هل تكفى التوبة والاستغفار،علي ما فاتني من صلاة أم يلزم قضاء ما فات؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الراجح من أقوال أهل العلم أن من يترك الصلاة بالكلية هو كافر مرتد عن الإسلام.
وعليه، فإن تاب ورجع عليه أن يجدد إيمانه، ولا يلزمه قضاء ما فات من الصلوات.
وذهب الجمهور إلى أنه غير كافر رغم إثمه الشديد، وإنما عليه التوبة الصادقة مع إعادة ما فرط فيه من صلوات على الفور حسب استطاعته في اي ساعة من ليل أو نهار، فإن كانت الفوائت كثيرة قضى في اليوم الواحد صلاة يومين على الأقل إلا إذا كان ذلك يؤخره عن كد لعياله، فيجوز الاقتصار على صلاة يوم.
قال الدسوقي: فالواجب حالة وسطى، فيكفي أن يقضي في اليوم الواحد صلاة يومين فأكثر، ولا يكفي قضاء يوم في يوم إلا إذا خشى ضياع عياله إن قضى أكثر من يوم. انتهى.
و أن ما فات الإنسان من الصلاة منذ البلوغ فعليه القضاء، وذلك لقول الرسول الكريم: رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الطفل حتى يبلغ الحلم، وعن المجنون حتى يعقل.
ويرى فقهاء آخرون أنه لا يقضيها، خاصة إذا كانت الفترة طويلة، على أن يكثر من
الاستغفار وصلاة النوافل.
وهذا الحكم لا ينطبق على الصيام، لأن الصيام مرة واحدة فى العام،
ويسهل حسابه وتتعدد سبل قضائه، لذا فيلزم من فاته الصيام أن يقضى تلك السنوات، ولا
يشترط التتابع.
قد دل الكتاب والسنة الصحيحة عن النبي ﷺ على أن الإسلام يهدم ما كان ما قبله، وأن التوبة تهدم ما كان قبلها، قال الله سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"(الزمر: 53). أجمع العلماء رحمهم الله على أن هذه الآية الكريمة نزلت في التائبين، وأنها دالة على أن الله سبحانه يغفر الذنوب جميعها للتائبين، وأنه ليس عليهم قضاء صلاة ولا صوم ولا غيرهما، وصح عن رسول الله ﷺ أنه قال: الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تهدم ما كان قبلها"(مسلم ).، وصح عن رسول الله ﷺ أنه قال: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
وقد أسلم الناس يوم الفتح فلم يأمرهم النبي ﷺ بقضاء شيء مما تركوا من
فرائض الإسلام، وهكذا أصحاب النبي ﷺ في عهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، لما ارتد
كثير من العرب بعد موت النبي ﷺ من بني حنيفة وغيرهم، ثم أسلم كثير منهم وتاب إلى
الله سبحانه، فلم يأمرهم الصحابة رضي الله عنهم بقضاء ما تركوا من الصلاة والصيام،
وهذا محل إجماع بين أهل العلم.
من ترك الصلاة ثم تاب وأدى ما فات من
صلوات هو في وضع يختلف عن تارك الصلاة المصر على تركها، ولكن الصحيح هو التوبة
والاستغفار والإكثار من العمل الصالح في حياته الحالية. بعض العلماء يرى وجوب قضاء
ما فات من صلوات عمدًا، بينما يرجح آخرون أن التوبة وحدها تكفي، وهو رأي الشيخ ابن
عثيمين وابن تيمية.
آراء العلماء في حكم تارك الصلاة عمدًا:
وجوب القضاء: يرى بعض العلماء أن من
ترك صلاة العمد فعليه قضاء تلك الصلوات حتى لو لم تكن فرضًا في وقتها.
التوبة والإكثار من العمل الصالح: ويرون أن على من ترك الصلاة عمدًا أن
يتوب إلى الله تعالى ويكثر من الأعمال الصالحة. القضاء عند هؤلاء لا يفيد لأنه لا
ينطبق عليه الأمر في الشرع، ويقولون إن القضاء في حالة ترك الصلاة عمدًا لا ينفع.
العمل الصالح: يفضل القضاء ويكثر من
السنن والنوافل.
الخلاصة:
التوبة: الأهم هو التوبة والإكثار من
العمل الصالح لأن الله غفور رحيم.
قضاء ما فات: الأمر يختلف بين العلماء، لكن يفضل أن تبدأ بالتوبة والاستغفار ثم تتبعها بالإكثار من العمل الصالح والدعاء والإكثار من النوافل بعد الفرائض فإنها طريق نيل محبة الله عز وجل,
وأما ما فاتك من صلاة وصيام فمذهب الجمهور -وهو المفتى به عندنا- أن القضاء يلزمك, فعليكِ أن تتحري مقدار الصلوات التي فاتتكِ ثم تصليها حسب الطاقة, فإذا عجزتِ عن معرفتها بيقين, فاجتهد في القضاء حتى يغلب على ظنك براءة الذمة, وإنما يلزمك القضاء كما ذكرنا حسب الطاقة بما لا يضر ببدنك أو معاشك
والحاصل أن من ضيع صلوات كثيرة، فإنه
تجب عليه المبادرة إلى قضائها فوراً، وليكن أقل ما يقضيه في اليوم الواحد صلاة
يومين ما لم يكن ذلك يؤخره عن كسبه للنفقة على عياله.