
لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ
معني السخرية والفرق بين المزاح والاستهزاء والسخرية
النهي عن السخرية والاستهزاء وذمُّهما في القرآن الكريم
ذمُّ السخرية والاستهزاء والنهي عنهما في السنة النبوية
بعض صور السخرية وأسبابها
أضرار السخرية وأثارها علي المجتمع
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد
فحديثنا إليكم اليوم عن السخرية
معني السخرية والفرق بين المزاح والاستهزاء أو السخرية
عباد الله :"
السخرية :" هو الإستهانة والتوبيخ والتحقيروالتنبيه علي العيوب والنقائص علي وجه يضحك منه وقد يكون بالمحاكاة في الفعل والقول وقديكون بالإشارة والإيماءوإذا كان بحضرة المسهزء به لايعد ذلك غيبة وفيه مهني الغيبة .
وقال ابن تيمية:"الاستهزاء هو: السخرية؛ وهو حمل الأقوال والأفعال على الهزل واللعب لا على الجد والحقيقة، فالذي يسخر بالناس هو الذي يذم صفاتهم وأفعالهم ذمًّا يخرجها عن درجة الاعتبار، كما سخروا بالمطوِّعين من المؤمنين في الصدقات.
وأن الإنسان يستهزأ به من غير أن يسبق منه فعل يستهزأ به من أجله. والسخر: يدل على وجود فعل يسبق من المسخور منه..
وأن المزاح لا يقتضي تحقير من يمازحه ولا اعتقاد ذلك، ألا ترى أن التابع يمازح المتبوع من الرؤساء والملوك ولا يقتضي ذلك تحقيرهم، ولا اعتقاد تحقيرهم، ولكن يقتضي الاستئناس بهم، والاستهزاء: يقتضي تحقير المستهزأ به واعتقاد تحقيره".
النهي عن السخرية والاستهزاء وذمُّهما في القرآن الكريم
عباد الله :" وقد نهي المولي عز وجل عن تلك السخرية في مواضع عديدة منها :"
يقول الله تَعَالَى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ"(الحجرات: 11).
في هذه الآية الكريمة نهى الله عن أخلاق ذميمة ثلاثة:
أولها :" نهى عن السخرية، وهي الاستهزاء بالآخرين أو التقليل من شأنهم وتحقيرهم، وهذا يخالف الآداب الإسلامية. قال أحد السلف: لو سخرت من كلب لخشيت أن أحول كلبًا ولله در الشاعر حين قال: احفظ لسانك لا تقل فتبتلى إن البلاء موكل بالمنطق
ونهى عن اللمز، وهو الغمز بالوجه - مثلاً - أو تحريك الشفاه بما لا يفهم. قال الإمام ابن كثير :"وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ": تساوي، (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ"(النساء/29 ).
ونهى عن التنابز بالألقاب، وهو نهيٌ عام في كل لقب يكره المسلم أن ينادى به. قال الإمام ابن كثير في قوله جل وعلا:"بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ": أي بئس الصفة والاسم الفسوق، وهو التنابز بالألقاب، كما كان أهل الجاهلية يتناعتون، بعد ما دخلتم في الإسلام وعقلتموه.
وفي مهرض النهي عن السخرية يقول ابن جرير:"إنَّ الله عمَّ بنهيه المؤمنين عن أن يسخر بعضهم من بعض جميع معاني السخرية، فلا يحلُّ لمؤمن أن يسخر من مؤمن لا لفقره، ولا لذنب ركبه، ولا لغير ذلك".
وقال القرطبي : "لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ"(الحجرات الآية11). وبالجملة فينبغي ألا يجترئ أحد على الاستهزاء بمن يقتحمه بعينه إذا رآه رثَّ الحال أو ذا عاهةٍ في بدنه أو غيرَ لبقٍ في محادثته فلعله أخلصُ ضميراً وأنقى قلباً ممن هو على ضد صفته فيظلم نفسه بتحقير من وقَّره الله.
عباد الله:" لقد حذر الله من الاستهزاء والسخرية بالضعفاء والمساكين والاحتقار لهم والإزراء عليهم والاشتغال بهم فيما لا يعني وذلك كله مبعد عن الله مقرب من الشيطان وحزبه وصدق الله العظيم: "فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي"(المؤمنون /110).
وقال تعالى في سورة التوبة:"الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ "(التوبة:79).
وقال تعالي:"وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ"(الهمزة:1–4).
"وَيْلٌ أي: وعيد، ووبال، وشدة عذاب لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ الذي يهمز الناس بفعله، ويلمزهم بقوله، فالهماز: الذي يعيب الناس، ويطعن عليهم بالإشارة والفعل، واللماز: الذي يعيبهم بقوله .ولقد سجل القرآن الكريم عاقبة الساخرين والمستهزئين من المؤمنين، وأخبر بانعكاس الوضعية يوم القيامة بصورة يصبح الساخرون موضع سخرية واستهزاء من طرف عباده المستضعفين في هذه الدنيا،
قال الحق سبحانه::"إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُون وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ ٣٣ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ "(المطففين:29–34).
وقوله تعالى:"أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ"(الزمر/٥٦).
قال ابن كثير: (قوله:"وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ" أي: إنما كان عملي في الدنيا عمل ساخر مستهزئ غير موقن مصدق".
ذمُّ السخرية والاستهزاء والنهي عنهما في
السنة النبوية
عباد الله :" وجاءت السنة النبوية لتنهي عن هذا الخلق الرذيل لأنه فيه إيذاء لمشاعر الناس وصدق النبى صلى الله عليه وسلم:"الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ"(البخاري ومسلم).
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال:"إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ اللهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ"(البخاري).
وقال أبو داود:، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قلت للنبي - صلى الله عليه وسلم - حسبك من صفية كذا وكذا "قال عن مسدد تعني قصيرة صلى الله عليه وسلم لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته" قالت: وحكيت له إنسانا. فقال - صلى الله عليه وسلم - ما أحب أني حكيت إنسانا وأن لي كذا وكذ
وعن أم هانئ رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت:"قلت: يا رسول الله، أرأيت قول الله تبارك وتعالى:"وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ"(العنكبوت: 29).
ما كان ذلك المنكر الذي كانوا يأتونه؟ قال: كانوا يسخرون بأهل الطريق، ويخذفونهم"(الترمذي).
أقوال السلف والعلماء في السخرية والاستهزاء
عباد الله :"وقد كان السلف يكروهون السخرية ويحذرون منها فعن عبد الله بن مسعود قال:"لو سخرت من كلب، لخشيت أن أكون كلبًا، وإني لأكره أن أرى الرجل فارغًا؛ ليس في عمل آخرة ولا دنيا). - وقال أبو موسى الأشعري: (لو رأيت رجلًا يرضع شاة في الطريق فسخرت منه، خفت أن لا أموت حتى أرضعها".
- وعن الأسود، قال: كنا عند عائشة فسقط فسطاط على إنسان فضحكوا، فقالت عائشة: لا سخر، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا رفعه الله بها درجة، وحط عنه بها خطيئة".
- وقال إبراهيم النخعي:"إني لأرى الشيء أكرهه؛ فما يمنعني أن أتكلم فيه إلا مخافة أن أبتلى بمثله".
- وقال عمرو بن شرحبيل: "لو رأيت رجلًا يرضع عنزًا فسخرت منه، خشيت أن أكون مثله".
- وقال يحيي بن معاذ:"ليكن حظ المؤمن منك ثلاثًا: إن لم تنفعه فلا تضره، وإن لم تفرحه فلا تغمه، وإن لم تمدحه فلا تذمه".
- وقال القرطبي: "من لقب أخاه أو سخر منه فهو فاسق".
- وقال السفاريني: "إن كل من افتخر على إخوانه واحتقر أحدًا من أقرانه وأخدانه أو سخر أو استهزأ بأحد من المؤمنين، فقد باء بالإثم والوزر المبين".
- وقال ابن حجر الهيتمي: "لا تحتقر غيرك عسى أن يكون عند الله خيرًا منك، وأفضل وأقرب".
بعض صور السخرية وأسبابها
1- السخرية من الشكل:
وقد حرمها الدين الحنيف في عدة مواضع. وهي من خلق الله، فهذه سخرية من فعل الله، وليس من الإنسان، فقد قال تعالى:"هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ"(آل عمران:6).
وقال رجلٌ لآخر:"يا قبيحَ الوجه! فقال: ما كان خَلْقُ وجهي إليَّ فأُحسنه»؛ فذمُّ الإنسانِ لخلقتِه هو ذمٌّ لخالقه، فمَن ذمَّ صنعةً، فقد ذمَّ صانعَها، وقد جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كلُّ خَلْق الله عزَّ وجلَّ حسن".
عن عائشة، قالت:"حكيت للنبي صلى الله عليه وسلم رجلًا فقال: ما يسرني أني حكيت رجلًا وأن لي كذا وكذا، قالت: فقلت: يا رسول الله، إن صفية امرأة، وقالت بيدها هكذا، كأنها تعني قصيرة، فقال: لقد مزجت بكلمة لو مزجت بها ماء البحر لمزج)) وفي لفظ لأبي داود:"فقال: لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته، قالت: وحكيت له إنسانًا. فقال: ما أحب أني حكيت إنسانًا وأنَّ لي كذا وكذا".
السخرية من الفقر:فالرزق بيد الله، فلا يحل السخرية من شخصٍ لفقرٍ أصابه. قال تعالى :"اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ"(الرعد:2).
وقال أيضًا :"قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ "(سبأ:39)،
وقال تعالى :" نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ"(الزخرف:32).
قال ابن سيرين رحمه الله:"عَيَّرتُ رجلاً، وقلتُ: يا مفلِس، فأفلستُ بعد أربعين سنة"
قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إنَّ الله لا ينظر إلى صورِكم وأموالكم؛ ولكن ينظر إلى قلوبِكم وأعمالكم".
فالمنزلة عند الله بالعمل الصالح، وليس بالغنى أو الشكل.
قال تعالى :"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"(الحجرات:13).
السخرية من شخص لمعصية ارتكبها من قبل:وهذا مما قد يدفع المرء للعودة للمعصية، فيحسبها جزءًا منه.قال صلى الله عليه وسلم:"مَن عيَّر أخاه بذنبٍ"قد تاب منه"، لم يَمُت حتى يعمَله".
السخرية من آيات الله أو من رسول الله:
قال تعالى :" يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ"(التوبة:64–66).
السخرية من المؤمنين، أو السخرية من الأعمال الصالحة.
قال تعالى :"الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ"(التوبة:79).
أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين وبعد فياعباد الله:"
لازلنا نواصل الحديث عن السخرية والتنمر
ومن أسباب السخرية
الكِبْرُ:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الكِبْر بطرُ الحقِّ وغمطُ الناس ".أي الاستهزاء بالناس والرغبة بتحطيم مكانة الآخرين. والتسلية والضحك على حساب آلام الآخرين.
كذلك من أسباب السخرية الاستهانة بأقوال الآخرين وأعمالهم، أو خلقتهم، أو طبائعهم، أو أسرهم، أو أنسابهم، إلى غير ذلك.و الفراغ وحب إضحاك الآخرين.
أضرار السخرية وأثارها علي المجتمع
السخرية مخالفةٌ لأمر الله وهي جالبةٌ لسخطه مستوجبةٌ لعذابه.
السخريةُ تهوِّن دعائم المجتمع وتضعف بناءه وتجعل أفراده يحقد بعضهم على بعض حيث يحقد المسخورُ منه على الساخر ويتربص به الدوائر.
السخرية والاستهزاء تقطع الروابط الاجتماعية القائمة على الأخوة، والتواد، والتراحم.وتبذر بذور العداوة والبغضاء، وتورث الأحقاد والأضغان.وتولد الرغبة بالانتقام.
السخرية قد تكون سبب هلاكِ ونذير شؤم للساخرين، فقد كان الغرق عاقبة قوم نوح الذين كفروا بالله وسخروا من نوح.فقد كان هلاكم بسبب كفرهم وسخريتهم من نوح عليه السلام.وأنَّ ضرر استهزائهم بالمؤمنين راجع إليهم.
قال تعالي:"وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ۚ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ"(هود: 38).قال لهم نوح إن تسخروا منا اليوم لجهلكم بصدق وعد الله، فإنا نسخر منكم غدًا عند الغرق كما تسخرون منا.
السخرية نوع من الظلم لأن الساخر يظلم أخاه ويؤذيه وقد حرَّم الله أذَّية المسلم وعدَّها بهتاناً عظيماً.
السخرية انتهاكٌ لحقوق الإنسان وسلب لكرامته التي اختصه الله بها.
السخرية ممرضة للقلب مميتة للشعور والإحساس ولا يفيق صاحبُها إلا بعد فوات الأوان وهنا يبقى هذا الحق معلقاً حتى يتنازل صاحبه.
السخرية من صفات الكفار والمنافقين وقد نًهينا عن التشبه بهم.
السخرية تبعد الإنسان عن ربه وتبعده عن الخير وأهل الخير وتجعله في حزب الشر وأهله.
السخرية سبب للعقوبة في الدنيا قبل الآخرة فقد يَحدثُ للساخر ما حدث للمسخور منه وهذا أمر مشاهد.
السخرية تنسي الإنسان ذكر ربه فيستولي عليه الشيطان ويصرفه عن الطاعة إلى المعصية.
يقول عبدالله بن المبارك رحمه الله:"مَن استخفَّ بالعلماء ذهبَت آخرتُه، ومَن استخفَّ بالأمراء ذهبَت دنياه، ومَن استخفَّ بالإخوان ذهبَت مروءتُه".
المستهزئ يعرض نفسه لغضب الله، وعذابه.ضياع الحسنات يوم القيامة.
و السخرية تفقد الساخر الوقار، وتسقط عنه المروءة.فتجد من اعتاد الضحك والاستهزاء بالناس قليل القيمة
الساخر يظلم نفسه بتحقير من وقره الله عز وجل، واستصغار من عظمه الله.
السخرية تميت القلب، وتورثه الغفلة؛ حتى إذا كان يوم القيامة ندم الساخر على ما قدمت يداه، ولات ساعة مندم:"أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ"(الزمر:56).
اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فبتبعون أحسنه