تكريم الله عزوجل لنبيه صلي الله عليه وسلم.
لقد كرم الله عزوجل نبيه محمداً صلي الله
عليه وسلم تكريماً ما لم يكرمه أحداً من العالمين فالقارئ للقرآن الكريم بتدبر
وتفكر ,يجده قد تحدث عن النبي صلي الله عليه وسلم حديثاً جامعاً لكل معاني الخير
والفضل والهداية..وهذا ما يزيد المؤمنين إيماناًً ويقيناً ,بأن إتباعهم للنبي
الخاتم محمد صلي الله عليه وسلم هو عين الحق ,والخير,و الهداية والسعادة في الدنيا
والآخرة .
من أجل هذا
التكريم كان للنبي الخاتم حقوق علينا وعلي الناس كافة من هذه الحقوق:
وجوب طاعته صلي الله عليه وسلم.
فمن وجوه التكريم للنبي الخاتم محمد صلي الله عليه وسلم أنه سبحانه وتعالي أوجب علي كل مسلم طاعة هذا النبي الكريم في كل ماأمر به ,وفي كل مانهي عنه..وفي جوب اتباع النبي الأمي والإيمان به ..يقول الله تعالي :"لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا"(الأحزاب/21).
ونحن لانكاد نعرف بشراًأوجب الله علي العباد أن يتخذوه أسوة وقدوة غير نبينا محمد صلي الله عليه وسلم فقد قرن طاعته بطاعته فقال تعالي :"مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا"(النساء/80).
وجعل طاعته علامة للفوز بالجنة فقال تعالي :"وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا"(الأحزاب/71).
هذا بالنسبة لأمة محمد صلي الله عليه وسلم و للأمم الأخري والناس كافة وهو ما يوضحه الكتب السماوية جمعاء وفي مقدمتها (القرآن والأنجيل والتوراة..) فلما كانت مهمة المسيح عليه السلام هي وصل ما سبق بما هو آت ،كان علي أتباعه الايمان بالنبي الذي بشربه ,وهو عليه السلام قد أخبربني اسرائيل بذلك فيما حكاه القرآن علي لسانه في قوله تعالي :"وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ َالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ" (الصف/6).
فنبي الله عيسي عليه السلام مهمته محصورة في
أمرين :التصديق والبشارة كما سنري من خلال سرد أحداث النبؤات التي بشر بها
الأنبياء بخاتم النبيين صلي الله عليه وسلم ..
واتباع النبي صلي الله عليه وسلم سبب لحصول
الرحمة قال جلاوعلا:" وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ
وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ الَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ
الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي
التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ
الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ
وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ
آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواالنُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ
أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"(الأعراف /156,157).
ومما يؤكد صدق الاتباع للنبي صلي الله عليه وسلم تحكيم سنته ,والتحاكم إليها ,وجعلها الميزان الذي تُزن به الأقوال والأفعال والأحكام فما وافقها قُبل وما خالفها ,رُد وإن قاله من قاله.وقد وردت أيات كثيرة تؤكد هذه الأمر منها قوله تعالي:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا"(النساء/59).
ومعني طاعتهما :التزام أوامرهما,واجتناب
نواهيهما.والمراد بأولي الأمر علي الراجح الحكام .وطاعتهم إنما تكون في غير معصية
الله,فإذا أمروا بما يتنافي مع تعاليم الدين فلا سمع لهم علي الأمة ولا طاعة. لذلك
المولي عزوجل عطف اولي الأمر علي ماقبلها ولم يكرر كلمة الطاعة عند ذكرأولي الأمر
حتي لاتكون طاعتهم واجبة في كل الأمور الصالحة وغير الصالحة..
وأقسم سبحانه وتعالي بذاته علي أنه لايثبت
للمؤمنين الإيمان حتي يحكموا رسول الله في موارد النزاع في كافة الأمور ,وأن هذا
التحكيم غير كاف حتي يجتمع إليه الرضي بحكمه والتسليم لأمره مع انشراح صدورهم وطيب
نفوسهم بقضائه وحكمه.قال تعالي :"فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ
فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ
وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا"(النساء/65).
ولم يكتفي منهم أيضاً بذلك حتي يسلموا تسليماً وينقادوا
انقياداً قال تعالي :"وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ
وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا "(الأحزاب/36).
وقد أمرنا الله أن نتبع رسوله صلي الله عليه
وسلم ونمتثل أمره ونهيه في كل ما جاءنا به فقال تعالي :"وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ
فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ
شَدِيدُ الْعِقَابِ"(الحشر/7).
وقد جاءت الأحاديث الكثيرة عن النبي صلي الله عليه وسلم في الدلالة علي وجوب طاعته واتباع سنته منها ما جاء في الصحيحين عن أبي موسي رضي الله عنه قال :"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قوما فقال يا قوم إني رأيت الجيش بعيني وإني أنا النذير العريان فالنجاء النجاء فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا فانطلقوا على مهلهم فنجوا وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم فذلك مثل من أطاعني فاتبع ما جئت به ومثل من عصاني وكذب بما جئت به من الحق".(متفق عليه ).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال:"كل أمتي
يدخلون الجنة إلا من أبى من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى "(البخاري).