مراحل تحريم الخمر أم الخبائث
الحمدلله رب العالمين واشهد ان لا اله
الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
وأشهد ان سيدنا ونبينا محمد رسول الله
صلى الله عليه وسلم القائل"ثلاثة لايكلمهم الله ولاينظراليهم مدمن الخمر
والديوث والعاق لوالديه" اللهم صلاة وسلاما عليك ياسيدي يارسول الله اما بعد
ياعباد الله
حديثنا إليكم اليوم عن الخمر ام
الخبائث
عباد الله "الخمر كانت تنتشر بين
العرب في الجاهلية عاداتٌ ذميمة، ومنكرات معيبة، صبغت حياتهم صبغةً جاهليّة،
وأوردتهم مسالك الغيّ والضلال، ومن بين تلك العادات: عادة شرب الخمر،
تحريم الخمر في الإسلام
وجاءت الشريعة
الإسلامية لتنهى عن تلك العادة وتحرمها تحريماً قاطعاً، فالخمر أم الخبائث، وكبيرة
من الكبائر، وسببٌ لتغييب العقل الذي هو نعمةٌ من نعم الله على الإنسان .
التدرج في تحريم الخمر
عباد الله" ولأن الخمر تتعلق
بالعقول فقد تدرجت الشريعة الإسلامية في تحريم الخمر، فلم تنزل آيةٌ من آيات الله
تعالى في تحريمه مرةً واحدة، بل مر تحريم الخمر بثلاث مراحل، وفي ذلك حكمة بالغة
للشرع الحكيم، حيث يكون للتدرج وقع في النفس الإنسانية التي قد تجد صعوبة في ترك
أمر اعتادته سنين طويلة،
ولو حرمت الخمر مرة واحدة دون تدرج
لوجد الصحابة رضي الله عنهم والله في تركها صعوبة بالغة..
ولكن جاء التحريم على عدة مراحل
مراحل تحريم الخمر
وهذه المراحل هي: مرحلة تأثيم شارب الخمر نزلت آيةٍ قرآنية تخاطب المسلمين خطاباً يضع الخمر ضمن معيار ومقاييس مادية، فالخمر وفق الآية الكريمة فيه إثمٌ كبير؛ حيث يذهب بالعقل، ويستره عن التفكر والإدراك والوعي، ويؤدي إلى كثيرٍ من المشاكل الاجتماعية، وفي المقابل فقد يكون فيه منافع مادية لبعض الناس الذين يتاجرون به، وفي ذلك دعوة للتفكر والموازنة بين الإثم الكبير الذي يستدعي ترك تلك العادة الذميمة، وبين النفع القليل الذي لا يأبه له، فقال تعالى:"يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا" (البقرة: 219) .
فكانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه
وسلم عن حكم الخمر والميسر وياتي الجواب فيه رحمة وليس عنف إثم كبير ومنافع للناس
واثمهما أكبر فتخير الكثير منهم البعد عنهما..
المرحلة الثانية
مرحلة النهي عن
الصلاة عند شرب الخمر كان الخطاب الرباني في هذه المرحلة روحيّاً يخاطب النفس
المؤمنة الحريصة على رضا الله تعالى، فقد نهى الله سبحانه وتعالى المسلمين أن
يقربوا الصلاة وهم سكارى، وكان منادي رسول الله ينادي ألا يقرب الصلاة سكران، حيث
حصل مرة أن صلى أحد المهاجرين بالناس فاختلطت عليه القراءة، فالخمر يتعارض مع حضور
القلب، وخشوع النفس، قال تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا
تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا
تَقُولُونَ" (النساء: 43)
،
وعند نزول تلك الآيات ترك بعض المسلمين
الخمر حرصاً على الصلاة، بينما بقي البعض يشربونها مع المشقة.
المرحلة الثالثة مرحلة التحريم القطعي
مرحلة تحريم شرب الخمر
كانت هذه هي المرحلة الأخيرة والحاسمة؛ حيث بين الله عز وجل فيها أن الخمر هي رجسٌ
من عمل الشيطان، وأمر المسلمين باجتنابها، والاجتناب أشد من التحريم؛والانتهاء
القطعي لأن معناه هو عدم الاقتراب من تلك
الآفة بأي شكلٍ من الأشكال، فهي حرامٌ على بائعها، ومشتريها، ومقدمها، والجالس على
طاولة شاربها، فقال تعالى:"يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ
وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ
فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن
يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ
وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ
" (المائدة/٩٠، ٩١) ،
وورد أنه لما قدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم
المدينة، أتاه الناس وقد كانوا يشربون الخمر ويأكلون الميسِر، فسألوه عن ذلك،
فأنـزل الله تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا
إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ
نَفْعِهِمَا"( البقرة: 219). فقالوا: هذا شيء قد جاء فيه رخْصة، نأكل الميسر
ونشرَب الخمر، ونستغفر من ذلك!. حتى أتى رجلٌ صلاةَ المغرب، فجعل يقرأ: قُلْ يَا
أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لا أَعْبُدُ مَا
تَعْبُدُونَ وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ"(الكافرون) . فجعل لا
يجوز ذلك،
ولا يدري ما يقرأ، فأنـزل الله: يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَي"
(النساء: 43) . فكان الناس يشربون الخمرَ، حتى يجيء وقت الصلاة فيدعون شربها،
فيأتون الصلاة وهم يعلمون ما يقولون. فلم يزالوا كذلك حتى أنـزل الله تعالى ذكره:
إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ إلى قوله: "
فهل أنتم منتهون "، فقالوا: انتهينا يا رب !
عن عمرَ بنِ الخطَّابِ قال : لمَّا نزل تحريمُ الخمرِ اللَّهمَّ بيِّنْ لنا في الخمرِ بيانًا شفاءً ، فنزلت الآيةُ الَّتي في البقرةِ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ الآيةُ ، قال : فدُعي عمرُ فقُرِئت عليه ، فقال : اللَّهمَّ بيِّنْ لنا في الخمرِ بيانًا شفاءً ، فنزلت الآيةُ الَّتي في النِّساءِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى فكان منادي رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، إذا أُقيمت الصَّلاةُ يُنادي : ألا لا يقربَنَّ الصَّلاةَ سكرانُ ، فدُعِي عمرُ فقُرِئت عليه ، فقال : اللَّهمَّ بيِّنْ لنا في الخمرِ بيانًا شفاءً ، فنزلت هذه الآيةُ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ قال عمرُ : انتهَيْنا"( صحيح أبي داود).
تَدرَّجَتْ أحكامُ الخَمْرِ حتَّى انتهتْ إلى التَّحريمِ، وفي هذا الحَديثِ أنَّ عُمَر بنَ الخطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه قال لَمَّا نزَل تَحريمُ الخَمْرِ: اللهمَّ بيِّنْ لنا في الخَمرِ بيانًا شفاءً"، وهذا القولُ مُشْكِلٌ؛ إذ كيف: لَمَّا نزَل تحريمُ الخَمْرِ- بصِيغةِ الماضي- دعا عُمَرُ ربَّه أنْ يُبَيِّنَ في الخمرِ حُكْمًا قاطعًا؟! فبهذا المعنى لا يَستقيمُ الكلامُ؛ لِأنَّ معنى الكلامِ أنَّ اللهَ قد حرَّم الخمرَ فِعلًا وانقضى الحُكْمُ، والجوابُ أنْ يُحملَ هذا الكلامُ على أنَّه حين بدَأَ نزولُ تحريمِ الخَمرِ تَحريمًا جُزئيًّا مُتدرِّجًا، كان عُمَرُ يَرْجو أنْ تُحرَّمَ تحريمًا قاطعًا، فكان يقول: "اللَّهمَّ بَيِّنْ لنا في الخمرِ بيانًا شِفاءً"، أي: أَظهِرْ لنا حُكْمَها بِقَوْلٍ لا لَبْسَ فيه. وقيل: إنَّ الصَّوابَ رِوايةُ التِّرمذيِّ "أنَّ عُمرَ قال: اللهمَّ بيِّن لنا في الخَمرِ بيانَ شِفاءٍ، فنزَلتِ الآيةُ الأُولى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى"(النساء: 43).
، ثمَّ توالتِ الآياتُ، وأمَّا قولُه في حديثِ أبي داودَ:
"لَمَّا نزَلَ تحريمُ الخمرِ، قال عُمرُ: اللهمَّ بيانًا، فغيرُ صوابٍ؛
لأنَّه يَقتضِي أنْ يكونَ هناك تحريمٌ قبلَ نُزولِ هذه الآيةِ، وهذا لم يَكُن.
وكان عُمرُ رضِيَ اللهُ عنه يَميلُ إلى أنْ يأتيَ من عِند اللهِ عزَّ وجلَّ ما يُحرِّمُها؛ فنَزلتِ الآيةُ الَّتي في البقرةِ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا"(البقرة: 219).
، أي: إنَّ الخمرَ فيها أضرارٌ ومنافِعُ، وكانت منافِعُها في التِّجارةِ وأمورِ البيعِ والشِّراءِ، فَلَمْ يكُنْ في تِلك الآيةِ نَهْيٌ عنها، بل إظهارُ ما بها من مَضارَّ؛ ليتفكَّرَ النَّاسُ فيها، فَدُعِيَ عمرُ فقُرِئَتْ عليه، أي: عُرِضَتْ عليه تلك الآيةُ فَلَمْ تَشْفِهِ؛ فقال: اللَّهمَّ بَيِّنْ لنا في الخَمرِ بيانًا شِفاءً، أي: أَنزِلْ ما يَفْصِلُ فيها ويُوضِّح أكثرَ من تلك الآيةِ، "فنزلَتِ الآيةُ التي في النِّساءِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43]"، أي: كان النَّهْيُ في الصَّلاةِ فقط، والنَّهيُ المُتعلِّقُ بها في الصَّلاةِ هو السُّكْرُ لا الشُّرْبُ، "فكان مُنادي رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، أي: مُؤذِّنُهُ، "إذا أُقيمَتِ الصَّلاةُ يُنادي: ألا لا يَقْرَبَنَّ الصَّلاةَ سَكْرانُ، فَدُعِيَ عمرُ فقُرِئَتْ عليه"، أي: عُرِضَتْ عليه تِلك الآيةُ فَلَمْ تَشفِهِ، "فقال: اللَّهمَّ بَيِّنْ لنا في الخمرِ بيانًا شِفاءً"، أي: بَيِّنْ لنا فيها ما هو أَكْثَرُ من ذلك، "فنزلَتْ هذه الآيةُ":"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ"(المائدة: 90، 91).
، أي: يَنهى اللهُ عزَّ وجلَّ
صراحةً في تلك الآيةِ عن شُرْبِ الخمرِ، ويأمُر باجتنابِها؛ "فقال عُمَرُ:
انتهيْنا"، أي: كانتْ تلك الآيةُ بمَنزلةِ الفَصْلِ الَّذي كان يُريدُهُ عمرُ
بنُ الخطَّابِ في الخمرِ.
وفي الحديثِ: مَنْقَبَةٌ لِعمرَ بنِ الخطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه
أدلة تحريم الخمر من السنة المطهرة
عباد الله " وردت أحاديث كثيرة في
تحريم الخمر ولعن شاربها، وترتيب العقوبة عليها.
من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:
"كل مسكر حرام، وإن على الله عهداً لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة
الخبال." قالوا: وما طينة الخبال يا رسول الله؟ قال: "عرق أهل النار، أو
عصارة أهل النار" (مسلم).
وأجمع المسلمون على تحريم الخمر.
وقد عد العلماء تحريم الخمر من المعلوم
من الدين بالضرورة، فمن استحله فقد كفر، إلا أن يكون حديث عهد بالإسلام، أو نشأ في
غير بلاد المسلمين.