recent
أخبار عاجلة

دعوة الإسلام لتحقيق الأمن والأمان

دعوة الإسلام لتحقيق الأمن والأمان 

وفي بيان قيمة الأمن في الازدهار الاقتصادي

وفي بيان قيمة الأمن جعله المولي في بيوته

وفي بيان قيمة الأمن أن الملائكة تبشرهم بالجنة

لذلك وقف بحزم تجاه هؤلاء الذين يروعون الأمنين ويخربون في الأرض"إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ  لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ  (المائدة/33).

     وقال صلي الله عليه وسلم :"من روع مؤمنا لم يؤمن الله روعته يوم القيامة ومن سعى بمؤمن أقامه الله مقام ذل وخزي يوم القيامة ."(السيوطي صححه الألباني).

وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"من سود مع قوم فهو منهم ومن روع مسلما برضاء سلطان جيء به معه يوم القيامة" 

 وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يسيرون مع النبي صلى الله عليه وسلم فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه ففزع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل لمسلم أن يروع مسلما ( رواه أبو داود).  

 عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  من أشار على أخيه بحديدة لعنته الملائكة"(الترمذي : حسن صحيح غريب).

وفي بيان قيمة الأمن في الازدهار الاقتصادي

كما صار من الوضوح بمكان ارتباط سائر أنواع الأمن بعضها ببعض، فلا أمنَ اجتماعيًّا من غير أمن اقتصادي ففي مجال الأمن الاقتصادي :فإن قوامه في الإسلام ضمان حد"الكفاية "لكل فرد ,أي المستوي اللائق للمعيشة ,وليس مجرد "حد الكفاف"أي المستوي الأدنى للمعيشة مما عبرت عنه الآية الكريمة:"وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ"(المعارج/25,24).  وقوله تعالي:" وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ "(النور/33). فحيازة البعض للمال في الإسلام ليست امتلاكاً وإنما هي أمانة ومسئولية  لأنه خليفة علي هذا المال وقوله تعالي :"آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ "(الحديد/7).وقوله تعالي:"ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ"(التكاثر/8).

ومن هنا جاء قول الرسول صلي الله عليه وسلم :"..أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم "(أبوداود صححه الألباني).

وقول الخليفة الرابع علي بن أبي طالب :"إن الله فرض علي الأغنياء في أموالهم بقدر ما يكفي فقراءهم"(المحلي لابن حزم /221وما بعدها ). فالأمن الاقتصادي المتمثِّل في عدالة توزيع الثروة،

كما دعي الإسلام إلي كل وسائل الأمن والاستقرار من أجل مزيد من الازدهار الاقتصادي والغني حيث أنه لا بأس بالغني لمن اتقي والعشرة المبشرون بالجنة كان من بينهم تسعة من أغني أغنياء الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ..

قال تعالى:"وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ " (القصص/57).

وفي دولة سبأ كان الأمنُ أحدَ أهم أسباب الازدهار الاقتصادي "وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آَمِنِينَ" (سبأ/18)، وقد دلَّت سائر أحداث التاريخ البعيد والقريب على أن الحضارة لا تزدهر، وأن الأمم لا ترتقي ولا تتقدم إلا في ظلال الاستقرار الذي ينشأ عن استتباب الأمن للأفراد وللجماعات وللأمم.

وفي مجال الأمن الاجتماعي:

فإن قوامه في الإسلام حفظ التوازن بين أفراد المجتمع بحيث لا يجوز أن تستأثر فئة قليلة من الناس بخيرات المجتمع مما عبرت عنه الآية الكريمة:" كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ "(الحشر/7).

ولأن الإسلام دين الجماعة ..ولأن فلسفته في التشريع قد جمعت بين المسئولية الفردية:"  وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى "(الأنعام/164).  وقال تعالي:" مَنْ يَعْمَلْ   سُوءًا يُجْزَ بِهِ "(النساء/123).وبين المسئولية الاجتماعية والمجتمعية حيث توجه الخطاب إلي الناس والأمة والجماعة في غالب آيات الخطاب بالقرآن الكريم..

وفي هذه الفلسفة التشريعية تجاورت وتزاملت الفروض والتكاليف الفردية –العينية- مع الفروض والتكاليف الكفائية- الجماعية والاجتماعية والمجتمعية –وتوجه الخطاب التكليفي إلي الفرد وإلي الجماعة (الأمة والناس).

لهذه الحكمة كان الأمن في الإسلام اجتماعياً ومجتمعياً,واستحال أن تقف آفاقه عند حدود الفرد ,دون الاجتماع الشامل للأفراد ضمن الجماعة ..ذلك أن الإنسان –كفرد- مدني واجتماعي ومجتمعي بطبعه وحكم حاجاته..وأمنه الحقيقي ,وإن بدأ بدائرته الفردية ,فإنه لا يستقيم ولا يتحقق ولا يدوم إلا إذا عمت آفاقه الاجتماع والجماعة والعمران ..

وعن هذه الحقيقة من حقائق الرؤية الإسلامية للأمن الاجتماعي والمجتمعي يتحدث الإمام أبو الحسن الماوردي (364-450هـ974-1058م) فيقول:والإنسان مطبوع الافتقار إلي جنسه واستعانته صفة لازمة لطبعه وخلقه قائمة في جوهره ..ولذلك ,فإن صلاح الدنيا يعتبر من وجهين :أولهما :ما ينتظم به أمور جملتها.والثاني:ما يصلح به حال كل واحد من أهلها.فهما شيئان لا صلاح لأحدهما إلا بصاحبه...

والماوردي عندما حدد قواعد صلاح الدنيا وانتظام عمرانها ,وهي عنده ستة أشياء في قواعدها ,وإن تفرعت :1- دين متبع..2- وسلطان قاهر(أي دولة قوية).3- وعدل شامل.4-وأمن عام .5- وخصب دائم.6- وأمل فسيح.فإن الماوردي قد جعل الأمن العام القاعدة الرابعة من قواعد صلاح الدنيا وانتظام العمران ,وعن هذه القاعدة الرابعة يقول:"..وأما القاعدة الرابعة ,فهي أمن عام تطمئن إليه النفوس ,وتنتشر به الهمم ,ويسكن فيه البريء ,ويأنس به الضعيف ,فليس لخائف راحة ,ولا لحاذر طمأنينة.وقد قال بعض الحكماء:"الأمن أهنأ عيش,والعمل أقوي جيش,لأن الخوف يقبض الناس عن مصالحهم ,ويحجزهم عن تصرفهم ,ويكفهم عن أسباب المواد التي بها قوام أودهم ,وانتظام جملتهم ..والأمن المطلق :ما عم..(أدب الدين والدنيا /135-144)(مقومات الأمن المجتمعي في الإسلام /76-79-المجلس الأعلى للشئون الإسلامية العدد158).

وفي بيان قيمة الأمن جعله المولي في بيوته

وعلي رأس المساجد الحرم المكي قال تعالي:"إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ"(آل عمران/97,96). 

{ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً } .أى من التجأ إليه أمن من التعرض له بالأذى أو القتل قال - تعالى - : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ الناس مِنْ حَوْلِهِمْ } وفي ذلك إجابة لسيدنا إبراهيم حيث قال - كما حكى القرآن عنه - : { رَبِّ اجعل هذا البلد آمِناً واجنبني وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأصنام } ولا شك أن فى أمن من دخل هذا البيت أكبر آية على تعظيمه وعلى علو مكانته عند الله؛ لأنه موضع أمان الناس فى بيئة تغرى بالاعتداء لخلوها من الزرع والنبات .

وفى الصحيحين - واللفظ لمسلم - عن أبى شريح العدوى أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث لمكة - يعنى لقتال عبد الله بن الزبير - : ائذن لى أيها الأمير أن أحدثك قولا قال به رسول الله صلى الله عليه وسلم الغد من يوم الفتح ، - سمعته أذناي ووعاه قلبي ، وأبصرته عيناى - حين تكلم به - : إنه حمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس ، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما أو يعضد بها شجرة ، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها - أى أخذ فيه بالرخصة - فقولوا له : إن الله أذن لنبيه ولم يأذن لكم ، وإنما أذن لى فيها ساعة من نهار ، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس ، فليبلغ الشاهد الغائب ".(الوسيط لسيد طنطاوي ).

وتأمين الله وأمنه سابغ علي المؤمن في دنياه وأخراه ,فعندما يأمر ملائكته بقبض عبده المؤمن ,أمرهم بأن يبشروه بالأمن ,وعدم الخوف والحزن قال تعالي:"  إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ"(فصلت/30).

أى : إن الذين قالوا ربنا الله باعتقاد جازم ، ثم استقاموا على طاعته فى جميع الأحوال ، تتنزل عليهم من ربهم الملائكة ، لتقول لهم فى ساعة احتضارهم وعند مفارقتهم الدنيا ، وفى كل حال من أحوالهم : لا تخافوا - أيها المؤمنون الصادقون - مما أنتم قادمون عليه فى المستقبل ، ولا تحزنوا على ما فارقتموه من أموال أو أولاد .(الوسيط د/سيد طنطاوي).

فلا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون اليوم كما في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه:"إن الملائكة تقول لروح المؤمن :أخرجي أيتها الروح الطيبة في الجسد الطيب كنت تعمرينه ,أخرجي إلي روح وريحان ورب غير غضبان"(ابن ماجه وصححه الألباني).

وفي بيان قيمة الأمن مد به عباده يوم الفزع الأكبر

لأن الأمن من أعظم النعم عندما يفزع الخلق يوم القيامة يؤمن الله سبحانه أولياءه حيث يقول :"وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي   الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ"(النمل /87).

وقال تعالي:" مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ"(النمل/89).

قال ابن كثير:قال ابن عباس رضي الله عنهما من جاء بالإخلاص أو هي لا إله إلا الله لقوله تعالي :"لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ "(الأنبياء/103).

وقوله:" أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ   اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ"(فصلت/40).

وفي بيان قيمة الأمن أن الملائكة تبشرهم بالجنة

وتبشرهم الملائكة بالأمن والأمان عند دخولهم الجنات قال تعالي:"إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ "(الحجر46,45).

أي أمنين من كل خوف وفزع ,ولا تخافوا إخراجاَ ولا انقطاعاَ ولا فناءَ وبسلام أي سالمين من الآفات مسلم عليكم من الملائكة قال تعالي:"وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا   زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ"(سبأ/37).

أي في المنازل العالية أمنون من كل بأس وخوف وآذي ومن كل شر يحذر منه وقوله تعالي:"  إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ"(الدخان/51).أمنوا فيها من الموت ,ومن كل هم وحزن وجوع وتعب ونصب ومن الشياطين وكيدهم وسائر الآفات والمصائب قال تعالي:"  يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ"(الدخان/55).

لايخافون انقطاع الثمار والفواكه مهما طلبوا أُحضر لهم ,أمنون من الموت وأخيه"النوم"ومن الهرم ,وعن جابر بن عبد الله سئل النبي صلي الله عليه وسلم :"أينام أهل الجنة ؟فقال :"النوم أخو الموت ,وأهل الجنة لاينامون"(صححه الألباني).      

و عن أبي سعيد وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  ينادي مناد إن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا وإن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا فذلك قوله تعالى"وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون"(الأعراف/43).(مسلم). 
google-playkhamsatmostaqltradent