
الإسراف في الماء كالمقامرة بالمال
أوجه الشبه بين المقامرة بالمال والمقامرة بالماء
كلاهما كبيرة من الكبائر
الإسراف في الماء نجد أنه قريب الشبه بالمقامرة بالمال
النهي عن تلوث الماء وتلوث المال سواء بسواء
وجه الشبه بين الماء والمال في المبني والمعني
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد فقد حرم الله عزوجل التبذير والإسراف فقال تعالي "يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ "(الأعراف/31).
عباد الله :" والإسراف إما أن يكون بالزيادة على القدر الكافي والشره في المأكولات الذي يضر بالجسم، وإما أن يكون بزيادة الترفه والتنوق في المآكل والمشارب واللباس، وإما بتجاوز الحلال إلى الحرام. " إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ " فإن السرف يبغضه اللّه، ويضر بدن الإنسان ومعيشته، حتى إنه ربما أدت به الحال إلى أن يعجز عما يجب عليه من النفقات، ففي هذه الآية الكريمة الأمر بتناول الأكل والشرب، والنهي عن تركهما، وعن الإسراف فيهما.
أوجه الشبه بين المقامرة بالمال والمقامرة بالماء
كلاهما كبيرة من الكبائر
وعندما يكون الإسراف في المال مقمارة وميسر ويعده الشرع من الكبائر يأتي النهي من الله عز وجل قَالَ تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر والأنصاب والأزلام رِجْس من عمل الشَّيْطَان فَاجْتَنبُوهُ لَعَلَّكُمْ تفلحون إِنَّمَا يُرِيد الشَّيْطَان أَن يُوقع بَيْنكُم الْعَدَاوَة والبغضاء فِي الْخمر وَالْميسر ويصدكم عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ .
وَالْميسر: هُوَ الْقمَار بِأَيّ نوع كَانَ ، نرد أَو شطرنج أَو فصوص أَو كعاب أَو جوز أَو بيض أَو حَصى أَو غَيره، وَهُوَ من أكل أَمْوَال النَّاس بِالْبَاطِلِ الَّذِي نهى الله عَنهُ بقوله: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ ، وداخل فِي قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن رجَالًا يتخوضون فِي مَال الله بِغَيْر حق فَلهم النَّار يَوْم الْقِيَامَة ، وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَالَ لصَاحبه تَعَالَ أقامرك فليتصدق ؛ فَإِذا كَانَ مُجَرّد القَوْل يُوجب الْكَفَّارَة أَو الصَّدَقَة؛ فَمَا ظَنك بِالْفِعْلِ" انتهى من "الكبائر" ص88.
ومما يدل على ذلك: كل نص في
تحريم أكل المال بالباطل والوعيد عليه، كقوله صلى الله عليه وسلم يقول: كُلُّ
جَسَدٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِه" الطبراني و الترمذي ) من
حديث كعب بن عجرة بلفظ: إِنَّهُ لَا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلَّا
كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ" (الترمذي) .
وعندما يكون الإسراف في الماء
نجد أنه قريب الشبه بالمقامرة بالمال..
فكما جعل المال عصب الحياة وزينة الحياة الدنيا قال تعالى"الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا"(الكهف/46).
" فجعل الماء هو الحياة قال تعالى" أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ"(الأنبياء/30)
وكما نهى عن التبذيروالإسراف في المال نهى عن التبذير في الماءعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِسَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ : مَا هَذَا السَّرَفُ يَا سَعْدُ ؟ قَالَ : أَفِي الْوُضُوءِ سَرَفٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ"( أحمد وابن ماجة).
ولنعلم أن الإكثار من استخدام الماء في الوضوء أو الغسل داخل في قول الله تعالى :"ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين" ولهذا قال الفقهاء رحمهم الله : يكره الإسراف ولو كان على نهر جار ، فكيف إذا كان على مكائن تستخرج الماء ؟ فالحاصل : أن الإسراف في الوضوء وغير الوضوء من الأمور المذمومة "
أوجه الشبه في النهي عن تلوث الماء وتلوث المال سواء بسواء
عباد الله :"وجه الشبه بين الماء والمال في التلوث فالماء اذا تلوث نتن وعطن ولا ينتفع به
وكما لعن رسول الله صلى الله عليه" المتخوضين في مال الله بغيرحق وأوجب لهم النار فقال"إنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ في مَالِ اللَّهِ بغيرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَومَ القِيَامَةِ"(البخاري).
حذر من لعنة التهجم علي تلوث الماء وإفساده
عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله ﷺ: اتَّقوا اللَّعَّانين: الذي يتخلَّى في طريق الناس، أو ظلّهم "( مسلم).وزاد أبو داود: عن معاذٍ: والموارد، ولفظه: اتَّقوا المَلاعِنَ الثلاثة: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظلّ.ولأحمد عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أو نطع ماء،وأخرج الطبراني النَّهي عن قضاء الحاجة تحت الأشجار المُثمرة، وضفَّة النهر الجاري".وقد نهى الإسلام عن التلوث المائي "نهى رسول الله عن التبول في طريق الناس وظلم ومستحمهم"فَعَنْ جابرٍ رضيَ اللهُ عنه عنِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم: "أنهُ نَهَى أنْ يُبالَ في الماءِ الرَّاكِد"، وعنهُ أيضًا: "نَهَى أنْ يبالَ في الماءِ الجاري"، وشدّدَ الإسلامُ النَّكيرَ على كُلِّ مَنْ تَصرُّفَ تَصرُّفًا أو سلَكَ سُلُوكًا حَرَمَ بسببِهِ الماءَ مِنْ صفَائِه، وطهارتِهِ ونقائِهِ، فعَنْ معاذٍ -رضيَ اللهُ عنه- قال: قالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم:"اتقوا الملاعِنَ الثلاثَ: البُرازُ في المَواردِ وقارعةِ الطَّريقِ والظِلِّ"، والمرادُ بالمواردِ مواردُ المياه.
إنَّ أيَّ سلوكٍ أو تصرُّفٍ ينتجُ عنهُ تلوّثُ المياهِ هو إيذاءٌ نَهَى اللهُ -عزَّ وجلَّ- عنهُ فقال:"وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا"(الْأَحْزَابِ: 58)،
وهو أيضًا ضرارٌ نهى عنهُ الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- فقالَ: "لا ضَرَرَ ولا ضِرار".
والإسلام دِينُ رقي وحضارة ينأى بمصادر المياه عن كل ما يكدر صفاءها، ويلوث نقاءها، فنهى عن البول في الماء، قال عليه الصلاة والسلام:" لاَ يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي المَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لاَ يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ"؛ رواه البخاري ومسلم، وعن جابر عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ "(مسلم).
ولأن في ذلك تنجيساً
للماء وإيذاء لمستعمليه، فكل سلوك ينتج عنه تلوث المياه أو إهدارها هو إيذاءٌ
وضررٌ منهي عنه في الإسلام.
وعندذكرالحديث عن تلوث المال فنهي عن اختلاط المال الحرام بالمال الحلال وجعلَ اللهُ سُبحانَه المالَ قِيامًا للناسِ تَقومُ به مَصالحُ دِينِهمْ ودُنياهُمْ، وبيَّن أنَّ كَسْبَه وإنفاقَه يَنْبغي أنْ يكونَ مِن الحلالِ وإلى الحلالِ المَشروعِ. قال تعالي:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ"(النساء/29).قال السدي :"أما " أكلهم أموالهم بينهم بالباطل "، فبالرّبا والقمار والبخس والظلم إلا أن تكون تجارة "، ليربح في الدرهم ألفًا إن استطاع.
فنهي عن الربا والسرقة والغلول والرشوة والخمر والميسر القمار.. الخ فإذا اختلط الحرام بالحلال فسد المال كله لأن المال الحرام هو سم قاتل،
فكما قالوا عنه "جمع الحرام على الحلال ليكثره، دخل الحرام على الحلال فبعثره".
أوجه الشبه في أن كلاهما نعمة
عباد الله :" وهناك وجه شبه كبير بين الماء والمال بأن كلاهما نعمة
فمن أجل النعم نعمة الماء، فهو سر الوجود، وأرخص موجود، وأغلى مفقود، وأساس الحياة كما أخبر ربنا المعبود:"وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ "(الأنبياء: 30)، وإنزال الماء أمر بيد الله تعالى، لا بيد غيره، فهو القائل:"وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ "(الحجر: 22)، وهو من صور رحمة الله بعباده، وقد يمسك رحـمته لحكمة يعـلمها سبحانه، :" مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ "(فاطر: 2).
وكذلك الماء غيثاً فقد سماه الله غيثاً"وينزل الغيث" فهويغيث الكائنات الحية جميعآ من الهلاك َالدمارفلولا الماءُ ما كان إنسانٌ وما عاش حيوانٌ وما نبت زَرْعٌ أو شَجَر، فمِنَ الماءِ يَشربُ الإنسانُ ومنهُ يَخرجُ المَرعَى، وبهِ تُكْسى الأرضُ بِساطًا أَخضرَ؛ فتبدو للناظرين أَجْملَ وأَنضرَ، يقولُ الرسولُ -صلى الله عليه وسلم: "كلُّ شيءٍ خُلِقَ مِنْ ماء"لما قال له الصجابي أنبِئني عن كلِّ شيءٍ. قالَ:"كلُّ شيءٍ خُلقَ من الماءِ"(الهيثمي).
وعند الحديث عن المال :"
عباد الله:" وإذا كان الماء هو الحياة ومنه كل شيء حي فالمال عصب الحياة و المال زينة الحياة الدنيا كلها به يتعبد المسلم وبه يسعد ويهنأ ..المال والبنون زينة الحياة الدنيا لأن في المال جمالاً ونفعاً ، وفي البنين قوة ودفعا ، فصارا زينة الحياة الدنيا ،
المال عصب الحياة، وزينة للأحرار، وبهجة للنفس والروح المؤمنة، فمن لم يجد قوت يومه، ضل واضطرب، وضاع وطاش قلبه وعقله، والعاقل كل العاقل؛ من يسعى في بداية عمره أن يعز نفسه ويغتني عن الخلق. قال سعيد بن المسيب: "لا خير فيمن لا يكسب المال ليكف به وجهه، ويؤدي بها أمانته، ويصل بها رحمه"
وجه الشبه بين الماء والمال في المبني والمعني
عباد الله :" وهناك وجه الشبه بين الماء والمال في المبني والمعني في الحروف الأربعة عدا الحرف الأخير هوالذي يميز هذا عن ذاك فهذا ماء وذاك مال
وجه الشبه بين المال والماء
فكلاهما نعمة من الله لا يستغني الإنسان عن أحدهما وإن كانت حاجة الإنسان للماء
أشد لأن منه وفيه الحياة وجعلنا من الماء كل شيء حي
وجه الشبه بين المال والماء في
العقوبة عند التفريط والإفراط فنقطة ماءتساوي حياة والقرش الأبيض ينفع في اليوم الذي
يحتاج فيه الإنسان لقضاء الحوائج
وجه الشبه بين الماء والمال
فكلاهما طهارة قال تعالى في شان الماء" وننزل من السماء ماء ليطهركم به"
وقال تعالى في شان المال "خذ من أموالهم صدقة تزكيهم وتطهرهم بها وصل عليهم أن صلاتك سكن لهم"