احذر في ليلة النصف من شعبان أن يرد عليك عملك.
احذر حينماينظر الله في جميع الأعمال إلا اثنين بينهما شحناء أو بغضاء أو خصومة فيقول الله تعالى: انظرا هذين حتى يصطلحا.
فلنعلم أن من خطورة الشحناء والبغضاء بين الناس، أن الله تعالى لا يغفر للمتشاحنين، فهذه -الشحناء- تمنع المغفرة في أكثر أوقات المغفرة والرحمة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: " تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس فيغفر الله لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول: أنظروا هذين حتى يصطلحا"(مسلم).
وفي رفع العمل السنوي -في شهر شعبان- ينظر الله في جميع الأعمال إلا اثنين بينهما شحناء أو بغضاء أو خصومة فيقول الله تعالى: انظرا هذين حتى يصطلحا، ففي حديث أبي موسى الذى رواه ابن ماجة قال: "إن الله ليطّلع ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا مشرك أو مشاحن"،
وعند أحمد من حديث عبد الله بن عمرو ..... فيغفر لجميع خلقه إلا اثنين مشاحن أو قاتل نفس"،
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه، إلا لمشرك أو مشاحن" وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال:"يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن"(الطبراني، وابن ماجه، وابن حبان وهو حديث صحيح).
وعن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله إلى خلقه، فيغفر للمؤمنين، ويملي للكافرين ويدع أهل الحقدبحقدهم حتي يدعوه"(الطبراني وحسنه).
فما معنى هذا الكلام؟
معنى هذا الكلام أن الإنسان قد يكون كثير الصلاة أو الصدقة والبر وسائر أنواع المعروف والخير ولكن
ولكن بينه وبين أخيه شحناء أو بغضاء أو خصومة، فلا ينظر الله في عمله،
فأفضل الأعمال - كما يقول ابن رجب - سلامة الصدر من أنواع الشحناء كلها وسلامة القلب من الشحناء لعموم المسلمين ، وإرادة الخير لهم ونصيحتهم ، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه، وقد وصف الله تعالى المؤمنين عمومًا بأنهم يقولون: "ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غِلًّا للذين ءامنوا ربنا إنك رؤفٌ رحيمٌ" الحشر
وفي سنن ابن ماجة عن عبد الله بن عمرو قال: "قيل يا رسول الله: أى الناس أفضل؟ فقال: كل مخموم القلب صدوق اللسان، قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب ؟ قال: هو التقى النقى الذى لا إثم فيه ولا بغى ولا غل ولا حسد"
وقال بعض السلف:
"أفضل الأعمال سلامة الصدور
وبهذه الخصله بلغ من بلغ"
فمن حديث أنس بن مالك أن النبي ﷺ قال لأصحابه -
ثلاثة أيام "يطلع عليكم الآن رجلٌ من أهل الجنة"، فيطلع رجل واحد في كل يوم فتعجب لذلك سيدنا عبد الله بن عمرو فذهب إليه في بيته ليراقبه كيف يفعل وكيف عبادته،
وقال له: لقد تلاحيتُ أي تخاصمتُ مع أبي وتركتتُ له البيت، فاستضافه الرجل فأقام عنده ثلاثة أيام لينظر في عمله فلم ير كثير عباده من صيامٍ بالنهار أو قيامٍ بالليل غير أنه إذا تقلّب في فراشه ذكر الله، فأخبره سيدنا عبد الله بحقيقة الأمر وأنه يريد أن يعرف كيف وصل لهذه الدرجة، فقال الرجل: هو ما رأيتَ، غير أني أبيتُ ولا أحملُ حقدًا على أحد
فقال سيدنا عبدالله: هذه هي التي بلغت بك أي هذه التي أوصلتك،
وما حديث ليلة القدر حينما خرج النبي ﷺ ليُرى ليلة القدر أية ليلة هي فتلاحى وتخاصم رجلان فرُفعت؛ وهذا معناه: أن الرجل قد يُحرم الخير والتوفيق للعمل الصالح والرشد بسبب الخصام.
اجتنبوا الذنوب التي تحرم العبد مغفرة مولاه في مواسم الرحمة والخيرات؛ فإن مريض القلب لا يرحمه ولا يُشفق عليه أحد، أما مريض الجسد فيشفق عليه كل أحد؛ فهل تريد أخي الحبيب أن لا ينظر الله إلى عملك، هل تريد أن تُحرم رحمه مولاك؟
فلماذا الخصام والشقاق؟
أعلم ما يدور في ذهنك وما يجول في صدرك؟ كيف تبدأ بالسلام لمن بدأك بالسوء
ونحن نقول لك: رحمةً بك أنت، هل تريد الجنة أم لا؟
إن كنت لا تريدها- ونُعيذك بالله أن تكون كذلك - فأنت لستَ بحاجةٍ إلي حديثنا ونحن لسنا بحاجةٍ إليك،
أما إذا كنت تريدها فادفع الثمن! أتريد معرفة الثمن
إن الجنة طيبة ولا يدخلها إلا كل طيب، وأهل الجنة طيبون، ولا يستحق مجاورة الله الطيب فى الجنة الطيبة إلا كل طيب؛
ينبغي على المسلم أن يتحلى بالطاعات التي تؤهله لمغفرة الله تعالى -سيما في هذه الأيام المباركة-، وأن يبتعد عن المعاصي والذنوب التي تحجبه عن هذه المغفرة. ومن هذه الذنوب: الشرك بالله، فإنه مانع من كل خير. ومنها الشحناء والحقد على المسلمين، وهو يمنع المغفرة في أكثر أوقات المغفرة والرحمة. فأفضل الأعمال بعد الإيمان بالله سلامة الصدر من أنواع الشحناء كلها؛ لذلك سنحاول أن نقف مليًا أمام هذا الموضوع لنتحدث عن خطورة الشحناء والبغضاء، وعن أهمية سلامة الصدر
والشحناء هي: حقد المسلم على أخيه المسلم بغضًا له لهوى في نفسه، لا لغرض شرعي ومندوحة دينية،
رين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه"(البيهقي في شعب الإيمان، ورواه الطبراني، وحسنه).
ففي الحديث كرم الله وواسع فضله على عباده في مغفرة ذنوبهم والتجاوز عنها.
واللافت للانتباه في هذا الحديث أن الله يغفر في هذه الليلة لعباده ذنوبهم -وإن لم يصيبوا عملا صالحا فيها- وكفاهم منها سلامة صدورهم من الشرك، والضغينة أو معاداة إخوانهم، فمتى ما سلم قلب المسلم من هذه الأدران في هذه الليلة، وطهر منها استحق المغفرة وصار أهلًا لها عند الله. فان المعيار الإلهي في تمايز الخلق عند خالقهم هو سلامة صدورهم، وطهارتها، من دنس الوثنية، ورجس المعاداة والغل على الخلق. فما معنى هذا الكلام؟