حكم تحية المسجد يوم الجمعة وقت الخطبة؟
اختلف الفقهاء فيمن دخل المسجد والإمام يخطب : هل يركع ركعتي التحية حينئذ أم لا ؟
ذهب مالك وأبو حنيفة إلى أنه لا يركعهما ، لوجوب الاشتغال بالاستماع . واستدل على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم :" إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة : أنصت فقد لغوت " قالوا : فإذا منع من هذه الكلمة - مع كونها أمرا بمعروف ونهيا عن منكر في زمن يسير - فلأن يمنع من الركعتين - مع كونهما مسنونتين في زمن طويل - أولى . ومن قال بهذا القول يحتاج إلى الاعتذار عن هذا الحديث الذي ذكره المصنف ، والحديث الذي ذكرناه . وقد ذكروا فيه اعتذارات ، في بعضها ضعف . ومن مشهورها : أن هذا مخصوص بهذا الرجل المعين ، وهو سليك الغطفاني - على ما ورد مصرحا به في رواية أخرى . وإنما خص بذلك على ما أشاروا إليه - لأنه كان فقيرا . فأريد قيامه لتستشرفه العيون ويتصدق عليه . وربما يتأيد هذا بأنه صلى الله عليه وسلم أمره بأن يقوم للركعتين بعد جلوسه . وقد قالوا : إن ركعتي التحية تفوت بالجلوس وقد عرف أن التخصيص على خلاف الأصل : ثم يبعد الحمل عليه مع صيغة العموم ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم :"إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب } فهذا تعميم يزيل توهم الخصوص بهذا الرجل . وقد تأولوا هذا العموم أيضا بتأويل مستكره . وأقوى من هذا العذر ما ورد " أن النبي صلى الله عليه وسلم سكت حتى فرغ من الركعتين " فحينئذ يكون المانع من عدم الركوع منتفيا . فثبت الركوع . وعلى هذا أيضا ترد الصيغة التي فيها العموم>>
وذهب الشافعي وأحمد وأكثر أصحاب الحديث إلى أنه يركع ،
لهذا الحديث وغيره ، مما هو أصرح منه . وهو قوله صلى الله عليه وسلم " إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين ، وليتجوز فيهما " .
السنة عند دخول المسجد أن يصلي الداخل ركعتين
تحية المسجد ولو كان الإمام يخطب؛ لقول النبي ﷺ: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس
حتى يصلي ركعتين"(الشيخان في الصحيحين).
ولما روى مسلم في صحيحه عن جابر أن النبي ﷺ قال: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما"(مسلم).
وهذا نص صريح في المسألة لا يجوز لأحد
أن يخالفه، ولعل الإمام مالكًا رحمه الله لم تبلغه هذه السنة إذ ثبت عنه أنه نهى
عن الركعتين وقت الخطبة؛ وإذا صحت السنة عن رسول الله ﷺ لم يجز لأحد أن يخالفها
لقول أحد من الناس كائنا من كان؛ لقول الله تعالي: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ
تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ
تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا"(النساء:59)، ولقوله سبحانه: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ
إِلَى اللَّهِ"(الشورى:10).
ومعلوم أن حكم الرسول ﷺ من حكم الله تعالي، لقوله سبحانه: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ"(النساء:80).
نعم، السنة أن يصلي الشخص ركعتي تحية المسجد إذا دخل المسجد والإمام يخطب، لقول النبي ﷺ: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين". وعندما دخل رجل المسجد والإمام يخطب، أمره النبي ﷺ أن يصلي ركعتين حتى لو كان في وقت الخطبة.
السنة أن يصلي الداخل ركعتين تحية
المسجد، وهو أمر ثابت بقول النبي ﷺ.
الاستثناء في خطبة الجمعة:
في يوم الجمعة، يرى جمهور الفقهاء،
ومنهم الشافعية والحنابلة، أن المصلي يصلي تحية المسجد ولو كان الإمام يخطب، لما
روته السنة عن النبي ﷺ.
المشروعية:
النبي ﷺ قال لمن دخل المسجد والإمام
يخطب: "قم فاركعهما"، وأمره بأن يصلي ركعتين خفيفتين.
الاعتبار في ذلك:
سماع الخطبة واجب، لكن السنة ترجح على
الواجب إذا لم يترتب على الصلاة إيذاء للمصلين أو إشغالهم عن سماع الخطبة.
ملاحظات هامة:
اختار المالكية والحنفية في هذه الحالة
الجلوس وترك الصلاة، وذلك لاعتبار أن خطبة الجمعة بمنزلة الركعتين، ورأوا أن
الواجب مقدم على السنة.
الخلاصة :"
المسألة محل خلاف بين الفقهاء، ومن صلى
ركعتي التحية لامخالفة للسنة، ومن جلس لامخالفة اجتهاد صحيح، فلا إنكار على أحد في
ذلك.والأولي يصلي ركعتين خفيفتين ويجلس