أنت عند الله غال
الحمد لله رب العالمين اللهم صلاة وسلاماً عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً،
أما بعد: فيا أخي المسلم أنت عند الله غال
كرمك وأحسن خلقك
:" وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا"(الإسراء/70).
لقد كرّمَ الإسلامُ الإنسانَ مِن حيثُ إنّهُ إنسانٌ دونَ النظرِ عن لونِهِ أو جنسِهِ أو دينِهِ، وساوتْ بينهُم جميعًا في أصلِ الخِلقةِ وأداءِ الحقوقِ والواجباتِ، وجعلتْ ميزانَ التفاضلِ التقوىَ والعملَ الصالحَ، وأرستْ مبدأَ الوحدةِ وهو الأخوةُ البشريةُ،"يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ"، وقال ﷺ:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى أَبَلَّغْتُ" (أحمد)،
أهمية مكانة الإنسان عند الله
كرّم الله -تعالى- الإنسان بأنْ جمّل صورته وأحسن خِلْقته، إذ لا يوجد جنسٌ في المخلوقات أحسن منه صورةً؛ مصداقاً لقول الله سبحانه: "لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ"(التين/4).
ثمّ كرمّه بأنْ نفخ فيه من روحه على وجه الاختصاص؛ فلم ينل هذا الفضل أحد سوى الإنسان، قال الله عزّ وجلّ:"إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ، فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ"(ص/71-72).
أنت عند الله غال
حيث كرّم الله الإنسان بالعقل والعلم والإرادة، وجعله خليفة في الأرض.
كما كرمه بالرحمة والمغفرة: الله رحيم بعباده، يغفر لهم ذنوبهم إذا تابوا واستغفروه.
وكرمه بالرزق والحفظ: الله يرزق الإنسان ويُؤمن له أسباب الحياة والعيش الكريم.
أنت عند الله غالٍ:
أيها الإنسان:" أنت غالٍ عند الله، فلا تستخف بنفسك ولا تقلل من شأنك. الله يحبك ويريد لك الخير والفلاح. يقول النبي صلي الله عليه وسلم :"إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"(مسلم).
والمتأملُ في سيرتِهِ صلي الله عليه وسلم يجدُ أنَّ مظاهرَ تكريمِهِ للإنسانِ أكثرُ مِن أنْ تُحصَى حتى في حالِ الموتِ، فعن سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، وَقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ: "كانا قَاعِدَيْنِ بِالقَادِسِيَّةِ، فَمَرُّوا عَلَيْهِمَا بِجَنَازَةٍ، فَقَامَا، فَقِيلَ لَهُمَا إِنَّهَا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ أَيْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَقَالاَ: إِنَّ النَّبِيَّ مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَقَامَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ، فَقَالَ: أَلَيْسَتْ نَفْسًا"(متفق عليه)،
ان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وَدودًا لَطيفًا، يُداعِبُ أصحابَهُ، ويُلاطِفُهم، ويُمازِحُهم، ويَضْحَكُ معَهم، ولا يَقولُ إلَّا صِدْقًا.
وتأملْ هذا الموقفَ الذي بيّنَ فيهِ
نبيُّنَا صلي الله عليه وسلم قيمةَ الإنسانِ وغلاوتَهُ عندَ ربِّهِ عزَّ
وجلَّ قصة عجيبة يخبرنا أَنَسُ بْنُ
مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ يُقَالُ لَهُ زَاهِرُ
بْنُ حَرَامٍ كَانَ يُهْدِي إلى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيه وسَلم الْهَدِيَّةَ
فَيُجَهِّزُهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله
عَلَيه وسَلم: "إِنَّ زَاهِرًا بَادِيَتُنَا وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ"،
قَالَ: فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيه وسَلم وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ،
فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ وَالرَّجُلُ لَا يُبْصِرُهُ، فَقَالَ: أَرْسِلْنِي،
مَنْ هَذَا؟ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ النَّبِيُّ صَلى الله
عَلَيه وسَلم جَعَلَ يُلْزِقُ ظَهْرَهُ بِصَدْرِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى
الله عَلَيه وسَلم: "مَنْ يَشْتَرِي هَذَا الْعَبْدَ؟"، فَقَالَ
زَاهِرٌ: تَجِدُنِي يَا رَسُولَ اللهِ كَاسِدًا! فَقَالَ: "لَكِنَّكَ عِنْدَ
اللهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ"، أَوْ قَالَ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "بَلْ
أَنْتَ عِنْدَ اللهِ غَالٍ"( ابن حبان، والترمذي في الشمائل، وأحمد، وصححه).
أنت عند الله غال
يستجيب دعائك ويلبي لك طلبك
:"أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ
وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا
تَذَكَّرُونَ"(النمل/62)
:" إنَّ ربَّكم حييٌّ كريمٌ يستحيي من
عبدِه أن يرفعَ إليه يدَيْه فيرُدَّهما صِفرًا أو قال خائبتَيْن"(ابن ماجه).
- ما مِن عبدٍ يدعو اللهَ بدعوةٍ ليس فيها إثمٌ ولا قطيعةُ رحِمٍ إلا أعطاه اللهُ بها إحدَى ثلاثٍ : إما أن تُعجَّلَ له دعوتُه في الدنيا، وإما أن تُدخرَ له في الآخرةِ، وإما أن يُصرفَ عنه من الشرِّ مثلُ ذلك قالوا : يا رسولَ اللهِ إذا نكثرُ؟ قال : اللهُ أكثرُ"(البخاري).
فلا تحمل هم الإجابة بل اذا الهمك الله بالدعاء فابشر واستبشر فأنت عند الله غال
انت عند الله غال
يقبل التوبة عن عباده التأبين
يقبل توبة العبد مالم يغرغر ويقبل توبة
العبد مهما فعل وعصي ثم تاب وأناب" قل ياعبادي الذين اسرفوا على أنفسهم
لاتقنطوا من رحمة الله.."
من خطبة الجمعة اليوم
أنت عند الله غال
فلن يتركك وحدك حين تذكره فاذكروني أذكركم
واشكرو ا لي ولا تكفر ون"ذكرته في نفسك ذكرك في نفسه وإن ذكرته في ملأ ذكرك
في ملأخير منه أتيته تمشي أتاك هرولة"