recent
أخبار عاجلة

الخطأ فى العفو خير من الخطأ فى العقوبة

 

 الخطأ فى العفو خير من الخطأ فى العقوبة

  المتهم برئ حتي تثبت إدانته 

الشك يفسر لصالح المتهم

 البينة علي من ادعي واليمين علي من أنكر

البراءة في القانون مثلها في الشرع 

الأحكام تبني على الجزم و اليقين لا الظن و التخمين

فويل، ثم ويل ثم ويل، لقاضي الأرض من قاضي السماء.


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين أمابعد 

فهناك بعض الناس يسرع  في إلقاء التهم جزافا على الغير وقد يأتي بشهود زور من قرية المحامي ويدفع رشاوي لضابط مشبوه بالتحريات .. ويأتي بتقرير طبي مصطنع ومفبرك بعد أن أجري سحقات وخدوش بخشبة خشنة أو قولحة ذرة ..الخ .

  المتهم برئ حتي تثبت إدانته 

  ومايحدث  بدون شك مخالف لأصول الإسلام التي تتبع القاعدة الإنسانية الأصيلة " المتهم برئ حتي تثبت إدانته " ولأن ذلك يعتبر اتهام الناس بالباطل دون تروى وهو ظلم كبير وأنه نيل من كرامة وشرف الرجال لأن الاتهام الجزافي غالباً ما يوقع الظلم البين وهو مانهي عنه الإسلام ..

لكون الإنسان يولد بريئا ، فإنه لا يجوز قلب هذا الأصل وهدمه بالحكم بالإدانة

 ما لم يثبت على نحو يقيني وقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم ، فإذا لم يستطع القاضي

 الجزائي من خلال وزنه وتقديره لأدلة الإثبات من أن يرقى باقتناعه إلى درجة الاعتقاد

 ، كان معنى ذلك أن اقتناعه متأرجح يبين بثبوت التهمة ومسؤولية المتهم عنها ،

 وعدم ثبوتها أو عدم مسؤولية المتهم عنها ، وهذا الاقتناع المتأرجح بين الأمرين لا

 يقوى على نفي ما كان ثابتاً في الأصل ، لأن اليقين لا يزول بالشك ، بل المنطق يقضي

 بأن يعد عاملاً يزكي هذا الأصل ويؤكده ، ومن ثم يتعين على القاضي ان يستصحب هذا

 الأصل ويبقى عليه ، فيحكم ببراءة المتهم..

الشك يفسر لصالح المتهم

 وان الشريعة الاسلامية تعتبر المصدر الأول لقاعدة أن"الشك يفسر لصالح المتهم"، والتي يمكن ردها إلى الحديث النبوي الشريف  المروى عن عائشة قالت  قال رسول الله صل الله عليه وسلم ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن كان له مخرج فخلوا سبيله فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة "

وهذا الحديث يتناول درء الحدود بالشبهات وأنه يجب أن يغلب القاضي جانب العفو ما أمكن، وأن الخطأ في العفو أفضل من الخطإ في العقوبة  "

عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " أن أخطئ في العفو خير من أن أخطئ في العقوبة"

يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم :"ادرؤوا الحدود بالشبهات "

وفي حديث أخر: ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم"(الترمذي).

والمعنى: أن الواجب على ولاة الأمور من العلماء والأمراء أن يدرؤا الحدود بالشبهة التي توجب الشك في ثبوت الحد، فإذا لم يثبت عند الحاكم الحد ثبوتًا واضحًا لا شبهة فيه فإنه لا يقيمه، ويكتفي بما يردع عن الجريمة من أنواع التعزير، ولا يقام الحد الواجب كالرجم في حق الزاني المحصن، وكالجلد مائة جلدة في حق الزاني البكر، وبقطع اليد في حق السارق، لا يقام إلا بعد ثبوت ذلك ثبوتًا لا شبهة فيه ولا شك فيه، بشاهدين عدلين لا شبهة فيهما، فيما يتعلق بالسرقة، وبأربعة شهود عدول فيما يتعلق بحد الزنا، وهكذا بقية الحدود.

فالواجب على ولاة الأمر أن يعتنوا بذلك، وأن يدرؤوا الحد بالشبهة التي توجب الريبة والشك في الثبوت .

وطبقاً لما استقر عليه الفقه والقضاء أن "الشك يفسر لمصلحة المتهم" فقد قال رسول الله :"إدرءوا الحدود بالشبهات"

 عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادْرَءُوا الحُدودَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَخْرَجٌ، فَخَلُّوا سَبِيلَهُ. فَإِنَّ الْإِمَامَ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعَفْوِ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ"(التِّرْمِذِيُّ مَرْفُوعًا وموقوفاً).

هذا الحديث: يدلّ على أن الحدود تدرأ بالشبهات. فإذا اشتبه أمر الإنسان وأشكل علينا حاله، ووقعت الاحتمالات: هل فعل موجب الحد أم لا؟ وهل هو عالم أو جاهل؟ وهل هو متأول معتقد حلّه أم لا؟ وهل له عذر عقد أو اعتقاد؟ درأت عنه العقوبة؛ لأننا لم نتحقق موجبها يقيناً.

ولو تردد الأمر بين الأمرين، فالخطأ في درء العقوبة عن فاعل سببها، أهون من الخطأ في إيقاع العقوبة على من لم يفعل سببها، فإن رحمة الله سبقت غضبه، وشريعته مبنية على اليسر والسهولة.

والأصل في دماء المعصومين وأبدانهم وأموالهم التحريم، حتى نتحقق ما يبيح لنا شيء من هذا.

وقد ذكر العلماء على هذا الأصل في أبواب الحدود أمثلة كثيرة، وأكثرها موافق لهذا الحديث.

ومنها: أمثلة فيها نظر. فإن الاحتمال الذي يشبه الوهم والخيال، لا عبرة به. والميزان لفظ هذا الحديث. فإن وجدتم له، أو فإن كان له مخرج، فخلوا سبيله.

وفي هذا الحديث: دليل على أصل. وهو: أنه إذا تعارض مفسدتان تحقيقاً أو احتمالاً: راعينا المفسدة الكبرى، فدفعناها تخفيفاً للشر.  

معني درء الشبهة 

  وأما معنى كونه يدرأ بالشبهة فالمراد أن السلطان والقاضي إذا كان هناك شبهة محتملة تفيد عدم ثبوت الحد أو تؤثر في حال من ثبت عليه الذنب، فإنه يعمل بها ولا يحد المتهم، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة، كما في حديث الترمذي. وأما كون أمر الشبهة نسبيا وأنه قد يرى بعض القضاة ما لا يراه غيره، فإن القاضي الذي لا يرى شبهة في الموضوع يتعين عليه العمل بما ثبت عنده، وأما الذي عنده شبهة فهو الذي يتوجه إليه الكلام بالدرء بها.

 البينة علي من ادعي واليمين علي من أنكر

وعدم وجود دليل مادى يقطع بصحة إسناد التهمة للمتهم

 إن أقوال المجنى عليه بمحضر الشرطة ما هى إلا أقوالاً مرسلة تَدَعى فيها على خِلاف الحقيقة واقعة الضرب والتى لم تقدم ثمة دليل مادى واحد بالأوراق للتأكد من صحة بلاغها المزعومفقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لو يُعطى الناس بدعواهم لادعى قوماً أموال قوم ودماءهم ولكن البينة على من أدعى واليمين على من أنكر "(حديث حسن ، رواه البيهقي وغيره هكذا ، وبعضه في " الصحيحين).

فإذا كانت البينة فى الاوراق! سوى أقوال مرسلة.. وشهود زور من أماكن بعيدة ومن قرية أخري وتحريات مباحث غيردقيقة ..فلايؤخذ بشيء ويقضي القاضي بالبراءة..

البراءة في القانون مثلها في الشرع 

يتعين علي القاضي أن يضع نصب عينيه الشرع والقانون لأن القانون يستمد أحكامه من الشرع "(القرأن والسنة وأقوال الصحابة والصالحين).

وهدياً بما تقدم يحق لنا التمسك بعدم صحة إسناد واقعة  مجرد إدعاء يحتمل الصحة ويحتمل الكذب.

وطالما أننا دخلنا فى نطاق الظن والإحتمال فلابد أن نصطدم بالقاعدة القانونية الراسخة:

"ان الدليل إذا تسرب إليه الإحتمال سقط به الإستدلال وبالتالى باتت الإحتمالية التى لم تزال بأى دليل مادى هى سمة الأوراق.. مما يحق معه  طلب الرجوع للأصل العام.. وهي  براءة أي متهم حتى تثبت إدانته على سبيل اليقين إستناداً لنص المادة 304/1 إجراءات جنائية كأساس تشريعى لهذه القاعدة الجوهرية وأخذاً بالحديث النبوى الشريف “إدراءو الحدود بالشبهات…”

 وقد نصت المادة 304/1 إ.ج على:

 "إذا كانت الواقعة غير ثابتة او كان القانون لا يعاقب عليها تحكم المحكمة ببراءة المتهم ويفرج عنه إن كان محبوساً من أجل هذه الواقعة وحدها".

ولكن أهم ما تتضمنه هذه القرينة أنه إذا لم يقدم إلى القاضى الدليل القاطع على الإدانة تعين عليه أن يقضى بالبراءة ويعنى ذلك أن الإدانة لا تبنى إلا على اليقين والجزم أما البراءة فيجوز أن تبنى على الشك.

وفى تعبير آخر فإن القاضى لا يتطلب للحكم بالبراءة دليلاً قاطعاً على ذلك ولكن يكفيه ألا يكون ثمة دليل قطعى على الإدانة.

ويعنى ذلك أن تستند براءة إلى اليقين وبراءة تعتمد على الشك فى الإدانة فإذا تردد القاضى بين الإدانة والبراءة وثار لديه الشك فيهما تعين عليه أن يرجح جانب البراءة ويقضى بها فالشك يفسر لمصلـحة المتهم"(شرح قانون الإجراءات الجنائية – د/ محمود نجيب حسنى – بند 463 – ص 422).

فإذا كان الأصل فى الإنسان البراءة فإنه يجب لإدانته أن يقوم الدليل القاطع على إرتكاب الجريمة بحيث يقتنع القاضى إقتناعاً يقينياً بإرتكابها ونسبتها إلى المتهم فإذا ثار شك لدى القاضى فى صحة أدلة الإثبات.. وجب أن يميل إلى جانب الأصل وهو البراءة أى أن الشك يفسر لمصلحة المتهم"(فوزية عبدالستار، "شرح قانون الإجراءات الجنائية"، المرجع السابق، ص510).

الأحكام تبني على الجزم و اليقين لا الظن و التخمين

إن مبدأ الأصل في الإنسان البراءة، يحظر على القاضي أن يبني حكمه على دليل غير مشروع، أو مستمد من إجراء باطل، لم تحترم فيه الضمانات المقررة للفرد والقواعد القانونية التي تنظمه، وهذا لأن البراءة أصل ثابت يقينا واليقين لا يزول إلا بيقين مثله ومن ثم فالإدانة الصحيحة لا تبنى إلا على دليل صحيح تم الحصول عليه باتباع إجراءات مشروعة، استنادا إلى مبدأ مشروعية وسيلة الإثبات أو مشروعية الدليل الجنائي، إذ يجب على القاضي ألا يلجأ إلى طرق الإثبات التي تنطوي على إهدار لحقوق الأفراد وضمانات حرياتهم دون موجب من القانون، فعليه مثلا ألا يلجأ إلى تعذيب المتهم لإثبات الجريمة، أو إلى استجواب مطول لحمله على الاعتراف، أو إلى طرق احتيالية أخرى للحصول على أدلة الاتهام..

فويل، ثم ويل ثم ويل، لقاضي الأرض من قاضي السماء.

 القاضي وجب عليه أن يتقي الله تعالى ويخاف عقابه، ويبادر إلى الله تعالى بتوبة

 صادقة؛ لأنه لوأقدم على ذنب عظيم،كان عقابه شديد  وذلك لأن الله تعالى أمر بالعدل

 في الحكم بين الناس. قال سبحانه مخاطبًا عبده الصالح داود عليه السلام بقوله: يَا

 دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ

 سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ"

(ص:26)،

 وقال سبحانه مخاطبًا عباده المؤمنين:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ

 لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا

 تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً"

(النساء:135).

 وقال جل ثناؤه:"وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى"

(المائدة:8). 

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:"القضاة ثلاثة: قاضيان في النار وقاضٍ في الجنة.

 رجل قضى بغير الحق فعلم ذاك فذاك في النار، وقاض لا يعلم فأهلك حقوق الناس فهو

 في النار، وقاضٍ قضى الحق فذلك في الجنّة. "(الترمذي).

 يقول صلي الله عليه وسلم : "مَنْ وَلِيَ الْقَضَاءَ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ"(أحمد، والأربعة، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ).؛

 لأنه خطر، مقامه خطير مُتعب، ومَن ذُبح بغير سكينٍ يتعب، متى تزهق روحه بسبب التَّعب، المعنى أنه ولي أمرًا عظيمًا خطيرًا مُتعبًا، فليتَّقِ الله فيه، وليصبر، وليتحرَّ الحقَّ، حتى تكون له السَّعادة.

وجوب الحذر من القضاء بغير علمٍ، أو القضاء بغير الحقِّ، من أجل هوى، أو قرابة، أو عداوة، أو غير هذا، أو رشوة، ففي هذا الخطر العظيم.

والذي ننصح به هنا هو أنه إذا رأي أحد أن هناك  قاضي ماضٍ في جوره، فلا حرج عليك في رفع أمرك إلى من فوقه من المسؤولين، إمَّا بتحويل القضية عنه إلى قاضٍ غيره، أو السماح لك بالاستئناف في حال حكم عليك بما تراه ظلمًا وتحيُّزًا لخصمك..

google-playkhamsatmostaqltradent