عقوبات ينتظرها سارق المال العام المختلس والغال والمرتشي ..الخ
سارق المال العام له شديد عقاب
أولاً :"خائن للأمانة وهوفي قعر جهنم
وقال القرطبي في تفسيره: أي يأتي به حاملاً له على ظهره وعلى رقبته، معذباً بحمله وثقله، ومرعوباً بصوته، وموبخاً بإظهار خيانته على رؤوس الأشهاد، ومن الغلول غلول الحكام والموظفين والعمال والولاة من الأموال العامة. اهـ.
وقيل: إنه يأتي حاملا إثمه، وقيل: إنه يمثل له في النار مثال ما غل ثم يكلف بحمله يوم القيامة، فقد جاء في البحر المحيط في التفسير: ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ـ ظاهر هذا أنه يأتي بعين ما غل، ورد ذلك في صحيح البخاري ومسلم ففي الحديث ذكر الغلول وعظمه وعظم أمره، ثم قال: لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء فيقول: يا رسول الله؛ أغثني فأقول: ما أملك لك من الله شيئا، قد أبلغتك ـ الحديث، وكذلك ما جاء في حديث ابن اللتبية: والذي نفسي بيده؛ لا يأخذ أحد منها شيئا إلا جاء به يحمله يوم القيامة على رقبته إن كان بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر ـ وروي عنه أيضا: وفرس له حمجة ـ وفي حديث مدعم: إن الشملة التي غلت من المغانم يوم حنين لتشتعل عليه نارا ـ ومجيئه بما غل فضيحة له على رؤوس الأشهاد يوم القيامة ـ وقال الكلبي: يمثل له ذلك الشيء الذي غله في النار، ثم يقال له: انزل فخذه، فينزل فيحمله على ظهره، فإذا بلغ صومعته وقع في النار، ثم كلف أن ينزل إليه فيخرجه، يفعل ذلك به، وقيل: يأتي حاملا إثم ما غل، وقيل: يؤخذ من حسناته عوض ما غل، وقد وردت أحاديث كثيرة في تعظيم الغلول والوعيد عليه. اهـ.
وفي تفسير الخازن: معاني التنزيل: ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ـ يعني بالشيء الذي غله بعينه يحمله على ظهره يوم القيامة ليزداد فضيحة بما يحمله يوم القيامة، وقيل: يمثل ذلك الشيء في النار ثم يقال له: انزل فخذه، فينزل فيحمله على ظهره، فإذا بلغ موضعه وقع ذلك الشيء في النار فيكلف أن ينزل إليه ليخرجنه، يفعل به ذلك ما شاء الله، وقيل: معناه أنه يأتي بإثم ما غله فيجازى به يوم القيامة. اهـ.
الرشوة هي ما يُعطى لإبطال حق أو إحقاق باطل ، وهي محرمة ، بل هي من الكبائر ، فقد قال الله تعالى :"وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ"(البقرة/188) .
قال الذهبي - رحمه الله تعالى - : " لا تُدلوا بأموالكم إلى الحكام : أي لا تصانعوهم بها ولا ترشوهم ليقتطعوا لكم حقـًا لغيركم وأنتم تعلمون أن ذلك لا يحل لكم " .اهـ .
ولا شك أن الذي يأخذ الرشوة إنما يأكل سُحتـًا ، وقد ذم الله تعالى هذا الصنف من الناس ، وشنَّع عليهم أشد التشنيع ، فقال تعالى : "وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"(المائدة/62)
الرشوة سبب اللعنة
ولأن الرشوة إذا شاعت في المجتمعات فإنها تؤدي إلى ضياع الحقوق وشيوع
الظلم وانتشار الفساد ، فقد لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تعامل بها ،
فعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال :"لعن رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - الراشي والمرتشي"(الترمذي وأبو داود) .
كما بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما سيلقاه المرتشي من
العقوبة ، وما يلحقه من الإثم حين استعمل رجلاً ، فلما قدم قال : هذا لكم وهذا
أُهدي لي ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر وقال : "ما بال
عاملٍ أبعثه فيقول : هذا لكم وهذا أُهدي لي ! أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه
حتى ينظر أيُهدى إليه أم لا ؟ والذي نفس محمد بيده ، لا ينال أحد منكم منها شيئـًا
إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه ، بعير له رغاء ، أو بقرة لها خوار ، أو
شاة تيعر فالذي يأكل الرشوة إنما يحملها على عاتقه إثمـًا عظيمـًا ، يُسأل عنها
يوم القيامة .
ومما ينبغي أن يُعلم أن الرشوة حرام على الآخذ مطلقـًا ، أما بالنسبة للدافع ففيها تفصيل ؛ فتكون حرامـًا في حقه إن كان دفعها لاقتطاع حق غيره أو لظلمه ، إما إن كان مضطرًا لدفعها للحصول على حقٍ هو له ، أو لدفع ظلم ، أو ما شابه ذلك فهي في حقه ليست حرامـًا .. والله تعالى أعلم .
الفرق بين الرشوة والهدي
إن هناك فرقـًا مهمـًا بين الرشوة والهدية - وإن اشتبها في الصورة - والفرق راجعٌ أساسـًا إلى القصد ، إذ أن القصد في الرشوة هو التوصل إلى إبطال حق ، أو تحقيق باطل ، أما المُهدي فقصده استجلاب المودة والمعرفة والإحسان .
ومن أهم المضار والمفاسد المترتبة على الرشوة أنها
1) تُغضب الله جل وعلا وتجلب على صاحبها العذاب واللعنة .
2) تُفسد المجتمع حكامـًا ومحكومين .
3) تُبطل حقوق الضعفاء والمظلومين .
4) المرتشي تُشد يساره إلى يمينه ثم يُرمى به في جهنم .
رابعاً:"
يحرم من ثواب الشهادة في سبيل الله والصلاة عليه وشفاعةالمسلمين.
فالغُلولُ مِن الغَنائمِ قبْلَ أنْ تُقسَّمَ كَبيرةٌ مِن الكبائرِ،وهي حَقٌّ مُشْترَكٌ بيْنَ المُسلِمينَ، وقد بيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهوسلَّمَ عُقوبةَ مَن يَفعَلُ ذلك.
حينما قال النَّاسُ علي رجل مات علي أثر سهم في المعركة : هَنِيئًا له الشَّهَادَةُ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بَلْ، والذي نَفْسِي بيَدِهِ، إنَّ الشَّمْلَةَ الَّتي أصَابَهَا يَومَ خَيْبَرَ مِنَ المَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا المَقَاسِمُ، لَتَشْتَعِلُ عليه نَارًا. فَجَاءَ رَجُلٌ حِينَ سَمِعَ ذلكَ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بشِرَاكٍ -أوْ بشِرَاكَيْنِ- فَقَالَ: هذا شَيءٌ كُنْتُ أصَبْتُهُ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: شِرَاكٌ -أوْ شِرَاكَانِ- مِن نَارٍ."(البخاري).
خامساً :" متخوض في مال الله لأنه غشاش متخوض فهوفي النار
سادساً:"لايشبع منه في الدنيا أبدا "أخذه بغيرحق فهو كالذي يأكل ولايشبع"كما قال صلي الله عليه وسلم :" وإنَّ هذا المَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَنِعْمَ صَاحِبُ المُسْلِمِ ما أعْطَى منه المِسْكِينَ واليَتِيمَ وابْنَ السَّبِيلِ
-أوْ كما قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وإنَّه مَن يَأْخُذُهُ بغيرِ حَقِّهِ، كَالَّذِي يَأْكُلُ ولَا يَشْبَعُ، ويَكونُ شَهِيدًا عليه يَومَ القِيَامَةِ"(البخاري).
عباد الله :" اشترى عبدالله بن عمر بعيرين فألقاهما في إبل الصدقة فسمنا وعظما وحسنت هيئتهما قال: فرآهما عمر فأنكر هيئتهما، فقال: لمن هذان، قالوا: لعبد الله بن عمر، فقال: بعهما وخذ رأس مالك ورد الفضل في بيت المال.وفي رواية :"فقال: ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين، اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين، يا عبد الله بن عمر، اغد على رأس مالك، واجعل باقيه في بيت مال المسلمين."(البيهقي).
#ليت الذين يستغلون مناصبهم وكراسيهم فى الحصول على الهدايا والرشاوى والعمولات والإكراميات يستفيدون شيئاً من هذه القصص فلووزعت الهدايا والأموال التي يحصلون عليها على فقراء المسلمــــين لما مد أحد يده .. !!ولو كان منهم من هويرد الأموال المنهوبة لما واجهنا أزمة، ولو كان هناك من يُسدِي النصيحة كسيدنا علي لاستقامت الأمة..
فالله الله في أنفسكم وأعمالكم ،قبل أن ينتهى العمر ويضيع كل شيئ .
اللهم أرنا الحق حــقاً وارزقنا إتباعه ،وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه