recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون لفضيلة الشيخ عبدالناصربليح

 هَلَكَ المُتنَطِّعونَ هَلَكَ المُتنَطِّعونَهَلَكَ المُتنَطِّعونَ

https://www.facebook.com/share/v/1CTnYCQy8U/


معني التنطع ومن هم المتنطعون؟

أنواع التنطع 

أمثلة للمتنطعين  الذين تنطعوا وشددوا علي أنفسهم 

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين وبعد

فياعباد الله حديثنا إليكم اليوم عن التنطع والتشدد في الدين وقد ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم العديد من الأيات والأحاديث التي تحث علي التيسير والرفق والسماحة والرحمة في جميع الأمور والمجالات ومنها قوله تعالي :" يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ"(البقرة/186).

ومنها:" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ"(المائدة:77).

ومنها ماورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تشددوا على أنفسكم فيشدّد عليكم، فإن قومًا شددوا على أنفسكم فشدد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات،"وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا"(الحديد/ 27).

عباد الله:" إن دين الله في الأرض والسماء واحد، وهو دين الإسلام، وهو بين الغلو والتقصير، وبين الأمن واليأس ولا يتعمق أحد في الأعمال الدينية ويترك الرفق والوسط إلا عجز وانقطع وظلم.

و عن أبي هريرة  رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ"(البخاري).

وكان -صلى الله عليه وسلم- يحرص على التيسير، ويحث أصحابه عليه كما في قوله: 

 "يَسِّرُوا وَلا تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا وَلا تُنَفِّرُوا"(البخاري)،

وورد عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "مَا خُيِّرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بَيْنَ

 أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا" (البخاري).

 ونقف اليوم مع ماورد في صحيح مسلم عَنِ ابنِ مَسْعودٍ - رَضْيَ اللهُ عنه - أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:"هَلَكَ المُتنَطِّعونَ" قالها ثلاثًا"( مسلم).

 والهلاك: ضد البقاء، يعني أنهم تلفوا وخسروا.

قَوْلُهُ :"هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ " أَيِ الْمُتَعَمِّقُونَ الْغَالُونَ الْمُجَاوِزُونَ الْحُدُودَ فِي أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِم ..

وقيل هوَ التَّقعُّرُ في الكَلامِ ، والَّذي يَتنطَّعُ بكَلامِه أو بقَولِه أو بفِعلِه أو برَأيِه أو بغَيرِ ذلكَ ممَّا يَعُدُّه النَّاسُ خُروجًا عنِ المَألوفِ..

قال النووي ؛ قَوْلُهُ :"هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ " أَيِ الْمُتَعَمِّقُونَ الْغَالُونَ الْمُجَاوِزُونَ الْحُدُودَ فِي أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ

المتنَطِّعونَ : المتعَمِّقونَ المتشَدِّدونَ في غيرِ مواضِعِ التَّشْدِيدِ.

 والمتنطعون هم المتشددون في أمورهم الدينية والدنيوية، ولهذا جاء في الحديث: "لا

 تشددوا فيشدد الله عليكم" التَّنطُّعِ : هوَ التَّقعُّرُ في الكَلامِ ، والَّذي يَتنطَّعُ بكَلامِه أو بقَولِه أو بفِعلِه أو برَأيِه أو بغَيرِ ذلكَ ممَّا يَعُدُّه النَّاسُ خُروجًا عنِ المَألوفِ

وأَيضًا مِنَ التَّنطُّعِ التَّشدُّدُ في الأُمورِ الدِّينيَّةِ والدُّنيويَّةِ ، وذلك فكُلُّ مَن شَدَّد على نَفسِه في أَمرٍ قد وَسَّعَ اللهُ لَه فيهِ ؛ فإنَّه يَدخُلُ في هَذا الحديثِ:"لا تشدِّدوا على أنفسِكم فيشدَّدَ اللَّهُ عليكم فإنَّ قومًا شدَّدوا على أنفسِهم فشدّدَ اللهُ عليهم فتلكَ بقاياهم في الصَّوامعِ والدِّيارِ"رَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ "(أبوداود).

وفي هذا الحديثِ يُحذِّرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم منَ التَّنطُّعِ : وهوَ التَّقعُّرُ في الكَلامِ ،

 والَّذي يَتنطَّعُ بكَلامِه أو بقَولِه أو بفِعلِه أو برَأيِه أو بغَيرِ ذلكَ ممَّا يَعُدُّه النَّاسُ خُروجًا

 عنِ المَألوفِ وتَرْكُ كُلِّ مظاهر التَّنطُّعِ مِنَ الآدابِ الحَسنةِ الَّتي جاءَ بِها الإِسلامُ

وقد كرَّر صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قولَه: "هلك المتنطعون" ثَلاثًا ؛ تَهويلًا وتَنبيهًا عَلى ما فيهِ مِن الغائلَةِ ، وتَحريضًا عَلى التَّيقُّظِ والتَّبصُّر دونَه.ولأنه ماتنطع متنطع ‘لاهلك..

أنواع ومعاني التنطع

وللعلماء في تفسير " التنطع "و" المتنطعين " عبارات كثيرة ، تتوافق ولا تتعارض ، وكلها تجتمع في معنى واحد ، يرجع إلى التكلف والتشدد فيما لا ينبغي وفي غير موضعه الصحيح. ومن هذه المعاني :

 الابتداع في الدين 

عباد الله :"بتحريم ما لم يحرمه الله ورسوله ، واستحداث صور من العبادات والإلزامات لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم .حيث قال :"هلك المتنطعون"

 وقال :" لو مد لي الشهر لواصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم "

 ومثل حديث أبي إسرائيل : الذي نذر أن يصوم ، وأن يقوم قائما ولا يجلس ، ولا يستظل

 ، ولا يتكلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" مروه فليجلس ، وليستظل ، وليتكلم ،

 وليتم صومه"(البخاري).

 التقعر في الكلام ، والتشدق باللسان

عباد الله ومن أنواع التنطع التقعرفي الكلام بتكلف الكلمات التي تميل قلوب الناس إليه ، حيث لا معنى ولا مضمون ، ولا فائدة ترجى من تشدقه وتقعره .

  فقد أورد ابن أبي الدنيا في ذم التقعر في الكلام ؛ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ

 رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :"إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ

 اللِّسَانِ"(أحمد).

الخوض فيما لا يعني

عباد الله :" ومن أنواع التنطع الخوض فيما لايعني والسؤال عما لا ينبغي ، وتكلف البحث فيما لا يغني . قال الخطابي : " المتنطع : المتعمق في الشيء ، المتكلف للبحث عنه على مذاهب أهل الكلام الداخلين فيما لا يعنيهم ، الخائضين فيما لا تبلغه عقولهم " اهـ . (نقلا عن " عون المعبود " (12/235).

 فالمتنطع : هو المتعمق ، البحاث عما لا يعنيه ..

 الغلو في العبادة والمعاملة

ويدخل في التنطع أيضا المغالاة في العبادة إلى درجة تخرج عن أمر الشرع، أو التشدد في مسائل الطهارة مما يدخل في باب الوسوسة.بحيث يؤدي إلى المشقة الزائدة ، والشريعة لم تأمر إلا بما فيه يسر وسماحة ، ونهت عن التشدد في الدين ، وصور الغلو التي أحدثها الناس في الدين وعدها العلماء من التنطع لا تكاد تحصى بعدد .

جاء في "فيض القدير" للمناوي رحمه الله: "قيل: الغالون في عبادتهم بحيث تخرج عن قوانين الشريعة ويسترسل مع الشيطان في الوسوسة".

وقد حث الإسلام في كثير من الآيات والأحاديث على التيسير وعدم التشديد في أمور

 الدين والدنيا، قال سبحانه:"يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر"( البقرة/185).

وقال صلى الله عليه وسلم:"إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا

 وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة"(البخاري).

ولهذا فالمسلم يلتزم في دائرة الوسطية والاعتدال، ولا يتخذ ذلك ذريعة لتمييع أحكام

 الدين بحجة الوسطية، إنما المقصود تبني المنهج الوسط العدل من غير إفراط ولا

 تفريط. 

أمثلة للمتنطعين  الذين تنطعوا وشددوا علي أنفسهم 

عباد الله :"وهناك أمثلة كثيرة لأولئك المتنطعين المغالين المتشددين المتفقهين

 المتشدقين 

أمثلة للمتشددين في العبادة:

عباد الله :" التنطع هو الغلو والتشدد في الدين، سواء في القول أو الفعل، وهو مذموم في الإسلام. من أمثلة المتنطعين المتشددين أيضاً :

الذين يتكلفون في العبادة بما يشق عليهم ويخرج بهم عن المنهج الوسط، مثل إطالة القيام في الصلاة بحيث يرهقون أنفسهم ويفوتون عليهم صلاة الفجر في وقتها.

والتشدد في الوضوء وغسل الجنابة

عباد الله :" ومن ذلك أيضًا ما يفعله بعض المتشددين في الوضوء تجدهم مثلًا يتوضأ ثلاثًا أربعًا خمسًا سبعًا أكثر وهو في عافية من ذلك، 

يذكر أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يتوضأ فإذا وجدت الأرض التي تحته وإذا ليس فيها إلا نقط من الماء من قلة ما يستعمل من الماء، بعض الناس تجده يشدد في الماء فيشدد الله عليه، إذا استرسل مع هذا الوسواس ما كفاه أربع ولا خمس ولا ست ولا أكثر من ذلك، يسترسل معه الشيطان حتى يخرج عن طوره حتى يقول ها هل أحد عاقل يتصرف هذا التصرف،

 في الاغتسال من الجنابة أيضًا تجده  يتعب تعبًا عظيمًا في الاغتسال، في إدخال الماء في أذنيه في إدخال الماء في منخريه وهكذا فيتعب،ولو أراد السنة فعليه أن يتوضأ ثم يفرغ الماء علي جنبه الأيمن ثم الأيسر ثم يغسل قدميه ثم يعمم جسده بالماء وله بعد ذلك أن يغتسل بالماء والصابون  وقال الشافعي :"لو أنه سقط في نهر وهوجنب  فقد تطهر"

كل هذا داخل في قوله صلي الله عليه وسلم:"هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون" فكل من شدد على نفسه في أمر قد وسع الله له فيه فإنه يدخل في هذا الحديث، 

كذلك أيضًا من التشديد في العبادة أن يشدد الإنسان على نفسه في الصلاة أو في الصوم

 أو في غير ذلك مما يسَّره الله عليه، فإنه إذا شَدد على نفسه فيما يسر الله عليه فهو

 هالك، ومن ذلك ما يفعله بعض المرضى ولاسيما في رمضان يكون الله قد أباح له

 الفطر وهو مريض يحتاج إلى الفطر أكل وشرب، ولكنه يشدد على نفسه فيبقى صائمًا

 فهذا أيضًا نقول: إنه ينطبق عليه الحديث "هلك المتنطعون"

المتشددون في الفتوى:

الذين يفتون بغير علم أو يشددون على الناس في مسائل يسعها التيسير، ويتعصبون لآرائهم ولا يقبلون الرأي الآخر.فقدورد عن جابر بن عبدالله:"- خَرَجْنا في سَفَرٍ، فأصابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ فشَجَّه في رَأْسِه، ثم احتَلَمَ، فسألَ أصحابَه، فقال: هل تَجِدونَ لي رُخصةً في التَّيمُّمِ؟ فقالوا: ما نَجِدُ لكَ رُخصةً وأنتَ تَقدِرُ على الماءِ. فاغتَسَلَ، فماتَ، فلَمَّا قَدِمْنا على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُخبِرَ بذلك، فقال: قَتَلوه قَتَلَهمُ اللهُ، ألَا سألوا إذْ لم يَعلَموا؛ فإنَّما شِفاءُ العِيِّ السُّؤالُ، إنَّما كان يَكفيه أنْ يَتيَمَّمَ ويَعصِرَ أو يَعصِبَ -شَكَّ موسى- على جُرحِه خِرقةً، ثم يَمسَحَ عليها ويَغسِلَ سائِرَ جَسَدِه"(أبوداود).

المتشددون في الأحكام الشرعية:

الذين يشددون في الأحكام الشرعية ويحرمون ما أباحه الله، أو يفرضون قيودًا على الناس لا أصل لها في الشرع.فتجد من يقول حلق اللحية كفر مخرج عن الملة ولو نظرنا في الأحاديث الواردة في اللحية والواردة في السواك لوجدنا أن أحاديث السواك أضعاف أضعاف أحاديث اللحية ولم يكفر أحد من ترك السواك ..

وتجد من يقول النقاب فرض ولو نظرنا في دليل واحد لتكذيبهم وتنطعهم وتشددهم فقد أجمع الفقهاء علي أن المرأة لاتغطي وجهها في الحج وكشف الوجه والكفين من المرأة عند إحرامها بالحج أو العمرة ليس ‏بواجب وإنما الواجب على المرأة المحرمة أن لا تلبس القفازين وهما اللباس المفصل على ‏الكفين ولا تلبس النقاب وهو اللباس المفصل على الوجه لما أخرجه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم قال: " لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين" ‏

و لها عند الحاجة أن تستر وجهها وكفيها بغير النقاب والقفازين كأن تستر كفيها ‏بثوبها أو أن تستر وجهها بإسدال الخمار عليه ..

المتشددون في العقيدة:

الذين يغلون في بعض جوانب العقيدة ويجعلونها سبباً للتكفير والتفسيق، ويحكمون على الناس بالضلال والانحراف بناءً على اجتهاداتهم الشخصية.ومن ذلك ما يفعله بعض

 الملتحين في باب التوحيد تجدهم إذا مرت بهم الآيات أوالأحاديث من صفات الرب عز

 وجل جعلوا ينقبون عنها، ويسألون أسئلة ما كُلِّفوا بها

 ولا درج عليها سلف الأمة من الصحابة والتابعين وأئمة الهدى من بعدهم، فتجد الواحد

 ينقب عن أشياء ليست من الأمور التي كلف بها تنطعًا وتشدقًا، فنحن نقول لهؤلاء إن

 كان يسعكم ما وسع الصحابة رضي الله عنهم فأمسكوا، وإن لم يسعكم فلا وسع الله

 عليكم، وثقوا بأنكم ستقعون في شدة وفي حرج وفي قلق يعني مثلًا بعض الناس يقول:

 إن الله عز وجل له أصابع كما جاء في الحديث الصحيح:"إن القلوبَ بين إصبعين من أصابعِ اللهِ يقلِّبُها كيف يشاءُ"(صحيح).

فيبحث هل لهذه الأصابع كم عددها؟ وهل لها أنامل؟ وكم أناملها؟ وما أشبه ذلك، 


كذلك مثلًا - ينزلُ اللهُ كلَّ ليلةٍ إلى السماءِ الدنيا ، حين يبقى ثلثُ الليلِ الآخرِ ، فيقولُ: من يدعوني فأستجيبُ له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرُني فأغفرُ له"(البخاري).

يقول:"  كيف ينزل ثلث الليل وثلث الليل يدور على الأرض كلها؟ معنى ذلك أنه نازل

 دائمًا وما أشبه ذلك من الكلام الذي لا يؤجرون عليه ولا يحمدون عليه، بل هم إلى الإثم

 أقرب منهم إلى السلامة، وهم إلى الذم أقرب منهم إلى المدح،

 هذه المسائل التي لم يُكلف بها الإنسان وهي من مسائل الغيب، ولم يسأل عنها من هو

 خير منه وأحرص منه على معرفة الله بأسمائه وصفاته، يجب عليه أن يمسك عنها وأن

 يقول سمعنا وأطعنا وصدقنا وآمنا، أما أن يبحث أشياء دقيقة ما لها فائدة فإن هذا لا

 شك أنه من التنطع، 

المتشددون في التعامل مع المخالفين:

الذين يتعاملون مع المخالفين لهم في الرأي بأسلوب فيه غلظة وشدة، ولا يسعون إلى الحوار والتقريب.وقدقال صلي الله عليه وسلم في أية المنافق :" إذاخاصم فجر"

هذه مجرد أمثلة، والتنطع قد يظهر في جوانب مختلفة من حياة المسلم

والذين يغلقون أبواب الرحمة واليسر على الناس ويتشددون في المعاملات الشخصية والاجتماعيةحتي يشددون علي أنفسهم فإذا ماكان هناك أمر من الله بالغوا في السؤال عنه والتشديد فيه  

وانظر ياأخي  إلى قصة بني إسرائيل حين قتلوا قتيلًا فتدارؤوا فيه وتنازعوا حتى كادت

 الفتنة أن تثور بينهم، فقال لهم موسى عليه الصلاة والسلام:"إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا

 بَقَرَةً "يعني وتأخذوا جزءا منها فتضربوا به القتيل ثم يخبركم من الذي قتله، فقالوا

 له:"أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً " يعني: أن تقول لنا اذبحوا بقرة واضربوا ببعضها القتيل ثم يخبركم

 بمن قتله، لو أنهم استسلموا وسلموا لأمر الله وذبحوا أي بقرة كانت لحصل مقصودهم،

 لكنهم تعنتوا تعنتوا فهلكوا قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي؟ ثم قالوا: ادع لنا ربك

 يبين لنا ما لونها؟ ثم قالوا: ادع لنا ربك يبين لنا ما هي وما عملها؟ وبعد أن شُدد

 عليهم ذبحوها وما كادوا يفعلومما خفف الله به عن هذه الأمة في باب الطهارة؛ نجد أن طهارة الثوب في شرع من قبلنا كانت بقَطْع ما نالتْه النجاسةُ من الثوب؛ فكان إذا أصاب النجسُ ثوبَ أحدهم لا يُطهره، بل يقطع الثوب؛ كما ورد في رواية الإمام أحمد والحاكم واللفظ له من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ " كان بنو إسرائيل إذا أصاب ثوب أحدهم البول، قرضه بالمقراض"

أما في شريعة الإسلام فمعلوم ما في ديننا من التيسير الكثير في شأن الطهارة ورفع الحرج، فيكفي أن نغسل مكان النجاسة مرةً واحدةً بماء طهور؛ ويتبين هذا الدين في قصة الأعرابي الذي بال في المسجد فقام الناس ليقعوا به، 

أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ " دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ، أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ "(البخاري).

ومن مظاهر التيسير في الصيام :- عدم الفطر لمن أكل أو شرب ناسيًا؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :"من أكل ناسيًا وهو صائمٌ، فليتم صومه؛ فإنما أطعمه الله وسقاه "(النسائي ).

ومن غلبه القيء فتقيأ فإنه لا يفسد صومه؛ لقول النبي:"من ذرعه قيءٌ وهو صائمٌ، فليس عليه قضاءٌ، وإن استقاء فليقضِ "(أبي داود).

وعدم فساد الصوم إذا أدركه الفجر وهو جنب؛ فعن عائشة رضي الله عنها:"أن رسول الله ﷺ كان يدركه الفجر، وهو جنبٌ من أهله، ثم يغتسل، ويصوم "(البخاري ).

أحبتي الكرام؛ إن مظاهر التيسير في الشريعة الإسلامية عديدة؛ ولو تتبعناها لطال بنا المقام؛ أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم.ون، 

المتشددون في اللباس والكلام:

الذين يبالغون ويتشددون في  اللباس وقصره لقوله صلي الله عليه وسلم :"إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه، لا جناح عليه ما بينه وبين الكعبين، وما أسفل من الكعبين في النار" يقول ثلاثاً: "لا ينظر الله إلى من جر إزاره بطراً"(أحمد وأبو داود وابن ماجه واللفظ له).

فللعلماء في حكم تطويل الثوب تحت الكعب أقوال كثيرة  من قائل بحرمة ذلك مطلقاً، وقائل بالتحريم إذا كان خيلاء مع الكراهة، وقائل بالإباحة إذا لم يكن خيلاء. وعلى كل حالٍ فالمقصر لثوبه مأجور؛ لإنه إما تارك لحرام أو لمكروه، وترك الحرام والمكروه بنية الامتثال يثاب فاعله. حتى ولو قيل بأن تطويل الثياب مباح إذا خلا من خيلاء، فإن المقصر لثوبه مأجور أيضاً؛ إذ تقصير الثياب سنة بكل حال وفاعل السنة بقصد الاتباع مأجور. هذا وليعلم السائل أن من قصر ثوبه فوق كعبه فقد أتى بالسنة، ولا يلزم أن يبلغ به نصف ساقه، وللفائدة راجع الفتوى المذكورة أعلاه. والله أعلم

الخطبة الثانية

الحمدلله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد فياعباد الله 

 لازلنا نواصل الحديث عن هلك المتنطعون المتشددون المغالون وقدذكرنا بعض الأمثلة عن هؤلاء المتنطعين المغالين وبالفعل قد هلك الله كل من تجاوز عن الحد وظلم وفجر في خصومته ومن هذه النماذج أبولهب عبدالعزي بن عبدالمطلب عم رسول الله صلي الله عليه وسلم والعم الوحيد الشقيق فقد تجاوز الحد في الخصومةو العداوة الشديدة ..

 كان أبو لهب عم النبي محمد، لكنه كان من أشد الناس عداوة له، ووقف في صف قريش ضد دعوته

أبو لهب وزوجته أم جميل كانا يؤذيان النبي صلى الله عليه وسلم ويضايقانه بكل الطرق، سواء بالقول أو بالفعل. وكان أبو لهب يستهزئ بالنبي ويدعو الناس إلى عدم الاستماع إليه، بينما كانت زوجته أم جميل تحمل الشوك وتلقيه في طريق النبي.

نزلت في أبي لهب وزوجته أم جميل بنت حرب سورة المسد ، وذلك بعد أن أنذر النبي عشيرته الأقربين، وواجه أبو لهب النبي بقوله: "تباً لك ألهذا جمعتنا؟". فنزلت السورة تتوعدهما بالنار وتذم أفعالهمافأنزل الله في الرد عليه:"تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ  ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ  سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ  وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ"( المسد: 1: 5 ).

وعن أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنها ـ قالت: ( لمَّا نزلتْ :" تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ " جاءت امرأةُ أبي لهب ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جالس ومعه أبو بكر، فقال له أبو بكر: لو تَنَحَّيتَ لا تُؤذيكَ بشيء، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: إنه سيُحالُ بيني وبينَها، فأقبلتْ حتى وقفت على أبي بكر، فقالت: يا أبا بكر هَجَانَا صاحبُكَ، فقال أبو بكر: لا وَرَبِّ هذه البُنَيَّةِ ما ينطقُ بالشِّعْر ولا يَتَفَوَّهُ به، فقالت: إنك لمُصَدَّقٌ، فلمَّا وَلَّتْ قال أبو بكر: ما رَأَتْك؟!، قال: لا ، ما زال مَلَكٌ يسترني حتى وَلَّتْ ) رواه البزار

دعي النبي صلى الله عليه وسلم على عتبة بن أبي لهب،لما بصق في وجه الرسول  فافترسه الأسد في الشام.

 أما أبو لهب أصابه  الله بالعدسة وهي بثرة تخرج في البدن كالطاعون، وقلما ينجو صاحبها فقَتَلَتْه، فتركه ابناه يومين أو ثلاثة ما يدفنانه، حتى أنْتن، فقال رجل من قريش لابنيه: ألا تستحييان أن أباكما قد أنتن في بيته؟! فقالا: إنا نخشى هذه القرحة، وكانت قريش تتقي العدسة كما تتقي الطاعون، فقال رجل: انطلقا فأنا معكما، قال: فوالله ما غسَّلاه إلا قذفاً بالماء من بعيد، ثم احتملوه، فقذفوه في أعلى مكة إلى جدار، وقذفوا عليه الحجارة .

"والقصة في إهلاك الله واحداً واحداً من هؤلاء المستهزئين "بالنبي صلى الله عليه وسلم) معروفة قد ذكرها أهل السير والتفسير"، وذلك مصداقاً لقول الله تعالى:"إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ"(الحجر:95).
ومن المتنطعين الذين هلكوا هذا الذي سب سعدبن أبي وقاص واهانه زوراً

فيقول جابر بن سمرةفيمايرويه البخاري  :"شَكَا أَهْلُ الكُوفَةِ سَعْدًا إلى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، فَعَزَلَهُ، واسْتَعْمَلَ عليهم عَمَّارًا، فَشَكَوْا حتَّى ذَكَرُوا أنَّهُ لا يُحْسِنُ يُصَلِّي، فأرْسَلَ إلَيْهِ، فَقالَ: يا أَبَا إسْحَاقَ إنَّ هَؤُلَاءِ يَزْعُمُونَ أنَّكَ لا تُحْسِنُ تُصَلِّي، قالَ أَبُو إسْحَاقَ: أَمَّا أَنَا واللَّهِ فإنِّي كُنْتُ أُصَلِّي بهِمْ صَلَاةَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما أَخْرِمُ عَنْهَا، أُصَلِّي صَلَاةَ العِشَاءِ، فأرْكُدُ في الأُولَيَيْنِ وأُخِفُّ في الأُخْرَيَيْنِ، قالَ: ذَاكَ الظَّنُّ بكَ يا أَبَا إسْحَاقَ، فأرْسَلَ معهُ رَجُلًا أَوْ رِجَالًا إلى الكُوفَةِ، فَسَأَلَ عنْه أَهْلَ الكُوفَةِ ولَمْ يَدَعْ مَسْجِدًا إلَّا سَأَلَ عنْه، ويُثْنُونَ مَعْرُوفًا، حتَّى دَخَلَ مَسْجِدًا لِبَنِي عَبْسٍ، فَقَامَ رَجُلٌ منهمْ يُقَالُ له أُسَامَةُ بنُ قَتَادَةَ يُكْنَى أَبَا سَعْدَةَ قالَ: أَمَّا إذْ نَشَدْتَنَا فإنَّ سَعْدًا كانَ لا يَسِيرُ بالسَّرِيَّةِ، ولَا يَقْسِمُ بالسَّوِيَّةِ، ولَا يَعْدِلُ في القَضِيَّةِ، قالَ سَعْدٌ: أَما واللَّهِ لَأَدْعُوَنَّ بثَلَاثٍ: اللَّهُمَّ إنْ كانَ عَبْدُكَ هذا كَاذِبًا، قَامَ رِيَاءً وسُمْعَةً، فأطِلْ عُمْرَهُ، وأَطِلْ فَقْرَهُ، وعَرِّضْهُ بالفِتَنِ، وكانَ بَعْدُ إذَا سُئِلَ يقولُ: شيخٌ كَبِيرٌ مَفْتُونٌ، أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ، قالَ عبدُ المَلِكِ: فأنَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ، قدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ علَى عَيْنَيْهِ مِنَ الكِبَرِ، وإنَّه لَيَتَعَرَّضُ لِلْجَوَارِي في الطُّرُقِ يَغْمِزُهُنَّ"(البخاري).


google-playkhamsatmostaqltradent