recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة إذا أردت السلامة من غيرك؛ فاطلبها في سلامة غيرك منك اعداد: صلاح عبد الخالق

 

إذا أردت السلامة من غيرك؛ فاطلبها في سلامة غيرك منك

 (مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ )  

                                            


                         

 أولاً :مكانة هذه الوصية النبوية فى الإسلام.  

 ثانياً : من معانى الوصية النبوية.

 ثالثاً : من فوائد العمل بهذه الوصية.         

 رابعا ً: من أضرار التدخل فيمَا لَا يَعْنِيهِ.

خامساً: إذا أردت السلامة من غيرك؛ فاطلبها في سلامة غيرك منك.


الحمد لله على نعمة الإسلام ونشهد أن لاإله إلا الله الملك العلام ونشهد أن محمد ﷺ سيد الأنام وبعد فحديثى معكم بحول الله الواحد الديان تحت عنوان: (مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ )  

-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» سنن ابن ماجه(3976) ،سنن الترمذى (2317) ،صحيح الجامع (5911).

أولاً :مكانة هذه الوصية النبوية فى الإسلام منها مثلاً :

(1) ثلث الإسلام :

-قَوْلُهُ ﷺ(الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ إِلَى آخِرِهِ) أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى عِظَمِ وَقْعِ هَذَا الْحَدِيثِ وَكَثْرَةِ فَوَائِدِهِ وَأَنَّهُ أَحَدُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي عَلَيْهَا مَدَارُ الْإِسْلَامِ قَالَ جَمَاعَةٌ هُوَ ثُلُثُ الْإِسْلَامِ وَأَنَّ الْإِسْلَامَ يَدُورُ عَلَيْهِ وَعَلَى حَدِيثِ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَحَدِيثِ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ المرء تركه مالا يَعْنِيهُ. شرح النووى (11/27)

(2)نصف الإسلام :

-هذا الحديث على وجازة ألفاظه يعده بعض العلماء نصف الإسلام ؛لأنه من جوامع الكلم التي خص بها النبي ﷺ  فمع قصر ألفاظه، وقلة كلماته، اشتمل على آداب الإسلام.(شرح الأربعين النووية لعطيه سالم (35/2)

(3)أصل عظيم من أصول الآداب :

-هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ عَظِيمٌ مِنْ أُصُولِ الْأَدَبِ، وجِمَاعُ آدَابِ الْخَيْرِ وَأَزِمَّتُهُ تَتَفَرَّعُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَحَادِيثَ: قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» وَقَوْلِهِ ﷺ: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» وَقَوْلِهِ ﷺ:«لَا تَغْضَبْ»وَقَوْلِهِ ﷺ:«الْمُؤْمِنُ يُحِبُّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»قَالَ: فَكُلُّ حَدِيثٍ مِنْ هَذِهِ رُبُعُ الْعِلْمِ. (جامع العلوم والحكم (1/288).

ثانياً : من معانى الوصية النبوية  :

(1)مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ)أَيْ:مِنْ جُمْلَةِ مَحَاسِنِ إِسْلَامِ الشَّخْصِ وَكَمَالِ إِيمَانِهِ (تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ) ، أَيْ: مَا لَا يُهِمُّهُ وَلَا يَلِيقُ بِهِ قَوْلًا وَفِعْلًا وَنَظَرًا وَفِكْرًا، فَحُسْنُ الْإِسْلَامِ عِبَارَةٌ عَنْ كَمَالِهِ.(مرقاة المفاتيح (7/3040)

(2)هذا الحديث من جوامع كلمه ﷺ ، وذلك أن الإنسان المتمسك بإسلامه تمسكاً صحيحاً يترك ما لا يعنيه إلى ما يعنيه،ويشتغل بما يعود عليه بالخير، ويشغل وقته ويصرف ساعاته فيه، ويترك الشيء الذي لا يَعنيه والذي لا علاقة له به؛سواء كان متعلقاً بأعمال أو أقوال،أوكان متعلقاً بأحوال الناس وأعمالهم وما يكونون عليه.(شرح الأربعين للعباد (17/12).

(3)تركه مالا يعنيه:فهذا يَعم الترك لما لا يعنيه من الكلام والنظر والاستماع والبطش والمشي والفكر وسائر الحركات الظاهرة والباطنة.(سلسلة أعمال القلوب (3/89)

(4)تركه ما لا يعنيه من المباحات: لا يتدخل فيما لا يعنيه، لا يتدخل في شئون غيره، لايسأل عما لا حاجة له به، لا ينظر إلى ما لا يحتاج للنظر إليه،لا يستمع إلى ما لا يحتاج استماعه،ما لا ينفعه في دينه أو دنياه، وليس بحاجة لهذه الأمور؛لأنها لا تعنيه، فمن تمام إسلامه وحسن إسلامه وكماله ألا ينظر إلى هذه الأمور. وهو ماش في طريقه هذه العمارة ما شاء الله كم دور؟ ولمن؟ ولماذا فعلوا كذا؟ ولماذا كان اللون كذا؟ هذا لا يعنيك، اشتغل بما يعنيك، كل هذه الفضول الإنسان ليس بحاجة إليها،إنما يقتصر على ما يحتاج إليه، ويقتصر على ما يعنيه.شرح الأربعين النووية عبدالكريم الخضير (10/18).

ثالثاً : من فوائد العمل بهذه الوصية  مثلاً :

(1) الفوز والفلاح :

-الْحَدِيثَ مُقْتَبَسٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ(3)المؤمنون.مرقاة المفاتيح (7/3041).قال تعالى:قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ(2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) المؤمنون.{وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ}؛أي: عما لا يعنيهم من الأقوال والأفعال {مُعْرِضُونَ}؛ أي: مجتنبون عنه في جميع الأوقات، غير ملتفتين إليه؛واللغو هو كل ما لا يعود على الشخص منه فائدة في الدين،أو الدنيا، قولًا أو فعلًا مكروهًا أو مباحًا، كالهزل واللعب، وضياع الأوقات فيما لا يعني.(حدلائق الروح والريحان (19/16)

(2)مَنْ حَسُنَ إِسْلَامُهُ وَأَنَّهُ تُضَاعَفُ حَسَنَاتُهُ،

وَتُكَفَّرُ سَيِّئَاتُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَثْرَةَ الْمُضَاعَفَةِ تَكُونُ بِحَسَبِ حُسْنِ الْإِسْلَامِ،فَإِذَا تَرَكَ مَا لَا يَعْنِيهِ، وَفَعَلَ مَا يَعْنِيهِ كُلَّهُ، فَقَدْ كَمُلَ حُسْنُ إِسْلَامِهِ، تُضَاعَفُ حَسَنَاتُهُ، وَتُكَفَّرُ سَيِّئَاتُهُ ،فَالْمُضَاعَفَةُ لِلْحَسَنَةِ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَابُدَّ مِنْهُ، وَالزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ تَكُونُ بِحَسَبِ إِحْسَانِ الْإِسْلَامِ، وَإِخْلَاصِ النِّيَّةِ وَالْحَاجَةِ إِلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ وَفَضْلِهِ .(جامع العلوم والحكم (1/295)

-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:" إِذَا أَحْسَنَ أَحَدُكُمْ إِسْلاَمَهُ: فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ،وَكُلُّ سَيِّئَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِمِثْلِهَا "صحيح البخارى (42)، صحيح مسلم (129)

(3) من علامات الإيمان بالله واليوم الآخر :

-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ"صحيح البخارى (6475) ،صحيح مسلم (47).-قَوْلُهُ ﷺ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ الْإِمْسَاكُ عَنِ الْكَلَامِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ خير ولا شر لأنه مما لايعنيه ومن حسن إسلام المرء تركه مالا يَعْنِيهِ.(شرح النووى(12/31)

(4) الوصول إلى درجة الإحسان :

-قال تعالى :وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93) المائدة .عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»صحيح البخارى (50)وصحيح مسلم (9).

فَمَنْ عَبَدَ اللَّهَ عَلَى اسْتِحْضَارِ قُرْبِهِ وَمُشَاهَدَتِهِ بِقَلْبِهِ،أَوْ عَلَى اسْتِحْضَارِ قُرْبِ اللَّهِ مِنْهُ وَاطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ،فَقَدْ حَسُنَ إِسْلَامُهُ،وَلَزِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَتْرُكَ كُلَّ مَا لَايَعْنِيهِ فِي الْإِسْلَامِ،وَيَشْتَغِلَ بِمَا يَعْنِيهِ فِيهِ"(جامع العلوم والحكم (1/289)

(5) كفاك الله عز وجل ما يعنيك:

-فإذا تركت مالا يعنيك كفاك الله عز وجل ما يعنيك، وساعدك في أمورك وأيدك وسددك، أما إذا تشاغلت بشيء لا يعنيك ابتلاك الله عز وجل فما قمت بما يعنيك.(دروس للشيخ عائض القرنى (120/12).

(6) محاسبة النفس وتعويدها على الخير :

(أ)الحديث  أصلٌ كبيرٌ في تأديب النفس وتهذيبها عن الرذائل والنقائص، وترك ما لا جدوى فيه ولا نفع. فيحاسب العَبْد نَفسه عِنْد ذكر مَالا يعنيه انه لَو ذكر الله لَكَانَ ذَلِك كنزا من كنوز السَّعَادَة فَكيف يتْرك كنزا من كنوز السَّعَادَة وَيَأْخُذ بدله هَذَا.(التيسير بشرح الجامع الصغير (2/381).

(ب)من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، وذلك بأن يشتغل بنفسه وتهذيبها وتنقيتها وتصفيتها وتربيتها على الخير، وتعويدها على ما يعود عليه بالخير، ويشغل وقته في ذلك،ولا يشتغل بأمور أخرى لا تعنيه.

(7)راحة للجسم والنفس :

-أنه ينبغي للإنسان أن يتطلب محاسن إسلامه فيترك ما لايعنيه ويستريح، لأنه إذا اشتغل بأمور لاتهمّه ولاتعنيه فقد أتعب نفسه.شرح رياض الصالحين لابن عثيمين (صـ159).

رابعا ً: من أضرار التدخل فيما لايعنيه:

(1)لايؤمن عليه الخوض في الباطل:

من يكثر الكلام فيما لا يعني لا يؤمن عليه الخوض في الباطل وَأَكْثَرُ النَّاسِ يَتَجَالَسُونَ لِلتَّفَرُّجِ بِالْحَدِيثِ وَلَا يَعْدُو كَلَامُهُمُ التَّفَكُّهَ بِأَعْرَاضِ النَّاسِ أَوِ الْخَوْضَ فِي الْبَاطِلِ وَأَنْوَاعُ الْبَاطِلِ لَا يُمْكِنُ حَصْرُهَا لِكَثْرَتِهَا وَتَفَنُّنِهَا فَلِذَلِكَ لَا مَخْلَصَ مِنْهَا إِلَّا بِالِاقْتِصَارِ عَلَى مَا يَعْنِي مِنْ مُهِمَّاتِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا وفي هذا الجنس تقع كلمات يهلك بها صاحبها وهو يستحقرها؛ فعن بِلاَل بْنَ الحَارِثِ الْمُزَنِيَّ قال:سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ :وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ.(سنن الترمذى (2319)، صحيح الجامع (1619).«إحياء علوم الدين»(٣/ 115)-مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ: يستصغرها ولايُفكر فى عواقبها. فيكتب الله بها عليه سخطه إلى يوم القيامة بأن يختم له بالشقاوة ويصير مُعذبا في قبره مُهانا في حشره حتى يلقاه يوم القيامة فيورده النار وبئس الورد المورود.فيض القدير (2/420) .

(2)الوقوع فى غضب الله تعالى :

-عن المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ المَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ " صحيح البخارى (1477) وصحيح مسلم (593)

- قِيلَ وَقَالَ فَهُوَ الخوض في أخبار الناس وحكايات مالا يَعْنِي مِنْ أَحْوَالِهِمْ وَتَصَرُّفَاتِهِمْ قِيلَ وَقَالَ وَقِيلَ يَحْتَمِلُ  أَنَّ الْمُرَادَ كَثْرَةُ سُؤَالِ الْإِنْسَانِ عَنْ حَالِهِ وَتَفَاصِيلِ أَمْرِهِ فَيَدْخُلُ ذَلِكَ فِي سُؤَالِهِ عَمَّا لَا يَعْنِيهِ وَيَتَضَمَّنُ ذَلِكَ حُصُولُ الْحَرَجِ في حق المسؤل فَإِنَّهُ قَدْ لَا يُؤْثِرُ إِخْبَارَهُ بِأَحْوَالِهِ فَإِنْ أَخْبَرَهُ شَقَّ عَلَيْهِ وَإِنْ كَذَبَهُ فِي الْإِخْبَارِ أَوْ تَكَلَّفَ التَّعْرِيضَ لَحِقَتْهُ الْمَشَقَّةُ وَإِنْ أَهْمَلَ جَوَابَهُ ارْتَكَبَ سُوءَ الْأَدَبِ.(شرح النووى (12/11)

  (3)من  تدخل فيما لايعنيه سمع مالا يرضيه :

-دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَهُوَ يَخْصِفُ نَعْلَيْهِ فَقَالَ:يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوْ أَلْقَيْت هَذَا النَّعْلَ، وَأَخَذْت آخَرَ جَدِيدًا فَقَالَ لَهُ نَعْلِي جَاءَتْ بِك هَاهُنَا أَقْبِلْ عَلَى حَاجَتِك.(المنتقى شرح الموطأ(7/212)             

(4) فيه مضيعة للوقت فيما لا يفيد:

-فمن حسن إسلام المرء إعراضه عما لا منفعة له فيه دينا ولا دنيا، فكثير من الناس يكثرون الشكوى من تزايد الأعباء والأشغال، ويتذرعون بقلة الأوقات وضيقها، ولكن لو ترك هؤلاء ما لا يعنيهم لتوفر لديهم كثير من الجهد والوقت.إن المسلم ذو الهمة العالية ليس لديه وقت ليضيعه في القيل والقال والتدخل فيما لا يعنيه من شؤون الناس الخاصة؛ فكثير من الناس اليوم رجالا ونساء، صغارا وكبارا، انشغلوا بمتابعة كل ما يرسل لهم من أخبار متناثرة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكثير من هذه الأخبار لا تعنيهم ولا تدخل في دائرة اهتمامهم، ومع ذلك يضيعون الوقت في قراءتها، وإرسالها للغير أو التعليق عليها، فتضيع عليهم ساعات يومهم فيما لا ينفعهم، ولو أنهم عملوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم (مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ) لاستغلوا يومهم، بل ساعات عمرهم فيما ينفعهم في دينهم أو دنياهم.

(5)إن من أسباب مفسدات الأخوة وقطع المودات بين الناس

-التدخل في الخصوصيات وإقحام النفس في ميادين لا علاقة له بها، مما يسميه الناس في هذا الزمن التطفل والفضولية، فعندما يسألك شخص عن أحوالك المادية، عن راتبك، ورصيدك، وممتلكاتك، وتصرفاتك الخصوصية، هل تحبه؟ ألا تشعر بأنه ضيف ثقيل، وأنه متطفل فيما لا يعنيه فيسقط من عينيك؟ ولو أنه كان يعمل بقول النبي صلى الله عليه وسلم : (مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ)ما وصل إلى هذا المستوى.والعجيب أن هذا الصنف يظل أخرسا لا يسأل عن الأشياء التي تعنيه في دينه، وأما في القضايا التي لا تعنيه، فتراه متكلما منقبا، وباحثا مجدا.-إن كثيرا من الخلافات التي بين الناس قد تأتي من باب التطفل والتدخل فيما لا يعنيهم، ففي ميدان العمل على سبيل المثال قد يتدخل موظف فيما لا يعنيه أو ليس في اختصاصه، فيقع الخلاف بينه وبين صاحبِ الشأن، فتنغرس بذرة الشقاق، ولهذا قالوا: رحم الله امراً عرف حده فوقف عنده.

(6) قسوة القلب :

-عن مالك بن دينار رحمه الله تعالى أنه قال:إِذَا رَأَيْتَ قَسْوَةً فِي قَلْبِكَ، وَوَهَنًا فِي بَدَنِكَ، وَحِرْمَانًا فِي رِزْقِكَ، فَاعْلَمْ أَنَّكَ قَدْ تَكَلَّمْتَ بِمَا لَا يَعْنِيكَ.(بحر الدموع صـ25)

(7)الغفلة:

-كثير من الناس مغرم بتتبع هذه الأمور التي لا تعنيه،بل فيها إضاعة لوقته وجهده واهتمامه، ولها آثار  على قلبه؛ لأن هذه الأمور منافذ للقلب إذا تكلم فيما لا يعنيه، ونظر إلى ما لا يعنيه، واستمع إلى ما لا يعنيه،

هذه المنافذ إلى القلب التي تورثه تشتتاً وعدم اجتماع، فيصاب بالغفلة.

الخطبة الثانية :

خامساً: إذا أردت السلامة من غيرك؛ فاطلبها في سلامة غيرك منك ،مثلاً:

(1)حدد إذا كان الأمر يخصك أم لا: يُفضل دائمًا عدم التدخل في شئون الآخرين إلا إذا كان الموقف يخصك

 بشكلٍ شخصي، حتى لو كُنت مُتأثرًا بالموقف بصورة غير مُباشرة،فلا يعني ذلك أن لك الحق في التدخل. عليك تقييم الموقف جيدًا قبل اتخاذ خطوة قد تندم عليها لاحقًا

(2)احترم حدود التعامل:احترم حق كل شخص في التمتع بالخصوصية وأنه المسئول عن حياته؛ بمعني آخر،لا تتوقع من الآخرين مشاركة تفاصيل حياتهم الشخصية معك.

(3)لا تحشر أنفك فيما لا يَعنيك: لا تقاطع أو تتدخل في محادثة لا تخصك أو اجتماع أو حدث خاص لا يمت لك بصلة أو لم يتم دعوتك إليه،اقصر الشر وابتعد!

(4)تجنب الحكم على الآخرين:نحن نصدر الأحكام على الآخرين في كثير من الأوقات، لذا عليك مقاومة الرغبة في الحكم على اختيارات غيرك. إن تسرعك في الحكم على الآخرين والمواقف التي يمرون بها يفتقد لفهمك الكامل لطبيعة الموقف، عليك في المقابل أن تضع نفسك في موقع الشخص الآخر قبل إصدار الأحكام المتسرعة، ففي أصلها هي مجرد تباهي وغير صادقة النية.

(5)تجنب النميمة وانسحب من المواقف المماثلة:

- النميمة من الأفعال المُشينة التي تنشر معلومات مغلوطة لا صحة لها في أغلب الحالات عن حياة الآخرين الشخصية، وهي التعريف المضاد لعدم التدخل فيما لا يعنيك. انسحب من المواقف التي تجد فيها الآخرين ينخرطون في النميمة عن الغير

(6) المسؤلية أمام الله عن كل كلمة:

عِلَاجُ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الموت بين يديه وأنه مسؤول عن كل كلمة وأن أَنْفَاسَهُ رَأْسُ مَالِهِ وَأَنَّ لِسَانَهُ شَبَكَةٌ يَقْدِرُ أن يقتنص بها الحور العين فإهماله ذلك وتضييعه خسران مبين هذا علاجه من حيث العلم وأما من حيث العمل فالعزلة أو أن يضع حصاة في فيه وأن يلزم نفسه السكوت بها عن بعض ما يعنيه حتى يعتاد اللسان ترك ما لا يعنيه وضبط اللسان في هذا على غير المعتزل شديد جداً«إحياء علوم الدين» (٣/ 114)

google-playkhamsatmostaqltradent