الهجرة النبوية بداية جديدة وأمل جديد
لـلشيخ ثروت سويف
أولاً : الأمل حياة
ثانياً : الاعتبار بانقضاء الأعمار بين
توديع عام واستقبال آخر
ثالثاً: الهجرة وصناعة الأمل
رابعاً: معية الله في القرآن الكريم
امل لعباده الموحدين
الحمد لله الملك القدوس السلام، مجري
الليالي والأيام، ومجدد الشهور والأعوام، أحمده تعالى وأشكره ان هدانا للإيمان
واعزنا بالإسلام
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له جعل ايام ذي الحجة اخر الايام وجعل شهر المحرم فاتحة شهور العام وجعلهما من
اشهر الله الحرام ليعلمنا ان لكل بداية نهاية ولكل بدأ ختام وليبين لنا ان ما احله
الله هو الحلال وانه ما حرمه هو الحرام
هــا قد أهلّ على الوجودِ (مُحَرّمُ)
فالكـونُ يزهــو والحيـاةُ تبسـّمُ
ترنو إلى ركـبِ النبي وقـد مضى
تَبْكيــه مكـةُ والمَقَـامُ وزمـزمُ
عوّدتُ نفسي الاحتفالَ بهجـرةِ الْـ
هـادي الْبشـيرِ، وعطرَها أتنسـّمُ
يا مسلمون : لهجرةِ الهادي ارجعوا
واستوعبوا لدروسِها ، وتعلّموا
وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله
سيد الأنام، وبدر التمام، ومسك الختام ، ورسول الملك العلام ، فاللهم صل وسلم
وبارك عليه وعلى آله البررة الكرام وأصحابه الذين حطموا قيود اليأس والقنوط فهم
الأئمة الأعلام، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب النور والظلام
اما بعد
فإن هجرةَ النبيِ وأصحابهِ إلى المدينة
غيرتْ مسارَ التاريخ, وفاجأت العالم بأحداثِها الضخمة ونتائجِها المُدهشة والهجرة
فتذكرنا بحدث من أهم أحداث السيرة سيرة رسول الله وأصحابه التي ينبغي أن نقف على
وقائعها في كل وقت وأن نقتدي من خلالها برسولنا في إيمانه وصبره وفي جهاده وأخلاقه
وفي ثباته وتضحيته وفي صفاته كلها: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة
[الأحزاب:21
ولله در شوقي حينما يسجل تلك العناية
في قصيدته نهج البردة:
سل عصبة الشرك حول الغار حائمة ...
لولا مطاردة المختار لم تحم
هل أبصروا الأثر الوطاء أم سمعوا ...
همس التسابيح والقرآن من أَمَمِ؟
وهل تمثل نسج العنكبوت لهم ... كالغاب
والحائمات الزغب كالرخم؟
فأدبروا ووجوه الأرض تلعنهم ... كباطل
من جلال الحق منهزم
لولا يد الله بالجارين ما سلما ...
وعينه حول ركن الدين لم يقم
تواريا بجناح الله واستترا ... ومن
يَضُمُّ جناح الله لا يُضَمِ
واعلموا أن الامل والرجاء جناحان بهما
يطير اصحاب الهمم العالية والنفوس الأبية الي تحق المراد والوصول الي الأمنيات
والمجد والعلا والشرف فيصلون بر الامان
أولاً : الأمل حياة
عباد الله : جرت عادة الله -سبحانه
وتعالى- أنه إذا اشتدت المحن وضاقت السبل وانقطعت الوسائل جاء المدد الإلهي وجاء
الفرج قال تعالي (حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ
كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا
عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) [يوسف:110].
ولقد عاب النبي صلى الله عليه وسلم على
الذين ينفِّرون الناس، ويضعون الناس في موقع الدونية والهزيمة النفسية، فقال صلى
الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « إِذَا قَالَ
الرَّجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ» قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: لَا
أَدْرِي أَهْلَكَهُمْ بِالنَّصْبِ أَوْ أَهْلَكُهُمْ بِالرَّفْعِ .
جاء في كتاب التذكرة للقرطبي قال ويروى
أن الله عز وجل لما مسح على ظهر آدم عليه السلام فاستخرج ذريته قالت الملائكة: رب
لا تسعهم الأرض قال الله تعالى: إني جاعل موتاً: قالت: رب لا يهنيهم العيش. قال:
إني جاعل أملاً
فالأمل رحمة من الله تعالى تنتظم به
أسباب المعاش. ويستحكم به أمور الدنيا. ويتقوى به الصانع على صنعته والعابد على
عبادته، وإنما يدم من الأمل ما امتد وطال، حتى أنسى العاقبة، وثبط عن صالح الأعمال
يقول الامام علي بن ابي طالب كرم الله
وجهه
إذا اشتملت على اليأس القلوب *** وضاق
لما بها الصدر الرحيب
وأوطأت المكاره واطمأنت *** وأرسلت في
أماكنها الخطوب
ولم ترى لانكشاف الضر وجها *** ولا
أغنى بحيلته الأريب
أتاك على قنوط منك غوث *** يمن به
اللطيف المستجيب
وكل الحادثات إذا تناهت *** فموصول بها
الفرج القريب
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل! والأمل
- قبل ذلك كله - شيء حلو المذاق، جميل المحيَّا في ذاته، تحقق أو لم يتحقق
لقد حرم الله تعالى اليأس واعتبره قرين
الكفر، فقال تعالى: ﴿ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ
مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87]
الاعتبار بانقضاء الأعمار بين توديع
عام واستقبال آخر:ثانياً
عباد الله : إن هذه الشمس التي تطلع كل
يوم من مشرقها وتغرب من مغربها تحمل أعظم الاعتبار ، فطلوعها ثم غيابها إيذان بأن
هذه الدنيا ليست دار قرار، وإنما طلوع وزوال
قال أبو الدرداء رضي الله عنه ” يا ابن
آدم إنما أنت أيام فإذا ذهب منك يوم ذهب بعضك” أخرجه البيهقي في الشعب 381- 81 عن
قتادة
وقال أبو حازم رحمه الله ” عجبا لقوم
يعملون لدار يرحلون عنها كل يوم مرحلة ويدعون أن يعملوا لدار يرحلون إليها كل يوم
مرحلة ” صفة الصفوة 165
وهذا السير الحثيث يباعد عن الدنيا،
ويقرب من الآخرة يباعد من دار العمل ويقرب من دار الجزاء
قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: من
يوم ينشق فجره إلا ويقول: يا ابن آدم أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمني
فإني لاأعود إلى قيام الساعة.
تذكُّر الموت وساعة الاحتضار: حين
يستدبر الإنسان الدنيا، ويستقبل الآخرة، ويتمنى لو مُنح مهلة من الزمن، ليصلح ما
أفسد، ويتدارك ما فات، ولكن هيهات هيهات، فقد انتهى زمن العمل وحان زمن الحساب
والجزاء. فتذكُّر الإنسان لهذا يجعله حريصاً على اغتنام وقته في مرضاة الله تعالى
تتجدد الأعوام عاما بعد عام فإذا دخل
العام الجديد نظر الإنسان إلى آخره نظر البعيد، ثم تمر به الأيام سراعا فينصرم
العام كلمح البصر فإذا هو في آخر العام وهكذا عمر الإنسان يتطلع إلى آخره تطلع
البعيد, فإذا به قد هجم عليه الموت يؤمل الإنسان بطول العمر ويتسلى بالأماني فإذا
بحبل الأماني قد انصرم وبناء الأماني قد انهدم.
إننا في هذه الأيام نودع عاما هجريا
ماضيا شهيدا ،ونستقبل عاما مقبلا جديدا، فليت شعري ماذا أودعنا في عامنا؟ الماضي
وماذا نستقبل به العام الجديد؟.
وقال أحد الصالحين لتلاميذه: "
إذا خرجتم من المسجد فتفرّقوا لتقرؤوا القرآن، وتسبّحوا الله، فإنكم إذا اجتمعتم
في الطريق، تكلمتم وضاعت أوقاتكم
".
• وقال شوقي:
دقات قلب المرء قائلة له … إن الحياة
دقائق وثوان
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه ”
أقبلت الدنيا مدبرة , وارتحلت الآخرة مقبلة، ولكل منهما بنون فكونوا من أبناء
الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل ”
أخرجه البخاري
نسير إلى الآجال في كل لحظة
وأعمالنا تطوى وهن مراحل
ترحل من الدنيا بزاد من التقى
فعمرك أيام وهن قلائل
الهجرة وصناعة الأمل :ثالثاً
إن من العبر والدروس في الهجرة صناعة
الأمل، الأمل في موعود الله ،الأمل في نصر الله ،الأمل في مستقبل مشرق للا إله إلا
الله ،الأمل في الفرج بعد الشدة، والعزة بعد الذلة، والنصر بعد الهزيمة
فحينما ينظر المرء حوله في هذا الواقع
المرير ربما دخل اليأس القلوب، واستولى على النفوس القنوط ،وظن البعض أنه لا قيام
للدين مرة أخرى، ولعل هذه تكون الحالقة.
عند ذلك تأتي الهجرة بأحداثها لتحيي في
القلوب الأمل، وتزرع في نفوس اليائسين الرجاء.
فعودة إلى حال النبي صلى الله عليه
وسلم قبل الهجرة بقليل، وتقييم واقع المسلمين الأول تكاد ترى واقعا أشد مما نحن
عليه الآن.
فقد عاش هؤلاء الكرام مع نبيهم ثلاث
عشرة سنة من الخوف والألم والتعذيب والتنكيل, رأى المسلمون فيها ألوان الهوان
وصنوف الإذلال.
ثلاث عشرة سنة والنبي صلي الله عليه
وسلم يطوف على القبائل ويدور على أصحاب الزعامات والرئاسات يقول” من يؤويني حتى
أبلغ رسالة ربي فما يجد إلا العنت والاستهزاء “
ثلاث سنين كاملة من الحصار في شعب أبي
طالب مقاطعة كاملة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حصار اقتصادي واجتماعي حصار شديد
حتى أكل الناس ورق الشجر، وإلى أن تشققت الأشداق وحتى وضع الناس كما تضع العنز،
وربما خرج أحدهم ليبول فيسمع تحت ماء البول قعقعة، فإذا بها جلدة ميتة فيأخذها من
شدة الجوع فيغسلها ويضعها على النار ليتقوى بها على ما به من جوع .
ثلاث عشرة عاما والنبي صلى الله عليه
وسلم يلقى الأذى في نفسه ، رغم مكانته فكيف بأصحابه .
ربما سجد عند الكعبة فيضع الكافرون سلى
الجزور على ظهره ،
وربما قابلوه فتجمعوا حوله يدفعونه
ويهددونه ويحاولون خنقه، حتى يأتي أبو بكر فيدفعهم عنه, ويقول أتقتلون رجلا أن
يقول ربي الله, فيلهون بأبي بكر عن رسول الله, فيضربونه ضربا مبرحا وما تركوه حتي
ظنوا أنه ميت
.
ثلاثة عشر سنة وأصحابه رضي الله عنهم
يلاقون من الأذى مالا تحتمله الجبال الرواسي، تحريق بالنار، وتغريق في الماء، وضرب
بالسيط حتى كلت السياط وأيدي الضاربين، وحتى أكلت رمال الصحراء المحترقة طبقات
جلودهم، وهذا بلال يشهد وكذا خباب بن الأرت .
لذا اضطر المسلمون الأوائل أن يتركوا
بلادهم مهاجرين إلى الحبشة مرة بعد مرة حتى إذا زاد بهم البلاء واشتد بهم الكرب,
قام قائمهم إلى رسول الله يقول ألا تستنصر لنا, فيقول صلي الله عليه وسلم مصبرا
ومبشرا ” كان الرجل فيمن كان قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيها، فيجاء بالمنشار
فيوضع على رأسه فيشق باثنين، وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون
لحمه من عظم أو عصب وما يصده ذلك عن دينه ، والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير
الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخشى إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون
” أخرجه البخاري
.
وفي وسط هذا الظلام الحالك، ومن بين كل
هذا البلاء وتلك الشدة من كان يعتقد أن يأتي الفرج علي يد ستة أنفس لا وزن لهم ولا
زعامة ولا وجاهة” لقيهم النبي صلى الله عليه وسلم في موسم الحج فكلمهم وما يرجوا
إلا أن يستنقذهم من النار ويؤدي حق الله عليه في دعوتهم للدين الجديد ، فكانوا
الفجر الذي انقشع به ظلام الكفر، والنور الذي أضاءت بسببه أرجاء الأرض، والأمل
الذي بدد سحب اليأس.
إنها التقادير يوم يأذن الله بالفرج من
عنده، ويأتي النصر من قلب المحنة والنور من كبد الظلماء، والله تعالى هو المؤيد
والناصر، والبشر عاجزون أمام موعود الله
أيها الأخوة يقول ربنا عز وجل ( إِلَّا
تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ
اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ
اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ
لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ
اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) التوبة
خرج الحبيب مهاجرا داعيا الي ربه لعله
يجد لدعوته أرضا خصبة وقلوبا تطمئن لدعوته ليس خوفا ولا فراراً بنفسه إنما ليخرج
الناس من عبادة العباد الي عبادة رب العباد
لكن انطلق المشركون في البحث عنه
ليجتثوا الدعوة من جذورها ووصلوا بالفعل بالقرب من الغار ويسمع أبو بكر رضي الله
عنه وقع أقدامهم فيضطرب خوفاً على رسول الله لا خوفاً على نفسه عن أَنَسٌ، قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله
عليه وسلم فِي الْغَارِ، فَرَأَيْتُ آثَارَ الْمُشْرِكِينَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ رَفَعَ قَدَمَهُ رَآنَا. قَالَ: "مَا ظَنُّكَ
بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا".البخاري
يا غارُ إنا من ثَراك نغارُ في جوفك
الصَدِّيقُ والمختارُ
قد آثراك على البريّة كلِّها حِيزت لك
الدنيا فحقَّ فَخَار
التِّبْرُ يغبط من ترابك قَدْرهُ
والسرُّ فيك تَحُوطه الأنوار
مرة أخرى يصنع الأمل في حادثة سراقة ،
ولا يلتفت رسول الله صلي الله عليه وسلم الي سراقة، ولا يبالي به وكان شيئا لم يكن
يقول له أبو بكر يا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا فيقول له مقالته الأولى ” لَا
تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا “التوبة 40
فيلوح في الأفق خيال فارس يعدو على
فرسه يريد اللحاق بهما فارس من فرسان المشركين سراقة بن مالك سمع بالجائزة السخية
فعزم على أن يلحق بهما ويأتي بهما سراقة بن مالك وتحول الارض الصخرية الي مخاضة
تاييدا لرسول الله صلي الله عليه وسلم
لما سار النبي صلى الله عليه وسلم في
طريق الهجرة لحقه سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي، يبحث عن أعطية قريش وهديتها لمن
يأتي برسول الله صلى الله عليه وسلم، فساخت قوائم فرسه في الأرض، فبعد ذلك قال
الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد طلب كتاب الأمان: كيف بك يا سراقة إذا لبست سواري
كسرى؟! فقال سراقة: كسرى بن هرمز؟! قال له النبي صلى الله عليه وسلم: نعم كسرى بن
هرمز -وحدث هذا فعلاً- فجاءت التيجان إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: أين
سراقة؟ فجيء به، فأخذ التاج بيده، وألبسه سراقة، وقال: الحمد لله الذي سلبها كسرى
بن هرمز، وألبسها أعرابياً من بني مدلج} إنها أحلام الأمس، ولكنها حقائق اليوم وقد
جاءت القصة في الأصل في صحيح البخاري: {أن سراقة طلب من النبي صلى الله عليه وسلم
كتاب أمان فكتبه له}
.
إنها الثقة بالله عز وجل ووعده بمستقبل
هذا الدين في غمرة الأحداث، وفي أشد الأوقات، وأعظم الأزمات، فقد كان الناس
يعتقدون أنه ربما يقبض على هذا النبي الكريم في أي مكان، وينتهي تاريخ الدين، ولكن
الأمر عند الله تعالى كان على غير ذلك.
واذكُرْ «سراقةَ» كم له من حادثٍ وهو
الشجاع الفارس المغوار
متتبِّعَاً أثر النبيّ وصحْبه فالمجدُ
يُغْري والجزاء نُضَار
فإذاه مطروحٌ تشتّتَ شملُه والهولُ
بحرٌ عاصفٌ دوّار
مهلاً رسولَ الله إني راجعٌ عن زّلتي
ما عاد لي إصرار
قد تبْتُ فامنحني الأمانَ سماحةً إن
الإله مُسامحٌ غفَّار
ويعود معمورَ الفؤاد ووعْده من قصر
كسرى مغنمٌ وسِوار
ومرة ثانية جاء النصر للرسول صلى الله
عليه وسلم من حيث لا يحتسب. لان القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء وعاد سراقة يقول
لكل من قابله في طريقه ذاك: ارجع فقد كفيتكم ماههنا، فكان أول النهار جاهداً
عليهما وآخره حارساً لهما!
وكان سراقة أمير بني مدلج، ورئيسهم
فكتب أبو جهل إليهم:
بني مدلج إني أخاف سفيهكم ... سراقة
مستغوٍ لنصر محمد
عليكم به ألا يفرق جمعكم ... فيصبح شتى
بعد عز وسؤدد
فقال سراقة يرد على أبي جهل:
أبا حكم والله لو كنتَ شاهداً ... لأمر
جوادي إذ تسوخ قوائمه
علمت ولم تَشْكُك بأن محمداً ... رسول
وبرهان فمن ذا يقاومه
عليك فكُف القوم عنه فإنني ... أرى
أمره يوماً ستبدو معالمه
بأمر تود الناس فيه بأسرهم ... بأن
جميع الناس طُراً مسالمه
حقا
وإذا العناية لاحظتك عيونها نم
فالمخاوف كلهن أمان
الدرس الخامس الوصول الي المدينة
وتأسيس المسجد
لقد اصطنع الأمل في الله ونصره فنصره
الله, وساخت قدما فرس سراقة, فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها غبار ساطع في السماء
كالدخان, فأدرك سراقة أنهم ممنوعون منه وجاء النصر لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهكذا تعلمنا الهجرة في كل فصل من
فصولها كيف نصنع الأمل، ونترقب ولادة النور من رحم الظلمة، وخروج الخير من قلب
الشر وانبثاق الفرج من كبد الأزمات
4-ما أحوجنا في هذا الزمان إلى فن صناعة
الأمل
:
ما أحوجنا ونحن في هذا الزمان زمن
الهزائم والانكسارات والجراحات إلى تعلم فن صناعة الأمل فمن يدري ربما كانت هذه
المصائب بابا إلى خير مجهول ورب محنة في طيها منحة أو ليس قد قال الله ” وَعَسَى
أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ” البقرة: 216
إن اليأس والقنوط ليسا من خلق المسلم
قال سبحانه ” وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ
رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ” يوسف 86
قال ابن مسعود رضي الله عنه ” أكبر
الكبائر الإشراك بالله, والأمن من مكر الله, والقنوط من رحمة الله, واليأس من روح
الله“
إذا اشتملت على اليأس القلوب
وضاق لما به الصدر الرحيب
ولم تر لانكشاف الضر وجها ولا أغنى
بحيلته الأريب
أتاك على قنوط منك غوث يمن به اللطيف
المستجيب
وكل الحادثات وإن تناهت فموصول بها
الفرج القريب
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم,
ادعوا الله وأنتم موقنون بالاجابه
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً كثيراً، وسبحان الله
بكرة وأصيلاً، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم
الأحزاب وحده، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره
الكافرون، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أما بعد
عباد الله إن معية الله في الهجرة
النبوية الشريفة تنجلي امام اعيينا لنعرف حقا أن الله معنا
رابعاً : معية الله في القرآن الكريم
امل لعباده الموحدين
فمعية الله لسبعه في القرآن الكريم
المؤمنين والصابرين والمحسنين والمتقين
والمصلين والذاكرين والداعين
اولا معية الله مع المؤمنين ( إِن
تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ
لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِىَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً
وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ [الأنفال:19].
فمعية الله تعالى للمؤمنين فهو معهم
بالرعاية والكفاية والنصر والتأييد والهداية والتوفيق والتسديد وغير ذلك.
والله يتولي الدفاع عن المؤمنين .. قال
تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا
يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} (38) سورة الحج. فيحفظهم من شر الأشرار وكيد
الفجار بتأييده ونصره {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} (47) سورة
الروم.
والله يتولي تسديد المؤمنين وتوفيقهم
للهداية: قال تعالى: {اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ
الظُّلُمَاتِ} أي يخرجهم من الضلالة إلى الهداية ومن الجهالة إلى الرشد.
وأما منزلة المؤمنين في الآخرة مع معية
الله : فهي رضوان الله وجناته ورؤية وجهه الكريم والأنس باستماع كلامه. وحسبنا أن
نورد ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في بيان منزلة المؤمن في الآخرة: عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ
الغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ، كَمَا يَتَرَاءَوْنَ الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الغَابِرَ
فِي الأُفُقِ، مِنَ المَشْرِقِ أَوِ المَغْرِبِ، لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ»
قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تِلْكَ مَنَازِلُ الأَنْبِيَاءِ لاَ يَبْلُغُهَا
غَيْرُهُمْ، قَالَ: «بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ
وَصَدَّقُوا المُرْسَلِينَ» اخرجه البخارى بَابُ مَا جَاءَ فِي صِفَةِ الجَنَّةِ
وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ
.
معية الله للمؤمن الضعيف
كان الله مع المرأة الضعيفة خولة بنت
ثعلبة التي نطق زوجها بالظهار، وصارت معلقة لا زوجة، ولا مطلقة، عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال: كان الرجل إذا قال لامرأته: أنت عليَّ كظهر أمي حرمت عليه، فكان
أول من ظاهر في الإسلام أوس بن الصامت فأتت امرأته خولة بنت ثعلبة رسول الله صلى
الله عليه وسلم تشتكي وتقول: يا رسول الله أكل شبابي، ونثرت له بطني، حتى إذا كبر
سني، وانقطع ولدي، ظاهر مني، اللهم إني أشكو إليك، فما برحت حتى نزل الفرج من
السماء من السميع البصير، وجاء قوله تعالى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي
تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ
تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌسورة المجادلة:1إلى قوله:
وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا
فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍسورة المجادلة:3الآيات، قالت عائشة: تبارك الذي وسع سمعه
الأصوات، لقد جاءت خولة بنت ثعلبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأنا في ناحية
البيت تشكو زوجها فكان يخفى عليَّ بعض كلامها، فما برحت حتى أنزل الله هذه الآيات
معية الله للصبي المؤمن الغيور علي
دينه
كان الله مع الصبي زيد بن أرقم حين سمع
عبد الله بن أبي يقول: "لئن رجعنا المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل"،
وبلغ الكلمة للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن مثل هذه الكلمة الخطيرة لا بد أن
تُنقل، لكن لم يكن معه من يشهد له، وظن قومه أنه غفل ونقل ما لم يحصل؛ فلم يصدقوه،
فخفق برأسه من الهم ما ذكره بقوله: "فأصابني همٌّ لم يصبني مثله قط"
فأنزل الله عز وجل: هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ
رَسُولِ اللَّهِسورة المنافقون:7إلى قوله: يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى
الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ
وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَسورة
المنافقون:8، فأرسل إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأها عليَّ ثم قال: ((إن
الله قد صدقك يا زيد)) ، فكان الله مع الصبي الذي كان حريصاً على مصلحة أهل
الإسلام.
ثانياً: معيّة الله مع المتقين، قال
الله - عز وجل -: {وَاتَّقُواْ الله وَاعْلَمُواْ أَنَّ الله مَعَ الْمُتَّقِينَ}
(2)،وقال - عز وجل -: {إِنَّ الله مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم
مُّحْسِنُونَ} (3)، وهذه معيّة التوفيق والتسديد، والنصرة، والتأييد، والإعانة،
والحماية، كما قال الله - عز وجل - حكاية عن محمد - صلى الله عليه وسلم - وقوله
لأبي بكر - رضي الله عنه -: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ الله مَعَنَا}هي وصية الله
للأولين والآخرين: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن
قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللَّهَ [ النساء:131].
فالتقوى كما يقول علي رضي الله عنه:
(الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل)
فكيف لا يكون الله مع المتقين.
ولقد كان بعض السلف يوصي إخوانه بكلمات
نافعة عظيمة الأثر كتب بعضهم لأخيه: أما بعد: فإن كان الله معك فمن تخاف، وإن كان
عليك فمن ترجو.
ثالثا معيَّة الله مع الصابرين: قال
الله - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ
وَالصَّلاَةِ إِنَّ الله مَعَ الصَّابِرِينَ}
رابعا : معية الله مع المحسنين
رُوِيَ أَن غُلَاما لِلْحسنِ بن عَليّ
عَلَيْهِمَا السَّلَام، جني جِنَايَة توجب الْعقَاب، فَقَالَ: اضْرِبُوهُ.
فَقَالَ: يَا مولَايَ، والكاظمين
الغيظ، قَالَ: خلوا عَنهُ.
قَالَ: يَا مولَايَ، وَالْعَافِينَ عَن
النَّاس.
قَالَ: قد عَفَوْت عَنْك.
قَالَ: وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ.
قَالَ: أَنْت حر لوجه الله تَعَالَى،
وَلَك ضعف مَا كنت أُعْطِيك.
والإحسان ضد الإساءة، قال تعالى: ولله
ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا
بالحسنى [النجم:31].
ذكر أن عمر بن الخطاب مر على غلام يرعى
غنمه قال: يا غلام بعني واحدة، فقال الغلام: هي ليست ملكي إنما هي لسيدي وأنا
الوكيل عنها فقال له عمر بن الخطاب مختبرا: يا غلام بعني واحدة وخذ ثمنها وقل
لسيدك الذئب أكلها. (يرسم له طريق الحرام مختبرا له) فقال الغلام: فأين الله (أين
أكون من الله إن قلت هذا)؟ ويهتز عمر بن الخطاب للكلمة ويشتري العبد من سيده
ويعتقه ويقول له: هذه كلمة أعتقتك في الدنيا أسأل الله تعالى أن يعتق بها رقبتك
يوم القيامة.
خامسا : معية الله مع الذاكرين
الله مع الذاكرين جاء في القرآن الكريم
في قوله عزّ من قائل فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ
(البقرة/ 152) انظر إلى فضل الذكر، فالذاكر في معية الله، كما في الصحيحين في
الحديث القدسيّ الّذي رواه أبو هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«يقول الله عزّ وجلّ: أنا عند ظنّ عبدي بي وأنا معه حين يذكرني، إن ذكرني في نفسه
ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأهم خير منهم، وإن تقرّب منّي شبرا
تقرّبت إليه ذراعا، وإن تقرّب إليّ ذراعا تقرّبت منه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته
هرولة
إذ قال الله تعالى: ((أنا مع عبدي ما
ذكرني وتحركت بي شفتاه)) رواه البخاري تعليقً
.سادسا : معية الله مع الداعيين ففي
الحديث القدسي المتفق عليه عن أبي هريرة: ((أَنَا عِنْدَ ظَنّ عَبْدِي فِيّ،
وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي)). وَعَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا روى عَن الله تبَارك وَتَعَالَى أَنه قَالَ يَا
عبَادي إِنِّي حرمت الظُّلم على نَفسِي وَجَعَلته بَيْنكُم محرما فَلَا تظالموا
يَا عبَادي كلكُمْ ضال إِلَّا من هديته فاستهدوني أهدكم يَا عبَادي كلكُمْ جَائِع
إِلَّا من أطعمته فاستطعموني أطْعمكُم يَا عبَادي كلكُمْ عَار إِلَّا من كسوته
فاستكسوني أكسكم يَا عبَادي إِنَّكُم تخطئون بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وَأَنا أَغفر
الذُّنُوب جَمِيعًا فاستغفروني أَغفر لكم يَا عبَادي إِنَّكُم لن تبلغوا ضري
فتضروني وَلنْ تبلغوا نفعي فتنفعوني يَا عبَادي لَو أَن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم
كَانُوا على أتقى رجل وَاحِد مِنْكُم مَا زَاد ذَلِك فِي ملكي شَيْئا يَا عبَادي
لَو أَن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كَانُوا على أفجر قلب رجل وَاحِد مَا نقص ذَلِك
من ملكي شَيْئا يَا عبَادي لَو أَن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قَامُوا فِي صَعِيد
وَاحِد فسألوني فَأعْطيت كل إِنْسَان مِنْهُم مَسْأَلته مَا نقص ذَلِك مِمَّا
عِنْدِي إِلَّا كَمَا ينقص الْمخيط إِذا أَدخل الْبَحْر يَا عبَادي إِنَّمَا هِيَ
أَعمالكُم أحصيها لكم ثمَّ أوفيكم إِيَّاهَا فَمن وجد خيرا فليحمد الله عز وَجل
وَمن وجد غير ذَلِك فَلَا يَلُومن إِلَّا نَفسه
قَالَ سعيد كَانَ أَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ
إِذا حدث بِهَذَا الحَدِيث جثا على رُكْبَتَيْهِ
رَوَاهُ مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن
مَاجَه
سابعا : معية الله مع المصلين فاذا
دخلت في الصلاة فانت في معية الله خرّج الإمام أحمد والترمذي من حديث.. الحارث
الأشعري عن النبي - -: ((إن الله أمر يحيى بن زكريا عليهما السلام بخمس كلمات أن
يعمل بهن، ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن، فذكر منها : وأمركم بالصلاة، فإن الله
ينصب وجهه لوجه عبده ما لم يلتفت، فإذا صليتم فلا تلتفتوا )) وروى الإمام أحمد
أيضا من حديث أبي ذر - - عن النبي قال : ((لا يزال الله مقبلا على العبد في صلاته
ما لم يلتفت فإذا التفت انصرف عنه
)).
ومن أجل مظاهر تكريمه عزّ وجلّ للإنسان
تقريبه منه ومعيّته له ويتجلّى هذا القرب في قوله تعالى: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي
عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ (البقرة/ 186) ،
هذا وصلوا وسلموا تسليما كثيرا عدد خلق
الله علي سيدنا محمد وعلي اله وصحبه اجمعين
جمع وترتيب اخوكم ابو محمد ثروت علي
سويف