
خلق الله الجن ثلاثة أصناف
أصناف الجن من حيث أصل خلقتهم وقوتهم
الجن أمة كالبشر منهم المسلم وغير المسلم،
طعام الجن العظم والروث
الحمدلله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد
الجن مختلفون من حيث أصل خلقتهم التي خلقهم الله عليها، فصنف منهم يشبهون الحيات والكلاب وبقية الحيوانات، وصنف يطير في الهواء، وثالث يقيم ويرتحل، فقد روى جبير بن نفير عن أبي ثعلبة الخشني - واسمه جرثوم - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الجن على ثلاثة: فثلث لهم أجنحة يطيرون في الهواء، وثلث حيات وكلاب، وثلث يحلون ويظعنون"(الطبراني وابن حبان والحاكم وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ).
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"خلق الله الجن ثلاثة أصناف: صنف حيات وعقارب وخشاش الأرض، وصنف كالريح في الهواء، وصنف كبني آدم، عليهم الحساب والعقاب"(الترمذي في نوادر الأصول ).
فالجن على هذا الأساس متباينون في أصل خلقتهم التي خلقوا عليها، فهم على صور شتى، ولكن هذه الأصناف جميعاً لا تخرج في الدائرة العامة عن كونها مخلوقة من النار، لإخبار القرآن بذلك، قال تعالى:" وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ "(الحجر: 27).
وقد ذكر أن هناك صنفاً من الجن يقال له الحِنُّ - بالحاء -، قال ابن منظور: (والجن بالكسر: حي من الجن يقال بأن منهم الكلاب السود البهم، وقيل بأن الحن ضرب من الجن وأنشد:
يلعبن أحوالي من حن وجن
وقيل بأنهم سفلة الجن وضعفاؤهم، وأشد مهاصر بن المحل:
أبيت أهوى في شياطين ترن ... مختلف نجواهم جن وحن
وورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "الكلاب من الحن، وهي ضعفة الجن، فإذا غشيتكم عند طعامكم فألقوا لهن، فإن لهن أنفساً" جمع نفس، أي أنها تصيب بأعينها.
وقد قيل بأنهم سموا بالحِنِّ لأنهم كانوا يعيشون في الظلمة فحنوا إلى سطح الأرض.
وأطلقت بعض الأوصاف على الجن لمناسبتها لبعض أصنافهم، وهي في مجملها أوصاف تدور حول المكر والدهاء، والقوة والتبدل من صورة إلى أخرى.
الجن ثلاثة أصناف -كما جاء في الحديث- صنف على صورة الحيات، وصنف على
صورة كلاب سود، وصنف ريح طيارة ذو أجنحة.
وورد في الحديث الذي نسب تخريجه إلى ابن أبي الدنيا وساق سنده إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خلق الله تعالى الجن على ثلاثة أصناف: صنف حيات
وعقارب وخشاش الأرض، وصنف كالريح في الهوى، وصنف عليهم الحساب والعقاب، وخلق الله
الإنس ثلاثة أصناف: صنف كالبهائم لهم قلوب لا يعقلون بها ولهم أعين لا يبصرون بها
ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام، وصنف أجسادهم أجساد بني آدم وأرواحهم
أرواح الشياطين، وصنف في ظل الله تعالى يوم لا ظل إلا ظله. قال محقق كتاب موسوعة
الجن الدكتور السيد الجميلي هذه الأحاديث رواها الترمذي الحكيم وابن أبي الدنيا
وضعفها السيوطي.
وخلاصة ما تقدم أن الجن أنواع مختلفو الأشكال والمعتقدات، فمنهم المسلم والكافر والسني والمبتدع، ومنهم من له أجنحة يطير بها في الهواء، ومن ثم فلا مانع من أن يعبروا الأرض كلها في وقت قصير جداً ما دام منهم من يطير، لكن تحديد ذلك بعشر دقائق أو ساعة يحتاج إلى دليل ولا نعلم دليلاً عليه
فمن هذه الأوصاف:
أ - العفريت:
وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا
مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا ۖ
فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ "(الجن/29).
"فالجن عالم غير عالم الإنسان وعالم
الملائكة، بينهم وبين الإنسان عامل مشترك من حيث الاتصاف بصفة العقل والإدراك، ومن
حيث القدرة على اختيار طريق الخير والشر، ويخالفون الإنسان في أمور أهمها أن أصل
الجن مخالف لأصل الإنسان، وسموا جنّاً لاجتنانهم: أي استتارهم عن العيون، قال ابن
عقيل: إنما سمي الجن جنّا لاجتنانهم واستتارهم عن العيون. اهـ
وهم مراتب، ويسمى الخبيث منهم شيطانا، ومن اشتدت قوته منهم عفريتا، جاء في كتاب: آكام المرجان في أحكام الجان: قال ابن عبد البر: الجن عند أهل الكلام والعلم باللسان منزلون على مراتب: فإذا ذكروا الجن خالصا قالوا: جني، فإن أرادوا أنه ممن يسكن مع الناس، قالوا: عامر ـ والجمع عمّار وعوامر ـ فإن كان ممن يعرض للصبيان، قالوا: أرواح، فإن خبث وتعزم فهو شيطان، فإن زاد على ذلك فهو مارد، فإن زاد على ذلك وقوي أمره، قالوا: عفريت، والجمع: عفاريت.
فالعفاريت جمع عفريت، وهو الخبيث الداهية من الجن. جاء في في لسان العرب: ... وعفريت بين العفارة: خبيث منكر داه، والعفارية مثل العفريت، وهو واحد؛ وأنشد لجرير:
قرنت الظالمين بمرمريس * يذل لها العُفاريَة المريد. قال الخليل: شيطان عفريَةٌ وعفريت...اهـ
وقد ورد في كتاب الله العزيز:"قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ "(النمل:39).
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن عفريتا من الجن جعل يفتك علي البارحة ليقطع علي الصلاة، وإن الله أمكنني منه فدعته فلقد هممت أن أربطه إلى جنب سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا تنظرون إليه أجمعون أو كلكم، ثم ذكرت قول أخي سليمان " رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي "فرده الله خاسئا"(متفق عليه).
وليس من شك في أن هذا القدر كاف
للدلالة على وجود العفاريت.
قال تعالى إخباراً عن جن سليمان عليه
السلام
الجن أمة كالبشر منهم المسلم وغير المسلم،
ولله-سبحانه وتعالى-لم يسخر الجن إلا لسيدنا سليمان عليه السلام، وأنهم سخروا إيجابياً فقط لسيدنا سليمان.
عن مجاهد في قول الله :"واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان " قال : كانت الشياطين تسمع الوحي , فما سمعوا من كلمة زادوا فيها مائتين مثلها ,
فأرسل سليمان إلى ما كتبوا من ذلك فجمعه . فلما توفي سليمان وجدته الشياطين فعلمته
الناس ; وهو السحر .
" اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن ؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات"( متفق عليه).
طعام الجن العظم والروث
أن الجن يأكل كل عظم، مستشهدًا في ذلك بحديث رواه مسلم في صحيحه أن الجن سألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-الزاد، فقال: لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه، يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما". وقيل إنه يأكل روث الحيوان.
و عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : انطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء ، فأرسلت عليهم الشهب ، فرجعت الشياطين إلى قومهم ، فقالوا : ما لكم ؟ قالوا : حيل بيننا وبين خبر السماء ، وأرسلت علينا الشهب ، قالوا : ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شيء حدث ، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها ، فانظروا ما هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء ، فانصرف أولئك الذين توجهوا نحو تهامة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بنخلة ، عامدين إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر ، فلما سمعوا القرآن استمعوا له ، فقالوا : هذا والله الذي حال بينكم وبين خبر السماء ، فهنالك رجعوا إلى قومهم فقالوا : يا قومنا " إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا " ( الجن - 2 ) ، فأنزل الله على نبيه : " قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن " ، ( الجن - 1 ) وإنما أوحى إليه قول الجن .
وروي : أنهم لما رجعوا بالشهب بعث إبليس سراياه لتعرف الخبر ، وكان أول بعث بعث ركبا من أهل نصيبين ، وهم أشراف الجن وساداتهم ، فبعثهم إلى تهامة .
وقال أبو حمزة [ الثمالي ] : بلغنا أنهم من الشيصبان وهم أكثر الجن عددا ، وهم عامة جنود إبليس ، فلما رجعوا قالوا : " إنا سمعنا قرآنا عجبا " .
وقال جماعة : بل أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينذر الجن ويدعوهم إلى الله تعالى ويقرأ عليهم القرآن ، فصرف إليه نفرا من الجن من أهل نينوى ، وجمعهم له ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إني أمرت أن أقرأ على الجن الليلة ، فأيكم يتبعني ؟ فأطرقوا ثم استتبعهم فأطرقوا ، ثم استتبعهم الثالثة فأطرقوا ، فاتبعه عبد الله بن مسعود ، قال عبد الله : ولم يحضر معه أحد غيري ، فانطلقنا حتى إذا كنا على مكة دخل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - شعبا يقال له : شعب الحجون ، وخط لي خطا ثم أمرني أن أجلس فيه ، وقال : لا تخرج منه حتى أعود إليك ، ثم انطلق حتى قام فافتتح القرآن ، فجعلت أرى أمثال النسور تهوي ، وسمعت لغطا شديدا حتى خفت على نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ، وغشيته أسودة كثيرة حالت بيني وبينه ، حتى ما أسمع صوته ، ثم طفقوا يتقطعون مثل قطع السحاب ذاهبين ، ففرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع الفجر ، فانطلق إلي وقال : أنمت ؟ فقلت : لا والله يا رسول الله ، وقد هممت مرارا أن أستغيث بالناس حتى سمعتك تقرعهم بعصاك ، تقول : اجلسوا ، قال : لو خرجت لم آمن عليك أن يتخطفك بعضهم ، ثم قال : هل رأيت شيئا ؟ قلت : نعم يا رسول الله رأيت رجالا سودا مستثفري ثياب بيض ، قال : أولئك جن نصيبين سألوني المتاع - والمتاع الزاد - فمتعتهم بكل عظم حائل وروثة وبعرة .
قال : فقالوا : يا رسول الله تقذرها الناس ، فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يستنجى بالعظم والروث .
قال : فقلت : يا رسول الله وما يغني ذلك عنهم ؟ قال : إنهم لا يجدون عظما إلا وجدوا عليه لحمه يوم أكل ، ولا روثة إلا وجدوا فيها حبها يوم أكلت ، قال فقلت : يا رسول الله سمعت لغطا شديدا ؟ فقال : إن الجن تدارأت في قتيل قتل بينهم فتحاكموا إلي فقضيت بينهم بالحق ، قال : ثم تبرز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم أتاني ، فقال : هل معك ماء ؟ قلت : يا رسول الله معي إداوة فيها شيء من نبيذ التمر ، فاستدعاه فصببت على يده فتوضأ وقال : " تمرة طيبة وماء طهور " .
قال قتادة : ذكر لنا أن ابن مسعود لما قدم الكوفة رأى شيوخا شمطا من الزط فأفزعوه حين رآهم ، فقال : اظهروا ، فقيل له : إن هؤلاء قوم من الزط ، فقال : ما أشبههم بالنفر الذين صرفوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يريد الجن..
وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم