
ماهي الحياة الطيبة التي ذكرت في القرأن؟
قال تعالي:" مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ
أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"(النحل/97).
قوله تعالى : من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون هذا وعد من الله تعالى لمن عمل صالحا - وهو العمل المتابع لكتاب الله تعالى وسنة نبيه من ذكر أو أنثى من بني آدم ، وقلبه مؤمن بالله ورسوله ، وإن هذا العمل المأمور به مشروع من عند الله - بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا وأن يجزيه بأحسن ما عمله في الدار الآخرة .
والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانتوفي الحياة الطيبة خمسة أقوال :"
الأول:" أنه الرزق الحلال ; قاله ابن عباس وسعيد بن جبير وعطاء والضحاك .
الثاني :"القناعة ; قاله الحسن البصري وزيد بن وهب ووهب بن منبه ، ورواه الحكم عن عكرمة عن ابن عباس ، وهو قول علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - .
الثالث :" توفيقه إلى الطاعات فإنها تؤديه إلى رضوان الله ; قال معناه الضحاك . وقال أيضا : من عمل صالحا وهو مؤمن في فاقة وميسرة فحياته طيبة ، ومن أعرض عن ذكر الله ولم يؤمن بربه ولا عمل صالحا فمعيشته ضنك لا خير فيها .
الرابع :" الجنة وقال مجاهد وقتادة وابن زيد : هي الجنة ، وقاله الحسن ، وقال : لا تطيب الحياة لأحد إلا في الجنة .
الخامس:" السعادة في الدنيا والأخرة ، روي عن ابن عباس أيضا . وقال أبو بكر الوراق : هي حلاوة الطاعة . وقال سهل بن عبد الله التستري : هي أن ينزع عن العبد تدبيره ويرد تدبيره إلى الحق . وقال جعفر الصادق : هي المعرفة بالله ، وصدق المقام بين يدي الله . وقيل : الاستغناء عن الخلق والافتقار إلى الحق . وقيل : الرضا بالقضاء .
وقال الضحاك : هي الرزق الحلال والعبادة في الدنيا ، وقال الضحاك
أيضا : هي العمل بالطاعة والانشراح بها .
والصحيح أن الحياة الطيبة تشمل هذا كله كما جاء في الحديث عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " قد أفلح من أسلم ورزق كفافا ، وقنعه الله بما آتاه "(مسلم وأحمد) .
و عن فضالة بن عبيد أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " قد أفلح من هدي إلى الإسلام ، وكان عيشه كفافا ، وقنع به " .(الترمذي والنسائي وقال الترمذي : هذا حديث صحيح) .
عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله لا يظلم المؤمن حسنة يعطى بها في الدنيا ويثاب عليها في الآخرة ، وأما الكافر فيعطيه حسناته في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة ، لم تكن له حسنة يعطى بها خيرا"( مسلم).
ولنجزينهم أجرهم أي في الآخرة . بأحسن ما كانوا يعملون وقال :"فلنحيينه"
ثم قال "ولنجزينهم " لأن من يصلح للواحد والجمع ، فأعاد مرة على اللفظ ومرة على المعنى
. وقال أبو صالح : جلس ناس من أهل التوراة وناس من أهل الإنجيل وناس من أهل الأوثان
، فقال هؤلاء : نحن أفضل ، وقال هؤلاء : نحن أفضل ; فنزلت .
"وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ " في الآخرة "أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " من أصناف اللذات مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. فيؤتيه الله في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة..