حكم من أراد أن يضحي هل يقص شعره ويقلم اظافره؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول
الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولي لمن أراد أن يضحي الكف عن قص أظافره وحلق شعره حتى يذبح أضحيته،
لما روي عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظافره. وفي رواية عنها "فلا يأخذن شعراً ولا يقلمن ظفراً"(مسلم).
"يشرع في حق من أراد أن يضحي إذا أهل هلال ذي الحجة ألا يأخذ من شعره ولا من أظافره ولا بشرته شيئاً حتى يضحي؛ لما روى الجماعة إلا البخاري رحمهم الله، عن أم سلمة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره، ولفظ أبي داود ومسلم : من كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذنَّ من شعره ومن أظفاره شيئاً حتى يضحي سواء تولى ذبحها بنفسه أو وَكَلَ ذَبْحَها إلى غيره، أما من يُضَحَّى عنه فلا يشرع ذلك في حقه؛ لعدم ورود شيء بذلك." انتهى.
من يُضَحَّى عنه لا حرج عليه أن يأخذ من ذلك، والدليل على هذا ما يلي:
أن هذا هو ظاهر الحديث، وهو أن التحريم خاص بمن يضحي، وعلى هذا فيكون التحريم مختصاً برب البيت، وأما أهل البيت فلا يحرم عليهم ذلك، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّقَ الحكم بمن يضحي، فمفهومه أن من يُضَحَّى عنه لا يثبت له هذا الحكم
رأي الأئمة الأربعة في تحريم الأخذ من الشعر أو الأظفار لمن أراد أن يضحي منذ دخول شهر ذي الحجة؟
أقوال العلماءفي نهي المضحي عن قص شعره وظفره إذادخل العشر
فخلاف العلماء في هذه المسألة مشهور، وقد اختلفوا فيها على ثلاثة أقوال،
فمذهب أبي حنيفة وروي عن مالك أن الأخذ من الشعر والأظفار إذا دخل العشر لمن أراد التضحية مباح غير حرام ولا مكروه،
. وقال أبو حنيفة لا يكره ذلك لأنه لا يحرم عليه الوطء واللباس فلا يكره له حلق الشعر وتقليم الأظفار كما لو لم يرد أن يضحي. ولنا ما روت
ومذهب الشافعي وروي عن مالك أنه مكروه غير حرام،
ومذهب أحمد وإسحق أنه حرام يأثم فاعله، وهذا بيان أقوالهم وما استدلوا به.
جاء في المغني لابن قدامة رحمه الله:
ومن أراد أن يضحي فدخل العشر فلا يأخذ من شعره ولا بشرته شيئا.
ظاهر هذا تحريم قص الشعر وهو قول بعض
أصحابنا وحكاه ابن المنذر عن أحمد و إسحاق و سعيد بن المسيب. وقال القاضي وجماعة
من أصحابنا هو مكروه غير محرم وبه قال مالك والشافعي لقول عائشة: كنت أفتل قلائد
هدي رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم يقلدها بيده ثم يبعث بها ولا يحرم عليه شيء
أحله الله له حتى ينحر الهدي. متفق عليه. وقال أبو حنيفة لا يكره ذلك لأنه لا يحرم
عليه الوطء واللباس فلا يكره له حلق الشعر وتقليم الأظفار كما لو لم يرد أن يضحي.
ولنا ما روت أم سلمة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال: إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي"( مسلم).
ومقتضى النهي التحريم وهذا يرد القياس ويبطله، وحديثهم عام وهذا خاص يجب تقديمه بتنزيل العام على ما عدا ما تناوله. انتهى.
وقال النووي في المجموع: مذهبنا أن إزالة الشعر والظفر في العشر لمن أراد التضحية مكروه كراهة تنزيه حتى يضحي،
وقال مالك وأبو حنيفة لا يكره،
وقال سعيد بن المسيب وربيعة وأحمد وإسحاق وداود يحرم، وعن مالك أنه يكره وحكي عنه الدارمي يحرم في التطوع ولا يحرم في الواجب،
واحتج القائلون بالتحريم بحديث أم سلمة واحتج الشافعي والأصحاب عليهم بحديث عائشة أنها قالت: كنت أفتل قلائد هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقلده ويبعث به ولا يحرم عليه شيء أحله الله له حتى ينحر هديه."(البخاري ومسلم.
قال الشافعي: البعث بالهدي أكثر من إرادة التضحية فدل على أنه لا يحرم ذلك. انتهى.
فإذا علمت هذا فالأحوط بلا شك لمن أراد التضحية أن يجتنب الأخذ من شعره وأظفاره عملا بالحديث وخروجا من خلاف الأئمة.
شروط الاشتراك في الرأي الأول (الكراهة):
يرى هذا الرأي أن تقليم الأظافر وحلق
الشعر للمضحي في العشر الأوائل من ذي الحجة مكروه كراهة تنزيه، أي أنه ليس بحرام،
ولكن من الأفضل تجنبه، وذلك استنادا إلى حديث أم سلمة رضي الله عنها، الذي جاء
فيه: "إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره".
الرأي الثاني (الاستحباب):
يرى هذا الرأي أن عدم تقليم الأظافر
وحلق الشعر للمضحي في العشر الأوائل من ذي الحجة هو استحباب، أي أنه من السنة وليس
من الواجب.
الرأي الثالث (الموقف يختلف):
يرى هذا الرأي أن الحكم يختلف بحسب حال
الشخص، فمن أراد أن يضحي، فمن الأفضل له ألا يقلم أظفاره أو يحلق شعره، أما من لم
يقرر التضحية بعد، فلا حرج عليه في ذلك.
ملاحظات هامة:
الأولى:
أن الكراهة أو الاستحباب أو الموقف
المختلف يقتصر على المضحي، أي الشخص الذي يذبح الأضحية بنفسه أو يعهد بها لغيره.
أما من يضحى عنه، فلا حرج عليه في تقليم الأظافر أو حلق الشعر.
الثانية:
أن هذا الحكم لا يمنع من أخذ أي جزء من
الشعر أو الظفر، بل هو مجرد استحباب عدم القيام بذلك في العشر الأوائل من ذي الحجة.
الثالثة:
أن هذا الحكم لا يبطل الأضحية، بل هو مجرد استحباب، ولهذا، فلا شيء على من قام بتقليم أظفاره أو حلق شعره في العشر الأوائل من ذي الحجة، ولا يحتاج إلى كفارة أو غيرها.
أهل المضحي وتقليم الأظافر - فقه
المسلم
وأما أهل المضحي فليس عليهم شيء ، ولا يُنهون عن أخذ شيء من الشعر والأظافر في أصح قولي العلماء و يجوز لهم أن يأخذوا من شعورهم وأظفارهم إذا دخل شهر ذو الحجة،
وهذا الحكم خاص بالمضحي الذي هو صاحب الأضحية فمنهي عن أن يأخذ من شعره أو أظفاره أو بشرته شيئاً،
والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يضحي عن أهل بيته ولم ينقل أنه قال لهم: لا تأخذوا من شعوركم وأظفاركم وأبشاركم شيئاً، ولو كان ذلك حراماً عليهم لنهاهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنه، وهذا القول هو القول الراجح." انتهى.
والحكمة في النهي عن مس الشعر أو الأظافر للمضحي :"
هي أن يبقى كامل الأجزاء ليعتق من النار، وقيل الحكمة: هي
التشبه بالمحرم. وعلى كل حال، فمن قلم ظفره، أو مس شعره، فلا شيء عليه، ولا سيما
إذا كانت هناك حاجة معتبرة شرعاً تدعو إلى ذلك.
والإنصاف
فإن هناك خلاف في المسألة بين التحريم والكراهة والاستحباب على أن من أهل العلم من حمل النهي عن الأخذ من الأظافر والشعر خلال هذه المدة على الكراهة فقط، كالمالكية.
وبناء عليه:"
من فعل شيئاً من ذلك فعليه أن يستغفر الله تعالى وليست عليه فدية،خصوصاً إذا كان محتاجاً إلى ذلك لطول أظافره طولاً فاحشاً مثلاً،
وقد كان يجدر بمن أراد الأضحية أن يتعهد أظافره قبل إهلال هلال ذي الحجة، ويتعهد ما أذن له فيه شرعاً من إزالة ما يحتاج إلى إزالته من شعر أو ظفر. والله أعلم