recent
أخبار عاجلة

خطبةٌالجمعة صحح مفاهيمك. التخريب والغش ومشاكل الأسرة عبدالناصربليح

                صَحِّحْ مَفَاهِيمَكَ


 

                               جريمة تخريب المرافق العامة.

جريمة الغش في الامتحانات.

ظاهرة المشاكل الأسرية وهي من أسباب الطلاق


الحمدُ للهِ والصلاة والسلام علي رسول الله وبعدُ:

 فقد أطلقت وزارة الأوقاف المصرية مبادرة صحح مفاهيمك  

وحديثنا إليكم اليوم عن ثلاث ظواهر اجتماعية هامة تمس الواقع المعاصر وهي:

 ظاهرة تخريب الممتلكات العامة.

عباد الله :" هناك أناس  بفهمهم المغلوط  وعقلهم الغبي يستحلون المال العام، ويقومون بتخريب الممتلكات العامة، بحجة أن لهم حقوقا في هذه الأموال، ويستحلون بذلك الأموال العامة، وهذا من المفاهيم المغلوطة الخاطئة، لأن المال العامَّ أعظمُ خطرًا مِن المالِ الخاصِّ الذي يمتلكُهُ أفرادٌ أو هيئاتٌ محددةٌ، ذلك لأنَّ المالَ العامَّ ملكُ الأمةِ وهو ما اصطلحَ الناسُ على تسميتِه ” مالَ الدولةِ ” ، ويدخلُ فيهِ: الأرضُ التي لا يمتلكُهَا الأشخاصُ، والطرقُ والمرافقُ، ومياهُ البحارِ والأنهارِ والترعِ، والمعاهدُ والمدارسُ، والمستشفياتُ، والجامعاتُ غيرُ الخاصةِ، وكلُّ هذا مالٌ عامٌ يجبُ المحافظةُ عليهِ، ومِن هنَا تأتِي خطورةُ هذا المالِ، فالسارقُ لهُ سارقٌ للأمةِ لا لفردٍ بعينِه، فإذا كان سارقُ فردٍ محددٍ مجرمًا تُقطعُ يدُهُ إنْ كان المسروقُ مِن حرزٍ وبلغَ ربعَ دينارٍ فصاعدًا، فكيف بمَن يسرقُ الأمةَ ويبددُ ثرواتِهَا أو ينهبُهَا ؟! كيف تكونُ صورتُه في الدنيا وعقوبتُه في الآخرةِ ؟!



عباد الله:" الأمرَ جد ُّخطيرٍ، إيَّاكُم إيَّاكُم مِن التعدِّي على المالِ العامِّ بجميعِ صورِ التعدِّي، قولُوا لكلِّ مَن أخذَ المالَ العامَّ واستحلَّهُ، أنَّهُ يأتِي بهِ حاملهُ على رقبتِه يومَ القيامةِ، يقولُ تعالَى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ". (آل عمران: 161). 

وعن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنهُ قالَ: ” قام فينَا النبيُّ ﷺ فذكَرَ الغُلولَ، فعظَّمَهُ وعظَّمَ أمرَهُ، قال: ” لا ألفِيَنَّ أحدَكُم يومَ القيامةِ على رَقبتهِ شاةٌ لها ثُغاءٌ، على رَقبتِه فرسٌ لهُ حَمْحَمةٌ، يقولُ: يا رسولَ اللهِ، أغِثْنِي، فأقولُ: لا أملِكُ لكَ شيئًا؛ قد أبْلَغْتُكَ، وعلى رَقَبتِه بعيرٌ له رُغاءٌ، يقولُ: يا رسولَ اللهِ، أغِثْنِي، فأقولُ: لا أملِكُ لكَ شيئًا؛ قد أبلغتُكَ، وعلى رَقَبتِه صامتٌ، فيقولُ: يا رسولَ اللهِ، أغِثْنِي، فأقولُ: لا أملِكُ لكَ شيئًا، قد أبلغتُكَ، أو على رَقَبتِه رِقَاعٌ تَخْفِقُ، فيقولُ: يا رسولَ اللهِ، أغِثْنِي، فأقولُ: لا أملِكُ لكَ شيئًا، قد أبلغتُكَ"(متفق عليه)..

 فمَن غلَّ شاةً جيءَ بهَا يومَ القيامةِ تيعرُ وهي على كتفِه، ومَن غلَّ بعيرًا جاءَ يحملُهُ يومَ القيامةِ وله رُغاءٌ يسمعهُ أهلُ الموقفِ على كتفِه، ومَن غلَّ فرسًا جاءَ يحملُهُ يومَ القيامةِ وله حمحمةٌ، ومَن غلَّ شيئًا قليلًا أو كثيرًا إلّا جُعلَ ناطقًا أمامَهُ، حتى الذهبِ والفضةِ، مَن غلَّ صامتًا، أي: ذهبًا أو فضةً جاءَ بهِ يومَ القيامةِ يحملُهُ!!

إنَّ الكثيرَ منَّا قد تساهلَ في أمرِ المالِ العامِّ تساهلًا عظيمًا في هذا الزمانِ:

أحدُهُم يضعُ هاتفَهُ الجوالَ جانبًا ثم يتكلمُ مِن هاتفِ العملِ في أمورِهِ الشخصيةِ!! وآخرُ يستخدمُ سيارةَ العملِ في قضاءِ حاجياتِه وحاجةِ أولادِهِ..!! وثالثٌ لا يأبَهُ مِن الخروجِ مبكرًا مِن العملِ بحجةِ أنَّهُ لا يوجدُ تقديرٌ للموظفِ مِن حيثُ الراتبِ أو العلاواتِ فهو ينتقمُ بطريقتِهِ الخاصةِ !! ورابعٌ يستخدمُ حاسوبَ العملِ في طباعةِ أوراقِهِ الخاصةِ !! وخامسٌ يستخدمُ فاكسَ الدائرةِ الحكوميةِ في إرسالِ سيرتِه الذاتيةِ هنَا وهناكَ!! وسادسٌ يحملُ معهُ أقلامَ وأدواتِ العملِ إلى البيتِ ليوزعَهَا على أطفالِه !! وغيُر ذلك مِن صورِ التعدِّي على المالِ العامِّ !! فأينَ نحنُ جميعًا مِن منهجِ سلفِنَا الصالحِ في أعمالِهِم وورعِهِم وتقواهم ؟!!

ألَا فبادرْ بالتوبةِ، فبابُ التوبةِ مفتوحٌ لكلِّ مَن أخذَ مالًا خاصًا مِن أخيهِ، أو عامًّا مِن الدولةِ، أنْ يردَّ ما أخذَ مِن مظالمٍ لأهلِهَا، قبلَ أنْ يحملَ مظلمتَهُ على رقبتِهِ في الآخرةِ، ويُفضحَ بها على رؤوسِ الخلائقِ يومَ القيامةِ.

جريمة الغش في الامتحانات.



عباد الله :" ومن أهم الظواهر الاجتماعية والمفاهيم المغلوطة ( ظاهرة الغش في الامتحانات)، حيث يسول للطلاب والطالبات صعوبة الاختبارات، وأن الذي أقل منه تعليما سيتفوق عليه لأنه ماهر في الغش، فلابد أن يغش هو كذلك، وهذا فهم خاطئ مغلوط ، لأن الغاية لا تبرر الوسيلة، وما كان أصله حرام ، لا يجوز حله بأي حال .

إنَّ ظاهرةَ الغشِّ في التعليمِ لهَا أثرُهَا السيءُ على تقدمِ الأممِ؛ فالغشُّ بلاءٌ ابتُلِيَ بهِ طلابُ العلمِ صغارًا وكبارًا، فهو ليس على مستوَى المراحلِ الابتدائيةِ فحسب، بل تجاوزَهَا إلى الثانويةِ والجامعةِ والدراساتِ العُليا، فكم مِن طالبٍ قدّمَ بحثًا ليس لهُ فيهِ إلَّا أنَّ اسمَهُ على غلافِهِ!! وكم مِن طالبٍ قدَّمَ مشروعًا ولا يعرفُ عمَّا فيهِ شيئًا!! وكم مِن طالبٍ حصلَ على مجموعٍ عالٍ في الشهادةِ الثانويةِ عن طريقِ الغشِّ وهو لا يحسنُ القراءةَ والكتابةَ!!

هذه الظاهرةُ التي أنتجَهَا الفصامُ النكدُ الذي يعيشُهُ كثيرٌ منَّا في مجالاتٍ شتّى، نعمْ لمَّا عاشَ كثيرٌ مِن طلابِنَا فصامًا نكدًا بينَ العلمِ والعملِ، ترى كثيرًا منهم يحاولُ أنْ يغشَّ في الامتحاناتِ، وهو قد قرأَ حديثَ الرسولِ ﷺ الذي تبرأَ فيهِ مِن الغشّاشِ قائلًا: “مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي”(مسلم)، بل رُبَّما يقرأهُ على ورقةِ الأسئلةِ، ولكن ذلك لا يحركُ فيهِ ساكنًا؛ لأنّهُ قد استقرَّ في ذهنِهِ أنّهُ لا علاقةَ بينَ العلمِ الذي يتعلمُهُ وبينَ العملِ الذي يجبُ أنْ يأتِيَ بهِ بعدَ هذا العلمِ، لذلك حرَّمَ الإسلامُ كلَّ صورِ الغشِّ، وتبرأَ الرسولُ ﷺ مِن كلِّ الغشاشين.

إنَّ الغشَّ لهُ أثرُهُ السيئُ على المجتمعِ، فهو سببٌ لتأخرِ الأمةِ، وعدمِ تقدمِهَا ورقيِّهَا، وذلك لأنَّ الأممَ لا تتقدمُ إلَّا بالعلمِ وبالشبابِ المتعلِّمِ، فإذا كان شبابُهَا لا يحصلُ على الشهاداتِ العلميةِ إلَّا بالغشِّ، فقُلْ لِي بربِّكَ: ماذا سوف ينتجُ لنَا هؤلاءِ الطلبةُ الغشاشون ؟! ما هو الهمُّ الذي يحملُهُ الواحدُ منهُم ؟! ما هو الدورُ الذي سيقومُ بهِ في بناءِ الأمةِ ؟! لا شيء ، بل غايةُ همِّهِ وظيفةٌ بتلكَ الشهادةِ المزورةِ، لا همَّ لهُ في تقديمِ شيءٍ ينفعُ الأمةَ، أو حتى يفكرَ في ذلك؛ وهكذا تبقَى الأمةُ لا تتقدمُ بسببِ أولئكَ الغششةِ بينهَا، ونظرةُ تأملٍ للواقعِ: نرَى ذلكَ واضحًا جليًّا، فعددُ الطلابِ المتخرجينَ في كلِّ عامٍ بالآلافِ ولكن قُلْ بربِّكَ مَن منهُم يخترعُ لنَا؟! أو يكتشفُ؟! أو يقدّمُ مشروعًا نافعًا للأمةِ؟! قِلّةٌ قليلةٌ لا تكادُ تُذكَرُ!!

إنَّ هذا الغاشَّ غدًا سيتولَّى منصبًا، أو يكونُ معلمًا وبالتالِي سوفَ يمارسُ غشَّهُ للأمةِ، بل ربَّمَا علَّمَ طلابَهُ الغشَّ، بل إنَّ الوظيفةَ التي يحصلُ عليهَا بهذهِ الشهادةِ المزورةِ، أو التي حصلَ عليهَا بالغشِّ سوف يكونُ راتبُهَا حرامًا؛ لأنَّهُ بُنِيَ على حرامٍ، وأيَّما جسدٌ نبتَ مِن حرامٍ فالنارُ أولَى بهِ.

إنَّ الذي يغشُّ قد ارتكبَ عدةَ مخالفاتٍ –إضافةً إلى جريمةِ الغشِّ – منها السرقةُ، والخداعُ، والكذبُ، وأعظمُهَا الاستهانةُ باللهِ، و تركُ الإخلاصِ، وتركُ التوكلِ على اللهِ …إلخ

فعلينا جميعًا أنْ نتعاونَ في مقاومةِ هذه الظاهرةِ، كلٌّ بحسبِ استطاعتِهِ وجهدِهِ، فالأبُّ في بيتِهِ، والمعلمُ والمرشدُ في المدرسةِ والجامعةِ كلٌّ يقومُ بالوعظِ والإرشادِ، وكذلك الداعيةٌ في خطبِهِ ودروسِهِ، والإعلامُ بوسائلِهِ المختلفةِ.

الخطبة الثانية 

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين وبعد 

 ظاهرة المشاكل الأسرية وهي من أسباب الطلاق.

فياعباد الله:" وهناك ظاهرة أخري نتجت عن فهم خاطيء مغلوط  ألا وهي ظاهرة المشاكل الأسرية وهي من أسباب الطلاق.



مع أن الإسلامُ  اهتم بالأسرةِ اهتمامًا كبيرًا؛ لأنَّ الأسرةَ هي قوامُ المجتمعِ، وجعلَ الزواجَ بناءَ هذه الأسرةِ، وأحاطَهُ بسياجِ السكنِ والمودةِ والرحمةِ، وأخذَ الميثاقَ الغليظَ على الزوجينِ في استمراريةِ العلاقةِ الزوجيةِ، فقالَ تعالَى:"وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا"(النساء: 21)،  وقالَ الزمخشريُّ: الميثاقُ الغليظُ حقُّ الصحبةِ والمضاجعةِ، ووصفَهُ بالغلظِ لقوتِهِ وعظمِهِ ".   

ونظرا لضغوط الحياة والمسئولية الملقاة على عاتق الزوجين، فإن الزوجين يعتقدان أن إنهاء العلاقة الزوجية بالطلاق، هو الملاذ الآمن ونهاية المطاف بالحياة المستقبلة الجديدة السعيدة، وذلك من خلال قوله تعالى:" وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلاً مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللهُ وَاسِعاً حَكِيماً". ( النساء: 130).

 وهذا فهم خاطئ ، لأن الطلاقَ له آثاره المدمرة للفرد والمجتمع، فهو مشكلةٌ أسريةٌ عظيمةٌ، بسببِهَا تفرقتْ الأسرُ، وتهدّمتْ البيوتُ، وضاعتْ الذريّةُ وتأخرُوا في التعليمِ والدراسةِ، وقُطعتْ الأرحامُ والصلاتُ، وكثُرتْ الآثامُ، وانعدمتْ الرحمةُ والشفقةُ عندَ كثيرٍ من الآباءِ والأمهاتِ، وانتشرتْ الجرائمُ في المجتمعِ، وكثُرتْ الأمراضُ النفسيةُ عندَ الأبناءِ والآباءِ والأمهاتِ، وتزعزعَ الأمنُ والاستقرارُ، وغيرَ ذلك من المخاطرِ والآثارِ السيئةِ على الفردِ والمجتمعِ، لهذا فإنَّ إبليسَ يبعثُ جنودَهُ في الأرضِ، ويجعلُ الجنديَّ البارعَ – الذي فرقَ بينَ الزوجينِ وهدمَ الأسرةَ – أقربَهُم منهُ منزلةً. فعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ” إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ ” قَالَ الْأَعْمَشُ: أُرَاهُ قَالَ: «فَيَلْتَزِمُهُ». (مسلم).

فعلينَا أنْ نتنبَّهَ لذلك، وأنْ نتَذَكَّرَ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا }. وقولَ الرسولِ ﷺ: «لَا يَفْرَكْ [أَيْ لاَ يُبْغِضْ] مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ».(مسلم). وكما قالَ الشاعرُ:

إِذَا أَنْتَ لَمْ تَصْبِرْ مِرَارًا عَلَى الْقَذَى …………… ظَمِئْتَ وَأَيُّ النَّاسِ تَصْفُو مَشَارِبُهْ

وأخيرًا: نداءٌ ورسالةٌ إلى الزوجينِ:

فأقولُ للزوجِ: أيُّها الزوجُ، يا مَن تريدُ طلاقَ زوجَتِكِ، كيفُ هي حياتُكَ بعدَهَا؟ وكيف سيكونُ أبناؤُكَ وبناتُكَ؟ وإلى أيِّ مآلٍ ستتجهُ حياتُكَ واهتماماتُكَ؟ فاللهَ اللهَ في الحكمةِ والصبر، والتدرجِ في معالجةِ الأمورِ، وجَرِّبِ النُّصْحَ لِزَوْجِكَ، وامتثلْ قولَهُ تعالى:" وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا".(النساء: ) 

وَحَاوِلِ الصُّلْحَ بِحَكَمٍ مِنْ أَهْلِهَا وَحَكَمٍ مِنْ أَهْلِكَ." وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا".(النساء: ). 

وكنْ لزوجِكَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ” خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي” .(الترمذي وحسنه). واحذرْ من الغفلةِ والغضبِ التي توردُكَ مواردَ الندمِ والحسرةِ.

وأقولُ للزوجةِ: أيّتُها الزوجةُ، يا مَن تريدينَ الطلاقَ، استشعرِي ما هو حالُكِ بعدَ أنْ تفقدِي نعمةَ الزوجِ، سيئولُ للعنوسةِ والوحدةِ والانطواءِ، وحملِ لقبٍ منبوذٍ في المجتمعِ (مطلقة)، وقد لا يقدرُ اللهُ لكِ زواجًا آخرَ، واصبرِي على علّاتِ زوجِكِ، واحتسبِي الأجرَ على ذلك، وانظرِي إلى مواطنِ الإيجابيةِ فيه، واعلمِي أنّ طاعتكِ لزوجكِ وخدمتكِ لأولادكِ طريقٌ إلى الجنة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:  «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خُمُسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَصَّنَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا دَخَلَتْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَتْ».( ابن حبان وصححه الأرنؤوط)، واحذرِي أنْ تطلُبِي منهُ الطلاقَ من غيرِ سببٍ واضحٍ، فذلك ذنبٌ عظيمٌ وعقوبتُهُ عظيمةٌ. فعَنْ ثَوْبَانَ رضي اللهُ عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ” أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلاَقَ فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ “(ابن ماجة بسند صحيح).


فما أجملَ أنْ يعيشَ الزوجانِ في عشِّ الزوجيةِ تحتَ ظلالِ الحبِّ والسكنِ والمودةِ والرحمةِ، حتى يسودَ الأمنُ والاستقرارُ بينَ الأسرِ وأفرادِ المجتمعِ.

ولو أنّ كِلَا الزوجينِ وقفَ عندَ هفواتِ الآخرِ، ما استمرتْ الحياةُ، بل صارتْ إلى هدمٍ وزوالٍ، وما صارَ أحدٌ مع زوجتِهِ في المجتمعِ كلِّه، فلابدَّ لكلٍّ منهُمَا أنْ يتحملَ صاحبَهُ، حتى تستقرَّ الأسرُ والمجتمعُ.

فعليكُم التحملَ والصبرَ والرضا، فالميثاقُ الغليظُ الذي بين الزوجينِ يقتضِي أنْ يتحملَ كلٌّ منهما هفواتِ الآخر، يقولُ أبو الدرداءِ -رضي اللهُ عنه- لزوجتِهِ أمِّ الدرداء: ” إذا رأيتنِي غاضبًا فرضِّينِي، وإذا رأيتُكِ غضبَى رضَّيتُكِ. وإلّا لم نصطحبْ”. فبالودِّ والمسامحةِ والمحبةِ تدومُ العشرةُ، وبدونِهَا لا توجدُ ألفةٌ ولا عشرةٌ.


 

google-playkhamsatmostaqltradent