِي النَّارِ»
اسمع :
في صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: (لقد رأيت رجلا يتقلب
في نعيم الجنة، في شجرة قطعها من ظهر الطريق، كانت تؤذي الناس)
وعن أبي برزة الأسلمي قال: قلت: يا
رسول الله، دلني على عمل أنتفع به، قال: «اعزل الأذى عن طريق المسلمين».
عن أبي ذر مرفوعاً:"عرضت علي أعمال
أمتي حسنها وسيئها فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق ووجدت في مساوئ
أعمالها النخامة تكون في المسجد".
وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال:"بينما رجل يمشي في طريق إذ وجد غصن شوك فأخره فشكر الله له فغفر له".
"ونستفيد من ذلك المحافظة على نظافة
البيئة وإماطة الأذى عنها ومنها
.."
وعند مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله
عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:"عُرِضَتْ عَلَيَّ
أَعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا، فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ
أَعْمَالِهَا الْأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ..
بين قوسين "يعنى الطريق او الشارع مش ملكية خاصة لحضرتك عشان تبنى فيه سبع درجات سلم جعلت عرض الشارع نص متر
الطريق مش ملكية خاصة لحضرتك عشان تحط
برة بيتك عشرين حجر وزن الحجر نص طن وتزنق الناس والعربيات
الطريق مش ملكية خاصة لحضرتك عشان تعمل
مطب حفر يؤذى وسائل المواصلات ويجعلها تتهالك
الطريق مش ملكية خاصة لحضرتك عشان تغسل
التوكتوك بتاعك عليه وتجعل طبقة الاسفلت تتآكل وتتدمر
الطريق مش ملكية خاصة لحضرتك عشان كل
يومين تغسل البلاط وتزيح ع الشارع وتؤذى المارة فى الطرقات
الطريق مش ملكية خاصة لحضرتك عشان تنصب
فيه شادر وصوان الفرح والعزا والحلويات والخضروات
الطريق مش ملكية خاصة لحضرتك عشان
تتخلى فيه "تقضي حاجتك بالبراز" وخاصة فى أماكن الظل
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ :"اتَّقُوا اللاعِنَيْنِ ” قَالُوا: وَمَا
اللاعِنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : “ الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ
الْمُسْلِمِينَ وَفِي ظِلِّهِمْ ” وفي رواية: ” اتَّقُوا الْمَلاَعِنَ الثَّلاَثَ:
الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ، وَالظِّلِّ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ. ” . (أبو داود
وابن ماجه والحاكم).
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فيما
رواه الطبراني في الكبير، وإسناده صحيح. بأن كل من يؤذي المسلمين في طُرقِهم بأي
نوع من أنواع الإيذاء هو مستحق للعنتهم؛ فعن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه: أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال:"من آذى المسلمين في طرقهم، وجبَتْ عليه لعنتهم"،
وظاهر الحديث أنه يجب لعنه وإسماعه
ذلك؛ لينزجر عن فعل الأذى.
اسمع :
عند مسلم عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ
بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ رضي الله عنه، أَنَّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ ظُلْمًا، طَوَّقَهُ
اللهُ إِيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ»
(ونستفيد من ذلك عدم الطمع فى حق غيرنا
وحرمانه منه
....)
أيهاالاخوة:
البيئة السليمة :هي البيئة التي سلم
ماؤها وهواؤها وترابها من التلوث
.
والمحبة الحقيقية في حب الخير والسلامة
لمن حولك،
نقول ذلك
لأن البيئة المتوترة توهمك أن الإنفعال
طبعك، حتى تكتشف في البيئة الآمنة أنك هادئ..
نقول ذلك
لأن هناك من يقول لا شيء يربطني بهذه
الأرض ؛ سوى الحذاء
.
نقول ذلك
لأنه كما هناك من يحافظ على البيئة،
هناك أيضا من هو بيئة...
وقارن بين شوارع الذين كفروا وشوارع
خير أمة أخرجت للناس...
قال جل شأنه:
وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ
الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا
أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ
اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ
أقول قولي هذا واستغفرُ الله لي ولكم
والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
الخطبة الثانية
الثمرة :
فى صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"لَا يَبْلُغُ الْعَبْدُ
حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ، حَتَّى يُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنَ
الْخَيْرِ"،
المحبة الحقيقية في حب الخير والسلامة
لمن حولك، يجب أن ينشر الوعي الصحي بين الجميع وتنبيه الأطفال إلى أهمية المحافظة
على البيئة لأن ذلك واجب على الجميع.
لهذا حافظ على نظافة بيئتك من اخطار
التلوث، تأمن ويأمن من حولك.
مع الدعاء..