
هل يجوز إسقاط الدين واحتسابه من مال الزكاة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإسقاط الدين عن المدين وحساب ذلك من الزكاة مختلف فيه بين العلماء فبعضهم قال لايجوزعلى الراجح (إسقاط الدين ) واعتباره من الزكاة
وبعضهم قال :"dجوز وكلا الفريقن له أسبابه>>
الرأي الأول :"
إسقاط الدين بنية الزكاة لا يجوز في قول الجمهور، وسواء كان المدين حيا أو ميتا،
قال النووي ـ رحمه الله: إذا كان لرجل على معسر دين فأراد أن يجعله عن زكاته وقال له: جعلته عن زكاتي فوجهان حكاهما صاحب البيان أصحهما: لا يجزئه، وبه قطع الصيمري، وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد، لأن الزكاة في ذمته فلا يبرأ إلا بإقباضها. والثاني: يجزئه، وهو مذهب الحسن البصري وعطاء.
الديون لا تجزيء في دفع الزكاة ، وإن أسقطها على أنها جزء من الزكاة فإن ذمته لم تبرأ، ويجب دفع الزكاة مرة أخرى إليه أو إلى غيره من مستحقيها وذلك لعدة أسباب :
الأول: أن الزكاة أخذ وإعطاء، قال تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً"(التوبة: 103). وهذا ليس فيه أخذ.
الثاني: أن هذا بمنزلة إخراج الخبيث من الطيب، قال تعالى: وَلاَ تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ"(البقرة: 267).
ووجه ذلك: أنه سيخرج هذا الدين عن زكاة عين، ومعلوم نقص الدين عن العين في النفوس، فكأني أخرج رديئاً عن جيد وطيب فلا يجزئ.
الثالث: أنه في الغالب لا يقع إلا إذا كان الشخص قد أيس من الوفاء، فيكون بذلك إحياء وإثراء لماله الذي بيده لأنه الآن سيسلم من تأدية ألف ريال. انتهى.
الثاني: أن هذا بمنزلة إخراج الخبيث من الطيب، قال تعالى: وَلاَ تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ"(البقرة: 267).
ووجه ذلك: أنه سيخرج هذا الدين عن زكاة عين، ومعلوم نقص الدين عن العين في النفوس، فكأني أخرج رديئاً عن جيد وطيب فلا يجزئ.
الثالث: أنه في الغالب لا يقع إلا إذا كان الشخص قد أيس من الوفاء، فيكون بذلك إحياء وإثراء لماله الذي بيده لأنه الآن سيسلم من تأدية ألف ريال. انتهى.
الرابع: نيتك الأولي هي إقراضه المال لا دفع الزكاة وهذه النيه ثبتت وأصبح مديوناً لك .
الخامس:الزكاة تدفع للفقير سداً لحاجته وهذه الصورة إنما هي مجرد إسقاط دين فليس فيها صورة الإعطاء منك والأخذ من صديقك .
السادس: ثم إن في هذا حماية لمالك فكأنه لما تأخر في السداد وتعسر أمره أمسكت مافي يدك ولجأت لإسقاط ما في يد غيرك والله لم يقل ذلك وإنما قال ( وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون ).
والحاصل من ذلك كله أن تعطيه زكاة مالك إن كان فقيراً وتجعله في حل من أمره لعل معايشه وضرورياته قد ضاقت عليه أو لعله يعطيك جزء من زكاتك من باب إسقاط جزء من الدين .وكذا لا يجوز دفع الزكاة إليه مع اشتراط أن يقضي بها دينه.
من قالوا بجوازاسقاط الدين من أموال الزكاة
فأجازوا أن يسقط الدائن المال الذي علي المدين في حالة تعسره في السداد ويحتسب ذلك من مال الزكاة
إذا وقع ذلك من غير اشتراط ـ بأن ملكتموه مال الزكاة يتصرف فيه كيف شاء فدفعه إليكم في وفاء دينه ـ أجزأكم ذلك عن الزكاة،
إذا وقع ذلك من غير اشتراط ـ بأن ملكتموه مال الزكاة يتصرف فيه كيف شاء فدفعه إليكم في وفاء دينه ـ أجزأكم ذلك عن الزكاة،
قال النووي رحمه الله: أما إذا دفع الزكاة إليه بشرط أن يردها إليه عن دينه، فلا يصح الدفع ولا تسقط الزكاة بالاتفاق، ولا يصح قضاء الدين بذلك بالاتفاق،
ولو نويا ذلك ولم يشرطاه جاز بالاتفاق وأجزأه عن الزكاة، وإذا رده إليه عن الدين برئ منه. (انتهى باختصار).
وقال البعض: لو كان لك مدين فقير ودفعت إليه زكاتك فلا بأس ولا حرج حتى لو ردها عليك فيما بعد، لكن لا يجوز أن تشترط عليه ذلك، لأنك إذا فعلت هذا فقد علمنا أنك إنما تريد بهذا العمل أن تسترد مالك الذي في ذمة الفقير، والزكاة لا يجوز أن يحابي فيها الإنسان أحداً ـ لا نفسه ولا غيره.
هل يجوز قضاء دين الميت من الزكاة؟
هذا، وفي قضاء دين الميت من مال الزكاة خلاف بين العلماء، فمنعه الجمهور وأجازه بعض أهل العلم، ففي المجموع للنووي: وقال ابن كج: إذا مات وعليه دين، فعندنا لا يدفع في دينه من الزكاة ولا يصرف منها في كفنه، وإنما يدفع إلى وارثه إن كان فقيرا، وبنحو هذا قال أهل الرأي ومالك. قال: وقال أبو ثور: يقضي دين الميت وكفنه من الزكاة. انتهى.
وقال بعضهم مرجحا هذا القول: والصحيح أنه لا يقضى دين الميت منها، وقد حكاه أبو عبيد في الأموال وابن عبد البر إجماعاً، لكن المسألة ليست إجماعاً ففيها خلاف، إلا أنه في نظرنا خلاف ضعيف،
وقال البعض: لو كان لك مدين فقير ودفعت إليه زكاتك فلا بأس ولا حرج حتى لو ردها عليك فيما بعد، لكن لا يجوز أن تشترط عليه ذلك، لأنك إذا فعلت هذا فقد علمنا أنك إنما تريد بهذا العمل أن تسترد مالك الذي في ذمة الفقير، والزكاة لا يجوز أن يحابي فيها الإنسان أحداً ـ لا نفسه ولا غيره.
هل يجوز قضاء دين الميت من الزكاة؟
وقال بعضهم مرجحا هذا القول: والصحيح أنه لا يقضى دين الميت منها، وقد حكاه أبو عبيد في الأموال وابن عبد البر إجماعاً، لكن المسألة ليست إجماعاً ففيها خلاف، إلا أنه في نظرنا خلاف ضعيف،
والعجيب أن ابن تيمية ـ رحمه الله ـ جوّز أن تقضى ديون الأموات من الزكاة وحكاه وجهاً في مذهب الإمام أحمد، واستدل بقوله تعالى: "وَالْغَارِمِينَ ـ فلم يعتبر التمليك، وإنما اعتبر إبراء الذمة، فالميت أولى بإبراء الذمة من الحي، لكن القول الأول أرجح، فلا يقضى دين الميت من الزكاة للأمور التالية:
أولاً: أن الظاهر من إعطاء الغارم أن يزال عنه ذل الدين، لأن الدين ذل ـ كما يقال: الدين هم في الليل وذل في النهار.
ثانياً: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان لا يقضي ديون الأموات من الزكاة، فكان يؤتى بالميت وعليه دين فيسأل صلّى الله عليه وسلّم: هل ترك وفاء؟ فإن لم يترك لم يصل عليه، وإن قالوا: له وفاء، صلى عليه.
فلما فتح الله عليه وكثر عنده المال صار يقضي الدين بما فتح الله عليه عن الأموات، ولو كان قضاء الدين عن الميت من الزكاة جائزاً لفعله صلّى الله عليه وسلّم.
ثالثاً: أنه لو فتح هذا الباب لعطل قضاء ديون كثير من الأحياء، لأن العادة أن الناس يعطفون على الميت أكثر مما يعطفون على الحي، والأحياء أحق بالوفاء من الأموات.
رابعاً: أن الميت إذا كان قد أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، وإن أراد إتلافها فالله قد أتلفه ولم ييسر له تسديد الدين.
خامساً: أن ذمة الميت قد خربت بموته، فلا يسمى غارماً.
سادساً: أن فتح هذا الباب يفتح باب الطمع والجشع من الورثة، فيمكن أن يجحدوا مال الميت ويقولوا: هذا مدين. انتهى.
أولاً: أن الظاهر من إعطاء الغارم أن يزال عنه ذل الدين، لأن الدين ذل ـ كما يقال: الدين هم في الليل وذل في النهار.
ثانياً: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان لا يقضي ديون الأموات من الزكاة، فكان يؤتى بالميت وعليه دين فيسأل صلّى الله عليه وسلّم: هل ترك وفاء؟ فإن لم يترك لم يصل عليه، وإن قالوا: له وفاء، صلى عليه.
فلما فتح الله عليه وكثر عنده المال صار يقضي الدين بما فتح الله عليه عن الأموات، ولو كان قضاء الدين عن الميت من الزكاة جائزاً لفعله صلّى الله عليه وسلّم.
ثالثاً: أنه لو فتح هذا الباب لعطل قضاء ديون كثير من الأحياء، لأن العادة أن الناس يعطفون على الميت أكثر مما يعطفون على الحي، والأحياء أحق بالوفاء من الأموات.
رابعاً: أن الميت إذا كان قد أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، وإن أراد إتلافها فالله قد أتلفه ولم ييسر له تسديد الدين.
خامساً: أن ذمة الميت قد خربت بموته، فلا يسمى غارماً.
سادساً: أن فتح هذا الباب يفتح باب الطمع والجشع من الورثة، فيمكن أن يجحدوا مال الميت ويقولوا: هذا مدين. انتهى.
وبما مر يتبين أن الراجح أنه ليس لهذا الدائن أن يسقط دين الميت من زكاة ماله ولا أن يدفع من ماله في قضاء ديونه الأخرى.
وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي أله وصحبه وسلم