recent
أخبار عاجلة

التسامح والعفو في العلاقة الزوجية

 

التسامح والعفو في العلاقة الزوجية

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف  المرسلين 

فيتطلب الزواج الموفَّق الذي يَصمُد لأزمات الحياة وضُغوطها جهودًا مشتركة، يَبذلها كِلا الزوجين على مدى سنوات الزواج حتى يكون زواجهما ناجحًا؛ فالحياة بين أي زوجين لا تخلو من المشكلات والأخطاء مهما كان مدى سعادتِهما وتوفُّر التفاهم والمودَّة بينهما، ولا يُمكِن اعتبار الزواج زواجًا ناجحًا إلا إذا توفَّرت له عوامل التماسُك والاستقرار، والتي من أهمها التسامح والعفو، فمن منا لا يُخطئ، ولكن هناك الكثير من الأزواج يرون التسامح نوعًا من الضعف، فإذا غضب الزوج أو الزوجة - أصحاب هذا الرأي - من الطرف الآخر، فتراه يُقرِّر ألا يُكلمه حتى لا يظن به أنه ضعيف، ويقول في نفسه: عليه هو أن يكلمني أولاً ثم سأُسامِحه بعد ذلك

فالكثير من الأزواج والزوجات يعتقدون أن التسامح يعطي الآخَر الفرصة ليتحكَّم فيه، كما أنهم يرون أن التسامح معناه تقبُّل الإهانة، وكذلك يرون أن التسامح معناه نسيان الأمر تمامًا والتعوُّد على هذا الفعل فيما بعد، إن مشكلة هؤلاء الأزواج أنهم يَعجزون عن النظر إلى حاضرهم ويَنشغِلون بماضيهم.

ولكن هناك نوع آخَر من الأزواج يرون أن تذكُّر المشكلات الماضية والتفاعُل معها واستِحضارها والحزن عليها هو حمق وجُنون؛ بل هو قتل للإرادة وتبديد للحياة الحاضرة، فملف الماضي عند العقلاء يُطوى ولا يُروى، وينبغي أن يغلق عليه في زنزانة النسيان، ويقيَّد بحبال قوية في سجن الإهمال، فهؤلاء يرون أن الناس لا يَنظرون إلى الوراء ولا يلتفتون إلى الخلف؛ لأن الريح دائمًا تتَّجه إلى الأمام فلا يجب أن يخالفوا سنة الحياة، كما أن القراءة في دفتر الماضي هي ضياع للحاضر، وتمزيق للجهد، ونسف للساعة الراهنة؛ فقد ذكر الله الأمم وما فعلت، ثم قال - سبحانه وتعالى -:"تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ"(البقرة: 134).

فيَنبغي للزوجين أن يُصدِر كل منهما كل ليلة عفوًا عامًّا قبل النوم عن كل إساءة إليه من الطرف الآخَر، وبهذه الطريقة سوف يكسب كل منهما الأمن الداخلي والاستقرار النفسي والعفو من الرحمن الرحيم

الآثار المترتِّبة على عدم التسامح بين الزوجين:

عدم التسامح بين الزوجين سيُسبِّب أمرَين:

أولاً: زيادة الشعور والأحاسيس السلبية بينهما؛ فكلما فكر الإنسان في أمر سيئ، أو مشكلة مر بها، زادت مَشاعِره وأحاسيسه السلبية تجاه صاحِب هذا الأمر.

ثانيًا: سيُؤدِّي عدم التسامح إلى زيادة حدة المشكلة بينهما.

فائدة التسامح والعفو بين الزوجين

إن من يعفو ويصفح ينال عزَّ الدنيا وشرَف الآخِرة؛ فقد قال الله - تعالى -: "فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ"(الشورى: 40). فالصُّلح هنا مُقترِن بالعَفو؛ كما قال تعالى:" ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ "(فصلت: 34)، كذلك قوله - سبحانه وتعالى -:"وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"(آل عمران: 134).

فما أطيَبَ القلبَ الأبيض! وما أسعد صاحبه! وما أهنأ عيشه! ثم هل في هذا العمر القصير مساحة لتصفية الحسابات وتسديد فواتير العداوة؟ إن العمر أقصر من ذلك، والذي يذهب ليقتص من كل من أساء إليه وينتقم من كل من أخطأ في حقِّه سوف يعود بذهاب الأجر، وعِظَم الوزر، وضيق الصدر، وكثرة الهمِّ.

فيا أيها الزوجان، أنقِذا نفسَيكما من شبح الماضي، ولتكن حياتكما مليئة بالتسامح والعفو حتى تسعَدا في الدنيا والآخرة.

المسامحة خيار لا شعور، وأن يعتدي أحد الزوجين على الآخر أو أن يخطئ في حقه، لن يوقف الحياة المشتركة بينهما إلا إذا قرر أحدهما ذلك. لهذا تأتي أهمية المسامحة ودورها في استمرار العلاقة الزوجية، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة أن يكون الشخص الذي تسامحه يستحق ذلك، ولن يظن أنه تم التغاضي عما قام به من إساءة.

الفوائد الصحية

تقول المرشدة النفسية إليزابيث سكوت في مقال بعنوان "الفوائد الكثيرة للمسامحة" على موقع "فيري ويل مايند" إن التمسك بالآلام القديمة وخيبات الأمل والمضايقات الصغيرة والغضب، يعد مضيعة لوقتك وطاقتك. كما أن الاحتفاظ بكل هذا الأذى -الحقيقي أو المتخيل- لفترة طويلة، يجعله يتحول إلى شيء أكبر في النهاية كالكراهية والشعور بالمرارة الشديدة.

كذلك، يدفعك عدم التسامح إلى الإجهاد النفسي والعصبي والحياتي، مما يؤدي لا محالة إلى خسائر جسدية وعقلية، ويؤثر على أساس ومتانة العلاقة الزوجية. والأفضل من ذلك كله أن تشارك مشاعرك وتتخلص من الأذى النفسي من خلال طرحه على مائدة التحاور والبحث عن حلول.

يشير خبراء الصحة في جامعة جونز هوبكنز إلى أن فعل التسامح يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بأزمة قلبية، وخفض مستويات الكولسترول، وتحسين النوم، وتقليل الألم، وخفض ضغط الدم، وخفض مستويات القلق والاكتئاب والتوتر، وهذا ما أكدت عليه الدراسة التي أجريت عام 2017.

كيف تسامح؟

 إن تسامحك يستلزم عددا من الخطوات تشرحها فيما يلي:

 كن متقبلا لفكرة التسامح، واتخذ قرارا واعيا بمسامحة شريك حياتك.

عندما تومض صور المواقف المؤذية في عقلك، فكر في أمر آخر يشعرك بالهدوء ويبعدك عن الخوض في تلك الأفكار.

  امتنع عن تذكير زوجك بهذا الخطأ في وقت لاحق، ولا تستخدمه حجة متكررة للوم والعتاب.

  عليك أن تقبل أنه قد لا تعرف أبدا سبب التعدي أو السلوك الخطأ الذي ارتكب في حقك.

 لا تسع للانتقام لأن ذلك سيزيد من ألمك، ولن يجعلك تشعر بتحسن على أي حال.

 تذكر أن التسامح لا يعني أنك تتغاضى عن السلوك المؤذي.

 كن صبورا مع نفسك، فالقدرة على مسامحة زوجك تستغرق بعض الوقتن ولا تحاول القيام بالأمر حينما لا تكون مستعدا.

كيف تطلب السماح؟

إذا كنت أنت من تسبب في الأذى، يمكنك طلب الصفح في محاولة لإعادة بناء الثقة في علاقتك الزوجية. قال رسول الله ﷺ: "لا يَحِلُّ لرجُلٍ أن يَهجُرَ أخاهُ فوقَ ثلاثِ ليالٍ، يلتقِيانِ فيُعرِضُ هذا ويعرِضُ هذا، وخيرُهُما الَّذي يبدأُ بالسَّلامِ" (صحيح البخاري).

ولكن عليك أولا أن تظهر الندم الحقيقي على الألم الذي تسببت فيه، واعترف بأنك أذيت مشاعر زوجتك، فجميعنا نشعر بالأذى عندما يفعل الشخص الذي نحبه شيئا خاطئا، لذا ضع هذا الأمر في اعتبارك.

وكن على استعداد للالتزام بعدم إيذاء زوجتك مرة أخرى بتكرار نفس السلوك المؤذي. كما يجب عليك تقبل عواقب الفعل الذي سبب الأذى، والقيام بالتعديلات الضرورية المطلوبة لاستمرار الزواج.

عند الاعتذار، انتبه إلى أنه لا ينبغي القيام بالأمور التالية:

لا تستخدم كلمة "لكن" مطلقان ولا تستخدم الأعذار، ولا تقل "آسف" دون أن تعنيها.

عندما تخبر زوجتك أنك آسف، فهذا لا يجعل كل شيء على ما يرام.. هذا يعني ببساطة أنك تقر بأن شيئا ما غير صحيح، وعليك أن تتبعه بجهد للقيام بعمل أفضل في المرة القادمة.

وعليك أيضا أن تسامح نفسك في بعض الأحيان، بعد إدراك شدة الألم الذي سببته لعزيز عليك.. قد يكون من الصعب أن تسامح نفسك، لكن ذلك سيجعلك أكثر ثقة، حيث يمكنك العمل على أن تصبح زوجا أفضل.

حل مؤقت

وفقا للطبيبة النفسية كارين شوارتز على الموقع ذاته، فإن الجميع يرتكبون أخطاء، ولدينا جميعا لحظات غاضبة وسيئة، ومعظمنا يقول أشياء لا يقصدها بين الحين والآخر، لذا على الجميع أن يصفح ويسامح كي تستمر الحياة، لأنه لا يمكن الحفاظ على علاقة صحية -ولا سيما الزواج- لفترة طويلة من الزمن بدون المسامحة.

نعتبر هذا كله صحيحا تماما إذا كان الزوج الذي تسبب في الأذى يحاول جاهدا أن يحصل على هذا التسامح من زوجته، ولكن تكمن الصعوبة إذا كان زوجك غير نادم.

ووفقا لشوارتز فإنه إذا كان زوجك يسيء معاملتك أو يكذب عليك، أو لا يبذل أي جهد حقيقي لتغيير سلوكه على الرغم من جهودك في مسامحته، فقد يكون الوقت قد حان لإعادة تقييم علاقتك الزوجية بجدية.

لغة التسامح بين الزوجين.. كيف تطلب السماح وكيف تسامح؟

التسامح هو السمة الحضارية والتي تتباهي بها بإنسانيتك ورقيك، كما أن جميع الأديان قد كرست مفهوم التسامح ونادت به، وكما يقال في الماضي إن التسامح كان بالإصبع الصغرى وبذلك يتم التحرر من الاستياء والغضب.

وعندما يكون التسامح بين الزوجين فإنه يصبح لغة حب يتجاوز كل نقاط التماس، لا يستقر إلا في القلب.

مفهوم التسامح بين الزوجين

المسامحة الزوجية هي مفهوم واسع يشمل الحب والمودة، والعديد من التفاصيل الأخرى، منها العشرة والصفح والتفاهم. فأول شيء ترتكز عليه المسامحة بين الزوجين هو أن ينسى كل منهما ما بدر من الآخر من إساءات أو أخطاء، وألا تكون المسامحة فرصة للعبث بالماضي وفتح الأبواب المغلقة التي تمّ طيها.

كيفية التسامح

صُنفت خمس طرق مهمة لكيفية التسامح وهي:

1 – البحث عن الأسباب.

2 – نسيان الأمور الماضية وعدم استرجاعها.

3 – إعطاء الزوج بعض الوقت.

4 – التذكير بالمواقف الإيجابية

5- البحث عن طرق لتحسين وتجديد العلاقة الزوجية.

ويعتبر التسامح فن يجب عليك ان تجيد استخدام هذا الفن وعليك معرفة كيف تطلب التسامح وكيف تتسامح وهي على خطوتين

 كيف تطلب السماح؟

إذا كنت أنت من تسبب بالأذى، فيجب أن تطلب الصفح لإعادة بناء الثقة في علاقتك الزوجية. كما يجب عليك أن تظهر الندم الحقيقي على الألم الذي تسببت فيه، واعترف بأنك أذيت مشاعر (الشريك) وكن على استعداد للالتزام بعدم إيذائه مرة أخرى بتكرار نفس السلوك المؤذي. كما يجب عليك تقبل عواقب الفعل الذي سبب الأذى، والقيام بالتعديلات الضرورية المطلوبة لاستمرار الزواج.

كيف تسامح؟

يجب عليك معرفة الخطوات التالية لكي تسامح وتتقبل مبدأ التسامح وهي كما يلي:

كن متقبلاً لفكرة التسامح، واتخذ قراراً واعياً بمسامحة شريك حياتك.

عندما تومض صور المواقف المؤذية في عقلك، فكر في أمر آخر يشعرك بالهدوء ويبعدك عن الخوض في تلك الأفكار.

امتنع عن تذكير زوجك بهذا الخطأ في وقت لاحق، ولا تستخدمه حجة متكررة للوم والعتاب.

عليك أن تقبل أنه قد لا تعرف أبداً سبب التعدي أو السلوك الخطأ الذي ارتكب في حقك.

لا تسع للانتقام لأن ذلك سيزيد من ألمك، ولن يجعلك تشعر بتحسن على أي حال.

تذكر أن التسامح لا يعني أنك تتغاضى عن السلوك المؤذي.

كن صبوراً مع نفسك، فالقدرة على مسامحة زوجك تستغرق بعض الوقت ولا تحاول القيام بالأمر حينما لا تكون مستعداً.

أهمية التسامح بين الزوجين

يمكن تلخيص أهمية التسامح في العلاقة الزوجية بما يلي:

تقبل الآخر بإيجابياته وسلبياته هو أسمى أشكال الحب.

التسامح ينطوي على الاحترام والقبول والتقدير بين الزوجين.

التسامح يعطي مساحة من الراحة النفسية بين الزوجين.

التسامح يزيد الحب والتقدير بين الزوجين.

التسامح يجنب الزوجين الخلافات والمشاكل العائلية.

التسامح يرسخ الاستقرار والراحة النفسية في العلاقة الزوجية.

التسامح لا يتنافى مع الحوار المنطقي والعقلاني والنقاش البناء.

شعور تقبل الأخطاء والعمل المشترك على تصويبها وتصحيحها يعزز سلامة العلاقة الزوجية.

عدم الحاجة للجوء لشخص غريب عندما يكون التسامح هو أساس في العلاقة الزوجية، فيكتفي الزوجان ببعضهما البعض في تفادي المشاكل وحل المعيقات التي تواجههما.

في نهاية الأمر لن يستمر الزواج إلا إذا تعاون الزوجان في الحياة الأسرية، وذلك من خلال العلاقات القوية التي تقوم على التسامح، وما يمكنهما من مواجهة المشكلات الزوجية والحياتية، ولا بد للزوجين أن يتفقا منذ بداية الزواج على التسامح فيما بينهما، وأن يتقبل كل منهما الآخر بود لا ينتهي.

 

google-playkhamsatmostaqltradent