recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة اليقين بالله سفينة النجاة إعداد /صلاح عبدالخالق

اليقين بالله سفينة النجاة   





 معنى اليقين ومنزلته فى الدين 

     أركان اليقين                             

  صور من اليقين بالله تعالى .

من فوائد وفضائل اليقين بالله تعالى.

 خامساً:كيف  نقوى اليقين بالله فى قلوبنا ؟

 

الحمد لله على نعمة الإسلام ونشهد أن لاإله إلا الله الملك العلام ونشهد أن محمد ﷺ سيد الأنام وبعد :ففى وسط هذه الفتن التى نحياها ، وهذه الأمواج المتلاطمة من  الإبتلاءات والمحن التى نعيشها هيا بنا نركب سفينة النجاة ؛ سفينة اليقين بالله  حتى نصل بفضل الله إلى شاطىء النجاة حيث الأمن والأمان والسعادة والإطمئنان فى الدنيا وفى كل مكان . فاليقين  بالله رب العالمين هو خُلق النبيين وأولياؤه المتقين ، وعباده الصالحين أهل اليقين فى الدنيا مطمئنين ،وبقضاء الله راضين وبنصر الله واثقين ، فى القبرآمنين هانئين وفى الآخرة سعداء متمتعين برضوان رب العالمين فى أعلى عليين .

أولاً:معنى اليقين ومنزلته فى الدين :

(1) اليقين :ما يعلمه الإنسان عِلْما لا شَكَّ فيه، {كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} ،{وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} "  أمر يقين: ثابت الصدق- أنا على يقين من أمري: متأكِّد منه- على يقين من الأمر: عالم به حقّ العلم- يقينًا: بلا شكّ، بالتأكيد،حتمًا.(معجم اللغة العربية المعاصرة (2/2516)

(2)منزلة اليقين فى الدين:قال ابن القيم :مِنْ مَنَازِلِ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}  مَنْزِلَةُ الْيَقِينِ وَهُوَ مِنَ الْإِيمَانِ مَنْزِلَةُ الرُّوحِ مِنَ الْجَسَدِ. وَبِهِ تَفَاضَلَ الْعَارِفُونَ. وَفِيهِ تَنَافَسَ الْمُتَنَافِسُونَ. وَإِلَيْهِ شَمَّرَ الْعَامِلُونَ. وَعَمَلُ الْقَوْمِ إِنَّمَا كَانَ عَلَيْهِ. وَإِشَارَاتُهُمْ كُلُّهَا إِلَيْهِ.فَالْيَقِينُ رُوحُ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ الَّتِي هِيَ أَرْوَاحُ أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ. وَهُوَ حَقِيقَةُ الصِّدِّيقِيَّةِ.

 وَمَتَّى وَصَلَ الْيَقِينُ إِلَى الْقَلْبِ امْتَلَأَ نُورًا وَإِشْرَاقًا. وَانْتَفَى عَنْهُ كُلُّ رَيْبٍ وَشَكٍّ وَسَخَطٍ، وَهَمٍّ وَغَمٍّ. فَامْتَلَأَ مَحَبَّةً لِلَّهِ. وَخَوْفًا مِنْهُ وَرِضًا بِهِ، وَشْكْرًا لَهُ، وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ، وَإِنَابَةً إِلَيْهِ.(مدارج السالكين (2/374) .

ثانيا ً: أركان اليقين :

-الْيَقِينُ وَأَرْكَانُهُ (علم اليقين)هِوثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ:الْأُولَى:قَبُولُ مَا ظَهَرَ مِنَ الْحَقِّ تَعَالَى:أَوَامِرُهُ وَنَوَاهِيهِ وَشَرْعُهُ، وَدِينُهُ الَّذِي ظَهَرَ لَنَا مِنْهُ عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ. فَنَتَلَقَّاهُ بِالْقَبُولِ وَالِانْقِيَادِ، وَالْإِذْعَانِ وَالتَّسْلِيمِ لِلرُّبُوبِيَّةِ.

الثَّانِي:قَبُولُ مَا غَابَ لِلْحَقِّ وَهُوَ الْإِيمَانُ بِالْغَيْبِ الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ الْحَقُّ سُبْحَانَهُ عَلَى لِسَانِ رُسُلِهِ مِنْ أُمُورِ الْمَعَادِ وَتَفْصِيلِهِ، وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ،وَمَا قَبْلَ ذَلِكَ:مِنَ الصِّرَاطِ وَالْمِيزَانِ وَالْحِسَابِ وَمَا قَبْلَ ذَلِكَ: مِنْ أُمُورِ الْبَرْزَخِ،وَنَعِيمِهِ وَعَذَابِهِ.فَقَبُولُ هَذَا كُلِّهِ-إِيمَانًا وَتَصْدِيقًا وَإِيقَانًا - هُوَ الْيَقِينُ. بِحَيْثُ لَا يُخَالِجُ الْقَلْبَ فِيهِ شُبْهَةٌ. وَلَا شَكٌّ وَلَا تَنَاسٍ، وَلَا غَفْلَةٌ عَنْهُ. الثَّالِثُ:الْوُقُوفُ عَلَى مَا قَامَ بِالْحَقِّ سُبْحَانَهُ مِنْ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ.وَهُوَ عِلْمُ التَّوْحِيدِ، الَّذِي أَسَاسُهُ:  إِثْبَاتُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ.وَضِدُّهُ: التَّعْطِيلُ وَالنَّفْيُ، وَأَمَّا التَّوْحِيدُ الْقَصْدِيُّ الْإِرَادِيُّ، الَّذِي هُوَ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ، وَعِبَادَتُهُ وَحْدَهُ: فَيُقَابِلُهُ الشِّرْكُ.وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ أَشْرَفُ عُلُومِ الْخَلَائِقِ: عِلْمُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَعِلْمُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَالتَّوْحِيدِ، وَعِلْمُ الْمَعَادِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ.(مدارج السالكين (2/378) .

ثالثاً:صور من اليقين بالله منها مثلاً  :

(1) موسى عليه السلام بين البحر و فرعون وجنوده -

- قال الله تعالى: فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ(61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66)الشعراء.وقف موسى عليه السلام البحر أمامه والعدو وراءه ومعه أمةً خرجت ذليلة لله، مُستجيبة لأمر الله فوقف أمام البحر فلما قال له بنو إسرائيل{إِنَّا لَمُدْرَكُونَ}قال واليقين معمور به قلبه ومليءٌ به فؤاده:{قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} كلا؛ لا أُدرك ولا أُهان ومعي الواحد الديان،ففي طرفة عين تنزلت أوامر الله {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ}وإذا بتلك الأمواج المتلاطمة العظيمة تنقلب في طرفة عين إلى أرض يابسة،.سبحان الله! بحر عظيم؛ وفي طرفة عين تنقلب أمواجه إلى صفحة لا يجد فيها رذاذ الماء، ويضرب لهذه الأمة الموقنة بالله جل وعلا طريقاً في ذلك البحر لا يخاف دركاً ولا يخشى، كل ذلك باليقين بالله.

(2)موقف النبى ﷺ وسيدنا أبوبكر الصديق فى الغار:-

- قال تعالى: إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) التوبة.- عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: نَظَرْتُ إِلَى أَقْدَامِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رُءُوسِنَا وَنَحْنُ فِي الْغَارِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ، فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا» رواه البخارى (3653)و مسلم (2381). هذا صاحب أعلى يقين عرفته الأرض،حبيبنا محمد ﷺ الذي ما ترك سبباً من الأسباب إلا وأخذ به يوم الهجرة، ومع ذلك تأصلت كل هذه الأسباب في لحظة، فالتف المشركون حول الغار بين غمضة عين وانتباهتها،وهنا يقول الصديق رضوان الله عليه يقول للنبي ﷺ: يا رسول الله! لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا، وهنا يُعلم النبيُ ﷺ الصديق والأمة من بعده درساً من أغلى دروس اليقين ،فليخرج أبو جهل وليخرج المشركون عن بكرة أبيهم؛ ليقلبوا الحجارة بل ولينقبوابين حبات الرمال عن النبي وصاحبه فورب الكعبة لن يصلوا إليهما أبداً،لماذا؟لقول الحبيب:(إن الله معنا)

رابعاً :من فوائد وفضائل اليقين بالله تعالى مثلاً:

(1)الهدى والفلاح:

-قال تعالى :وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) البقرة.كأن الهدى مركب ينجون به من الهلاك،أو سفينة ينجون بها من الغرق؛فهم متمكنون غاية التمكن من الهدى؛لأنهم عليه؛{من ربهم}خالقهم المدبر لأمورهم ؛ والربوبية هنا خاصة متضمنة للتربية الخاصة التي فيها سعادة الدنيا،والآخرة.(تفسير القرآن للعثيمين (3/9).

(2)راحة البال من الرزق والآجال:

-قال تعالى:وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23)الذاريات. سمعَ أَعْرَابِيٌّ جِلْفٌ جَافٍ هذه الآية فصاح وَقَالَ:يَا سُبْحَانَ اللَّهِ!مَنِ الَّذِي أَغْضَبَ الْجَلِيلَ حَتَّى حَلَفَ!أَلَمْ يُصَدِّقُوهُ فِي قَوْلِهِ حَتَّى أَلْجَئُوهُ إِلَى الْيَمِينِ؟فَقَالَهَا ثَلَاثًا.تفسير القرطبى (17/42)

-عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبيِّ ﷺأَنَّهُ قَال"لَوْ أَنَّ ابْنَ آدَمَ هَرَبَ مِنْ رِزْقِهِ كَمَا يَهْرَبُ مِنَ المَوْت؛ لأَدْرَكَهُ رِزْقُهُ كَمَا يُدْرِكُهُ المَوْت.صحيح الجامع(5240)

-يعني:أن الإنسان يرزق رغم أنفه؛لأن الرزق مكتوب لك حتى ولو قلت:أنا لا أريده وفررت منه فسوف يجري خلفك إلى أن يلحقك حتماً إذا كان الله قد كتبه لك.(لماذا نصلى (6/11)

 (3) تجنب الأمراض النفسية:

-من أعظم ثمرات اليقين بالله تجنب الأمراض النفسية من قلق وخوف وفزع وهم وغم قد تؤدى إلى الهلاك وخسارة الد نيا والآخرة كل هذا من قضايا محسومة مُنتهية مثل قضية الرزق والأجل والنفع والضر والمستقبل كله من عند الله وحده لاشريك له والأدلة على ذلك كثيرة منها مثلا:

-عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللهِﷺ يَوْمًا فَقَالَ:يَا غُلاَمُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ،إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ،وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ،وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ.سنن الترمذى (2516) ،صحيح الجامع (7957)

 (4) إجابة الدعاء:

-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاَهٍ.(سنن الترمذى (3479) صحيح الجامع (245)

-فتح الله الكريم باب الأمل فى إجابة الدعاء وذلك لمن تيقن فى وعد الله وأحسن الظن بالله وتأدب بآداب الدعاء والتى منها حضور القلب لأن القلب هو مَلِك الأعضاء وإذا لم يحضرالقلب ولم نراع آداب الدعاءكان الدعاء نوع من العبث.وليعلم أن الدعاء كله خير وأنه مُجاب

(5)باليقين بالله تعالى تهون مَصائب الدنيا :

-عن ابْن عُمَرَ،قَالَ:قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ لِأَصْحَابِهِ:«اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ،وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَابِهِ جَنَّتَكَ،وَمِنَ اليَقِينِ مَاتُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا،وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَاوَقُوَّتِنَامَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا،وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا» سنن الترمذى(3502)، صحيح الجامع (1268).وَمِنَ اليَقِينِ مَاتُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا:لأن الدنيا فيها مَصائب كثيرة لكن هذه المصائب إذا كان عند الإنسان يقين أنه يُكفر بها من سيئاته ويرفع بها من درجاته إذا صبر واحتسب الأجر من الله هانت عليه المصائب وسهُلت عليه المحن مهما عظمت سواء كانت في بدنه أو في أهله أو في ماله مادام عنده اليقين التام فإنه تهون عليه المصائب

(6)النجاة من أهوال القبر:-

-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِنَّ الْمَيِّتَ يَصِيرُ إِلَى الْقَبْرِ، فَيُجْلَسُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فِي قَبْرِهِ، غَيْرَ فَزِعٍ، وَلَا مَشْعُوفٍ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: فِيمَ كُنْتَ؟ فَيَقُولُ: كُنْتُ فِي الْإِسْلَامِ، فَيُقَالُ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَصَدَّقْنَاهُ، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ رَأَيْتَ اللَّهَ؟ فَيَقُولُ: مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَرَى اللَّهَ، فَيُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَا وَقَاكَ اللَّهُ، ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ الْجَنَّةِ، فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا، وَمَا فِيهَا، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ، وَيُقَالُ لَهُ: عَلَى الْيَقِينِ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مُتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَيُجْلَسُ الرَّجُلُ السُّوءُ فِي قَبْرِهِ، فَزِعًا مَشْعُوفًا، فَيُقَالُ لَهُ: فِيمَ كُنْتَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، فَيُقَالُ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ قَوْلًا، فَقُلْتُهُ، فَيُفْرَجُ لَهُ قِبَلَ الْجَنَّةِ، فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَا صَرَفَ اللَّهُ عَنْكَ، ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا، يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ، عَلَى الشَّكِّ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مُتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى " سنن ابن ماجه (4268)، صحيح الجامع (1968) (عَلَى الْيَقِينِ كُنْتَ) هَذَا مَقْعَدُكَ لِأَنَّكَ كُنْتَ فِي الدُّنْيَا عَلَى الْيَقِينِ فِي أَمْرِ الدِّينِ (وَعَلَيْهِ مُتَّ) (وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ) : يَعْنِي كَمَا تَعِيشُ تَمُوتُ وَكَمَا تَمُوتُ تُحْشَرُ (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) : لِلتَّبَرُّكِ أَوْ لِلتَّحْقِيقِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ}يوسف: 99 . مرقاة المفاتيح (1/221)

(7)السعادة والنعيم يوم القيامة :

-هيا بنا نواصل ركوب سفينة النجاة باليقين الله حتى نصل بسلام وأمان إلى شواطىء الجنة - قال تعالى : وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) البقرة .

خامساً:كيف  نقوى اليقين بالله فى قلوبنا ؟

قال ابن القيم  قَالَ سَهْلٌ: الْيَقِينُ مِنْ زِيَادَةِ الْإِيمَانِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْإِيمَانَ كَسْبِيٌّ.وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّهُ كَسْبِيٌّ بِاعْتِبَارِ أَسْبَابِهِ

(1)دعاء الله تعالى :-

-عن ابْن عُمَرَ، قَالَ: قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ لِأَصْحَابِهِ:«اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ اليَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَامُصِيبَاتِ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا،وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا»سنن الترمذى (3502)وحسنه الألبانى- (ومن اليقين) أي وارزقنا من اليقين بك وبأنه لا راد لقضائك وقدرك (ما يهون)أي يسهل(علينا مصائب الدنيا) بأن نعلم أن ما قدرته لا يخلو عن حكمة ومصلحة واستجلاب مثوبة وأنك لا تفعل بالعبد شيئا إلا وفيه صلاحه.فيض القدير (5/12)

(2) تربية النفس والأولاد على اليقين بالله :-

- عنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَقَالَ: «يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ» سنن الترمذى (2516)وصححه الألبانى- فى هذا الحديث مُعلم الأمة صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يزرع فى الأطفال الصغار والأمة كلها اليقين بالله تعالى ولا ينال ماعند الله إلا بطاعته وأنه وحده بيده النفع والضر وأن هذا أمر مكتوب فى اللوح المحفوظ .

- فأوصي نفسي وأوصي إخواني جميعاً: أن نعمل بهذه الوصية وأن نُهديها إلى كل من نُحب، وأن نكون من المتدبرين لهذه الوصايا فهماً، والممتثلين لها عملاً، والداعين إليها، والموقنين بما فيها، وأن نوقن بها حق اليقين.

 (2) صحبة أهل اليقين :

-عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال:" إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرّ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْر؛ فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الخَيْرِ عَلَى يَدَيْه، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْه " حَسَّنَهُ الأَلْبَانيُّ صَّحِيحِ الجامع:2223، سُنَنِ ابْنِ مَاجَةَ 237.

فأهل اليقين بالله كلهم مَفاتيح للخير والأمل فى كل زمان ومكان

(4) الإكثار من ذكر الموت :-

-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  رضي الله عنه  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ  صلى الله عليه وسلم: (" أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَادِمِ اللَّذَّاتِ يَعْنِي الْمَوْتَ فَإِنَّهُ مَا ذَكَرُهُ أَحَدٌ فِي ضِيقٍ إِلَّا وَسَّعَهُ اللهُ وَلَا ذَكَرُهُ فِي سَعَةٍ إِلَّا ضَيَّقَهَا عَلَيْهِ) صحيح الجامع (1211)- قال القرطبي : ذكر الموت يورث استشعار الانزعاج عن هذه الدار الفانية والتوجه في كل لحظة إلى الآخرة الباقية ثم إن الإنسان لا ينفك عن حالين ضيق وسعة ونعمة ومحنة فإن كان في حال ضيق ومحنة فذكر الموت يسهل عليه ما هو فيه من الاغترار بها والركون إليها.  فيض القدير (2/109)

(5) الإكثار من الاستغفار :-

- عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَعْلَمُوا سَيِّدَ الِاسْتِغْفَارِ: اللهُمَّ أَنْتَ رَبِّي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذَنْبِي، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ "السنن الكبرى للنسائى.(10228) واللفظ له ،صحيح البخارى (6306).نقول هذا الإستغفار فى الصباح والمساء بيقين بالله ونتعلمه ونعلمه للمسلمين  

google-playkhamsatmostaqltradent