recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة أفتان أنت يا معاذ؟!.لفضيلة الشيخ عبدالناصربليح

 

أفتان أنت يا معاذ؟!.

صحابي أعلم الأمة بالحلال والحرام يعلمه الرسول 

ماالخطر الذي خافه الرسول علي أمته من التشدد؟

الإسلام دين الرفق والوسطية والتيسير

ماذا يجب علي أئمة المساجد فعله ؟

الحمد لله رب العالمين،  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا وتاجنا وفخرنا محمداً عبده ورسوله، شرح صدره، ورفع قدره، وشرفنا به، وجعلنا أمته، قال وما ينطق عن الهوي:"إنَّ هذا الدِّينَ متينٌ فأوغِلْ فيه بِرِفْق، ولا تُبَغِّضْ إلى نفسِك عبادةَ الله؛ فإنَّ المُنْبَتَّ لا أَرْضًا قَطَع، ولا ظَهْرًا أبْقى"اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، 

أمابعد فياجماعة الإسلام 

 حديثنا إليكم اليوم عن التيسير والتخفيف في العبادات 

ومعنا حديث يوضح لنا مدي حرص رسول الله صلي الله عليه وسلم علي التيسر والتخفيف في العبادات فقد روي  البخاري ومسلم في صحيحهما عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم يأتي قومه فيصلي بهم الصلاة، فقرأ بهم البقرة، فتجوّز رجل فصلى صلاة خفيفة فبلغ ذلك معاذاً فقال:"إنه منافق، فبلغ ذلك الرجل فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، إنا قوم نعمل بأيدينا ونسقي بنواضحنا، وإن معاذاً صلّى بنا البارحة فقرأ البقرة، فتجوّزت فزعم أني منافق، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"يا معاذ أفتّان أنت؟ - قالها ثلاثاً، اقرأ "والشمس وضحاها" و"سبّح اسم ربك الأعلى" . ونحوه(متفق عليه واللفظ للبخاري).

وفي رواية أخرى:"فلولا صليت بسبح اسم ربك والشمس وضحاها والليل إذا يغشى، فإنه يصلي وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة".

وفي رواية مسلم:" فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده وانصرف".."(البخاري).

الصحابي الجليل معاذ بن جبل    

صحابي أعلم الأمة بالحلال والحرام يعلمه الرسول 

عباد الله :"ورغم أن المتعلم معنا اليوم هو الصحابي الجليل معاذ بن جبل شهد بيعة العقبة وهو شاب شهد مع رسول الله الغزوات كلها  وهو يتقدم أمام العلماء يوم القيامة بخطوة..أي يتقدم علي الجميع هذا الصحابي الجليل اختصه الجناب النبوي الشريف بمنقبة عظيمة خاصة، حين أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً بيده، وأقسم له بالله على محبته، وقال له: "يا معاذ، والله إني لأحبك"، قال عنه الرسول أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ ..ومن أراد الفقه فليأت معاذ بن جبل وأرشجتا الرسول أن نأخذ القرآن من أربعة منهم معاذ بن جبل ..اله ماجاء في الأحبار الصحيحة 

ومع ذلك نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في موقف آخر يوجه له رضي الله عنه عبارة شديدة حادة صارمة، فيقول له:"أفتان أنت يا معاذ؟!". 

فيا ترى ما الذي فعله معاذ بن جبل رضي الله عنه، جعل النبي صلى الله عليه وسلم يغضب هذا الغضب الشديد، ويوجه له رضي الله عنه هذه العبارة الشديدة؟

الذي حدث أخوة الإيمان والإسلام :"أن راعي إبل رجع من يوم عمل شاق منهكاً ليصلي صلاة العشاء خلف سيدنا معاذ (رضي الله عنه)، فوجده يقرأ في الصلاة بسورة البقرة، فلم يقدر الرجل أن يكمل تلك الصلاة الطويلة، فانعزل، وصلى لنفسه وانصرف، وبلغه أن معاذا رضي الله عنه نال منه، وقال فيه: (لقد نافق الرجل)، فشكا الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم معاذا، وقال: يا رسول الله، إنا قوم نعمل بأيدينا، ونسقي بنواضحنا، وإن معاذا صلى بنا البارحة، فقرأ البقرة، فتجوزت في صلاتي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ- وهو من أحب الصحابة إليه: يا معاذ! أفتان أنت؟ يا معاذ! أفتان أنت؟ يا معاذ! أفتان أنت؟ فلولا صليت ب"سبح اسم ربك"، و"الشمس وضحاها"، و"الليل إذا يغشى"؛ فإنه يصلي وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة!

وفي موقف آخر يغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا ًغير معتاد منه مطلقاً، حين يأتي رجل إليه صلى الله عليه وسلم، فيقول له: يا رسول الله، إني لأتأخر عن الصلاة في الفجر مما يطيل بنا فلان فيها، قال راوي الحديث: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما رأيته غضب في موضع كان أشد غضبا منه يومئذ، ثم قال: يا أيها الناس، إن منكم منفرين! فمن أم الناس فليتجوز، فإن خلفه الضعيف والكبير وذا الحاجة!

ماالخطر الذي خافه الرسول علي أمته من التشدد؟

عباد الله:" لقد كان صلى الله عليه وسلم يحرص على أمته حرص الأب على أبنائه، وأراد أن يقضي على الخطر من جذوره!

وتعالوا معي لنتخيل معاً هذا الخطر الذي غضب منه صلى الله عليه وسلم، وحذر منه أمته، تصوروا معي أن يتشدد شخص في تدينه، وأن يتطرف فيه، وأن يغرق في نفسه، وتغيب عنه في أثناء ذلك كل معاني الرحمة واليسر والاتساع في الشريعة!

إنها النفس! إنه الأنا! إنه الكبر الذي يغلف بظاهر موهوم من التدين، إنه الهوى الذي يجعل صاحبه متهوراً في الباطن، متديناً في الظاهر!

وإذا أصيب الشخص بمثل هذا فإنه يغرق في بحر من الظلمات، وينقطع عن أنوار الشريعة، وينظر للناس من حوله ويقارنهم بحاله، فيستصغرهم ويحتقرهم، ويكون غليظاً عنيفاً معهم، ويظن أنه خير منهم، ويصيبه داء إبليس الذي قال:"أنا خير منه"، وإذا تضجر الناس من هذا الشخص ونالوا منه فإنه يزداد عنفا معهم، وغلظة عليهم؛ لأنه تصور أنهم يعادون الدين، وهم في حقيقة الأمر لا يطيقون التشدد!

ويتطور الأمر فيتعدى ذلك الشخص على الناس ويكفرهم، وينتهي به الأمر إلى أن يحمل السلاح عليهم، فيولد الإرهاب!

فإن من أشد الأمور غرابة أن الإرهاب يبدأ بظاهر من التدين والتعبد، لكن ظلمات الأنا والكبر قد جعلت هذا التدين معزولاً عن أنوار الشريعة وأخلاقها وآدابها، ولأجل هذا غضب صلى الله عليه وسلم من هذا التشدد، رغم أن ظاهره التدين.

احذروا أيها السادة من كل تشدد وتطرف في دين الله ينجرف صاحبه من حيث لا يدري إلى الإرهاب، ومن الغريب أن يظن في نفسه أنه على صواب؛ لأنه يأخذ بظاهر التدين، ويغيب عنه باطن السعة والرحمة.

إن ذلك كله يفسر لنا شدة غضب النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الموقف، فما رؤي أشد غضباً منه في ذلك اليوم، إنه صلى الله عليه وسلم يريد أن يحمي أمته من الخطر، إنه صلى الله عليه وسلم يريد أن يصون أمته من التطرف، إنه صلى الله عليه وسلم يريد أن يقي أمته من الإرهاب، يريد صلى الله عليه وسلم لأمته أن تتدين فيزداد الإنسان بتدينه لينا ورحمة ورفقا واتساعا، والتماسا للعذر، واحتراما للخلق، قال تعالى:"فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين".

الإسلام دين الرفق والوسطية والتيسير

عباد الله:" إن الاسلام العظيم الذى جاء به رسولنا محمدصلي الله عليه وسلم ومن قبله إخوانه من الأنبياء والمرسلين دين الأمن والأمان والرحمة والوسطية والتسامح وعدم الغلو

 قال رسول الله " بعثت بالحنيفية السمحة"

وقال صل الله عليه وسلم:"هلك المتنطعون هلك المتنطعون  هلك المتنطعون "المتعمقون المغالون  المتجاوزون الحدود فى الامور"

وقال أيضا  " سددوا وقاربوا واغدوا وروحوا وشىء  من الدلجة "

وقال صل  الله عليه وسلم" عليكم من العمل ماتطيقون فان الله لا يمل ختى تملوا "

  قال ايضا "أحب الأعمال الى الله أدومه وان قل"

وقال :" والقصد القصد تبلغوا "

 ولما صلى معاذ بن جبل وأطال فى القرآءة واشتكى الرجل الى رسول الله  قال رسول الله لمعاذ " أفتان انت يامعاذ" من ام منكم الناس فليخفف فان فيهم الضعيف والكبير والمريض وذا الحاجة "

"إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ"

 والغلو معناه مجاوزة الحد وهوايضا بمعنى  المبالغة في الشيء. ومنه الغلو في الدين، ومن معانيه: الميل والانحراف عن الطريق المستقيم، أو أن يزيد في الدين ما ليس منه؛ بحيث يتجاوز الحد المشروع، أو يتشدد في العبادة، أو يتعسف في أدائها، حتى يخرج بها عن الصفة المشروعة. فكل من تعبد الله بغير ما شرع نوعًا أو عددًا أو صفة فهو من الغلاة، ومن هنا أصبحت البدع في الدين نوعًا من الغلو والتطرف.)..... الى غير ذلك من النصوص التى تدل على سماحة الاسلام ووسطيته وبعده كل البعد عن الغلو والتطرف

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فياجماعة الإسلام 

 ينبغي علي إمام المسجد الذي يؤم الناس أن يقتدي برسول الله صلي الله عليه وسلم 

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نِعْمَ المُعلِّمُ والمُرَبِّي لِأصحابِه وأُمَّتِه مِن بَعدِه، وكان يَختارُ لِلنَّاسِ ما يُصلِحُهم في أنفُسِهم، وما يُصلِحُ غَيرَهم مِن أُمورِ الدِّينِ والدُّنيا، وكان يُحِبُّ التَّخفيفَ على النَّاسِ في أُمورِ العِبادةِ، وخُصوصًا الصَّلاةَ؛ حتَّى لا يَنفِرَ النَّاسُ ويَمَلُّوا.

وفي الحَديثِ: تخفيفُ الإمامِ الصَّلاةِ مُراعاةً لحالِ المأمومينَ.

 النبي صلي الله عليه وسلم  أرشد الأئمة إلى أن يرفقوا بالناس فقال: أيكم أم الناس فليخفف، فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف وذا الحاجة، فالواجب على الإمام أن ينظر في الأمر وأن لا يشق على الناس، والقدوة هو النبي عليه الصلاة والسلام، القدوة هو النبي صلي الله عليه وسلم  في أفعاله كلها، لقول الله تعالي : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ"(الأحزاب:21)، فكان صلي الله عليه وسلم يصلي صلاة وسطاً ليس فيها إطالة تشق على الناس.

أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ يَحْتَجِرُ حَصِيرًا باللَّيْلِ فيُصَلِّي عليه، ويَبْسُطُهُ بالنَّهَارِ فَيَجْلِسُ عليه، فَجَعَلَ النَّاسُ يَثُوبُونَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيُصَلُّونَ بصَلَاتِهِ حتَّى كَثُرُوا، فأقْبَلَ فَقالَ: يا أيُّها النَّاسُ، خُذُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ؛ فإنَّ اللَّهَ لا يَمَلُّ حتَّى تَمَلُّوا، وإنَّ أحَبَّ الأعْمَالِ إلى اللَّهِ ما دَامَ وإنْ قَلَّ"(مسلم).

فالواجب على الأئمة أن يتأسوا به صلي الله عليه وسلم  وأن يقتدوا به في الصلوات الخمس كلها، حتى لا يفتنوا الناس، وحتى لا يشجعوهم على ترك الصلاة في الجماعة، فإذا صلى صلاة وسطاً ليس فيها مشقة على الناس، اجتمع الناس وصلوا جماعة ورغبوا في الصلاة، وتواصوا بأدائها في المساجد،

 ولهذا في اللفظ الآخر: أيها الناس! إن منكم منفرين، يعني: منفرين من الصلاة في الجماعة، فأيكم أم الناس فليخفف، ولهذا قال لـمعاذ: أفتان أنت يا معاذ !، وقال بعدها: هلا قرأت بسبح اسم ربك الأعلى، والليل إذا يغشى، والشمس وضحاها، واقرأ باسم ربك، هذا الذي بعده اللهم صل عليه وسلم، 

وقبلها: أيكم أم الناس فليخفف، ثم أرشد إلى هلا قرأت بسبح اسم ربك الأعلى، وإذا السماء انشقت، وفي بعضها والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى، يعني في أوساط المفصل، يعني هذه السور وما يشابهها، في العشاء والظهر والعصر، أما الفجر فكان يقرأ أطول من ذلك، كان الرسول صلي الله عليه وسلم يقرأ في الفجر بالطور، وبـ(ق والقرآن المجيد)، واقتربت الساعة والواقعة وما أشبهها، عليه الصلاة والسلام، فالفجر يطول فيها بعض الطول مثل (ق) ونحوها، وفي الظهر والعصر والمغرب والعشاء بأوساط المفصل، وفي المغرب في بعض الأحيان بقصاره، وفي بعض الأحيان يطول فيها بعض الأحيان كما فعل النبي ﷺ لكن الأغلب بالقصار. نعم. ِ.

اللهم ارزقنا حسن الفهم لدينك، والاستنارة بوحيك، واجعلنا من المصلين

 

google-playkhamsatmostaqltradent