الْخِيَانَةُ الزَّوْجِيَّةُ أَسَبَّابَهَا وَعِلَاَجَهَا
أضرارالخيانة الزوجية
العوامل المسببة للخيانة الزوجية
هل يمكن ردع شبح الخيانة عن الحياة الزوجية وماهو العلاج؟
وهل تزني الحرة؟
الحمد لله رب العالمين ..
يا رب نسألك إيمانا كاملاً وقلباً
خاشعاً ولساناً ذاكراً وجسداً على البلاء صابراً .
واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له في سلطانه يعطي الدنيا لمن أحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا لمن أحب .. واشهد
أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه القائل:"ما
استفاد مؤمن بعد تقوى الله من امرأة صالحةإذا أمرها أطاعته وإذا نظر إليها سرته
وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله "(النسائي) اللهم صلاة وسلاما عليك يا
رسول الله وعلى آلك وصحبك وسلم
أما بعد
فيا جماعة الإسلام
يقول الله تعالي:"ضَرَبَ اللَّهُ
مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوااِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ
عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا
عَنْهُمَا مِنْ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ "(
التحريم /10).
أخوة الإيمان والإسلام :
إن الخيانة الزوجية بؤرة منتنة وشبح
يخوف المجتمعات وسوس ينخر في عظام الأمة وهي أكبر طعنة تصيب الحياة الزوجية في
مقتل فتؤدي إلى الطلاق ودمار الأسرة .وإذا أردت ان تهدم امة فاهدم الأسرة..
وقد تحدث الخيانة الزوجية داخل البيت
الواحد مع المحارم أو الخدم أو خارج البيت وجميع الشرائع والأديان السماوية تنظر
إلى الخيانة الزوجية مثل أقصى انحراف جنسي أخلاقي واجتماعي ..
أضرارالخيانة الزوجية
1- الخيانة الزوجية تؤدي إلى كارثة أسرية ونهاية
تترك بصمة عار على الأبناء والعائلة والقبيلة بأثرها وهذا العمل بلا شك في النهاية
سيؤدي بلا شك إلى هدم كيان الأسرة والشك في نسب الأبناء وتشريدهم وناهيك عن العار
الذي يلحق بهم ويؤرق حياتهم
.
فجريمة الخيانة لا تقتصر آثارها فقط
على مرتكبيها ولكن تمتد لتشمل أبرياء دون ذنب جنوه أو إثم ارتكبوه .
2- هذه الخيانة الزوجية سوف تفرز للمجتمع أبناء
مرضى لأن الذي يفعلها إنما هو أو هي شخصية مريضة تحتاج إلى الفحص والتشخيص والعلاج .
3- انتشارالفاحشةوتفشيهافي المجتمع بصورةبغيضةلأن
من يزن يزن به ولا شك
من يزن يزن به ولو بجداره إن كنت يا
هذا لبيب فافـــــــهم
إن الزنا دين فإن أقرضــــته كان الوفا
من أهل بيتك فاعــلم
يا هاتكا ستر الرجال وقاطعا سبيل الموت
عشت غير مكرم
لو كنت حرا من سلالة طاهر ما كنت
هاتكاً لحرمة مســـلم
4- وقوع العقاب والعذاب من الله في الدنيا "
فما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة " وفي الحديث الصحيح :" ما
انتشرت الفاحشة بقوم حتى أعلنوا بها إلا وانتشرت فيهم الأمراض والأوجاع التي لم
تكن في أسلافهم "(الحاكم).
يقول الله تعالى "وَاتَّقُوا
فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ
اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ "( الأنفال/25).
العوامل المسببة للخيانة الزوجية
عباد الله :" والعوامل أو الأسباب
التي تؤدي إلي الخيانة الزوجية كثيرة منها:"
أولاً- ضعف الإيمان ويتمثل في الآتي :
- ضعف الوازع الديني عند الرجل والمرأة يؤدي إلى
الخيانة إذا أنهما لو علما أن العشرة الزوجية علاقة مقدسة ينبغي احترامها وهي
" ميثاقاً غليظاً " ينبغي حفظه وعدم خيانته فضياع الإيمان وعدم الخشية
والرهبة من الله عز وجل يؤدي إلى ذلك " إذا الإيمان ضاع فلا أمان ولا دنيا
لمن لا يحي ديناً
".
- الامتناع والابتعاد عن أداء الشعائر الدينية
والتكاسل عنها يقول الله عز وجل :"وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ
تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ
يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ"(العنكبوت /45).
- الاستهانة بالحدود الشرعية واستباحتها والتهاون
في تنفيذها من قبل ولي الأمر والحاكم واستبدالها بقانون وضعي هزيل .
- اعتبار الدين مصدراً للتزمت وسببا في التخلف
- عدم مراعاة قوانين الشرع في العلاقات الزوجية
والالتزام بها
ثانياً- الدوافع المتعلقة برفقاء السوء .
من أسباب الخيانة الزوجية مصاحبة
الأشرار ورفقاء السوء
أحذر مصاحبــــــــــــــــة اللئيم
فإنه*** يعدي كما يعدي الصحيح الأجرب
وقال آخر :
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ***فكل
قرين بالمقــــــــــــارن يقتدي
فمسايرة رفقاء السوء في كل ما يفعلونه
أو محاولة تقليدهم في تصرفاتهم الشاذة المنحرفة أو مجاراتهم في أقوالهم وأفعالهم
يؤدي إلى هذه الخيانة الآثمة
:
ثالثا : الدوافع الأسرية :
إذا كان رب البيت بالدف ضاربا فشيمة
أهل البيت كلهم الرقص , فنشأة الأبناء في أحضان أم بغي أو ساقطة .. وأب عربيد يؤدي
إلى الانحراف وسلوك هذا المسلك الخاطئ .
رابعاً الدوافع الجنسية :
أشارت بعض الدراسات إلى أن هناك دوافع
جنسية سبب لهذا الانحراف والسلوك الخاطئ منها مثلاً :
1- الاغتراب والابتعاد عن فراش الزوجية لفترات
طويلة خاصة خارج الوطن وقد سأل عمر بن الخطاب ابنته حفصة عن المدة التي تستغني فيها
الزوجة عن الرجل فأخبرته أنها خمسة أشهر ستة أشهر فأصدر أمراً لجميع القواد أن لا
يغيب المقاتل عن زوجته أكثر من هذه المدة(فقه السنة 22 / 163 دار التراث ) .
2- إهمال المداعبات والملاطفات وعدم تبادل المدح
والثناء بين الزوجين : وقد حث الرسول صلي الله عليه وسلم:"الرجل الذي أراد أن
يتزوج امرأة ثيب على أن لا يتزوجها ويتزوج بكراً وقال : هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك
"(متفق عليه
)
3- الفارق العمري الشاسع بين الزوجين يؤدي إلى عدم
التفاهم وبالتالي يعبث بالزوجة ذئب بشري فتجد فيه ما تريد.
4- إفشاء الأسرار الزوجية والعلاقات الخاصة بين
الزوجين حتى يصبح للمستمع تخيل وتصور كامل لما تم بين الزوجين كأن الزوجة تستمع
لصديقتها التي تأتي بكلام مبالغ فيه ومخالف للحقيقة فتصدقها الأخرى وتسأل نفسها
لماذا لا يفعل معها زوجها مثل ذلك أو مثل زوج فلانة ؟ وتطالبه بما لا يستطيع ومن
هنا تحدث الكراهية وإذا أتيحت الفرصة وتمكن الشيطان منها فإنها قد تخون زوجها .
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :" إن من أشر الناس عند الله يوم القيامة
الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه ثم ينشر سرها "(مسلم).
5- الدوافع النفسية :
وهناك دوافع نفسية تؤدي إلى ارتكاب هذه
الجريمة مثل الأزمات النفسية والضغوط القاسية والتخلص من الكآبة والملل وروتينية
الحياة والإرغام على الزواج من زوج آخر قد تسول للنفس أن تنجرف وراء أهوائها
ورغباتها الآثمة..
6- الدوافع الاقتصادية :
كما أن هناك عوامل أخرى اقتصادية فقد
أثبتت الدراسات الاجتماعية الحديثة أن 70 % من حالات خيانة الرجال سببها اقتصادي
بمعنى أنه كلما زاد دخل الرجل فإنه يقبل على الخيانة من دون تأنيب من ضميره لأنه
قادر على الإنفاق على أسرته وعلى المرأة الأخرى من دون شعور بالذنب وقد يكون دافع
الخيانة عند المرأة هو سبب اقتصادي مثل الفقر على النقيض من الرجل الذي تكثر
خيانته عندما يجد المال يجري بين يديه بوفرة
أخوة الإيمان : وما هو العلاج لمثل هذه
الجريمة وما هو جزاءها عند الله ؟.
هذا ما سنعرفه إن شاء الله ، والتائب
من الذنب كمن لا ذنب له
..
الخطبة الثانية
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام
على أشرف المرسلين..أما بعد فياأخوة الإسلام
هل يمكن ردع شبح الخيانة عن الحياة الزوجية
وماهو العلاج؟
ما خلق الله تعالى من داء إلا وخلق له
الدواء وليس هناك آفة في المجتمع إلا ولها أسبابها وعلاجها وعندما يدرك الإنسان أن
كل عمل حذر منه الشرع وتوعد عليه بالويل والعذاب والأمراض والهلاك في الدنيا
والآخرة هو لمصلحته ومصلحة أسرته وأمته يسارع إلى تركه والابتعاد عنه إن ما يردع
أي إنسان عندما يقوم بأي فعل هو إدراك نهاية هذا الفعل فإن كان خيراً كان له الجزاء
الأوفر في الجنة فقد ذكررسول الله صلي الله عليه وسلم"سبعة يظلهم الله في ظله
يوم لا ظل إلا ظله من بينهم"رجل دعته امرأةذات منصب وجمال فقال إني أخاف
الله"(البخاري).
وإن كان شراً فعليه أن يحاسب نفسه قبل
أن يحاسب حسابا عسيراً يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم وعليه
أن يتمثل العذاب الأليم في الآخرة فالمرأة التي تعصي زوجها فإنما هي ملعونة في
الدنيا وفي الآخرة
.
يقول صلي الله علبيه وسلم:" إذا
دعى الرجل امرأته إلى الفراش فأبيت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى
تصبح"(البخاري).
وقد بين القرآن الكريم بأن تلك الخيانة
إنما هي كفر ولها عواقبها الوخيمة حيث تحدث عن خيانة امرأة نوح وامرأة لوط }ضَرَبَ
اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ
كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ
يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنْ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ
الدَّاخِلِينَ"(التحريم/10).
وقد ذهب جمهور العلماء على أن الخيانة
هنا ليست خيانة جنسية وإنما كانت خيانة امرأة نوح أنها كانت في العقيدة وعدم
الإيمان بالله وخيانة امرأة لوط كانت تدل القوم على الذين يأتون له من الرجال.
لكن ذهب بعض المفسرين إلى أن الخيانة
في كل شيء لأن القرآن حكم عليهما بالكفر وليس بعد الكفر ذنب وسواء كانت الخيانة
جنسية أو خلاف ذلك فهي خيانة ووصفها القرآن بأنها كفر وتوعد من يفعلها بأنه في
النار مع الداخلين
.
وهل تزني الحرة:"
إخوة الإسلام :" والحرة لاتزني
العفيفة الشريفة لاتزني فعنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : " جَاءَتْ هِنْدُ بِنْتُ
عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ ، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لِتُبَايِعَهُ ، فَنَظَرَ إِلَى يَدَيْهَا ، فَقَالَ لَهَا : "
اذْهَبِي فَغَيِّرِي يَدَكِ " ، قَالَتْ : فَذَهَبَتْ فَغَيَّرَتْهَا
بِحِنَّاءٍ ، ثُمَّ جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، فَقَالَ:"أُبَايِعُكِ عَلَى أَنْ لا تُشْرِكِي بِاللَّهِ شَيْئًا
، وَلا تَسْرِقِي ، وَلا تَزْنِي " ، قَالَتْ:أَوَ تَزْنِي الْحُرَّةُ.."(البخاري
ومسلم).
ولذلك المرأة التي أراد أن يعبث بها
ذئب بشري لقنته درس في الشرف ومعالي الأمورفماذا قالت المرأة للرجل الدنيء:"
روى أبو الفتح بهاء الدين محمد بن أحمد
بن منصور الأبشيهي المحلي: في كتابه "المستطرف في كل فن مستظرف ":
أن بعض الملوك طلع يوماً إلى أعلى قصره
يتفرج، فلاحت منه التفاتة، فرأى امرأة على سطح دار إلى جانب قصره لم ير الراؤن
أحسن منها، فالتفت إلى بعض جواريه، فقال لها: لمن هذه؟ فقالت: يا مولاي هذه زوجة
غلامك فيروز، قال: فنزل الملك وقد خامره حبها، وشغف بها، فاستدعى بفيروز، وقال له:
يا فيروز، قال: لبيك يا مولاي، قال: خذ هذا الكتاب وامض به إلى البلد الفلانية،
وائتني بالجواب، فأخذ فيروز الكتاب، وتوجه إلى منزله، فوضع الكتاب تحت رأسه، وجهز
أمره، وبات ليلته، فلما أصبح ودع أهله وسار طالباً لحاجة الملك، ولم يعلم بما قد
دبره الملك، وأما الملك فإنه لما توجه فيروز قام مسرعاً وتوجه متخفياً إلى دار
فيروز، فقرع الباب قرعاً خفيفاً، فقالت امرأة فيروز: من بالباب؟ قال:أنا الملك سيد
زوجك، ففتحت له، فدخل وجلس، فقالت له:أرى مولانااليوم عندنا، فقال:زائر.فقالت:
أعوذ بالله من هذه الزيارة،وما أظن فيها خيراً،فقال لها:ويحك إنني الملك سيد زوجك،
وما أظنك عرفتني فقالت:بل عرفتك يامولاي،ولقدعلمت أنك الملك، ولكن سبقتك الأوائل
في قولهم:
سأترُكُ ماءَكم مِن غَير وِردٍ ***وذاك
لِكَثرَةِ الورادِ فيـــــه
إذا سقطَ الذُبابُ على طَعامٍ
***رَفعتُ يَدي ونفسي تَشتَهيه
وتَجتَنِبُ الأسودُ ورودَ ماءٍ*** إذا
كانَ الكِلاب وَلِغنَ فيـــه
ويَرتَجِعُ الكَريمُ خَميصَ بَطنٍ***
ولا يرضى مُساهَمَةَالسَّفيه
وما أحسن يا مولاي قول الشاعر:
قل للذي شفه الغرام بنا * * * وصاحب
الغدر غير مصحوب
والله لا قال قائل أبداً قد أكل الليث
فضلة الذيب ثم قالت:"أيها الملك تأتي إلى موضع شرب كلبك تشرب منه، قال:
فاستحيا الملك من كلامها وخرج وتركها، فنسي نعله في الدار، هذا ما كان من الملك.
وأما ما كان من فيروز، فإنه لما خرج وسار تفقد الكتاب، فلم يجده معه في رأسه،
فتذكر أنه نسيه تحت فراشه،فرجع إلى داره،فوافق وصوله عقب خروج الملك من داره،فوجد
نعل الملك في الدار،فطاش عقله، وعلم أن الملك لم يرسله في هذه السفرة إلا لأمر
يفعله، فسكت ولم يبد كلاماً، وأخذ الكتاب، وسارإلى حاجة الملك، فقضاها، ثم عاد
إليه، فأنعم عليه بمائة دينار، فمضى فيروز إلى السوق، واشترى ما يليق بالنساء،
وهيأ هدية حسنة وأتى إلى زوجته، فسلم عليها، وقال لها: قومي إلى زيارة بيت أبيك،
قالت وما ذاك؟ قال: إن الملك أنعم علينا وأريد أن تظهري لأهلك ذلك، قالت: حباً
وكرامة، ثم قامت من ساعتها، وتوجهت إلى بيت أبيها، ففرحوا بها، وبما جاءت به معها،
فأقامت عند أهلها شهر، فلم يذكرها زوجها ولا ألم بها، فأتى إليه أخوها، وقال له يا
فيروز:"إما أن تخبرنا بسبب غضبك، وإما أن تحاكمنا إلى الملك، فقال: إن شئتم
الحكم، فافعلوا، فما تركت لها علي حقاً، فطلبوه إلى الحكم، فأتى معهم، وكان القاضي
إذ ذاك عند الملك جالساً الى جانبه، فقال أخوالصبية: أيد الله مولانا قاضي القضاة
إني أجرت هذا الغلام بستاناً سالم الحيطان ببئر ماء معين عامرة، وأشجار مثمرة،
فأكل ثمره، وهدم حيطانه،وأخرب بئره، فالتفت القاضي إلى فيروز،وقال له:ما تقول يا
غلام؟فقال فيروز: أيها القاضي قد تسلمت هذا البستان وسلمته إليه أحسن ما كان، فقال
القاضي: هل سلم إليك البستان كما كان؟ قال: نعم،ولكن أريد منه السبب لرده. قال
القاضي:ما قولك؟قال: والله يا مولاي ما رددت البستان كراهة فيه،وإنما جئت يوماً من
الأيام، فوجدت فيه أثر الأسد، فخفت أن يغتالني،فحرمت دخول البستان كراماً
للأسد،قال:"وكان الملك متكئاً فاستوى جالساً،وقال:يا فيروزارجع إلى بستانك
آمناً مطمئناً، فوالله أن الأسد دخل البستان ولم يؤثر فيه أثراً،ولا التمس منه
ورقاً،ولا ثمراًولا شيئاً،ولم يلبث فيه غيرلحظة يسيرة،وخرج من غيربأس،ووالله ما
رأيت مثل بستانك،ولاأشد احترازاً من حيطانه على شجره، قال: فرجع فيروز إلى داره،
ورد زوجته، ولم يعلم القاضي ولا غيره بشيء من ذلك.نسأل الله عزوجل السلامة ونعوذبه
من الجوع فإنه بئس الضجيع ومن الخيانة فإنها بئست البطانة.