
من الذي يصلي علي الميت صلاة الجنازة؟
إن الخلاف
في هذه المسألة طويل وكلام أهل العلم فيه كثير،
ففريق
ذهب إلي أن السلطان أونائبه يصلي
وفريق
ذهب إلي أن إمام المسجد أو الناحيةأولي من وصيه ووليه
وفريق
ثالث ذهب إلي أن ولي الميت أو قريبه هو الذي يصلي
وفريق
رابع ذهب إلي أن الوصي الذي أوصاه الميت
قبل موته
كان
هذا هو الموجز وسنوافيكم بالتفاصيل
اختلف العلماء
في ترتيب الناس في أحقيتهم بالصلاة على الميت؛ فمن قائل بتقديم ذي الولاية؛ كالإمام
الذي ولَّاه صاحب السلطة القيام بأمر المسجد من صلاة وخطابة وغير ذلك؛ إذ إن ذلك من
سلطانه الذي أقيم فيه؛ فهو أضبط للأمر، وأقطع للنزاع والشقاق، وقد ثبت في "صحيح
مسلم" وغيره من حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو رضي الله عنه مرفوعًا:"لا يَؤُمَّنَّ
الرجلُ الرجلَ في سُلطَانِه"،
ومن قائل بأن أحق الناس بالصلاة عليه هم أولياؤه من أقاربه.
وقال الزحيلي في
كتابه الفِقْه الإسلاميّ وأدلَّته: من الأولى بالصلاة على الجنازة؟ للفقهاء آراء ثلاثة:
الرأي الأول ـ
للحنفية: السلطان إن حضر أو نائبه أحق بالصلاة على الميت بسبب السلطنة، ولأن في التقدم
عليه ازدراء به، فإن لم يحضر فالقاضي؛ لأنه صاحب ولاية، ..
وقال مالك: والي المصر أو صاحب الشرطة إذا كانت الصلاة إليه أحق بالصلاة على الميت من وليه والقاضي إذا كان هو الذي يلي الصلاة ...
وفي مشكل الآثار للطحاوي: باب ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يقضي بين المختلفين في الإمامة في الصلوات على الجنائز هل يدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم :" ولا يؤم أمير في إمارته " أم لا ؟ قال أبو جعفر : روينا في الباب الذي قبل هذا الباب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا يؤم أمير في إمارته " ، فكان أبو حنيفة وأصحابه يدخلون الإمامة في الصلوات على الجنائز في ذلك ، وكان الشافعي لا يدخلها فيه فنظرنا هل روي في شيء عمن تقدمهم ، فوافق أحد هذين القولين أم لا ؟ فوجدنا أبا أمية قد حدثنا قال : حدثنا قبيصة بن عقبة ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي الجحاف ، قال أبو جعفر : وهو داود بن أبي عوف ، عن إسماعيل بن رجاء ، قال : أخبرني من شهد الحسين بن علي حين مات الحسن عليهما السلام قال لسعيد بن العاص : « تقدم ، فلولا أنها سنة ما تقدمت » ووجدنا إبراهيم بن محمد بن يونس البصري ، قد حدثنا ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا سفيان ، عن سالم بن أبي حفصة ، عن أبي حازم ، قال : إني لشاهد يوم مات الحسن بن علي ، فرأيت حسينا يقول لسعيد بن العاص وهو يطعن في عنقه : « تقدم ، لولا أنها سنة ما تقدمت » قال : فكان بينهما شيء ، فقال أبو هريرة : تنفسون على ابن نبيكم تربة تدفنونه فيها ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من أحبهما فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني » قال أبو جعفر : فكان في هذا الحديث ما قد دل على دخول الصلوات على الجنائز في ذلك ، فكان القياس عندنا يوجب هذا القول ، وكان الشافعي مما يحتج به ، لقوله الذي ذكرناه عنه في ذلك : أن هذا من الفروض الخاصة وكان مخالفوه في ذلك يقولون : إنها من الفروض العامة التي تسقط عن العامة بقيام الخاصة منهم بها ؛ لأن على المسلمين الصلوات على جنائزهم كما عليهم غسلهم ، وكما عليهم مواراتهم في قبورهم ، وكان من قام بذلك منهم ، سقط به الفرض عن بقيتهم ، وكانت الجماعات للصلوات الخمس في المساجد واجبة على المسلمين إلا أن من قام بذلك منهم سقط به الفرض عن بقيتهم ، وكانت الجماعة في الصلوات الخمس لو حضرها الأمير ، كانت الإمامة فيها إليه دون غيره من الناس ، فمثل ذلك في القياس الجماعة في الصلوات على الجنائز إذا حضرها الأمير كانت الإمامة فيها إليه دون غيره من الناس ، والله عز وجل نسأله التوفيق. اهـ
وقال ابن قدامة في المغني : أكثر أهل العلم يرون تقديم الأمير على الأقارب في الصلاة على الميت وقال الشافعي في أحد قوليه : يقدم الولي , قياسا على تقديمه في النكاح , بجامع اعتبار ترتيب العصبات , وهو خلاف قول النبي صلى الله عليه وسلم "لا يؤم الرجل في سلطانه" . وحكى أبو حازم قال : شهدت حسينا حين مات الحسن , وهو يدفع في قفا سعيد بن العاص , ويقول : تقدم , لولا السنة ما قدمتك وسعيد أمير المدينة وهذا يقتضي سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وروى الإمام أحمد بإسناده عن عمار مولى بني هاشم قال : شهدت جنازة أم كلثوم بنت علي , وزيد بن عمر فصلى عليها سعيد بن العاص وكان أمير المدينة وخلفه يومئذ ثمانون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فيهم ابن عمر , والحسن والحسين وسمى في موضع آخر زيد بن ثابت , وأبا هريرة .
وقال علي رضي الله عنه: الإمام أحق من صلى على الجنازة وعن ابن مسعود نحو ذلك . وهذا اشتهر فلم ينكر , فكان إجماعا , ولأنها صلاة شرعت فيها الجماعة , فكان الإمام أحق بالإمامة فيها كسائر الصلوات وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على الجنائز , مع حضور أقاربها , والخلفاء بعده ولم ينقل إلينا أنهم استأذنوا أولياء الميت في التقدم عليها . فصل : والأمير هاهنا الإمام , فإن لم يكن فالأمير من قبله , فإن لم يكن فالنائب من قبله في الإمامة , فإن الحسين قدم سعيد بن العاص , وإنما كان أميرا من قبل معاوية، فإن لم يكن فالحاكم. اهـ
وقال الباجي في شرح الموطأ : فإن اجتمع هؤلاء ثلاثتهم في جنازة فأحقهم بالصلاة عليه الوالي وبه قال أبو حنيفة والشافعي والدليل على ذلك ما روي عن أبي حازم قال شهدت حسينا حين مات الحسن وهو يدفع في قفا سعيد بن العاص وهو يقول تقدم فلولا السنة ما قدمناك وسعيد أمير المدينة يومئذ، ودليلنا من جهة القياس أن هذه صلاة سن لها الجماعة فكان الوالي أحق بإمامتها كصلاة الجمعة والعيدين .
وقال الأوزاعي: الوالي أحق بالصلاة على الميت من وليه، وكان الحسن يعجبه تقديم الإمام على الميت ويقول هو من السنة، وقال عبيد الله بن الحسن: الإمام أحق بالصلاة عليه من الولي، وقال الشافعي: الولي أحق من الوالي والولاية للعصبة روى الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أوس بن ضمعج قال: سمعت أبا مسعود الأنصاري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يؤم الرجل في سلطانه. ورواه شعبة عن إسماعيل بن رجاء بإسناده وقال: لا يؤم أمير في إمارته. قال أبو جعفر: وأما ما حكيناه عن أبي حنيفة أن إمام الحي أحق فإنه إذا لم يحضر الصلاة عليهم والي مصرهم، فإذا حضر الوالي فالصلاة إليه في قوله وفي قول سائر أصحابه.
ابن رشد : لا يكون
أحق بالصلاة على ميتهم إلا الأمير أو قاضيه أو صاحب شرطته أو مؤمره على الجند إذا كانت
الخطبة والصلاة إلى كل واحد منهم , فإن انفرد بالخطبة والصلاة دون أن يكون إليه حكم
بقضاء أو شرطة أو إمارة على الجند وانفرد بالحكم بالقضاء أو الشرطة أو الإمارة على
الجند دون أن تكون إليه الخطبة والصلاة , لم يكن له في الصلاة على الجنازة حق وكل من
كان إليه منهم الحكم بوجه من الوجوه والصلاة فوكيله عليهما جميعا بمنزلته في أنه أحق
من الأولياء بالصلاة على الجنازة . وأما إن كان وكيله على الحكم دون الصلاة أو على
الصلاة والخطبة دون الحكم فلا حق له في الصلاة على الجنازة . وهذا مذهب ابن القاسم
وروايته عن مالك في المدونة . وعن ابن القاسم أن ذلك لمن كانت إليه الخطبة والصلاة
يريد وإن لم يكن إليه الحكم. اهـ
قال الإمام الباجي المالكي في "المنتقى شرح الموطأ" (2/ 19، ط. مطبعة السعادة):"الجنازة يصلى عليها بثلاثة معانٍ: الولاية وهي الإمارة، والثاني: الولاء والتعصيب، والثالث: التعصيب والدين؛ فإذا انفرد كل واحد من هذه المعاني، مثل أن يموت أحد من المسلمين فلا يكون له ولي ولا يحضر من يشار إليه بصلاح ويحضر الوالي فلا خلاف أنه يصلي عليه؛ لأن هذه صلاة جماعة يحضرها الوالي فكان أحق بالتقدم عليها كصلاة الفرض، وإن حضره وليٌّ ولم يحضره والٍ ولا رجلٌ مشهور بالصلاح، فإن الولي أَوْلى بالصلاة عليه؛ لأن الصلاة على الجنائز من حقوق الميت ومن حقوق الولي؛ فإنه أحق بالقيام بها من الأجانب كسائر أموره من مواراته،
وكذلك إن حضره رجل مشهور بالصلاح، ولم يحضره والٍ ولا وليٌّ؛ فإن أحق الناس بالصلاة عليه الرجل الصالح لما يُرجَى من بركة دعائه وفضله وصلاته للميت..
فإن اجتمع هؤلاء ثلاثتهم في جنازة؛ فأحقهم بالصلاة عليه الوالي، وبه قال أبو حنيفة والشافعي والدليل على ذلك ما روي عن أبي حازم قال: شهدت حسينًا حين مات الحسن وهو يدفع في قفا سعيد بن العاص وهو يقول تقدم فلولا السنة ما قدمناك، وسعيد أمير المدينة يومئذٍ. ودليلنا من جهة القياس أن هذه صلاة سُنَّ لها الجماعةُ فكان الوالي أحق بإمامتها كصلاة الجمعة والعيدين. الوالي الذي يستحق الصلاة على الجنازة ويكون أولى بها من الولي" اهـ.
وقد ذكر العلامة المواق المالكي الحكمة من ذلك؛ وهي ضبط الأمر وقطع باب النزاع وذلك مقصود شرعي مرعيٌّ في التعامل بين الناس حيث قال في "التاج والإكليل لمختصر خليل" (3/ 72، ط. دار الكتب العلمية):
وقال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (5/ 217، ط. دار الفكر):"وإن اجتمع الوالي والولي المناسب ففيه قولان؛ قال في القديم: الوالي أولى.. وقال في الجديد: الولي أولى؛ لأنه ولاية تترتب فيها العصبات فقُدِّم الولي على الوالي؛ كولاية النكاح" اهـ.
إمام المسجد أو الحي
فإن لم يحضر السلطان أونائبه فيقدم إمام الحي؛ لأنه رضيه في حياته، فكان أولى بالصلاة عليه في مماته، ثم يقدم الولي الذكر .
وفي مختصر اختلاف العلماء للطحاوي فيمن أحق بالصلاة على الميت: قال أبو حنيفة: إمام الحي أحق بالصلاة على الميت ثم الأب، وقال أبو يوسف: الصلاة على الميت إلى وليه ...
وكان ابن أبي عمران يقول: إنما جعل الصلاة إلى أئمة الحي في ذلك الوقت لأنهم كانوا لا يقدمون حينئذ للصلاة بهم في المسجد إلا من لا يصلح لغيره منهم أو يتقدمه لما هو عليه من الفضل، وقد زال الآن ذلك فلا اعتبار بأئمة الحي فيه. اهـ
وقال ابن
تيمية في المنهاج : نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتقدم على الإمام ذي السلطان وإن
كان المأموم أفضل منه، ولهذا قال العلماء: إن الإمام الراتب لا يقدم عليه من هو أفضل
منه، وكانت السنة أولا أن الأمير هو الذي يصلي بالناس،
وفي مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين أنه سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى : من أولى الناس بالصلاة على الميت الإمام أو الولي؟ فأجاب فضيلته : إن صُلِّي عليه في المسجد فالإمام أولى (أعني إمام المسجد) لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يَؤُمنَّ الرجلُ الرجلَ في سلطانه"، وإمام المسجد سلطان في مسجده، وإن صلِّي عليه في مكان غير المسجد فأولى الناس به وصيّه، فإن لم يكن له وصي فأقرب الناس إليه، وإن صلى أحد الحاضرين فلا بأس. اه
وليس الأمر في
إمامة صلاة الجنازة كالأمر في القيام على غسل الميت؛ إذ الصلاة على الميت في المسجد
بعد تغسيله وتكفينه: انتقالٌ من شأن إلى شأن؛ فالمسجد يكون اجتماع الناس فيه أكبر،
وهذا مظنة لحدوث الاختلاف والنزاع خاصةً إذا اجتمعت أكثر من جنازة في مسجد واحد، ومن ثم كان إسناد الأمر
لذي السلطان أو نائبه أو إمام المسجد الراتب الذي عينه السلطان أَوْلى، بخلاف تغسيل الميت وتكفينه؛ فالاجتماع أقل وولاية ذوي القربى أمر
مَيِّتِهم أيسرُ.
الولي القريب أولى بالإمامة
الرأي الثالث ـ
للشافعية في الجديد: أن الولي القريب أولى بالإمامة من الوالي، وإن أوصى الميت لغير الولي،
لأن الصلاة حقه، فلا تنفذ وصيته بإسقاطها كالإرث، لأن المقصود من الصلاة على الجنازة
هو الدعاء للميت، ودعاء القريب أقرب إلى الإجابة لتألمه وانكسار قلبه. وأما وصايا الصحابة
بالصلاة عليهم، فمحمولة على أن أولياءهم أجازوا الوصية. ....اهـ
وقال النووي في المجموع : إذا اجتمع الولي المناسب والوالي فقولان مشهوران : ( القديم ) : أن الوالي أولى , ثم إمام المسجد ثم الولي ( والجديد ) : الصحيح أن الولي مقدم على الوالي وإمام المسجد , وممن صرح بتقديم إمام المسجد على الولي تفريعا على القديم صاحب التهذيب والرافعي , واحتجوا للقديم بحديث { لا يؤم الرجل في سلطانه } وللجديد بأنها ولاية تترتب فيها العصبات , فقدم الولي على الوالي كالنكاح , وحملوا الحديث على غير صلاة الجنازة , وممن قال بتقديم الوالي علقمة والأسود والحسن البصري وسويد بن غفلة ومالك وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق قال ابن المنذر : هو قول أكثر أهل العلم , قال : وبه أقول , قال : وروي عن علي ولا يثبت عنه , وممن قال بتقديم الولي الضحاك وأبو يوسف .اهـ
الرأي الثاني ـ للمالكية والحنابلة: أحق الناس بالصلاة على الميت: من أوصى الميت أن يصلي عليه، عملاً بفعل الصحابة، فقد أوصى أبو بكر أن يصلي عليه عمر، وعمر أوصى أن يصلي عليه صهيب، وعائشة أوصت أن يصلي عليها أبو هريرة، وأم سلمة أوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد...إلخ، ثم الوالي أو الأمير، للحديث السابق:"لا يؤم الرجل الرجل في سلطانه" ، ثم الأولياء العصبات ...
والأَوْلَى بالصلاة وَصِيٌّ رُجِيَ خيرُه، ثم الخليفة. قال في الذخيرة ما نصه: (قاعدة) ضبط المصالح العامة واجب، ولا تنضبط إلا بعظمة الأئمة في نفوس الرعية، ومهما أهينوا تعذرت المصلحة؛ فلذلك لا يتقدم في صلاة الجنازة، ولا في غيرها؛ لأن ذلك يخل بأئمتهم، وروى ابن غانم: وَصِيُّ الميت بالصلاة عليه أحقُّ من الولي" اهـ.
وروى سحنون : إن كان لعداوة بينه وبين وليه فالولي أحق . سحنون : والوصي أحق من الخليفة والخليفة أحق من الولي . ( لا فرعه إلا مع الخطبة ).
المختصر المفيد
الأحق بالصلاة على الميت
شاع بين الناس
أن الأحق بالصلاة على الميت أقرب الناس إليه نسبا ، ولذا نجد بعض الناس ينازع ويتشاجر
مع أئمة المساجد ليصلي هو على الجنازة !!! فما مدى صحة هذه المعلومة ؟؟؟
المذاهب الثلاثة
( الحنفية والمالكية والحنابلة ) وقول ( للشافعية ) أن الأحق بالصلاة على الميت إمام
المسجد ، لأنه النائب عن الحاكم .
وذهب الشافعية
في قول إلى أن الأحق بالصلاة أقرب الناس إلى الميت نسبا ، فكما يرثه فهو أولى بالصلاة
عليه ، وقياسا على النكاح ، وذاك مظنة قبول الدعاء والصلاة للقرابة والرحم التي بينهما
.
والحق أقول: الراجح
عندي أن الأولى بالصلاة على الميت هو إمام المسجد لا القريب ، لما يلي
1) قيام الأدلة
على ذلك ووضوحها ، فعن سالم بن أبي حفصة قال : سمعت أبا حازم يقول : " إني لشاهد
يوم مات الحسن بن علي ، فرأيت الحسين بن علي يقول لسعيد بن العاص ويطعن في عنقه : تقدم
، فلولا أنها سنة ما قُدِّمت " "تلخيص الحبير" لأبن حجر (2/88) ، فانظر
كيف قدم الحسين رضي الله عنه سعيد بن العاص والي المدينة آنذاك للصلاة على جنازة أخيه
الحسن بن علي رضي الله عنه ، ولا شك أن الحسين يفوق سعيد بن العاص علما وفقها ومكانة
، وروى الإمام أحمد بإسناده عن عمار مولى بني هاشم قال : شهدت جنازة أم كلثوم بنت علي
, وزيد بن عمر فصلى عليها سعيد بن العاص وكان أمير المدينة وخلفه يومئذ ثمانون من أصحاب
محمد صلى الله عليه وسلم فيهم ابن عمر , والحسن والحسين وسمى في موضع آخر زيد بن ثابت
, وأبا هريرة .
2) كثير ممن يتقدمون
للصلاة على الميت من أقاربه يجهلون فقه الشريعة الإسلامية وقد يخطئون ، وقد يقصرون
في موضع ينبغي فيه الإطالة والعكس ، وقد يحمل أحدهم الدخان والسجائر في جيبه وهو يصلي
على الميت .
3) إذا كان تقديم القريب مظنة لإجابة الدعاء لصلة الرحم والقرابة ، فهو كذلك يصلي مع الإمام على الجنازة ويدعو أيضا ، وليس شرطا أن يكون إماما حتى يستجاب دعاءه؟
4- فالمساجد التي لها أئمة عينتهم الدولة للقيام بالشعائر ينبغي أن يراعى حقُّهم في الصلاة علي الميت فيُستأذَنوا في ذلك، فإن أذنوا تقدم للصلاة مَن أذنوا له، وإلا قُدِّم حقُّهم في إمامتهم في سلطانهم؛فهم معينون من قبل السلطان وليس كل جنازة يحضرها السلطان أونائبه ولكن الإمام الراتب يعتبر نائب السلطان وأولي بالصلاة علي الجنازة سدًّا لباب النزاع والشقاق بين المسلمين، خاصةً إذا اجتمعت أكثر من جنازة في مسجد واحد،وأراد كل ولي أووصي أن يصلي علي قريبه أو من وصاه فسيتحول الأمر إلي فوضي ..
ويستثنى من ذلك : إذا أوصى الميت أن يصلي عليه فلان ، فوصيته مقدمة - على الراجح عندي - فإن أبا بكر أوصى أن يصلي عليه عمر وعمر أوصى أن يصلي عليه صهيب
أما أهل الميت بعد ذلك لهم أن يَلُوُا شئون دفنه والدعاء له والصدقة عنه بما يجلب الرحمة.
والله أعلم.