recent
أخبار عاجلة

آثار المعاصي والذنوب علي الفرد والمجتمع

آثار المعاصي والذنوب علي الفرد والمجتمع

الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد

   فللمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة ، المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله .وللذنوب تأثيرات قبيحة، مرارتها تزيد على حلاوتها أضعافا مضاعفة، والمجازي بالمرصاد، لا يسبقه شيء" (صيد الخاطر لابن الجوزي).ورب شهوة ساعة أورثت ذلاً طويلاً ..

 "إن المعاصي تخرب الديار العامرة، وتسلب النعم الباطنة والظاهرة. فكم لها من العقوبات والعواقب الوخيمة؟! وكم لها من الآثار والأوصاف الذميمة؟! وكم أزالت من نعمة وأحلت من محنة ونقمة؟!" (المجموعة الكاملة  للسعدي).

بشرالزاني بخراب بيته ولو بعد حين ..

لما كان الموضوع كبيراً والبحث صغيراً، كان الأولى تقديم الأهم، فاخترت  أن نقسم الموضوع ‘لي قسمين ، قسم متعلق بآثار المعاصي على الفرد وقسم عن آثاره على المجتمع.

 أولاً: آثار الذنوب على الفرد

آثار الذنوب على قلب العبد :

  الوحشة والظلمة في القلب:

قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "إن للحسنة ضياء في الوجه، ونورا في القلب، وسعة في الرزق، وقوة في البدن، ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة سوادا في الوجه، وظلمة في القلب، ووهنا في البدن، ونقصا في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق"

 تورث الذل: فإن العز طاعة الله تعالى ،والذل في معصيته

قال الله تعالى:"من كان يريد العزة فلله العزة جميعا" (فاطر/ 10 ) ، فمن أراد العزة فليطلبها بطاعة الله

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : "وجعل الذل والصغار على من خالف أمري"(  أحمد  ).

قال الحسن البصري رحمه الله "إنهم وإن طقطقت بهم البغال، وهملجت بهم البراذين، إن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه" (الجواب الكافي)

قال عبد الله بن المبارك رحمه الله:

رأيت الذنوب تميت القلوب           وقد يورث الذل إدمانها

وترك الذنوب حياة القلوب            وخير لنفسك عصيانها

وهل أفسد الدين إلا الملوك           وأحبار سوء ورهبانها

 تطبع على القلب:

عن أبي هريرة رضي الله عنه: عن رسول اللٰه صلى الله عليه وسلم قال: «إن العبد إذا أخطأ خطيئة، نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإذا هو نزع واستغفر وتاب سقل قلبه، وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه، وهو الران الذي ذكر اللٰه: "كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون" » (رواه الترمذي وحسنه الألباني).

تحجب القلب عن الرب في الدنيا، والحجاب الأكبر يوم القيامة، كما قال الله U: "كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ، كلا إنهم عن ربهم يومئذ لـمحجوبون "

  تذهب الحياء من القلب:

عن أبي مسعود عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت" (البخاري)

وقال الشاعر:

ورب قبيحة ما حال بيني                وبين ركوبها إلا الحياء

فكان هو الدواء لها ولكن         إذا ذهب الحياء فلا دواء

 تلقي الخوف والرعب في القلب:

 فإن الطاعة حصن الله الأعظم ، فمن أطاع الله انقلبت المخاوف في حقه أمنا، ومن عصاه انقلبت مآمنه منه مخاوف، فمن خاف الله أمَّنه من كل شيء، ومن لم يخف الله أخافه من كل شيء.

 المعاصي تصغر النفوس: 

وتقمعها، وتدسيها، وتحقرها حتى تصير أصغر شيء وأحقره، كما أن الطاعة تنميها وتزكيها، وتكبرها، قال الله U: "قد أفلح من زكَّاها ، وقد خاب من دسَّاها"

المعاصي تنكس القلب: 

حتى يرى الباطل حقا والحق باطلا، والمعروف منكرا، والمنكر معروفا.

عن حذيفة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا فأي قلب أُشربها نُكِت فيه نُكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض والآخر أسود مُرْبَادَّاً كالكُوز مُجَخِّياً لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أُشرِب من هواه" رواه مسلم.

 تضيق الصدر:

فالذي يقع في الجرائم، ويعرض عن طاعة الله يضيق صدره بحسب إعراضه، قال الله تعالى: "فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون "(سورة الأنعام 125).

طول العمر وقصره

ومنها : أن المعاصي تقصر العمر وتمحق بركته ولا بد ، فإن البر كما يزيد في العمر ، فالفجور يقصر العمر .

وقد اختلف الناس في هذا الموضع .

فقالت طائفة : نقصان عمر العاصي هو ذهاب بركة عمره ومحقها عليه ، وهذا حق ، وهو بعض تأثير المعاصي .

وقالت طائفة : بل تنقصه حقيقة ، كما تنقص الرزق ، فجعل الله سبحانه للبركة في الرزق أسبابا كثيرة تكثره وتزيده ، وللبركة في العمر أسبابا تكثره وتزيده .

قالوا ولا تمنع زيادة العمر بأسباب كما ينقص بأسباب ، فالأرزاق والآجال ، والسعادة والشقاوة ، والصحة والمرض ، والغنى والفقر ، وإن كانت بقضاء الرب عز وجل ، فهو يقضي ما يشاء بأسباب جعلها موجبة لمسبباتها مقتضية لها .

وقالت طائفة أخرى : تأثير المعاصي في محق العمر إنما هو بأن حقيقة الحياة هي حياة القلب ، ولهذا جعل الله سبحانه الكافر ميتا غير حي ، كما قال تعالى ، أموات غير أحياء"النحل : 21 ] .

فالحياة في الحقيقة حياة القلب ، وعمر الإنسان مدة حياته فليس عمره إلا أوقات حياته بالله ، فتلك ساعات عمره ، فالبر والتقوى والطاعة تزيد في هذه الأوقات التي هي حقيقة عمره ، ولا عمر له سواها .

وبالجملة ، فالعبد إذا أعرض عن الله واشتغل بالمعاصي ضاعت عليه أيام حياته الحقيقية التي يجد غب إضاعتها يوم يقول : "ياليتني قدمت لحياتي "(الفجر : 24 ] .

فلا يخلو إما أن يكون له مع ذلك تطلع إلى مصالحه الدنيوية والأخروية أو لا ، فإن لم يكن له تطلع إلى ذلك فقد ضاع عليه عمره كله ، وذهبت حياته باطلا ، وإن كان له تطلع إلى ذلك طالت عليه الطريق بسبب العوائق ، وتعسرت عليه أسباب الخير بحسب اشتغاله بأضدادها ، وذلك نقصان حقيقي من عمره .

وسر المسألة أن عمر الإنسان مدة حياته ولا حياة له إلا بإقباله على ربه ، والتنعم بحبه وذكره ، وإيثار مرضاته .

آثار الذنوب على دين العبد:

1- حرمان العلم: فإن العلم نور يقذفه الله في القلب، والمعصية تطفئ ذلك النور.

لما جلس الشافعي بين يدي مالك، وقرأ عليه أعجبه ما رأى من وفور فطنته، وتوقد ذكائه، وكمال فهمه، فقال: "إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورا، فلا تطفئه بظلمة المعصية"

وقال الشافعي رحمه الله:

شكوت إلى وكيع سوء حفظي

       فأرشدني إلى ترك المعاصي

وأخبرني بأن العلم نور

       ونور الله لا يهدى لعاصي

قال الضحاك بن مزاحم رحمه الله: "ما من أحد تعلم القرآن ثم نسيه، إلا بذنب يحدثه؛ وذلك بأن اللٰه تعالى يقول: ﴿وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير﴾، ونسيان القرآن من أعظم المصائب" (رواه ابن المبارك في الزهد)

قال الهلالي:

واعلم بأن كَـدَر الذنوبِ           يكسِف نور العلم في القلوبِ

أما ترى الذُّبال في المصباحِ             إذا صفا أرضاك في استصباحِ

وإن يكُ بوَسَخٍ ملطخــا           كسف نوره لذلك الطَخَا

واحذر على النور الذي وهبتَ            وإن تضع نور الإله خبتَ

حرمان الرزق 

 وفي المسند :" إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه"

وكما أن تقوى الله مجلبة للرزق فترك التقوى مجلبة للفقر ، فما استجلب رزق الله بمثل ترك المعاصي .

وحشة يجدها العاصي في قلبه

 بينه وبين الله لا توازنها ولا تقارنها لذة أصلا ، ولو اجتمعت له لذات الدنيا بأسرها لم تف بتلك الوحشة ، وهذا أمر لا يحس به إلا من في قلبه حياة ، وما لجرح بميت إيلام ، فلو لم تترك الذنوب إلا حذرا من وقوع تلك الوحشة ، لكان العاقل حريا بتركها .

وشكا رجل إلى بعض العارفين وحشة يجدها في نفسه فقال له :

إذا كنت قد أوحشتك الذنوب     فدعها إذا شئت واستأنس

وليس على القلب أمر من وحشة الذنب على الذنب ، فالله المستعان .

وحشة بينه وبين الناس:"

الوحشة التي تحصل له بينه وبين الناس ، ولاسيما أهل الخير منهم ، فإنه يجد وحشة بينه وبينهم ، وكلما قويت تلك الوحشة بعد منهم ومن مجالستهم ، وحرم بركة الانتفاع بهم ، وقرب من حزب الشيطان ، بقدر ما بعد من حزب الرحمن ، وتقوى هذه الوحشة حتى تستحكم ، فتقع بينه وبين امرأته وولده وأقاربه ، وبينه وبين نفسه ، فتراه مستوحشا من نفسه .

وذكر أيضا عن وكيع حدثنا زكريا عن عامر قال : كتبت عائشة إلى معاوية : أما بعد : فإن العبد إذا عمل بمعصية الله عد حامده من الناس ذاما .

و عن أبي الدرداء قال : ليحذر امرؤ أن تلعنه قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر ، ثم قال : أتدري مم هذا ؟ قلت : لا ، قال : إن العبد يخلو بمعاصي الله فيلقي الله بغضه في قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر .

وعن محمد بن سيرين :"أنه لما ركبه الدين اغتم لذلك ، فقال : إني لأعرف هذا الغم بذنب أصبته منذ أربعين سنة".

قد لا يؤثر الذنب في الحال

وهاهنا نكتة دقيقة يغلط فيها الناس في أمر الذنب ، وهي أنهم لا يرون تأثيره في الحال ، وقد يتأخر تأثيره فينسى ، ويظن العبد أنه لا يغبر بعد ذلك ، وأن الأمر كما قال القائل :

إذا لم يغبر حائط في وقوعه     فليس له بعد الوقوع غبار

وسبحان الله ! ماذا أهلكت هذه النكتة من الخلق ؟ وكم أزالت غبار نعمة ؟ وكم جلبت من نقمة ؟ وما أكثر المغترين بها العلماء والفضلاء ، فضلا عن الجهال ، ولم يعلم المغتر أن الذنب ينقض ولو بعد حين ، كما ينقض السم ، وكما ينقض الجرح المندمل على الغش والدغل .

وقد ذكر الإمام أحمد عن أبي الدرداء : "اعبدوا الله كأنكم ترونه ، وعدوا أنفسكم من الموتى ، واعلموا أن قليلا يغنيكم ، خير من كثير يلهيكم ، واعلموا أن البر لا يبلى ، وأن الإثم لا ينسى .

ونظر بعض العباد إلى صبي ، فتأمل محاسنه ، فأتي في منامه وقيل له : لتجدن غبها بعد أربعين سنة .

هذا مع أن للذنب نقدا معجلا لا يتأخر عنه ، قال سليمان التيمي : إن الرجل ليصيب الذنب في السر فيصبح وعليه مذلته .

وقال يحيى بن معاذ الرازي عجبت من ذي عقل يقول في دعائه : اللهم لا تشمت بي الأعداء ، ثم هو يشمت بنفسه كل عدو له ، قيل : وكيف ذلك ؟ قال يعصي الله ويشمت به في القيامة كل عدو

وقال ذو النون : من خان الله في السر هتك الله ستره في العلانية .وقال بعض السلف : إني لأعصي الله فأرى ذلك في خلق دابتي ، وامرأتي .

ومنها : تعسير أموره عليه ، فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقا دونه أو متعسرا عليه ، وهذا كما أن من تلقى الله جعل له من أمره يسرا ، فمن عطل التقوى جعل له من أمره عسرا ، ويا لله العجب ! كيف يجد العبد أبواب الخير والمصالح مسدودة عنه وطرقها معسرة عليه ، وهو لا يعلم من أين أتي ؟

ومنها : ظلمة يجدها في قلبه حقيقة يحس بها كما يحس بظلمة الليل البهيم إذا ادلهم ، فتصير ظلمة المعصية لقلبه كالظلمة الحسية لبصره ، فإن الطاعة نور ، والمعصية ظلمة ، وكلما قويت الظلمة ازدادت حيرته ، حتى يقع في البدع والضلالات والأمور المهلكة وهو لا يشعر ، كأعمى أخرج في ظلمة الليل يمشي وحده ، وتقوى هذه الظلمة حتى تظهر في العين ، ثم تقوى حتى تعلو الوجه ، وتصير سوادا في الوجه حتى يراه كل أحد .

قال عبد الله بن عباس : إن للحسنة ضياء في الوجه ، ونورا في القلب ، وسعة في الرزق ، وقوة في البدن ، ومحبة في قلوب الخلق ، وإنللسيئة سوادا في الوجه ، وظلمة في القبر والقلب ، ووهنا في البدن ، ونقصا في الرزق ، وبغضة في قلوب الخلق .

ومنها أن المعاصي توهن القلب والبدن ، أما وهنها للقلب فأمر ظاهر ، بل لا تزال توهنه حتى تزيل حياته بالكلية .

وأما وهنها للبدن فإن المؤمن قوته من قلبه ، وكلما قوي قلبه قوي بدنه ، وأما الفاجر فإنه - وإن كان قوي البدن - فهو أضعف شيء عند الحاجة ، فتخونه قوته عند أحوج ما يكون إلى نفسه فتأمل قوة أبدان فارس والروم ، كيف خانتهم ، أحوج ما كانوا إليها ، وقهرهم أهل الإيمان بقوة أبدانهم وقلوبهم ؟

ومنها : حرمان الطاعة ، فلو لم يكن للذنب عقوبة إلا أن يصد عن طاعة تكون بدله ، ويقطع طريق طاعة أخرى ، فينقطع عليه بالذنب طريق ثالثة ، ثم رابعة ، وهلم جرا ، فينقطع عليه بالذنب طاعات كثيرة ، كل واحدة منها خير له من الدنيا وما عليها ، وهذا كرجل أكل أكلة أوجبت له مرضة طويلة منعته من عدة أكلات أطيب منها ، والله المستعان .

 إلف المعصية، وزوال استقباحها من القلب ثم المجاهرة بها:

قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه،وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا"(البخاري)

حرمان المعافاة إن جاهر بها: عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه" (متفق عليه).

 تحرم الطاعة وتثبط عنها، وتقطع طرق الأعمال الصالحة:

قال شاب للحسن البصري : أعياني قيام الليل ، فقال : قيدتك خطاياك .

 تزرع المعاصي أمثالها، ويولد بعضها بعضا:

قال بعض السلف: "إن من عقوبة السيئة السيئة بعدها، وإن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها".

"وليعلم اللبيب أن مدمني الشهوات يصيرون إلى حالة لا يلتذون بها وهم مع ذلك لا يستطيعون تركها لأنها قد صارت عندهم بمنزلة العيش الذي لا بد لهم منه" (روضة المحبين لابن القيم)

وكأسٌ شَرِبتُ على لذةٍ           وأخرى تداويت منها بها

هوان العبد العاصي على الله:

قال الحسن البصري رحمه الله: "هانوا عليه فعصوه، ولو عزوا عليه لعصمهم"

وإذا هان العبد على الله لم يكرمه أحد، كما قال الله U: "ومن يهن الله فما له من مكرم"(سورة الحج آية 18)

قال رسول اللٰه صلى الله عليه وسلم: "فالناس رجلان: بر تقي كريم علىٰ اللٰه، وفاجر شقي هين علىٰ اللٰه" (رواه الترمذي وصححه الألباني)

الزيغ والضلال بعد الهدى:

قال تعالى: "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" (سورة النور آية13)

قال أبو بكر رضي الله عنه: لست تاركا شيئا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به فإني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ. (متفق عليه)

نسيان الله لعبده ونسيان العبد نفسه:

قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون * ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون "(سورة الحشر 18 - 19)، أنساه نفسه: أي أنساه مصالحها وما ينجيها من عذابه.

 سخط الله على العاصي،

قال الله تعالى: "والله لا يحب كل كفار أثيم "(البقرة/ 276)

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: أوصاني رسول اللٰه صلى الله عليه وسلم بعشر كلمات، وذكر منها: "إياك والمعصية؛ فإن بالمعصية حل سخط اللٰه عز وجل" (أحمد)

حبوط بعض الأعمال الصالحة بالكبائر:

عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: "لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة، بيضا فيجعلها الله عز وجل هباء منثورا"، قال ثوبان رضي الله عنه: يا رسول الله صفهم لنا، جلهم لنا، أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم، قال: "أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها" (ابن ماجه).

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتدرون ما المفلس؟" قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: "إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة: بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار" (مسلم)

عن أبي العالية قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أنه لا يضر مع الإخلاص ذنب كما لا ينفع مع الشرك عمل صالح ، فأنزل الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم) فخافوا الكبائر بعد أن تُحبط الأعمال) ( ابن أبي حاتم في تفسيره).

وعن قتادة في هذه الآية قال : من استطاع منكم أن لا يبطل عملا صالحا بعمل سيء فليفعل ولا قوة إلا بالله ؛ فإن الخير ينسخ الشر ، وإن الشر ينسخ الخير ، وإن ملاك الأعمال: خواتيمها.

قال ابن القيم:" ومحبطات الأعمال ومفسداتها أكثر من أن تحصر وليس الشأن في العمل إنما الشأن في حفظ العمل مما يفسده ويحبطه " (الوابل الصيب)

فائدة: قال ابن رجب "والآثار عن السلف في حبوط الأعمال بالكبيرة كثيرة جدا يطول استقصاؤها، وأما من زعم أن القول بإحباط الحسنات بالسيئات قول الخوارج والمعتزلة خاصة، فقد أبطل فيما قال ولم يقف على أقوال السلف الصالح في ذلك، نعم المعتزلة والخوارج أبطلوا بالكبيرة الإيمان وخلدوا بها في النار، وهذا هو القول الباطل الذي تفردوا به في ذلك" (فتح الباري لابن رجب)

 نزع الإيمان :

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا زنى الرجل خرج منه الإيمان كان عليه كالظلة فإذا انقطع رجع إليه الإيمان" (أبو داود )

 عدم إجابة الدعاء:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم" يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، و إن الله أمر المتقين بما أمر به المرسلين فقال :"يا أيها الرسل كلوا من الطيبات و اعملوا صالحا إني بما تعملون عليم " و قال: "يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم " ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب و مطعمه حرام و مشربه حرام و غُذِي بالحرام فأنى يستجاب لذلك" (مسلم)

المعاصي سبب الانتكاسة وسوء لخاتمة:

قال ابن القيم: الإصرار على الذنوب يسبب الرَين على القلوب، فيخاف أن يستمر على ذلك فيسبب له ارتكاب ما يخرجه عن الإيمان بالكلية، ومن هنا اشتد خوف السلف فقال بعضهم: "أنتم تخافون الذنوب، وأنا أخاف الكفر".

وقال: "وثم أمر أخوف من ذلك وأدهي وأمر وهو أن يخونه قلبه ولسانه عند الاحتضار والانتقال الى الله تعالى فربما تعذر عليه النطق بالشهادة، كما شاهد الناس كثيرا من المحتضرين أصابهم ذلك حتى قيل لبعضهم قل لا إله إلا الله فقال آه آه لا أستطيع أن أقولها وقيل لآخر قل لا إله إلا الله فجعل يهذي بالغناء ويقول تاتا ننتنتا فقال وما ينفعني ما تقول ولم أدع معصية الا ركبتها ثم قضى ولم يقلها، وقيل لآخر ذلك فقال وما يغني عني وما أعلم اني صليت لله تعالى صلاة ثم قضى ولم يقلها، وسبحان الله كم شاهد الناس من هذا عبرا والذي يخفي عليهم من أحوال المحتضرين أعظم وأعظم" (الجواب الكافي)

حرمان دعوة الرسول صلي الله عليه وسلم والملائكة:

فإن الله سبحانه أمر نبيه أن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات، وبين سبحانه أن الملائكة يستغفرون لهم، قال الله تعالى: "الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الـجحيم * ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الـحكيم ، وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم " (سورة غافر 7 – 9).

آثار الذنوب على العبد في دنياه وعلاقته بمن حوله:

المعاصي تحرم الرزق:

قال تعالى: "ومن يتق الله يجعل له مخرجا  ويرزقه من حيث لا يحتسب "(الطلاق / 2-3) فمن لم يتق الله لا يجعل الله له مخرجا، ولا يرزقه من حيث لا يحتسب، وما استُجلب رزق بمثل ترك المعاصي.

عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " إن الرجل ليُحرم الرزق بالذنب يصيبه " ( ابن ماجه).

2- تزيل النعم، وتحل النقم:

قال الله تعالى:"وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير " (الشورى / 30).

وقال تعالى:"ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" (الأنفال /53).

عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال:"ما نزل بلاء إلا بذنب،ولا رفع إلا بتوبة"

إذا كنت في نعمة فارعها       فإن المعاصي تزيل النعم

وحطها بطاعة رب العباد    فرب العباد سريع النقم

قال ابن الجوزي "ولقد رأيت أقواما من المترفين، كانوا يتقلبون في الظلم والمعاصي باطنة وظاهرة، فتعبوا من حيث لم يحتسبوا، فقلعت أصولهم، ونقض ما بنوا من قواعد أحكموها لذراريهم، وما كان ذلك إلا أنهم أهملوا جانب الحق عز وجل، وظنوا أن ما يفعلونه من خير يقاوم ما يجري من شر، فمالت سفينة ظنونهم، فدخلها من ماء الكيد ما أغرقهم" (صيد الخاطر)

تزيل البركة في المال:

عن حكيم بن حزام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما" (متفق عليه)، فمن كذب في بيعه وشرائه، عوقب بمحق البركة.

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله" (البخاري).، أي وقع له الإتلاف في معاشه وماله، وقيل: المراد بذلك عذاب الآخرة.

4-  المعيشة الضنك في الدنيا:

قال الله تعالى: "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا"(طه /124).

5- تعسير أموره عليه:

قال تعالى: "ومن يتق الله يجعل له مخرجا" فمن لا يتقي الله لا يكون له ذلك.

قال بعض السلف: "إني لأعصي الله فأرى ذلك في خلق دابتي وامرأتي"

"فشهود العبد نقص حاله إذا عصى ربه، وانسداد الأبواب في وجهه، وتوعر المسالك عليه، حتى يعلم من أين أُتِي؟" (مدارج السالكين)

6-  حصول البغضاء بينه وبين الناس، وحصول الذم له:

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال إني أحب فلانا فأحبه قال فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء قال ثم يوضع له القبول في الأرض وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول إني أبغض فلانا فأبغضه قال فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه قال فيبغضونه ثم توضع له البغضاء في الأرض" (رواه مسلم)

قال ابن الجوزي: "ورأيت أقواما من المنتسبين إلى العلم، أهملوا نظر الحق -عز وجل- إليهم في الخلوات، فمحا محاسن ذكرهم في الجَلَوات، فكانوا موجودين كالمعدومين، لا حلاوة لرؤيتهم، ولا قلب يحن إلى لقائهم" (صيد الخاطر)

المرض والابتلاء:

عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال:قال رسول اللٰه صلى الله عليه وسلم:"ما اختلج عِرق، ولا عين إلا بذنب، وما يدفع اللٰه عنه أكثر" (الطبراني).

ثانياً: آثار الذنوب على المجتمع

 تمحق البركات: بركات الدين والدنيا

قال الله تعالي: "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون " (الأعراف /96)

وقال: "وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون" (النحل/ 112).

أما كون بعض لكفار منعمين في الدنيا فهو استدراج: عن عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج ثم تلا : " فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء ، حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون " (الأنعام /45) . (أحمد)

 نزول العقوبات العامة المهلكة:

قال تعالى "فكلاً أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون"(العنكبوت/ 40).

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أقبل علينا رسول الله r فقال: "يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم" (ابن ماجه)

عن عمران بن حصين رضي الله عنه: أن رسول اللٰه صلى الله عليه وسلم قال:"في هذه الأمة خسف، ومسخ، وقذف» فقال رجل من المسلمين: يا رسول اللٰه، ومتى ذاك؟ قال:"إذا ظهرت القينات والمعازف، وشربت الخمور"(الترمذي).

قال ابن القيم "فما الذي أخرج الأبوين من الجنة، دار اللذة، والنعيم، والبهجة، والسرور، إلى دار الآلام، والأحزان، والمصائب؟

وما الذي أخرج إبليس من ملكوت السماء وطرده، ولعنه، ومسخ ظاهره وباطنه، فجعل صورته أقبح صورة وأشنعها، وباطنه أقبح من صورته وأشنع، وبُدِّل بالقرب بُعداً، وبالرحمة لعنة، وبالجمال قبحاً، وبالجنة ناراً تلظّى، وبالإيمان كفراً؟

وما الذي أغرق أهل الأرض كلهم حتى علا الماءُ فوق رؤوس الجبال؟

وما الذي سلّط الريح على قوم عاد حتى ألقتهم موتى على وجه الأرض كأنهم أعجاز نخل خاوية، ودمّرت ما مرّت عليه من ديارهم وحروثهم وزروعهم ودوابّهم، حتى صاروا عبرة للأمم إلى يوم القيامة؟

وما الذي أرسل على قوم ثمود الصيحة حتى قطّعت قلوبهم في أجوافهم وماتوا عن آخرهم؟

وما الذي رفع قرى اللوطية حتى سمعت الملائكة نبيح كلابهم، ثم قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها، فأهلكهم جميعاً، ثم أتبعهم حجارة من السماء أمطرها عليهم، فجمع عليهم من العقوبة ما لم يجمعه على أمة غيرهم، ولإخوانهم أمثالها، وما هي من الظالمين ببعيد؟

وما الذي أرسل على قوم شعيب سحاب العذاب كالظلل، فلما صار فوق رؤوسهم أمطر عليهم ناراً تلظّى؟

وما الذي أغرق فرعون وقومه في البحر، ثم نُقلت أرواحهم إلى جهنم: فالأجساد للغرق، والأرواح للحرق؟

وما الذي خسف بقارون، وداره، وماله، وأهله؟

وما الذي أهلك القرون من بعد نوح بأنواع العقوبات ودمرَّها تدميراً؟

وما الذي أهلك قوم صاحب يس بالصيحة حتى خمدوا عن آخرهم؟" (الجواب الكافي)

حلول الهزائم وظهور عدوهم عليهم:

فإن الله تعالى جعل على نزول النصر شرطاً، قال تعالى "ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ، الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور" (النور/ 40 - 41).

"وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين"(الأنفال / 46).

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول اللٰه صلى الله عليه وسلم يقول:"إذا تبايعتم بالعِيْنة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد؛ سلط اللٰه عليكم ذلا، لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم" (أبو داود)

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول اللٰه صلى الله عليه وسلم: «أما بعد يا معشر قريش! فإنكم أهل هذا الأمر، ما لم تعصوا اللٰه، فإذا عصيتموه؛ بعث إليكم من يَلْحاكم كما يُلحَى هذا القضيب» - لقضيب في يده -، ثم لحا قضيبه، فإذا هو أبيض يصلد . يلحى: أي يقشر، والصلد: هو الأملس. (أحمد).

عن جبير بن نفير قال: لما فتحت قبرس، وفرق بين أهلها، فبكى بعضهم إلى بعض، رأيت أبا الدرداء جالسا وحده يبكي؛ فقلت: يا أبا الدرداء، ما يبكيك في يوم أعز اللٰه فيه الإسلام وأهله؟! قال: «ويحك يا جبير، ما أهون الخلق على اللٰه! إذا هم تركوا أمره؛ بينا هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك، تركوا أمر اللٰه عز وجل، فصاروا إلى ما ترى"(رواه أحمد في الزهد)

 المعاصي تؤثر حتى على الدواب، والأشجار، والأرض وعلى المخلوقات.

قال اللٰه تعالى: "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون" (الروم / 41).

عن أبي قتادة بن ربعي أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة فقال "مستريح ومستراح منه" قالوا يا رسول الله ما المستريح والمستراح منه فقال "العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب" (متفق عليه).

قال مجاهد رحمه الله :"إن البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا اشتدت السنة – أي : القحط - وأمسك المطر , وتقول : هذا بشؤم معصية ابن آدم ."

الاختلاف والتمزق:

قال تعالى: "فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة"(المائدة آية14)

عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "والذي نفس محمد بيده، ما تواد اثنان ففرق بينهما، إلا بذنب يحدثه أحدهما"( أحمد)

  أن الله تعالى لا يُقَدِّس – أي يُطَهِّرُ-  هذه الأمة:

عن جابر رضي الله عنه قال: قال لما رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرة البحر، قال ألا تحدثوني بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة، قال فتية منهم بلى يا رسول الله، بينا نحن جلوس مرت بنا عجوز من عجائز رهابينهم تحمل على رأسها قلة من ماء فمرت بفتى منهم فجعل إحدى يديه بين كتفيها ثم دفعها فخرت على ركبتيها فانكسرت قلتها، فلما ارتفعت التفتت إليه فقالت: سوف تعلم يا غُدَر إذا وضع الله الكرسي وجمع الأولين والآخرين وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون فسوف تعلم كيف أمري وأمرك عنده غدا، قال يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "صدقت صدقت كيف يُقَدِّسُ الله أمة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم"

 

 

google-playkhamsatmostaqltradent