هل هي الفتنة ويخسف بأولاد صهيون بالبيداء؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
خسف البيداء، هو حدث من علامات الساعة الصغري ذكره النبي صلي اله عليه وسلم في الأحاديث النبوية وهو خسف يحدث في صحراء بين مكة والمدينة بجيش كان سيغزوالبيت الحرام يزامن هذا الحديث حسب بعض التفسيرات ظهورالمهدي المنتظر
يُنسب حديثًا لجعفرالصادق يتحدث عن خمس علامات تسبق ظهور الإمام الثاني عشر والأخير من أئمة الشيعة الإثني عشرية محمدالمهدي منها خسف البيداء بجيش كبير يتزعمه رجل من قريشيدعي السفياني يروي كمال الدين الصدوق عن جعفرالصادق أنه قال: قَبْلَ قِيامِ الْقَائِمِ خَمْسُ عَلَامَاتٍ مَحْتُومَاتٍ: اليماني والسفياني والصيحة وقتل النفس الذكية والخسف بالبيداء
واختلف الشيعة حول عدد جيش السفياني، الذين يهلكون في هذه الواقعة، فقالوا 12000. أو 170,000 أو 300000 وقد ورد أن كل جيشه سيُخسف به باستثناء فردين أو ثلاثة.
يذكر الحديث أن في آخر الزمان يغزو قوم الكعبة، جيش كبير، يترأسهم رجلمن قريش، حتى إذا كانوا بصحراء واسعة مُتَّسعة، خُسِفَت بهم الأرض، وساخوا فيها هم وأسواقهم، وكُلُّ مَن معهم.
والبيداءُ هي الصَّحراءُ، ويُوجَدُ موضِعٌ بين مكةوالمدينةيُسمَّى البَيداءَ وهِيَ إلى مَكَّةَ أقربُ. وفي رواية أخرى للحديث: «يُخسف بأَوْسَطِهم»، أي: بوَسَطِ الجيشِ، «فيُنادي أوَّلُهم وآخِرُهم»، أي: عِندَما يرَوْن خَسْفَ ما بينَهما، «فيُخسَفُ بهم جميعًا»، أي: يُخسَفُ بأوَّلِ الجَيشِ وآخِرِه أيضًا، «ولا يَنْجو إلَّا الشَّريدُ الَّذي يُخبِرُ عنهم»، والشَّريدُ هو الطَّريدُ الَّذي ليس له مأوًى.
تقول: قال رسول الله ﷺ: يغزو جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يُخسف بأولهم وآخرهم.
في حصار ابن الزبير لما جاء جيش من الشام -كما هو معروف- حُدِّث بهذا الحديث، حدثت به أسماء -رضي الله تعالى عنها، وبعض من روى عنها هذا الحديث كان يقسم أن ذلك لا يراد به هذا الجيش الذي جاء من الشام، مع أنه جاء في بعض الروايات ما يدل على أن هذا الجيش يتوجه إلى رجل من قريش يعتصم بهذا البيت، ففهم بعضهم أن المراد به ابن الزبير وأن هذا الجيش هو الجيش الذي جاء من الشام، ثم انكشف الأمر بعد ذلك إلى أن هذا الجيش غير مراد؛ لأنه لم يخسف بهم، وهذا فيه فائدة: وهي ترك التسرع بتنزيل هذه النصوص على وقائع قد نعيشها ونراها ونشاهدها، ثم يكون ذلك التنزيل واقعًا على غير محله.
فهم بعضهم أن المراد به ابن الزبير وأن هذا الجيش هو الجيش الذي جاء من الشام، ثم انكشف الأمر بعد ذلك إلى أن هذا الجيش غير مراد؛ لأنه لم يخسف بهم.
فإذا كانوا ببيداء من الأرض البيداء: الأرض المستوية يقال لها: بيداء، هل هذه البيداء هي البيداء المعروفة بطريق مكة من المدينة، أو أنها غير ذلك؟، الله تعالى أعلم،
حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم ذكر الطرفين يفيد الشمول والعموم، يعني: يخسف بهم جميعًا، كما هي طريقة العرب، وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ "( البقرة:115).
يعني: وما بينهما، وكذلك الشمال والجنوب، لكن العرب تذكر الطرفين وتريد الشمول والعموم والاستيعاب.
فهنا ليس المقصود أن أوسطهم يسلمون، بل جاء في بعض الروايات أنه يخسف بأوسطهم، فينادِي أولُهم آخرَهم، ثم يخسف بأولهم وآخرهم، فلا يبقى منهم إلا الشريد الذي ينبئ بخبرهم نسأل الله العافية.
قالت: يا رسول الله، كيف يخسف بأولهم وآخرهم، وفيهم أسواقهم؟
يعني: أهل السوق، يعني: التجار الذين معهم؛ لأن الجيش يكون معه من التجار الذين يحملون الزاد والطعام، ونحو ذلك، أو المراد السوقة يعني: الذين لا شأن لهم ممن يتبعون الناس، وليس لهم تدبير أو عمل معهم، فهؤلاء لأنهم كثّروا سوادهم نزل العذاب بالجميع، فيخسف بهم جميعًا، لكن هل لهم حكمهم في الآخرة؟.
هؤلاء يغزون الكعبة، وعائشة -رضي الله عنها- استشكلت هذا المعنى، كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟
قال: يخسف بأولهم وآخرهم، ثم يبعثون على نياتهم متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
هنا دل على أن هؤلاء يبعثون على نياتهم، معنى ذلك أنهم يبعثون على أحوال شتى، لا يبعثون على حال واحدة، مع أنهم جاءوا مع هذا الجيش، سواء كانوا من التجار، أو من السوقة، أو غير ذلك.
فيبعثون على نياتهم، وهذا فيه ملحظ هو في غاية الأهمية، وهو: أن هؤلاء الذين قد يصدر منهم بعض هذه الأمور ليسوا على وتيرة واحدة، وليس لهم حكم واحد في الآخرة، بمعنى أن هؤلاء لو حكم بكفرهم مثلاً هم جاءوا مع هذا الجيش، فقيل: هم منهم، وهم معهم، ومن أعوانهم، سواء كانوا من التجار، أو ممن يكثّر السواد، فيكون له حكمهم في الآخرة مثلاً، يبعثون على نياتهم، سواء قلنا: إن هذا الجيش الذي يغزو الكعبة هم من الكفار، أو قلنا: إنهم ليسوا كذلك، لكنهم أهل إجرام، فاستحقوا الخسف، فصار الذين يبعثون معهم يوم القيامة على أحوال شتى، بمعنى أنهم لا يأخذون حكمهم.
فدل ذلك على أن مثل هذه الأمور تحتاج إلى نظر دقيق وفقه، وأنه لا يصلح أن يتكلم فيها كل أحد، هذا القدر فقط هو الذي نحتاج إليه، يعني: لا يصلح أن يتكلم في ذلك صغار طلبة العلم، وممن لم يطلب العلم أصلاً، ثم يجترئ على أحكام كبيرة، لمجرد أشياء يرى أنها لربما كانت من قبيل الأعمال التي ربما في الجملة يقال: إن من فعل ذلك فقد كفر، أو هو منهم، أو نحو ذلك، فيحكم على هؤلاء بأحكام في الآخرة، وفي الدنيا، بل أكثر من هذا يُجري عليهم أحكامًا في الدنيا ينفذها هو، وهذا أمر لا يسوغ، وتُترك مثل هذه القضايا لمن كان راسخًا في العلم،
والله لن يسأل الإنسان عن زيد وعمرو ما شأنهم، وما حكمهم، وهل هم ناجون في الآخرة، أو هم من الكفار المخلدين في النار؟.
الله سيسأل الإنسان في القبر عن ثلاث مسائل، من ربك؟، وما دينك؟، ومن هذا الرجل الذي بعث فيكم؟، ولا حاجة للإنسان أن يركب المراكب الصعبة، ثم بعد ذلك يتقحم أمورًا لا يحسنها، وقد يبوء ببعض أحكامها، فيترك هذا لمن كان راسخًا في العلم.
وللإجابة علي سؤال