
ماذا رأى الرسول صلي الله عليه وسلم في رحلة المعراج؟
الحمدلله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد
فقدأخبرنا القرأن الكريم في سورتي الاسراء والنجم بأن هناك مرائي لرسول الله صلي الله عليه وسلم ومرائي كبري فقال تعالي :"سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾"
(الإسراء/1).
َوقال تعالي:"النَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ إِنْ هُوَ
إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَىٰ وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَىٰ ثُمَّ دَنَا
فَتَدَلَّىٰ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ
أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ إِذْ
يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ"(النجم/1-
18).
ومن هذه الأيات الكبري رؤية
جبريل على هيئته الحقيقية
رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في رحلة المعراج
المَلَكْ جبريل -عليه السلام- في صورته التي خلقه الله عليها، وهي خلقة عظيمة،
وآية من آيات الله، فهو مخلوق عظيم له ستمائة جناح، كل جناح منها حجمه مدّ البصر،
وقد رآه النبي مرتين على صورته الحقيقة، حيث رآه في الأفق الأعلى، وعند سدرة
المنتهى، والمقصود هنا أن الذي رآه النبي -صلى الله عليه وسلم- هو جبريل عليه
السلام، لكن ظَنَّ البعض أنه رأى ربه في رحلة المعراج، والصواب أنه لم يره، ودليل
ذلك قول عائشة -رضي الله عنها- عندما سُئلَّت عن ذلك قالت: أنه لم ير ربه، وقرأت
قول الله تعالى:"لا تُدرِكُهُ الأَبصارُ وَهُوَ يُدرِكُ الأَبصارَ" يعني: لا نرى
الله في الدنيا، أما في الآخرة فسوف يراه النبي -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنون
يوم الحساب، وفي الجنة، بإجماع أهل السنة والجماعة، بحيث يرونه رؤية ثابتة واضحة
بيقين لا شبهة فيه، ووضوحها ويقينها كرؤية الشمس والقمر، وهذه الرؤية خاصة بأهل
الإيمان، أما الكُفار فهم محجوبون عن رؤية الله -تعالى- بنص القرآن الكريم.
البُراق
رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- البُراق، وهو دابة أبيض طويل أكبر من الحمار وأصغر من البغل، سريع في التنقل.وهي الدابة التي ركبها النبي -صلى الله عليه وسلم- للانتقال من مكة المكرمة إلى بيت المقدس في رحلة الإسراء والمعراج.
عنأنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ، فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ , يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرَفِهِ، فَرَكِبْتُهُ، فَسَارَ بِي حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ..."(البخاري).إلى أخر الحديث الشريف.
في حياة النبي إبراهيم
الأنبياء
الأنبياء ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أثناء صعوده إلى السماء برفقة جبريل -عليه السلام- رأى في كل سماء نبيّاً أو أكثر من الأنبياء، وسلَّمَّ عليهم، على النحو الآتي: السماء الأولى: آدم عليه السلام. السماء الثانية: عيسى ويحيى عليهما السلام. السماء الثالثة: يوسف عليه السلام. السماء الرابعة: إدريس عليه السلام. السماء الخامسة: هارون عليه السلام. السماء السادسة: موسى عليه السلام. السماء السابعة: إبراهيم عليه السلام. ومما ثبت واتفق عليه العلماء أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلّى فيرحلة الإسراء والمعراج بالأنبياء إماماً، ولكنهم اختلفوا متى تم ذلك، فمنهم من قال أنه أمَّهم عند مَقْدِمه إلى المسجد الأقصى، ومنهم من قال أنه أمَّهم وهو يعرج إلى السماء، واختار ابن كثير أنه قد أمَّهم بعد أن نزل من العروج إلى بيت المقدس.
مالك صاحب النار
جاء في الأحاديث
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى في رحلة الإسراء والمعراج المَلَك خازن النار؛
وهو مالك عليه السلام، حتى إن مالك هو الذي بدأ النبي -صلى الله عليه وسلم-
بالسلام.
مَالِك "خازن النار" مَلَك من الملائكة، وهو المَلَك
المُكلّف بجهنم. وكبير خزنتها، جاء ذكره في القرآن الكريم وفي بعض الأحاديث
الواردة من سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، يُروى أن النبي محمد صلى الله
عليه وسلم لقيه في رحلة الإسراء والمعراج، وكذلك رآه مرّة في رؤيا أثناء نومه.
جاء ذكره في القرآن الكريم في سورة الزخرف:"وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ "(الزخرف/77).
صفته
جاء في صفاته أنه لا يضحك، قال ابن إسحاق: وحدثني بعض أهل العلم عمن
حدّثه عن رسول الله ﷺ، أنه قال: «تلقتني الملائكة حين دخلت السماء الدنيا، فلم
يلقني مَلَك إلا ضاحكًا مستبشِرًا، يقول خيرًا ويدعو به، حتى لقيني ملك من
الملائكة، فقال مثل ما قالوا، ودعا بمثل ما دعوا به، إلا أنه لم يضحك، ولم أر منه
من البِشر مثل ما رأيت من غيره، فقلت لجبريل : يا جبريل من هذا الملك الذي قال لي
كما قالت الملائكة ولم يضحك إلي، ولم أر منه من البِشر مثل الذي رأيت منهم؟ قال:
فقال لي جبريل: أما إنه لو ضحك إلى أحد كان قبلك، أو كان ضاحكا إلى أحد بعدك، لضحك
إليك، ولكنه لا يضحك، هذا مالك صاحب النار.»
ويُروى عن الصحابي سمرة بن جندب أن النبيّ محمد رآه في منامه، وكان
على صورة رجل كريه المرآة (أي كرية المنظر) كأكره ما أنت راء من الرجال.
نداء أهل النار له في الآخرة
يقول الله تعالى في سورة الزخرف:"وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ "(الزخرف:77).، وفي تفسير الآية ذكر القرطبي في تفسيره:
«وقال محمد بن كعب القرظي : بلغني - أو ذُكر لي - أن أهل النار استغاثوا بالخزنة فقال الله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ"(غافر:49).
فسألوا يومًا واحدًا يُخفف عنهم فيه العذاب، فردت عليهم: ﴿قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ"(غافر:50).
قال : فلما يئسوا مما عند الخزنة نادوا مالكًا، وهو عليهم وله مجلس في وسطها،
وجسور تمّر عليها ملائكة العذاب، فهو يرى أقصاها كما يرى أدناها فقالوا: «يَا
مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ» سألوا الموت، قال : فسكت عنهم لا يجيبهم
ثمانين سنة، قال: والسنة ستون وثلاثمائة يوم، والشهر ثلاثون يومًا، واليوم كألف
سنة مما تعدُّون، ثم لحظ إليهم بعد الثمانين فقال : «إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ» وذكر
الحديث، ذكره ابن المبارك.»».
البيت المعمور
البيت المعمور: وهو بيت يصلّي فيه كل يوم سبعون ألف ملك،
لا يعودوا إليه أبدًا، وقد ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري أن النبي -صلى
الله عليه وسلم- أثناء صعوده إلى السماء برفقة جبريل -عليه السلام- رأى البيت
المعمور، حيث قال: "فَرُفِعَ لي البَيْتُ المَعْمُورُ، فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ،
فَقالَ: هذا البَيْتُ المَعْمُورُ".
البيت المعمور وهو الذي يعمر بكثرة غاشيته وهو بيت فيما ذكر في السماء بحيال الكعبة من الأرض يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ثم لا يعودون فيه أبدًا.
ذكره
في القرآن الكريم
جاء ذكره في سورة الطور حيث أقسم الله به فقال تعالى:"وَالْبَيْتِ
الْمَعْمُور"(الطور/4).
في السنة النبوية
حدث ابن المثنى قال حدثنا ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة عن أنس بن
مالك عن مالك بن صعصعة رجل من قومه قال قال نبي الله ﷺ: رفع إلي البيت المعمور فقلت:
يا جبريل ما هذا؟ قال : البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا منه
لم يعودوا آخر ما عليهم.
وأخرج الطبري عن قتادة قال ذكر لنا رسول الله ﷺ قال: البيت المعمور مسجد في السماء بحذاء الكعبة لو خر لخر عليها يدخله سبعون ألف ملك كل يوم إذا خرجوا منه لم يعودوا، وأخرج الطبري أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: والبيت المعمور هو بيت حذاء العرش تعمره الملائكة يصلي فيه كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ثم لا يعودون إليه.
البيت المعمور وهذا بيت عظيم في السماء السابعة، فوق
السماء السابعة على الكعبة في الأرض، رأى إبراهيم مستندا إليه وهو على الكعبة، لو
سقط لسقط على الكعبة في السماء السابعة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: يدخله كل
يوم سبعون ألف ملك للتعبد ثم لا يعودون إليه. كل يوم يدخله سبعون ألف ملك للعبادة
في هذا البيت المعمور ثم يخرجون ولا يعودون إلى يوم القيامة، وهذا يدل على كثرة
الملائكة وأنهم ملايين لا تحصى سبحان الذي خلقهم وأمر بخدمته وعبادته سبحانه
وتعالى البيت المعمور
البيت المعمور وقيل :"البيت المعمور في السماء
السابعة، وهو كما جاء في الحديث بحيال الكعبة وحيال الكعبة هل معناه أنه فوقها
وهذا ليس بغريب والله على كل شيء قدير أو المعنى بإزائها بمعنى أنه كما تعمر
الكعبة من أهل الأرض يعمر البيت المعمور من أهل السماء الذي يهمنا أن البيت
المعمور في السماء السابعة وأنه يدخله في اليوم سبعون ألف ملك هذا أهم شيء
سدرة المنتهى
رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في رحلة المعراج الجنة
ونعيمها، ورأى سدرة المنتهى، ودليل ذلك قوله: "ورُفِعَتْ لي سِدْرَةُ
المُنْتَهَى".
وسدرة المنتهى شجرة عظيمة جدا (شَجَرَة - شجرة) وراء السماء السابعة، وسميت سدرة المنتهى لأن فيها ينتهي ما يصعد من الأرض وما ينزل من السماء مما ينزل من عند الله، من الوحي وغيره
قال الله عزوجل:"عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى"(النجم: 14
)..
معنى السدر: هو شجر النبق، والقرآن فيه إشارة بسيطة يفهم منها أن السدر ليس بشجر عظيم في الدنيا، قال الله جل وعلا عن قوم سبأ: {وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَي أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ} [سبأ:16]، قال بعض العلماء: إن هذا يدل على أن السدر ليس شجراً ذا بال، لكن هذا القول يمكن رده بما روى أبو داود في السنن بسند صحيح، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار يوم القيامة"(أبو داود).
فقيل - وهو قول الأكثرين -: إنه ينتهي إليها ما يعرج من الأرض، وقيل:
إنه حتى جبريل لا يتعداها، والله أعلم بالصواب، وهذا غيب لا نتكلف فيه، لكن نقول
إن سدرة المنتهى سدرة عظيمة بدليل أن الله لما أراد أن يعرف الجنة وصف الجنة بأنها
بجوار السدرة، فقال: "عِنْدَهَا"(النجم:15). أي: عند السدرة "جَنَّةُ الْمَأْوَى"(النجم:15)، وفي هذا دليل على أن الجنة في السماء السابعة.
فإن قيل لِمَ اختيرت السِّدرة لهذا الأمر دون غيرها من الشجر؟ قيل: لأن السِدرة تختص بثلاثة أوصاف: ظل مديد، وطعم لذيذ، ورائحة ذكية فشابهت الإيمان الذي يجمع قولًا وعملًا ونية؛ فظلها من الإيمان بمنزلة العمل لتجاوزه، وطعمها بمنزلة النية لكونها، ورائحتها بمنزلة القول لظهوره".
لماذا سُميت بهذا الاسم؟
وهي شجرة عظيمة جدا، فوق السماء السابعة، سميت سدرة المنتهى، لأنه ينتهي إليها ما يعرج من الأرض، وينزل إليها ما ينزل من الله، من الوحي وغيره، أو لانتهاء علم الخلق إليها - أي: لكونها فوق السماوات والأرض، فهي المنتهى في علوها أو لغير ذلك، والله أعلم. فرأى محمد صلى الله عليه وسلم جبريل في ذلك المكان، الذي هو محل الأرواح العلوية الزاكية الجميلة، التي لا يقربها شيطان ولا غيره من الأرواح الخبيثة"(تفسير السعدي).
لما أسري به في السماوات، وهي شجرة نبق عن يمين العرش لا يتجاوزها أحد من الملائكة وغيرهم"(تفسير الجلالين).
نهر الكوثر
رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في رحلة المعراج نهر الكوثر الذي خصّه الله به وأكرمه به، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "بيْنَما أنا أسِيرُ في الجَنَّةِ، إذا أنا بنَهَرٍ، حافَتاهُ قِبابُ الدُّرِّ المُجَوَّفِ، قُلتُ: ما هذا يا جِبْرِيلُ؟ قالَ: هذا الكَوْثَرُ".
ونهر الكوثر هو نهر من أنهار الجنة جاء ذكره في القرآن الكريم وسيرة
النبي محمد، فقد جاء في القرآن الكريم أن الله أعطاه للنبي محمد، وذلك في سورة
الكوثر: "إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ"(الكوثر:1).
صفته
بياضه بياض اللبن وأحلي من العسل وتربته أطيب من المسك ويجر علي الياقوت
"الكَوْثَرُ نهرٌ في الجنةِ حافَتَاهُ
من ذهبٍ ومَجْرَاهُ على الدُّرِّ والياقوتِ تُرْبَتُهُ أَطْيَبُ من المِسْكِ
وماؤُهُ أَحْلَى من العَسَلِ وأَبْيَضُ من الثَّلْجِ".
أن فيه حوض النبي ﷺ.
«بينا رسولُ اللهِ ﷺ ذاتَ يومٍ بين
أَظْهُرِنَا ، إذ أَغْفَى إغفاءةً ، ثم رفَعَ رأسَه مُتَبَسِّمًا! فقُلْنَا : ما
أضْحَكَكَ يا رسولَ اللهِ ؟ ! قال : أُنْزِلَتْ عليَّ آنفًا سورةٌ. فقرأ بسم الله
الرحمن الرحيم . إنا أعطيناك الكوثر . فصل لربك وانحر . إن شانئك هو الأبتر ثم
قال: أَتَدْرون ما الكوثرُ ؟ فقلنا : اللهُ ورسولُه أعلمُ . قال: فإنه نهرٌ
وعَدْنِيه ربي عزَّ وجَلَّ ، عليه خيرٌ كثيرٌ ، و حوضٌ تَرِدُ عليه أمتي يومَ
القيامةِ ، آنيتُه عددُ النجومِ ، فيَخْتَلِجُ العبدُ منهم ، فأقولُ : ربِّ ، إنه
مِن أمتي . فيقول : ما تدري ما أَحْدَثَتْ بعدَك . زاد ابنُ حجرٍ في حديثِه: بين
أَظْهُرِنَا في المسجدِ . وقال : ما أَحْدَثَ بعدَك .»
«أغفَى رسولُ اللهِ ﷺ إغفاءةً فرفع رأسَه متبسمًا فإمَّا قال لهم وإمَّا قالوا له يا رسولَ اللهِ لمَ ضحِكتَ قال رسولُ اللهِ ﷺ إنَّه أُنزلت عليَّ آنفًا سورةٌ ثمَّ قرأ بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ حتَّى ختمها فلمَّا قرأ قالﷺ هل تدرون ما الكوثرُ قالوا اللهُ ورسولُه أعلمُ قال ﷺ فإنَّه نهرٌ في الجنَّةِ وعَدنيه ربِّي عزَّ وجلَّ عليه خيرٌ كثيرٌ حوضي ترِدُ عليه أمَّتي يومَ القيامةِ آنيتُه عددَ الكواكبِ
والكوثر هو النهر الذي وعده الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم في الجنة ، وأصل كلمة الكوثر يدل على الكثرة والزيادة ، ففيه إشارة إلى كمال الخيرات التي ينعم الله تعالى بها على نبيه صلى الله وسلم في الدنيا والآخرة .
ولنهر الكوثر - الذي في الجنة - ميزابان ، يصبان في حوض ، وهو الحوض الذي يكون لنبينا صلى الله عليه وسلم في أرض المحشر يوم القيامة ، فنهر الكوثر في الجنة ، والحوض في أرض المحشر ، وماء نهر الكوثر يصب في ذلك الحوض ، ولهذا يطلق على كل من النهر والحوض ( كوثر ) ، باعتبار أن ماءهما واحد ، وإن كان الأصل هو النهر الذي في الجنة .
وقد ورد في الأحاديث جملة من صفات نهر الكوثر ، تجعل المؤمن في شوق
إلى ورود ذلك النهر ، والارتواء منه ، والاضطلاع من معينه ، فنهر الكوثر يجري من
غير شق بقدرة الله تعالى ، وحافاتاه قباب الدر المجوف ، وترابه المسك ، وحصباؤه
اللولؤ ، فما ظنك بجمال ذلك النهر وجلاله ، وما ظنك بالنعيم الذي حبى الله به نبيه
صلى الله عليه وسلم والمؤمنين من أمته .
النار
اطلع النبي -صلى الله عليه وسلم- في رحلة المعراج على بعض أحوال الذين يعذّبون في نار جهنم، ورأى أصناف متعددة منهم: الصنف الأول: الذين يخوضون في أعراض المسلمين، ويقعون في الغيبة، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (لما عُرِجَ بي مررتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخْمِشون وجوهَهم وصدورَهم، فقلتُ: من هؤلاء يا جبريلُ؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحومِ الناسِ).
الصنف الثاني: الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (مرَرْتُ ليلةَ أُسرِيَ بي على قومٍ تُقرَضُ شِفاهُهم بمَقاريضَ مِن نارٍ، قال: قلتُ: مَن هؤلاءِ؟ قالوا: خُطَباءُ أمَّتِكَ). الصنف الثالث: الذين يأكلون الربا، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (رَأَيتُ لَيلةَ أُسريَ بي رَجُلًا يَسبَحُ في نَهرٍ ويُلقَمُ الحِجارةَ، فسَأَلتُ: ما هذا؟ فقِيلَ لي: آكِلُ الرِّبا".
المعراج
وعلى الرغم من أن بعض العلماء يرى أنّ المعراج لم يثبت
في القرآن الكريم على وجه الصّراحة،
قال ابن حجر في فتح الباري وفي رواية ابن إسحاق سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لما فرغت مما كان في بيت المقدس اتي بالمعراج
فلم أر قط شيئا كان أحسن منه وهو الذي يمد إليه الميت عينيه إذا حضر فأصعدني صاحبي
فيه حتى انتهى بي إلى باب من أبواب السماء الحديث وفي رواية كعب فوضعت له مرقاة من
فضة ومرقاة من ذهب حتى عرج هو وجبريل وفي رواية لأبي سعيد في شرف المصطفى انه اتي
بالمعراج من جنة الفردوس وانه منضد باللؤلؤ وعن يمينه ملائكة وعن يساره
ملائكة"(فتح الباري - ابن حجر - ج ٧ - الصفحة ١٦٠).
فإنه قد أشير إليه في سورة النّجم في قوله سبحانه وتعالى: "وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى * لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى"(النجم، 13-18).
قال ابن كثير: وقد رأى النّبي "صلى الله عليه
وسلم" جبريل عليه السّلام، على هيئته التي خلقه الله سبحانه وتعالى عليها
مرّتين؛ حيث كانت الأولى عقب فترة الوحي، عندما كان النّبي "صلى الله عليه
وسلم" نازلًا من غار حراء، فرآه حينها على صورته، فاقترب منه، وأوحى إليه عن
الله عزّ وجلّ ما أوحى، وإليه أشار الله بقوله: (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى * ذُو
مِرَّةٍ فَاسْتَوى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى * ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى *
فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى * فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى) سورة
النجم، 5-10، والثّانية في ليلة الإسراء والمعراج عند سدرة المنتهى، وهي ما أشير
إليه في سورة النّجم بقوله سبحانه وتعالى: (وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى *
عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى"( النجم، 13-148 ).
هذه بعد مرائي رسول الله صلي الله عليه وسلم في المعراج
وصلي اللهم علي سيدنا محمد علي آله وصحبه وسلم