recent
أخبار عاجلة

عندما تكون ضيفاً علي أحد لاتصل به


 عندما تكون ضيفاً علي أحد لاتصل به

متي يكون الضيف إماماً؟

 عن مالك بن الحويرث قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :"إذا زار أحدُكم قومًا فلا يصلِّ بهم ، وليصلِّ بهم رجلٌ منهم"(الترمذي النسائي  وأحمد).

لقد نَظَّمَ الشَّرعُ المُطهَّرُ العَلاقاتِ بين النَّاسِ، ومِن ذلكَ: أنَّه بيَّنَ حُقوقَ أهلِ كلِّ بيتٍ وواجباتِهم نحوَ ضُيوفِهم، وبيَّنَ حقوقَ الضَّيفِ وواجباتِه، ومِن تلكَ الحقوقِ إمامةُ أهلِ كلِّ بيتٍ للصَّلاةِ إن دخَل بهم الوقتُ، كما يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في هذا الحديثِ: "إذا زار أحدُكم قَومًا"، أي: نزَل على أحدٍ ضيفًا، أو لعِيادةِ مريضٍ، أو ما شابَهَ، "فلا يُصلِّيَنَّ بهم"، أي: لا يكُنِ الضَّيفُ إمامًا بأهلِ البيتِ إنْ حضَرَتْ بينَهم الصَّلاةُ، بل يكونُ الإمامُ مِن أهلِ البيتِ، ويكونُ الزَّائرُ مأمومًا.

متي يكون الضيف إماماً؟

قيل: وهذا إذا كان مِن أهلِ البيتِ مَن يقدِرُ على الإمامةِ، أمَّا إنْ عَجَز صاحبُ البَيتِ عن الإمامةِ بأنْ لم يكُنْ قارئًا أو منَعَه مرَضٌ، وكان الزَّائرُ أهلًا لها؛ فلا بأسَ بإمامتِه، وقيل: وممَّا يُبيحُ إمامةَ الزَّائرِ لأهلِ البيتِ إِذْنُ أهلِه له .

وقد ثبت في السنة ما يدل على جواز أن يؤم الزائرُ صاحبَ البيت ، إذا كان ذلك بإذنه ،  عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" وَلا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ , وَلا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلا بِإِذْنِهِ"(مسلم).

قال النووي رحمه الله في شرحه : " قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" وَلا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانه مَعْنَاهُ : مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ : أَنَّ صَاحِب الْبَيْت وَالْمَجْلِس وَإِمَام الْمَسْجِد أَحَقّ مِنْ غَيْره ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْر أَفْقَه وَأَقْرَأ وَأَوْرَع وَأَفْضَل مِنْهُ . وَصَاحِب الْمَكَان أَحَقّ فَإِنْ شَاءَ تَقَدَّمَ ، وَإِنْ شَاءَ قَدَّمَ مَنْ يُرِيدهُ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الَّذِي يُقَدِّمهُ مَفْضُولا بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَاقِي الْحَاضِرِينَ ؛ لأَنَّهُ سُلْطَانه فَيَتَصَرَّف فِيهِ كَيْف شَاءَ .

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"وَلا يَقْعُد فِي بَيْته عَلَى تَكْرِمَته إِلا بِإِذْنِهِ"قَالَ الْعُلَمَاء : التَّكْرِمَة الْفِرَاش وَنَحْوه مِمَّا يُبْسَط لِصَاحِبِ الْمَنْزِل وَيُخَصّ بِهِ " انتهى باختصار .

وقال الشوكاني رحمه الله في شرح حديث مالك بن الحويرث : " وأكثر أهل العلم أنه لا بأس بإمامة الزائر بإذن رب المكان ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي مسعود رضي الله عنه :"إلا بإذنه" انتهى من "نيل الأوطار" (3/170) .

ويدل أيضا على جواز إمامة الزائر لصاحب المنزل : عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ فِي مَنْزِلِهِ فَقَالَ :"أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ لَكَ مِنْ بَيْتِكَ ؟ قَالَ : فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى مَكَانٍ , فَكَبَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَفْنَا خَلْفَهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ"(البخاري ومسلم).

ويدل على جواز إمامة المسافر للمقيمين :عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ : سُئِلَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ عَنْ صَلاةِ الْمُسَافِرِ , فَقَالَ : حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ , وَحَجَجْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ , وَمَعَ عُمَرَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ , وَمَعَ عُثْمَانَ سِتَّ سِنِينَ مِنْ خِلافَتِهِ أَوْ ثَمَانِيَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ "(الترمذي).

 وورد أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه كَانَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ يَقُولُ :"يَا أَهْلَ مَكَّةَ , أَتِمُّوا صَلاتَكُمْ , فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ"(أبوداود).

 قال الشوكاني رحمه الله : " وأثر عمر رجال إسناده أئمة ثقات " انتهى من "نيل الأوطار" (3/177).

 والحاصل من مجموع الأحاديث : أن صاحب البيت وإمام المسجد أحق بالإمامة من غيره ، وأنه إن أذن للمسافر أو للضيف بالصلاة ، فله ذلك .

وسئل الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله : ما الجمع بين حديث :"لا يؤمنّ الرجل الرجل في سلطانه إلا بإذنه ، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه " وبين حديث :"من زار قوماً فلا يؤمهم ) ؟

فأجاب :

" يحمل على إمامتهم بغير إذنهم . أو يُجمع بأن الأولى له أن يدع وإن أذن له . وكلمة " بإذنه" دالة على الجواز " انتهى .

 

google-playkhamsatmostaqltradent