
موقف الإسلام من اليتيم
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبدالله ورسوله أرحم الناس أجمعين، ورحمة الله للعالمين صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،
أما بعد:
فيقول الله تعالى :"وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ ۖ قُلْ إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ ۖ وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ".
موقف الإسلام من اليتيم :
عباد الله:" لقد اعتني الإسلام باليتامى وحفظ لهم حقوقهم وقد وردت العديد من الآيات القرآنية التي تحث علي ذلك وتحرم أكل أموالهم بالباطل ..
فإن من محاسن هذه الشريعة الأمر بالإحسان إلى اليتامى والسعي في رعايتهم، والقيام على أموالهم، وبيان ما يترتب على ذلك من أجر عظيم، قال تعالى:"وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى"(النساء /36).
وقال تعالى:"وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ"(الأنعام /152) .
وقال تعالى:"وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ"( النساء /128) .
وروى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم الله قال:"كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة" وأشار أنس بالسبابة والوسطى "(مسلم).
ولما كان ولي اليتيم قد يطمع في ماله أو شيء منه؛ إذ هو المستولي عليه المتصرف به، ولا رقيب عليه سوى الله عز وجل، جاءت الشريعة بالتحذير من الاعتداء على أموالهم، وظلمهم فيها.
قال تعالى:"إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً"(النساء/10).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اجتنبوا السبع الموبقات . وذكر منها أكل مال اليتيم"
ولما جاءه رجل يشكوا قسوة قلبه - وكلنا هذا الرجل عن ابى الدرداء رضى الله عنه قال - اتى النبى صلى الله عليه وسلم رجل يشكوا قسوة قلبه فقال له صلى الله عليه وسلم :"أتحب ان يلين قلبك وتدرك حاجتك؟قال الرجل نعم..قال له :"ارحم اليتيم وامسح رأسه واطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك"(الطبرانى فى الكبير).
عباد الله:"
واليتيم هو من مات أبواه أو أحدهما فانفرد عنهما أو عن واحد منهما وهو صغير فاذا بلغ زال وصف اليتم عنه -واولى الناس واحقهم بكفالة اليتيم اقربهم اليه من جهة العصبه فان لم يوجد فمن جهة رحمه كجده من امه وخاله فان لم يوجد فعلى اهل البر والصلاح السبق لذلك والا الحق بدور رعاية الايتام المنتشرة فى طول البلاد وعرضها
وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ ، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا قَلِيلًا "(البخارى). وعند مسلم له او لغيره "
و عن عمرو ابن مالك القشيرى انه صلى الله عليه وسلم قال - " مَنْ ضَمَّ يَتِيمًا بَيْنَ أَبَوَيْنِ
مُسْلِمَيْنِ إِلَى طَعَامِهِ
وَشَرَابِهِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْهُ ، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ الْبَتَّةَ "(أحمد)،
وأجمل من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الساعي على الأرملة
والمسكين كالمجاهد في سبيل الله وأحسبه قال: وكالقائم الذي لا يفتر وكالصائم لا يفطر"(البخاري ومسلم).
فما أربحها من
تجارة
اما من خالف ذلك وتناسى هذا الفضل
واعرض عن هذا الثواب فقد باع اخرته بدنيا غيره
قال تعالى:" أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ "(الماعون/1-2).
أى يظلمه ويهضمه حقه فذلك من الكبائر التى حذرنا منها صلى الله عليه وسلم كما فى الصحيحين ومن الكبائر أكل مال اليتيم - فمن استحل مال اليتيم ظلما فقد اشترى جهنم والعياذ بالله
قال تعالى :"إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا"(النساء/10).
أرأيت ياأخي إلي نار تؤكل أرايت ناراً تهضم ؟
وقال سبحانه محذرا :"فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ" وقهر اليتيم هو أذاه وسبه وشتمه وضربه وتجويعه وإهانته ونهره وذله وتكليفه بما يشق عليه وأكل حقه وماله ذالكم هو فضل الإحسان إلى اليتامى والترهيب من ظلمهم - اما وقد تبين الرشد من الغى فأى الطريقين تختاروا؟
الرحمة باليتيم :
وتعالوا نري اليوم القسوة من بعض أصحاب مهنة المحاماة فمن المفترض أن يقال عنه لسان الله في أرضه وخليفته في ترسيخ منهج العدل يدافع عن المظلوم والمكلوم ويرفعون الظلم عنه
.. ولكننا نجد الكثير إلا من رحم ربي من أجل الربح السريع والثراء الفاحش يخل بميزان العدالة وشرف المهنة ويخون الأمانة .. بكل قسوة وبلي رحمة أو شفقة علي هذا المظلوم
والمحامي مسؤل مسؤلية كاملة عند الإخلال بواجب الأمانة أمام الله عز وجل . والمحامي الأمين هو الرجل الثقة الذي لا يخون الأمانة..
ولكننا نجد مثلاً المحامي الذي يضيع ميراث اليتامي مخالفاً كتاب الله ..حيث قال ربنا:" "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ "( البقرة 220 ).
وعن أبي الدرداء : أتي رَجُلٌ النبي صلي الله عليه وسلم يَشْكُو إِلَيْهِ قَسَاوَةَ قَلْبِهِ، فَقَالَ : أَتُحِبُّ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ وَتُدْرِكَ حَاجَتَكَ, قَالَ : نَعَمْ, قَالَ :"ارْحَمِ الْيَتِيمَ وَامْسَحْ بِرَأْسِهِ وَأَطْعِمْهُ مِنْ طَعَامِكَ يَلِنْ قَلْبُكَ وَتُدْرِكْ حَاجَتَكَ" .
وقال النبي :"اللَّهمَّ إنِّي أخرِّجُ حقَّ الضَّعيفينِ اليتيمِ والمرأة"
وصفة الأمانة من أبرز الصفات التي يجب أن يتحلى بها المحامي و التي يقسم على انتهاجها في سلوكه و في مهامه المنوطة بعهدته و في مخالفة المحامي لهذا المبدأ خرق كبير لأخلاقيات المهنة من شأنه أن يعرضه إلى المساءلة الجزائية في الدنيا فكيف به وقد خان الأمانة ويؤتي به يوم القيامة وقد تعلق برقبته أصحاب المظا لم يارب خذ لي مظلمتي من هذا الرجل فقد هضم حقي وضيعه وأعطاه لغيري من أجل دراهم معدودة
عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ الْقَتْل فِي سَبِيل الله يكفر الذُّنُوب كلهَا إِلَّا الْأَمَانَة قَالَ يُؤْتى العَبْد يَوْم الْقِيَامَة وَإِن قتل فِي سَبِيل الله فَيُقَال أد أمانتك فَيَقُول أَي رب كَيفَ وَقد ذهبت الدُّنْيَا فَيُقَال انْطَلقُوا بِهِ إِلَى الهاوية فَينْطَلق بِهِ إِلَى الهاوية وتمثل لَهُ أَمَانَته كهيئتها يَوْم دفعت إِلَيْهِ فيراها فيعرفها فَيهْوِي فِي أَثَرهَا حَتَّى يُدْرِكهَا فيحملها على مَنْكِبَيْه حَتَّى إِذا ظن أَنه خَارج قلت عَن مَنْكِبَيْه فَهُوَ يهوي فِي أَثَرهَا أَبَد الآبدين ثمَّ قَالَ الصَّلَاة أَمَانَة وَالْوُضُوء أَمَانَة وَالْوَزْن أَمَانَة والكيل أَمَانَة وَأَشْيَاء عَددهَا وَأَشد ذَلِك الودائع قَالَ يَعْنِي زَاذَان فَأتيت الْبَراء بن عَازِب فَقلت أَلا ترى إِلَى مَا قَالَ ابْن مَسْعُود قَالَ كَذَا قَالَ صدق أما سَمِعت الله يَقُول :"إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا"(ا أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ).
عباد الله:"
ألم يكن سيد البشر والانبياء صلى الله
عليه وسلم يتيماً فوجد من رحمه وآواه فخرج رحمة للعالمين؟
كم من أرملة مات زوجها تاركاً لها أولاداً صغاراً لا تملك لهم ولا لنفسها قوتاً ولاغذاءا؟
وكم من أرملة تنام وأطفالها لا يجدون من
يشبع جوعتهم أو يمسح دمعتهم؟
وكم من أرملة لعب بها ذئب بشري فزورا معاً محضر حصي التركة وإعلام الوراثة وطلب من المحامي أن ينقل ملكية والد اليتامي له فضيعهم وشردهم ..ومع ذلك يلبس ثوب الفضيلة ويقول أنا من ربيت اليتامي وزوجت اليتامي وهو في الحقيقة شردهم وضيعهم بطمعه وجشعه ..وخيبة أمهم التي لم تراعي في أولادها إلا ولاذمة!!
يا ترى ما ذنب اليتيم؟لماذا قست القلوب؟لماذا جفت منابع الرحمة هكذا؟
يمشي اليتيم وكل شيء ضده
والناس تغلق دونه أبوابها.
وتراه ممقوتاً وليس بمذنب
ويرى العداوة لا يرى أسبابها.
حتى الكلاب إذا رأت ذا ثروة
خضعت لديه وحركت أذنابها.
وإذا رأت يومـاً يتيمــــاً عابراً
نبحت عليه وكشرت أنيابها.
إن الغني وان تكلم بالخطأ
قالوا
أصبت وصدقوا ما قالا
وإذا الفقير أصاب قالوا كلهم
أخطأت
يا هذا وقلت ضلالا
إن الدراهم في المجالس كلها
تكسو
الرجال مهابة وجلالاً
فهي اللسان لمن أراد فصاحةً
وهي
السلاح لمن أراد قتالاً
عباد الله :" كم من يتيم ينظر الى آباء أصحابه وكل أب يضع يده فى يد ولده ليشترى له كسوة او طعاما وهو لا يجد يداً رحيمة تمسك بيده؟
أهذه اخلاق قوم يؤمنون بالله واليوم
الاخر؟
ألا تعلمون أن نبيين كريمين موسى ويوشع
عليهما السلام قاما ببناء الجدار ليتيمين؟
:"وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا"(الكهف/82).
ألا تعلمون أن بيننا أغنياء يموتون من
كثرة الشبع والتفنن فى ألوان الطعام ويمرضون من الأشر والبطر والتلذذ بما تشتهى أنفسهم - بل والله كلابهم تتقلب فى النعيم وأطفال المسلمين اليتامى يبيتون جوعى
ويأكلون بكاءاً؟
حقاً ويل للأغنياء من الفقراء يوم القيامة
فكم من يتيم يحتاج لبسمه - لرحمة - لثمن الدواء -- قال صلى الله عليه وسلم :"خاب
عبد وخسر لم يجعل الله تعالى فى قلبه رحمة للبشر"(حسن).
وعن ابى هريرة رضى الله عنه انه صلى الله عليه وسلم قال:" وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لا يُعَذِّبُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ رَحِمَ الْيَتِيمَ ، وَلانَ لَهُ فِي الْكَلامِ ، وَرَحِمَ يُتْمَهُ وَضَعْفَهُ ، وَلَمْ يَتَطَاوَلْ عَلَى جَارِهِ بِفَضْلِ مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ "(الطبرانى ورواته ثقات ).
عباد الله:"
يقول صلي الله عليه وسلم:"خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه، وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه، أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين يشير بأصبعيه."
(البخاري في الأدب المفرد).
نخلص من هذا كله أن اليتيم طوق نجاة لمن كفله فهو حجاب بينك وبين النار وطريق مضمون لرفقة النبى المختار وسبيل لدخول الجنة مع الابرار
واخيرا لفتة عظيمة فى قوله تعالى :"وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا
خَافُوا
عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا"(النساء/9).
فيا أيها الأب ويا أيتها الأم قدموا فى
دنياكم خيراًواطمئنوا على أولادكم
وانت ايها المسلم الذى ما خطر على باله أن يكفل يتيما فقط ضع نفسك مكان اليتيم وتخيل ابنك مكانه لتتحرك العاطفة فيك ويرق قلبك
قال الشيخ محمد الغزالى رحمه الله :"ان الناس يرزقون الافئدة النبيلة والمشاعر المرهفه عندما يتقلبون فى أحوال الحياة المختلفة عندئذ يحسون بالوحشة مع اليتيم - وبالفقدان مع الثكلى - وبالتعب مع البائس الفقير فمن وضع نفسه مكان الناس هان عليه ما هو فيه وأعذر غيره عما هو فيه."
رحم الله احد الصالحين كان اذا راى يتيما قال مرحباً بصيدلية الشفاء فيطعمه ويعطيه
ويمسح على رأسه ويطلب منه الرضا أما نحن فننهر ونقهر وهذا لا يليق
فلنتأسى بالذين سبقونا بالايمان و لـــنـــتـــراحـــم.
عباد الله:" أعلنوا أن فيلما بمدة 10 دقائق فاز
بلقب أحسن فيلم قصير علي مستوي العالم ،،
فتقرر عرضه في السينما واحتشد جمع غفير
من الجماهير لمشاهدته
..
بدأ الفيلم بتصوير لسقف غرفة ... مضت 6
دقائق بنفس المشهد دون تغيير ،،،
بدأ المشاهدون بالتذمر و منهم من أعترض
إنه ضيع وقته والأغلبية هموا بالانصراف ..
وفجأة تحركت العدسة للأسفل نحو الأرض
وظهر للعيان مشهد طفل معاق كليا بسبب إنقطاع الحبل الشوكي في جسده الصغير ...
وهو ممدد على سريره وكتبت هذه الجملة
في النهاية
:
" لقد عرضنا لكم 8 دقائق فقط من المنظر
الذي يشاهده هذا الطفل المعاق في جميع ساعات حياته " وانتم تذمرتم ولم
تتحملوا مشاهدته
!!
لذا اعرفوا قيمة كل ثانية في حياتكم
يقول صلى الله عليه وسلم
عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن : إن أصابته سراء
شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء
صبر فكان خيراً له"(مسلم).
و عِظَم الجزاء والثواب مع عِظَم
البلاء , ولو يعلم الإنسان ما له من ثواب وجزاء في حال صبره على البلاء : لم يجزع .
عن جابر رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"يَوَدُّ أَهلُ العَافِيَةِ يَومَ
القِيَامَةِ حِينَ يُعطَى أَهلُ البَلَاءِ الثَّوَابَ لَو أَنَّ جُلُودَهُم كَانَت قُرِّضَت فِي الدُّنْيَا بِالمَقَارِيضِ"
(الترمذي).
ولذلك فالمعوق على الحقيقة هو من لم
ينتفع بنعم الله عليه في استعمالها بما أوجب الله عليه ، كما قال تعالى :"وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ
قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ
آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ
أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ"(الأعراف/179) .
وقال تعالى :"أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي
الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ
بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي
فِي الصُّدُورِ".
والمؤمن الحق صاحب عزيمة , ولا يستسلم
للأمر الواقع الذي يُضعفه ، بل يسعى ، ويجد ، ويبذل ، ويقدم ما استطاع , حتى لو
كان معاقاً
.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم :"الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى
اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ ، احْرِصْ عَلَى مَا
يَنْفَعُكَ ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَِزْ"(مسلم) .
فأنت معك العقل لتفكر ، واللسان لتنطق
, واليد لتكتب ؛ هذه الأدوات يستطيع بها المسلم - بعد عون الله وتوفيقه - أن يتحصل
على المجد ، والرفعة ، والفضائل التي لا تحصى .
اقول قولى هذا واستغفر الله لى ولكم
والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين وبعد فياعباد الله:"
ثمرة هذه الخطبة تتمثل فى ذالكم الحديث العظيم الذى اخرجه ابو داوود فى سننه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا"
حقوق اليتامي كانت سبباً رئيسي في تشريع المواريث
أخوة الإيمان :
قضية الميراث تتحول من شأن خاص بالورثة
إلى شأن عام يخص المجتمع كله الذي يرعى اليتيم ويحفظ حقوقه إلى أن يكبر و يصبح
شخصاً راشداً قادراً على رعاية نفسه وأمواله .
وبسبب ارتباط اليتيم بتشريع الميراث
فإن آيات سورة النساء بدأت بقضية اليتيم وحقوقه المالية قبل أن تفصل تشريعات
الميراث.
فالآية الثانية من سورة النساء تأمر بإعطاء اليتامى أموالهم وتحذر من أكلها بالباطل , وتفتح بذلك التشريعات الخاصة باليتيم في قوله تعالى " وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا"(النساء/2) .
وبعدها تأتي تفصيلات الميراث .
ويؤكد القرآن على قيام وصي برعاية مال
اليتيم وتركته، وحرم على ذلك الوصي أن يأخذ من مال اليتيم إذا كان الوصي غنياً،
أما إذا كان الوصي فقيراً فله أجره بالمعروف المتعارف عليه في المجتمع , ومفهوم أن
ذلك بحكم المجتمع وسلطته القضائية.
فإذا بلغ اليتيم سن الرجولة فإن السلطة القضائية في المجتمع تعقد له اختبارا لتتأكد من أهليته في إدارة تركته , فإذا أثبت أهليته تسلم أمواله من الوصي على رؤس الأشهاد وفي ذلك يقول تعالى "وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافاً وبداراً أن يكبروا، ومن كان غنياً فليستعفف، ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف ، فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم، وكفى بالله حسيباً ." (النساء6 ).
ومن عظمة الإسلام في التكافل الاجتماعي وحفظ الحقوق أنه قد جعل لمن حضر القسمة من اليتامى والمساكين وأولي القربى نصيباً على سبيل الصدقة قال تعالي :"وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً"(النساء /8).
انظر يرحمك الله إلى عظمة الإسلام الذي كفل للقريب واليتيم والمسكين رزقاً من الميراث عند حضور القسمة " وتلك عدالة ما سبقها عدالة فقد يكون هناك قريب للميت عاله وقام على خدمته في حياته ولكن قاعدة الميراث حجبته حجب حرمان كابن الأخ الشقيق مع وجود الأخ .. فالقاعدةفي الميراث أن الأخ يحجب ابن الأخ .فكيف يحرمه الإسلام من مال ظل أمامه طيلة حياته وحافظ عليه وكان عليه أميناً .. فمن العدل ألا يتركه الإسلام فقد أعطاه نصيباً إذا حضر القسمة وكذا اليتيم فما خالطت الصدقة مالاً حتى أهلكته.
وبعد تفصيلات التشريع الخاص باليتيم وحقوقه يأتي التحذير نفسه من أكل أموال اليتيم في الآية العاشرة من سورة النساء "إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا"(النساء/10).
وما رواه أصحاب السنن إلا النسائي عن جابر أيضاً، قال:"جاءت امرأة سعد بن الربيع بابنتيها من سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: "يا رسول الله! هاتان ابنتا سعد بن الربيع، قُتل أبوهما معك يوم أحد شهيداً، وإن عمهما أخذ مالهما؛ فلم يدع لهما مالاً، ولا تُنكحان إلا ولهما مال، قال: "يقضي الله في ذلك"؛
فنزلت آية الميراث، فبعث رسول صلى الله عليه وسلم إلى عمهما، فقال:"أعطِ ابنتي سعد الثلثين، وأعطِ أمهما الثمن، وما بقي؛ فهو لك" (الترمذي والحاكم).
ولفظ أبي داود: فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم:"يقضي الله في ذلك"قال: ونزلت سورة النساء:"يوصيكم الله في
أولادكم".