recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة أريد أن أتوب من سرقة المال العام ولكن ؟ لفضيلة الشيخ عبدالناصر بليح

 


أريد أن أتوب من سرقة المال العام ولكن ؟

تعريف المال العام وحكم الاعتداء عليه

كيفيَّة التوبة من سرقة المال العام

عمربن الخطاب نموذجاً لرد المال لبيت المال


الحمد لله رب العالمين واشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له في سلطانه وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداًعبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه القائل:"لا إيمان لمن لا أمانة له,و لا دين لمن لا عهد له " اللهم صلاة وسلاماً عليك ياسيدي يارسول الله وعلي آلك وصحبك أجمعين أما بعد فياعبادالله

يقول الله تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ "(الأنفال/27).

عباد الله حديثنا إليكم اليوم عن حرمة المال العام وكيفية التوبة من سرقته

تعريف المال العام وحكم الاعتداء عليه

 المال العام هو كل ما تملكه الدولة و أجهزتها و شركاتها و بنوكها من أموال سائلة أو عينية كالمبانى و الأراضى و الآلات و المعدات و الأجهزة و الآثار , و وسائل النقل و الخدمات و المرافق و غيرها مما هو مخصص للمنفعة العامة وانتهاك حرمة المال العام يأخذ ست صور هى الغلول – الرشوة – الإسراف- الإهمال – الإختلاس – التدليس

حكم الاعتداء على المال العام:

عباد الله :"

إنَّ مِن أخطَر القضايا التي تُهدِّد الأمنَ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، الاعتداء على المال العام، والتي أخَذتْ صُوَرًا شتَّى؛ منها: السَّرِقات، والاختِلاسات، والرِّشوة، والغلول، وخيانة الأمانة، والتعامل بالربا، فالله - عزَّ وجلَّ - حَذَّرنا من هَدْره وصَرْفه في غير حِلِّه؛ كما قال: النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -:"إنَّ الله حرَّم عليكم عقوقَ الأُمَّهات ووَأْدَ البَنَات، ومَنْعًا وهَات، وكَرِه لكم قِيل وقَال، وكَثرة السؤال، وإضاعة المال"(البخاري).

وبيَّن عزَّ وجلَّ  أنَّ الإنسان جَمُوع مَنوع، يحبُّ جَمْعَ المال، ويَبْخل بإخراجه؛ ففي التنْزِيل الحكيم:" وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا"(الفجر: 20).

لأنَّ الإنسان مركَّبٌ فيه صِفَتا الظُّلْم والجهل، فيَظلم نفسَه ويَجهل حقَّ غيرِه عليه؛:"إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً"(الأحزاب: 72).

ولا خِلافَ بين الفقهاء في أنَّ مَن أتْلفَ شيئًا من أموال بيت المال بغير حقٍّ، كان ضامِنًا لِمَا أتْلَفَه، وأنَّ مَن أخَذَ منه شيئًا بغير حقٍّ لَزِمَه ردُّه، أو ردُّ مِثْله إنْ كان مثليًّا، وقِيمته إنْ كان قِيميًّا، وإنما الخلاف بينهم في قَطْع يدِ السارق من بيت المال، فأبوحنيفة تقطع يده وحنبل لاتقطع ومالك تقطع يد السارق من بيت المال.

ويجب على ولِيِّ الأمر أنْ يأخذَ على أيدي هؤلاء - سارقي المال العام - والمصيبة تَعْظُم إذا كان القائمون عليه سُرَّاقًا ولُصُوصًا،كما فعل رسول الله صلي الله عليه وسلم حينما  اسْتَعْمَلَ ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ علَى صَدَقاتِ بَنِي سُلَيْمٍ، فَلَمَّا جاءَ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وحاسَبَهُ، قالَ: هذا الذي لَكُمْ، وهذِه هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي، فقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ:" فَهَلَّا جَلَسْتَ في بَيْتِ أبِيكَ وبَيْتِ أُمِّكَ حتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إنْ كُنْتَ صادِقًا! ثُمَّ قامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَخَطَبَ النَّاسَ وحَمِدَ اللَّهَ وأَثْنَى عليه، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنِّي أسْتَعْمِلُ رِجالًا مِنكُم علَى أُمُورٍ ممَّا ولَّانِي اللَّهُ، فَيَأْتي أحَدُكُمْ فيَقولُ: هذا لَكُمْ، وهذِه هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي، فَهَلَّا جَلَسَ في بَيْتِ أبِيهِ وبَيْتِ أُمِّهِ حتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ إنْ كانَ صادِقًا! فَواللَّهِ لا يَأْخُذُ أحَدُكُمْ مِنْها شيئًا -قالَ هِشامٌ: بغيْرِ حَقِّهِ- إلَّا جاءَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَومَ القِيامَةِ، ألَا فَلَأَعْرِفَنَّ ما جاءَ اللَّهَ رَجُلٌ ببَعِيرٍ له رُغاءٌ، أوْ ببَقَرَةٍ لها خُوارٌ، أوْ شاةٍ تَيْعَرُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حتَّى رَأَيْتُ بَياضَ إبْطَيْهِ: ألَا هلْ بَلَّغْتُ؟ا"(البخاري).

 شَدَّد الشَّرعُ على مُحاسبةِ العمَّالِ والمَرؤوسينَ على ما وُلُّوا عليه، وحَذَّر النَّبيُّ صلَّى

 اللهُ عليه وسلَّم مِن سُوءِ عاقبةِ مَن يَأخُذُ ما ليْس له بحقٍّ مِن الحكَّامِ والوُلاة..

وقد قال ابن تيميَّة - في بيان ما يجبُ على ولاة أمور المسلمين في الأموال العامة -: "وليس لولاة الأموال أنْ يَقْسموها بحسب أهوائهم، كما يَقسم المالك مِلْكَه، فإنَّما هم أُمَناء ونوَّاب ووُكلاء، ليسوا مُلاَّكًا؛ كما قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم :"إني والله، لا أُعطي ولا أمنعُ أحدًا، وإنما أنا قاسمٌ أضَعُ حيث أمرت "، ثم قال: "فهذا رسول ربِّ العالمين، قد أخْبَرَ أنه ليس المنْعُ والعطاء بإرادته واختياره، كما يَفعل ذلك المالك الذي أُبيح له التصرُّف في ماله"

والله عزَّ وجلَّ توعَّد بالوعيد الشديد لِمَن أخَذَ من المال العام شيئًا، فقال:"وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ"(آل عمران: 161).

أريد أن أتوب من سرقة المال العام ولكن ؟

عباد الله :" الاعتداء على المال العام أمرٌ خطير، وذنبٌ عظيم، وجُرْمٌ كبير، والواجبُ على مَن أخَذَ منه شيئًا أنْ يتوبَ إلى الله - تعالى - وأنْ يَرُدَّ ما أخَذَ؛ لأنَّ الأصلَ في المال العام أو شِبه العام - ونعني به مال الدولة والمؤسَّسات العامَّة والشركات الخاصَّة - هو المنْعُ، وخصوصًا أنَّ نصوصَ الكتاب والسُّنة قد شدَّدتِ الوعيد في تناول المال العام بغير حقٍّ، وقد جعَلَ الفقهاءُ المالَ العام بمنزلة مال اليتيم؛ في وجوب المحافظة عليه، وشِدَّة تحريم الأخْذِ منه، ويُستثنَى من ذلك ما تَعَارَف الناس على التسامح فيه من الأشياء الاستهلاكيَّة، فيُعْفَى عنه باعتباره مأْذونًا فيه ضِمنًا، على ألاَّ يتوسَّعَ في ذلك؛ مُرَاعاة لأصْل المنْع، على أنَّ الوَرَع أوْلَى بالمسلم الحريص على دينه؛ "ومَن اتَّقى الشُّبهات، فقدِ استبرَأَ لدينه وعِرْضه"(البخاري ومسلم).

والقائم بالاعتداء على المال العام بسرقة أو نهب ونحوه، مُعْتَدٍ على عموم المسلمين لا على الدولة فقط، ومَن أخَذَ شيئًا من هذا، فإنه لا يَملكه، والواجب عليه رَدُّه إلى بيت المال - خزينة الدولة - لِمَا روى  عن سَمُرة بن جُنْدَب - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: "على اليدِ ما أخَذَتْ، حتى تُؤَدِّيَه"(أحمد وأبو داود والترمذي).

قال ابن قُدامة - رحمه الله -: "إذا ثبَتَ هذا، فمَن غصب شيئًا، لَزِمَه رَدُّه إنْ كان باقيًا بغير خِلافٍ نَعْلَمه"

وهذا الردُّ مِن تمام التوبة، فإنه يُشترط لصحة التوبة رَدُّ المظالِم والحقوق إلى أهلها، مع الندَم والاستغفار، والعَزْم على عدم العود لذلك، لكن إذا تعذَّر الردُّ إلى بيت المال، فإنه يتصدَّق بما بَقِي من المال على الفقراء والمساكين، وإنْ كان هو فقيرًا، جازَ أن يأخذ منه قَدْرَ حاجته، وأمَّا ما سَبَق أكْلُه وإنفاقُه وصَرْفُه، فنرجو أنْ يعفوَ الله عنه.

عباد الله :" يَلزم مَن أخذَ شيئًا من المال العام من أيِّ طريقة أنْ يردَّه إلى مَحلِّه، ولو سبَّب ذلك حَرَجًا له، فإنْ عجَزَ الإنسان عن إرجاع ما أخَذَ أو سيُسبِّب حدوثَ مَفْسدة أكبر بإرجاعها، فإنها تُجْعَل في مَنْفعة عامَّة للمسلمين؛ قال النَّوَوي في "المجموع": "قال الغزالي: إذا كان معه مالٌ حرامٌ وأرادَ التوبة والبراءَة منه، فإنْ كان له مالِكٌ مُعينٌ، وجَبَ صَرْفُه إليه أو إلى وَكيله، فإن كان مَيِّتًا وجَبَ دَفْعُه إلى وارِثه، وإنْ كان لمالكٍ لا يَعرفه، ويَئِس من معرفته، فينبغي أن يَصْرِفَه في مصالح المسلمين العامَّة؛ كالقناطر والرُّبُط، والمساجد ومصالح طريق مكة، ونحو ذلك مما يَشترك المسلمون فيه، وإلا فيتصدَّق به على فقيرٍ أو فقراء، 

وينبغي أن يتولَّى ذلك القاضي إن كان عفيفًا، فإنْ لَم يكنْ عفيفًا، لَم يَجُز التسليم إليه، وإذا دَفَعه إلى الفقير لا يكون حرامًا على الفقير، بل يكون حَلالاً طيِّبًا، وله أن يتصدَّقَ به على نفسه وعِيَاله إذا كان فقيرًا؛ لأنَّ عِيَالَه إذا كانوا فقراءَ فالوصْفُ موجودٌ فيهم، بل هم أَوْلَى مَن يتصدَّقُ عليه، وله هو أنْ يأخذَ منه قَدْر حاجته؛ لأنَّه أيضًا فقيرٌ، وهذا الذي قاله الغزالي في هذا الفرْع، ذَكَره آخرون من الأصحاب، وهو كما قالوه، ونقَلَه الغزالي أيضًا عن معاوية بن أبي سفيان وغيره من السلَف، عن أحمد بن حنبل، والحارث المحاسبي، وغيرهما من أهْل الوَرَع، ...

قال الغزالي: "إذا وقَعَ في يده مالٌ حرامٌ من يدِ السلطان، قال قوم: يردُّه إلى السلطان، فهو أعلمُ بما يملِك، ولا يتصدَّق به، واختار الحارث المحاسبي هذا، وقال آخرون: يتصدَّق به إذا عَلِم أنَّ السلطان لا يردُّه إلى المالك؛ لأن ردَّه إلى السلطان تكثيرٌ للظلم"، قال الغزالي: "والمختار أنَّه إنْ عَلِم أنه لا يردُّه على مالِكه، فيتصدَّق به عن مالكه".

ويندرج  تحت هذا التدليس من صور الاعتِداء على المال العام:

 التهرُّب من السداد للبنك - نوَّاب القروض - بحجَّة أنَّ له حقًّا في بيت المال.وكذلك التهرب الضريبي و سرقة الكهرباء من الدولة بحجَّة أنَّها لا تُعطي المواطن حقَّه كاملاً.

 توقيف ساعة (عدَّاد) الكهرباء أو الماء في الدولة المسلمة؛ لأنَّ بعضَ الناس يَظنون أنَّ له الحقَّ في التهرُّب من ذلك لو كانت الدولة كافرة؛ بحجة إضعاف تلك الدولة، والله - عزَّ وجلَّ - يقول: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا"(النساء: 58).والنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول:"أدِّ الأمانةَ إلى من ائْتَمَنكَ، ولا تَخُنْ مَن خَانك)"()

وللتوبة من هذه الأفعال المشينة:" سداد القرض الذي أخذه فإن لم يستطع فالتصدق بقيمته وفوائده وسداد قيمة ماسرقة من كهرباء ومياه وإلا تصدق بقيمته وزاد علي ذلك حتي يتحلل من المال العام ..

 عدم إتقان العمل، وإضاعة الوقت، والتربُّح من الوظيفة، واستغلال المال العام لأغراضٍ سياسيَّة.

وللتوبة من هذه الفعلة المخلة بالمرؤة:" التوبة إلي الله ودفع قيمة ما تربح به وقيمة ساعات العمل التي تقاعس عن أداءها وزوغ من العمل فيها بفوائدها..

المجاملة في ترسِيَة العَطَاءات والمناقصات عمْدًا على شخصٍ بعينه، ويوجَد مِن بين المتقدِّمين مَن هو أفضلُ منه.

والحصول على عمولة من المشتري أو من المورِّد أو مَن في حُكْمهم؛ نَظِير تسهيل بعض الأمور دون عِلْم المالك، وتُعَدُّ من قبيل الرِّشوة المحرَّمة أيضًا.

وللتوبة من هذه الفعلة المخلة للمرؤة:" رد هذه المبالغ لخزينة المديرية في صورة تحصيل بعد الحصول علي إذن كتابي من المدير العام و الحصول علي إيصال بها وإلا التصدق بالمبالغ أوشراء أدوات لاستخدامها في المصلحة ..

 الاعتداء على الممتلكات العامَّة كالحدائق والمستشفيات والمتنزهات - التي ليس لها مالكٌ معيَّن.

وللتوبة من هذه الأفعال المجرمة:" شراء أشجار وغرسها بالحدائق أو أجهزة للمستشفيات كصاعق ناموس أو جهازغسيل كلي أوحضانات والتبرع بها للمستشفي..

 استخدام الممتلكات الخاصة بالعمل استخدامًا شخصيًّا؛ مثل: التلفاز والسيارة، وأدوات الكتابة، دون استئذانِ الجهة المالكة.واستعمال الكمبيوتر أثناء العمل لأغراض شخصيَّة غير خاصَّة بالعمل.وتصوير أوراق ومستندات خاصة بك شخصياً.

وللتوبة من هذا الفعل:" الإقلاع عن الفعل فوراً وتقدير المبالغ التي كنت ستستخدمها بالخارج وشراء مايعادلها والتبرع به للمصلحة نفسها "كمبيوتر أوراق تصوير أقلام وبرايات مساطر ألة تصوير إذا كان المبلغ كبير وهكذا..

  الائْتِمَان على صندوق تبرُّعات خاصٍّ بالدولة، فيَأْخُذ منه، وهذه خِيانة للأمانة وتَعَدٍّ على المال العام. والتصرُّف في المال الموقوف للمساجد وعمارتها وتحفيظ القرأن،واستعماله في أغراض شخصيَّة.

وللتوبة من هذه الفعلة الشنيعة :" أن تبحث عن مسجد يبني أودار تحفيظ قرأن وتدفع قيمة ما اختلسته بالفوائد مع الإكثار من الاستغفار والتوبة ..

وكذلك  التدليس في أموال التأمين الصحي من الموظفين وسرقة الأدوية والتلاعُب بها، مثل: أنْ يقومَ الطبيب بوصْف أدوية لا يحتاج إليها الموظف المتمارض من حيث النوعيَّة والكميَّة، وإعطاء هذه الأدوية للصيدلية المتعاملة بالمسروقات، فتُباع بسعرٍ أقلَّ من سعر التكلفة لدواءٍ مُشْتَرى بشكلٍ رَسْمي، ومدوَّن عليه التسعيرة (لاصق النقابة)، ويقوم الصيدلاني بتغيير كميَّة الأدوية المكتوبة في الوصفة بطُرق غير مكشوفة، كأنْ يكون مكتوب في الوصفة علبة واحدة، فيغيِّر الصيدلي الرقْم إلى علبتين، ويأخذ العلبة الأخرى له.أو يقوم بصرف برفانات ومعجون أسنان وغيره من السلع التي ليس في حاجة إليها بحجة أنه يخصم منه 2%كل شهر تأمين صحي فيتمارض بالاتفاق مع الطبيب المدلس ليستولي علي المال العام ..

وما من موظف فعل هذه الفعلة إلا وابتلاه الله بالأمراض والأوجاع فالجزاء من جنس العمل ..

وللتوبة من هذاالتدليس:"هو رد جميع الأدوية عن طريق دفعها مبالغ لصيدليات تقوم  بصرف علاج لوجه الله فيصرف الدواء للفقراء والمحتاجين المرضي ..

التزويغ من دفع التذكرة في القطارات:"

 الهروب والتخفِّي والتزويغ من مُحَصِّل سيارات هيئَة النقْل العام والقطارات، بل رُبَّما تعدَّى بعضُ الناس عليهما بالسباب والضرْب.

والتوبة من هذا التزويغ :" هو أن تقدر هذه المبالغ وتردها للمرفق نفسه ..وإن لم يكن هناك مرفق فتصدق بها علي الفقراء والمحتاجين وطلبة العلم الذين يسافرون للمدارس والجامعات ويتكبدون مبالغ كثيرة في السفر..

الخطبة الثانية:

الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد فياعباد الله

والإنسان مسؤول أمامَ الله عزَّ وجلَّ عن هذا المال:"من أين اكْتَسَبه؟ وفيمَ أنْفَقَه؟ بهذا جاءَتِ الأحاديث الصحيحة عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم.

عباد الله :" ونحن معنا اليوم نموذجاً حياً لرد الأموال لخزينة الدولة ولوكانت مبالغ بسيطة فعندما نقرأ قصة زوجة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عندما اشتهت الحلوى، لا أدري أنعجب بعظمة عمرالزوج أم نعجب بعظمة الزوجة؟

تروي كتب السيرة أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يعطي زوجته مصروفها اليومي من بيت مال المسلمين، بحكم أنها زوجة أمير المؤمنين .وذات يوم اشتهت زوجة عمر الحلوى، ولكنها لم تكن تملك المال لتشتريها، لأن مصروفها لا يزيد على ما يؤمن وجبتها اليومية، فقالت في نفسها: أطلب من عمر وهو أمير المؤمنين أن يشتريها لي وأنا زوجته أستحق ذلك .

فطلبت من عمر ثمن الحلوى، فقال عمر: لا أملك مالاً حتى أشتري لك، إلا ما أعطيك يومياً مصروف يومك .

فسكتت زوجة عمر، لكنها قالت في نفسها: سوف أوفر شيئاً من مصروفي اليومي وأشتري به الحلوى، ففعلت ذلك فعلاً واشترت الحلوى .وقبل أن تذوقها تذكرت زوجها، فقالت: لا آكل منها إلا بعد أن أقدمها له أولاً، فقدمت الزوجة المسكينة طبق الحلوى إلى زوجها عمر، فإذا به ينظر إليها نظرة استغراب وإنكار ويقول لها: أحلوى في بيت عمر؟

نعم . . يستغرب لأنها لا تملك ما تشتري به الحلوى، وهو لم يعطها شيئاً عندما طلبت منه ثمن الحلوى، فمن أين جاءت الحلوى إلى بيت عمر إذن؟ - قالت زوجته المسكينة: معذرة فقد وفرت شيئاً من مصروفي اليومي، واشتريت به الحلوى التي اشتهيتها، فقال عمر رضي الله عنه: رديها إلى بيت المال قبل أن تتذوقي منها، لأنك اشتريتها بمال المسلمين لا بمال عمر .قالت: إنني اشتريتها بما وفرته من مصروفي الذي تصرفه لي يومياً، قال عمر: ولكني لم أكن أعرف أنه يزيد وكنت أعطيك أكثر من حاجتك، رديها إلى بيت المال، فإن المسلمين أولى بهذه الزيادة .

وما أجمل تعبير شاعر النيل حافظ إبراهيم عندما سرد هذه القصة شعراً فقال:

جوع الخليفة والدنيا بقبضته      في الزهد منزلة سبحان موليها

فمن يباري أبا حفص وسيرته     أو من يحاول للفاروق تشبيها

يوم اشتهت زوجه الحلوى فقال لها  من أين لي ثمن الحلوى فأشريها

لا تمتطي شهوات النفس جامحة   فكسرة الخبز عن حلواك تجزيها

قالت: لك الله إني لست أرزؤه     مالا لحاجة نفس كنت أبغيها

لكن أجنب شيئاً من وظيفتنا     في كل يوم على حال أسويها

قال اذهبي واعلمي إن كنت جاهلة   أن القناعة تغني نفس كاسيها

وأقبلت بعد خمس وهي حاملة    دريهمات لتقضي من تشهيها

فقال: نبهت مني غافلاً فدعي   هذي الدراهم إذ لا حق لي فيها

ويلي على عمر يرضى بموفية   على الكفاف وينهى مستزيديها

ما زاد عن قوتنا فالمسلمون به  أولى فقومي لبيت المال رديها

أقول: ما أعظم هذه الزوجة التي صبرت على الكفاف والعفاف؟ .

ثم ما أعظم هذا الزوج الذي لا يريد أن يصرف من مال الحكومة إلا الضروري من مصروف زوجته!

وقف عمر بن الخطاب أمير المؤمنين ،على المنبر ممسكاً بيده صـــــندوقاً وقال :أيها الناس

إن زوجتى أم كلثــوم بنت على بن أبى طالب ،أرسلـــت إلى زوجة ملك الروم هدية عبارة عن تمر ، وحناء ، وطيب فردت زوجة ملك الروم عليها بهـــذه الهدية ..وفتح عمر الصنـــدوق أمام الحاضرين ،فإذا هو"مملوء بالمجوهرات"وسأل عمر الحاضرين ،هل هذه المجوهرات من حـــق زوجتى ..؟ فقال الحاضرون :نعم يا أمير المؤمنين إنها هدية بهدية ،ولا يشــــــترط فيها التساوى فى القيــمة ..وكان فى المسجد على بن أبى طالب ، والد أم كلثوم زوجة أمير المؤمنين عمر ، فوقف وقال :

يا أمير المؤمنـــين ،إن ظننت أنهم قد نصحوك ، فقد خدعوك إنما أهديت الهدية لزوجة أمـــير المؤمنين  ولو كانت إمراة غير زوجة أمير المؤمنين ما أرسلت زوجة ملك الروم إليها بكل هذه المجوهرات ..

فقال عمر : وبما تنصحني يا أبا الحـــسن ..؟فقال علي : أما أنا فأرى أن تأخذ زوجتك من هذه المجوهرات ،بما يساوى قيمة ما أهدت به زوجة ملك الروم ،وباقى المجوهرات يرد إلى بيت مال المسلمين ..

فقال عمر:" لــولا عليُّ ، لهـلك عــمر".

عباد الله :" اشترى عبدالله بن عمر بعيرين فألقاهما في إبل الصدقة فسمنا وعظما وحسنت هيئتهما قال: فرآهما عمر فأنكر هيئتهما، فقال: لمن هذان، قالوا: لعبد الله بن عمر، فقال: بعهما وخذ رأس مالك ورد الفضل في بيت المال.وفي رواية :"فقال: ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين، اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين، يا عبد الله بن عمر، اغد على رأس مالك، واجعل باقيه في بيت مال المسلمين."(البيهقي).

ليت الذين يستغلون مناصبهم وكراسيهم فى الحصول على الهدايا والرشاوى والعمولات والإكراميات يستفيدون شيئاً من هذه القصص فلووزعت الهدايا والأموال التي يحصلون عليها على فقراء المسلمــــين لما مد أحد يده .. !!ولو كان منهم من هويرد الأموال المنهوبة لما واجهنا أزمة، ولو كان هناك من يُسدِي النصيحة كسيدنا علي لاستقامت الأمة..

فالله الله في أنفسكم وأعمالكم ،قبل أن ينتهى العمر ويضيع كل شيئ ..

اللهم أرنا الحق حــقاً وارزقنا إتباعه ،وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ..

 

google-playkhamsatmostaqltradent