حقوق الزوجة علي زوجها
عن معاوية بن حيدة القشيري قلت يا رسولَ اللَّهِ ، ما حقُّ زَوجةِ أحدِنا علَيهِ ؟ ، قالَ : أن تُطْعِمَها إذا طَعِمتَ ، وتَكْسوها إذا اكتسَيتَ ، أوِ اكتسَبتَ ، ولا تضربِ الوَجهَ ، ولا تُقَبِّح ، ولا تَهْجُرْ إلَّا في البَيتِ"(أبوداود).
هذا الحديث الشريف يوضح حقوق الزوجة على زوجها ويعكس المبادئ الإسلامية في التعامل مع الزوجة برفق وعدل.
شرح الحديث :
1. "أن تطعمها إذا طعمت":
يقصد به أن الزوج مسؤول عن توفير الطعام لزوجته بنفس المستوى الذي يأكله هو. إذا كان يأكل طعامًا جيدًا، فعليه أن يضمن أن زوجته تأكل الطعام نفسه، لا أن يختار الأفضل لنفسه ويتركها للطعام الأقل جودة.
2. "وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت":
المعنى هنا أن الزوج يجب أن يحرص على توفير الملابس لزوجته كما يفعل لنفسه. إذا كان يشتري لنفسه ملابس جديدة أو يتجمل، فيجب أن يوفر لها نفس المستوى من الرعاية.
3. "ولا تضرب الوجه":
هذا جزء مهم في الحديث، حيث ينهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ضرب الوجه. الوجه مكان مكرم في جسم الإنسان، وضربه يعتبر اعتداءً جسديًا ونفسيًا كبيرًا.
4. "ولا تقبح":
يقصد به أن الزوج يجب أن يتجنب سبّ زوجته أو إهانتها أو توجيه كلمات جارحة لها. الإهانة اللفظية تؤثر سلبًا على العلاقة الزوجية وتخلق بيئة غير صحية في المنزل.
5. "ولا تهجر إلا في البيت":
الهجران هو وسيلة للتعبير عن الغضب أو الاستياء، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم يحدد أن الهجر يجب أن يكون داخل البيت فقط. الهدف من ذلك هو تجنب فضح المشكلات الزوجية أمام الآخرين والمحافظة على خصوصية العلاقة الزوجية.
هذا الحديث يشجع على حسن المعاشرة والمعاملة الحسنة بين الزوجين ويعزز من القيم الأخلاقية في الحياة الزوجية
شرَع اللهُ الزَّواجَ لِيَكونَ إعفافًا
للزَّوجَينِ، وأمَر الزَّوجَينِ بحُسنِ العِشْرةِ، وجعَل الجِماعَ مَشروطًا
بشُروطٍ تَحفَظُ الطَّهارةَ والفِطرةَ.
وفي هذا الحَديثِ يَحكِي أبو مُعاويةَ
القُشيريُّ رَضِي اللهُ عنه أنَّه سألَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال:
"يا رسولَ اللهِ، نِساؤُنا، ما نَأْتي مِنهنَّ وما نذَرُ؟"، أي: ما
يَحِلُّ لنا منهنَّ في الجِماعِ؟ وما الَّذي يَحرُمُ مِنهنَّ؟ فقال النَّبيُّ
صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "ائْتِ حرْثَك أنَّى شِئتَ"، أي: جامِعْ
زوجتَك بالكيفيَّةِ الَّتي تُحِبُّها بما أحَلَّه اللهُ؛ مِن الإتيانِ في موضِعِ
الحرثِ وهو الفَرْجُ، وليس الدُّبْرَ، "وأطْعِمْها إذا طَعِمتَ"، أي:
أطعِمْها وأشبِعْها إذا أكَلتَ وشَبِعتَ، "واكْسُهْا إذا اكتَسَيتَ"،
أي: وائْتِ لها بالثِّيابِ بمِثلِ ما تَأتي لنَفسِك.
"ولا تُقبِّحِ الوجهَ"، أي: لا تَسُبَّها بقُبحِ الوجهِ، فلا تَقُلْ: قَبَّح اللهُ وجهَكِ؛ قيل: إنَّما نُهِي عن تقبيحِ الوجهِ؛ لأنَّ اللهَ تعالى صَوَّر وجْهَها وجِسمَها وأحسنَ كلَّّ شيءٍ خَلَقَه، وذمُّ الصنعةِ يعودُ إلى مَذمَّةِ الصانعِ، "ولا تَضرِبْ"، يَحتمِل أنْ يكون المعنى: ولا تَضرِب الوجهَ، وحُذِف بدلالة الأوَّلِ عليه؛ لأنَّه ثبَتَ النهيُ عن ضَرْبِ الوجهِ بخُصوصِه، لا أنَّه نهيٌ عن الضَّربِ مطلقًا؛ فقد أَذِنَ فيه القرآنُ إذا كان ثَمَّةَ سَببٌ له كنشوزِ المرأةِ؛ فإذا ظهَرَ منها ما يَقتضي ضرْبَها كالنُّشوزِ فإنه يَضرِبُ غيرَ الوجهِ. ويَحتمِلُ أنَّه نهيُ عن مُطلَقٌ الضَّربِ وهو نهيُ إرشادٍ، لكن ورَدَ في رِوايةٍ: "ولا تَضرِبِ الوجهَ"؛ وهي تُؤيِّدُ الاحتمالَ الأوَّل؛ وذلك لأنَّ الوَجهَ أعظَمُ الأعضاءِ وأشرَفُها، وأظهَرُها ومشتمِلٌ على مُعظَمِ أجزاءِ الحواسِّ، وفي صحيح مسلمٍ أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "إذا قاتَل أحدُكم أخاه، فليجتنبِ الوجهَ، فإنَّ الله خَلَق آدَمَ على صورتِه"، والمعنى: أنَّ الله تعالى سَميعٌ بصيرٌ، مُتكلِّمٌ إذا شاء ومتَى شاء، وله وجه يليق بكَمالِه وجلالِه، وهكذا خلَق اللهُ آدَمَ سميعًا بَصيرًا ذا وَجْهٍ وذا يَدٍ وذا قَدَمٍ، وليس معنى ذلك أنَّ وجْهَ الإنسانِ يُشبِهُ وجهَ الرَّبِّ جل جلاله؛ بل ليس السَّمْعُ كالسَّمعِ، وليسَ البصرُ كالبصرِ، وليس التكلُّمُ كالتكلُّمِ، بل للهِ صِفاتُه جلَّ وعلا الَّتِي تَلِيق بجلالِه وعظمتِه، وللعبدِ صِفاتُه الَّتِي تَلِيق به؛ فصفاتُ العبدِ يَعترِيها الفَناءُ والنقصُ، وصِفاتُ اللهِ سبحانه كاملةٌ لا يَعترِيها نقصٌ ولا زَوالٌ ولا فَناء؛ ولهذا قال عزَّ وجلَّ:"لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ"(الشورى/ 11)،
وقال سبحانه:"وَلَمْ يَكُنْ
لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ"(الإخلاص/ 4).
وفي روايةٍ: قال صلَّى الله عليه
وسلَّم: "فقلت ما تقولُ في نِسائِنا؟ قال: أطْعِموهنَّ ممَّا تأكلونَ،
واكْسُوهن ممَّا تَكتسونَ، ولا تَضربوهنَّ ولا تُقبِّحوهنَّ"، فلمْ يُذكَر
فيها إتيانُ الحَرْثِ، وعُمِّمَ النَّهيُ الضَّربِ والتَّقبيحِ، ولم يَرِدْ فيها
تخصيصُ الوجْهِ.
وفي الحديثِ: الوصيَّةُ بالنِّساءِ وإكرامِهنَّ بإطعامِهنَّ وكِسْوَتِهنَّ وعدَمِ ضَربِهنَّ..