
أمانة العامل والصانع وجزاؤها
أمانة العامل وأثرها في إتقان العمل
أمانة الصانع وأثرها على المنتج الوطني والرخاء الاقتصادي
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن
لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، صلوات الله وسلامه
عليه ، وعلى آله وأصحابه ،والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
فيقول تعالي:"وَقُلِ ٱعْمَلُواْ
فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُۥ وَٱلْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ
إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ
تَعْمَلُونَ"(التوبة/105).
عباد الله :" حديثنا اليوم"عن أمانةالعامل والصانع وجزاؤها" يقول الله تعالى:"إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا"(الأحزاب/ 72).
قال القرطبي في تفسير هذه الآية: الأمانة تعم جميع وظائف
الدين ا هـ.
ضياع الأمانة علامة من علامات الساعة
عباد الله :"وضياع الأمانة علامة من علامات الساعة جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن الساعة..قال صلى الله عليه وسلم : " إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة ، قال : وكيف إضاعتها ؟ قال :"إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة "(البخاري).
وهذا معنى عظيماً يرشد إليه النبي صلى الله عليه
وسلم بأن كل شيء لا بد وأن يوضع في مكانه المناسب ، فلا يسند العمل ولا المنصب إلا
لصاحبه الجدير به ، والأحق به من غيره ، دون محاباة لأحد ، وإلا فقد ضاعت الأمانة
واقتربت الساعة .
وضياع الأمانة دليل على ضياع الإيمان ونقص الدين
، قال صلى الله عليه وسلم :" لا إيمان لمن لا أمانة له ، ولا دين لمن لا عهد
له "(أحمد والبيهقي).
فالأمانة من الأخلاق الفاضلة وهي أصل من أصول الديانات ، وعملة نادرة في هذه الأزمنة ، وهي ضرورة للمجتمع الإنساني ، لا فرق فيها بين حاكم ومحكوم ، وصانع وتاجر ، وعامل وزارع ، ولا بين غني وفقير ، ولا كبير وصغير ، ولا معلم وتلميذ ، فهي شرف للجميع ، ورأس مال الإنسان ، وسر نجاحه ، ومفتاح كل تقدم ، وسبب لكل سعادة ، وليست الأمانة محصورة في مكانها الضيق الذي يعتقده كثير من الناس ، فالأمانة ليست مقصورة على أداء الودائع التي تؤمن عند الناس ، بل هي أشمل من ذلك بكثير ، فالصلاة والصيام والزكاة والحج وغيرها من شعائر الدين أمانة ، من فرط في شيء منها أو أخل به فهو مفرط فيما ائتمنه عليه ربه تبارك وتعالى ، وتشمل الأمانة كذلك كل عضو من جسد الإنسان ، فاليد والرجل والفرج والبطن وغير ذلك أمانة عندك ، فلا تأتي الحرام من قبل ذلك ، وإلا أصبحت مفرطاً فيما ائتمنت عليه ، واحذر أن تكون هذه الجوارح شاهدة عليك يوم القيامة إن فرطت فيها ، يقول الحق تبارك وتعالى : " يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون " ،
فمن معاني الأمانة وضع كل شيء في مكانه اللائق
به ، قال أبو ذر رضي الله عنه : رسول الله : ألا تستعملني ـ يعني ألا تجعلني
والياً أو أميراً أو ريئساً لك على إحدى المدن ـ قال : فضرب بيده على منكبي ثم قال
: " يا أبا ذر إنك ضعيف ، وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة ، إلا من
أخذها بحقها ، وأدى الذي عليه فيها "(مسلم).
عباد الله: أمر الأمانة عظيم ، وخطرها كبير ، فلقد استهان كثير من الناس اليوم بأمر الأمانة حتى أضحوا لا يلقون لها بالاً ، ولا يقيمون لها وزناً ، وذلك ناتج عن سوء فهم لمعنى الأمانة وما يترتب على تضييعها والتفريط فيها من العذاب والعقاب ، ومن أسباب التفريط في الأمانة عدم تذكر ما سيحدث لمن فرط في الأمانة من العذاب والنكال في قبره من سؤال الملائكة له عما فرط فيه من الأمانة ، ألا وإن من أسباب التفريط في الأمانة ضعف الوازع الديني لدي كثير من الناس ، فلو كان هناك وازع من الدين يردع صاحبه ويزجره كلما هم بالتفريط فيما أوكل إليه من أمانة لعاشت الأمة في خير عظيم وأمن وارف ، ومن أسباب التفريط في الأمانة دافع الانتقام سواء من رئيس أو صاحب عمل ، ولا شك أن هذا الأمر لن يضر أولاً وآخراً إلا من فرط في الأمانة لعظم قدرها وكبير خطرها ، فمهما حصل من سوء تفاهم بين الرئيس والمرءوس ، والعامل وصاحب العمل ، والزوجة وزوجها ، فليس معنى ذلك أن يفرط هذا أو ذاك فيما أنيط به من أمانة ومسؤولية ، فليحذر المسلم من عاقبة ذلك فالعاقبة وخيمة والخاتمة سيئة والعياذ بالله .
أمانة العامل وأثرها في إتقان العمل
عباد الله :" و تظهر أهمية خلق الأمانة في العمل بأنها صفة تجمع الخصال الحميدة؛ من الصدق، والوفاء، وكتم الأسرار، والبعد عن المال الحرام، والإخلاص للعمل وصاحب العمل، والرضا بالرزق، وعدم الطمع بأموال الآخرين، ومَن كانت هذه صفاته فكل أصحاب العمل يبحثون عنه، ويرغبون في توظيفه؛ لأنه كنز وقليلون أمثاله. ولأهمية الأمانة في العمل تجد غير المؤمن يفتخر بأمانته في العمل، كما أن المؤمن لا يكون إلا أميناً؛ لأنها أول صفة للأنبياء والمرسلين، ولا يحمل الدعوة إلى الله -تعالى- إلا الأمناء، ولن تجد مجالاً من مجالات العمل إلا ويَشترط الأمين فيه،ولا يُقبل الخائن حتى ولو كان من المتفوقين في عمله. الأمانة بالعمل من السنة هناك عدد من الأحاديث التي تبين لنا أهمية الأمانة، وفيما يأتي ذكر بعضها: يقول -صلى الله عليه وسلم-:"كُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والأمِيرُ راعٍ، والرَّجُلُ راعٍ علَى أهْلِ بَيْتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيَةٌ علَى بَيْتِ زَوْجِها ووَلَدِهِ، فَكُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ"(البخاري).
وقد وضع هذا الحديث القاعدة في مسؤولية المسلم عن ما وُكِّل إليه من عمل، وهذا يشمل الأمانة في العمل الذي يكسب منه الرجل المال لعياله، ويشمل عمل المرأة في إنفاق مال زوجها ورعاية أبنائه، فالأمانة في كسب المال في العمل لا تقل أهميةً عن الأمانة في رعاية الأبناء. أراد أبو ذر أن يستعمله النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رَسولَ اللهِ، أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟ قالَ: فَضَرَبَ بيَدِهِ علَى مَنْكِبِي، ثُمَّ قالَ:"يا أَبَا ذَرٍّ، إنَّكَ ضَعِيفٌ، وإنَّهَا أَمَانَةُ، وإنَّهَا يَومَ القِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إلَّا مَن أَخَذَهَا بحَقِّهَا، وَأَدَّى الذي عليه فِيهَا"(البخاري).
حيث إنّ كل من وُكّل بعمل فهو خازن له في أدواته وأسراره وسمعته وأوقاته، ومن حافظ على هذه الأمانة جعله النبي -صلى الله عيه وسلم- في ثواب أصحاب الصدقات. حذّر النبي -صلى الله عليه وسلم- مَن يُضيّع الأمانة ويظن أنه لن يُكشف في عمله، لكنه سوف يفضح يوم القيامة، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "لِكُلِّ غادِرٍ لِواءٌ يَومَ القِيامَةِ، قالَ أحَدُهُما: يُنْصَبُ، وقالَ الآخَرُ: يُرَى يَومَ القِيامَةِ، يُعْرَفُ بهِ"(البخاري).
جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- الخيانة من العامل في العمل وفي غيره علامةً من علامات النفاق؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"آيَةُ المُنافِقِ ثَلاثٌ: إذا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذا وعَدَ أخْلَفَ، وإذا اؤْتُمِنَ خانَ"().والخائن في العمل قد جَمَع بين الكذب ونقض الوعد والخيانة. الأمانة بالعمل من القران هناك عددٌ من الآيات التي تذكر موضوع الأمانة وتحثّ عليها، وفيما يأتي ذكر لعدد من هذه الآيات: يقول الله -تعالى-:"إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا"(النساء ، آية:58﴾
وهذا الأمر من الله -تعالى- في أداء الأمانة ويشمل كل الأمانات؛ ومنها: الأمانة في العمل، ويلاحظ أن الله -تعالى- قد جعلها أمراً واجب الاتباع وليس للعامل أن يقصر بها. جعل الله -تعالى- وفاء العامل بالعهد والأمانة في عمله من علامات المتقين الذين يحبهم الله -تعالى-، قال- تعالى-:بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ"(آل عمران ، آية:76). توعّد الله -تعالى- من يفرّطون بأماناتهم وعهدهم في أعمالهم بالعذاب في الآخرة، ولن يكلّمهم الله -تعالى-، ولا يطهّرهم من خيانتهم،قال -تعالى-: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ"(آل عمران /77).
عباد الله :"إن من أعظم الأمانة ، الأمانة التي أنيطت بالرئيس أو صاحب العمل : ويتمثل ذلك في حسن المعاملة مع من هم تحت إمرته وسلطته ، ومن هم تحت ولايته وكفالته ، ومن هم خدم عنده ، أو يعملون لديه ، وليتق الله تعالى في العدل بينهم دون محاباة لأحد دون الآخر ، فالمؤمنون اخوة ، ولا فرق بين أحد منهم إلا بالتقوى والعمل الصالح والإخلاص في عمله ، فيجب على المسؤول أن لا يمنع هذا من ترقية أو مكافئة أو دورة تدريبية ، أو إجازة استحقاقية ، بدافع الإضرار والتفريط في الأمانة ، ويحرم على صاحب العمل أن يؤخر رواتب العمال عن موعد استحقاقها ، لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ كُنْتُ خَصْمَهُ خَصَمْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ ، وَلَمْ يُوفِهِ أَجْرَهُ " (البخاري وأحمد وابن ماجة واللفظ له ) ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ ، قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ "(ابن ماجة).، فيحرم بخس الناس حقوقهم من أجل خلافات يمكن أن تزول وتذهب وتضمحل ، فالإنسان لا ينتقم لنفسه ، بقدر ما ينتقم ويتمعر وجهه إذ انتهكت محارم الله ، أو أخل موظف بعمله ، وقبل أن ينشأ الخلاف يجب أن يوجه المخطئ ، فربما كانت هناك شبهة أو أمراً فُهم خطاً وبالتالي يمكن أن نتجاوز تلك العقبة ، لا سيما بالكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة ، والتوجيه السليم ، وعدم التوبيخ أو السرعة في اتخاذ القرارات مما قد ينتج عنه نتيجة عكسية غير متوقعة ، من ظلم وتعسف وسوء فهم ، ثم يصب كل ذلك في قالب التفريط في الأمانة .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم.
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين وبعد
أمانة الصانع وأثرها على المنتج الوطني والرخاء الاقتصادي
إخوة الإسلام: ومن الأمانة التي ضيعها كثير من المسلمين أمانة الصناعة وإتقانها حتى رأينا كثيرا من المسلمين يتهافتون على المنتج الغربي الياباني والألماني وغيرها من منتجات أتقنها صناعها بأمانة وحس الصنعة فراجت تجارتهم وارتفع اقتصادهم في حين أننا نرى كثيرا من المنتجات القومية والوطنية قد أعرض عنها المشتري لعلمه أنها افتقدت الأمانة فحين أننا أمة الأمانة والإتقان.
إن الإتقان في العمل والمسئولية قيمة تربوية ومرتكز نفسي مؤثر، على أساسه ينبني الإنسان المسلم من بدايات حياته الأولى فاعلا ومؤثرا وناجحا، فيدع العجز والكسل، والقعود والخمول، وينطلق حيث الفعالية المؤثرة في شتى المجالات.
وأما السياج المحيط بصنعة الصانع فهو سياج الأخلاق، فالأخلاق تحيطه وتحميه من النقص أو الخلل، فأمر بكل خلق يصلح به العمل، فلا عمل بغير أمانة.
كذلك فالصدق في الصنعة، وعدم الغش فيها شرط من شروط صلاحه عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم مر على صبرة من طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللا فقال يا صاحب الطعام! ما هذا؟ قال أصابته السماء يا رسول الله! قال أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس؟ ثم قال من غش فليس منا "(الترمذي).وقال :"ويل للتاجر يحلف بًالنهار ويحاسب نفسه بًالليل ! ويل للصانع من غد وبعد غد"(الأصبهاني والديلمي).
والإسلام عندما يهتم بشأن الصنعة ، يراها كمقوم اجتماعي
لنجاح المجتمعات وتميزها ، ورقيها ، وتحضرها ، ورأى الإهمال فيها والتهاون
والتراجع وعدم الاهتمام نذير سلبي لكل مجتمع ..
فاهتم الإسلام بنية الصانع ابتداء ، وأمره أن تكون نيته
حسنة ، فهو يخرج من بيته يطلب الرزق من ربه سبحانه ، فينبغي أن يكون العمل الذي
يقوم به عملا صالحا , وملاك العمل الصالح أن يكون مصحوبا بنية صالحة , أن يعمله
لله سبحانه , فحرم الإسلام كل عمل بنية خبيثة , حتى حرم الإسلام الحيل في العمل
والعقد ( بوب البخاري رحمه الله بابا في صحيحه : باب منع الحيل ) وهي التحايل
بوسائل غير مشروعة , بل عقد الإسلام قاعدة تقول : إن الوسائل لها أحكام المقاصد ,
حتى تكون الوسائل كلها مشروعة , كما عقد لقاعدة سد الذرائع , حتى لا يتوصل لهدف
غير مشروع بوسيلة مشروعة ..وهكذا
ولذلك منع الإسلام من كل عمل يأمر بمنكر أو يحض على
معصية أو ذنب , فرفض أعمال الفجور كلها والمعونة عليها والمشاركة فيها , كما في صحيح البخاري قوله صلى
الله عليه وسلم " لعلن الله آكل الربا وموكله " , فالإثم واقع على صاحب
العمل وعلى من شاركه فيه عارفا بحرمته .
كما أمر المنهج الإسلامي بإتقان العمل بقوله ” إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه "(البيهقي في شعب الإيمان)، فالإتقان إذن سمة أساسية ووصف ملاصق لكل ما أمر به الشرع من عمل صالح .
وأما السياج المحيط بصنعة الصانع فهو سياج الأخلاق ، فالأخلاق تحيطه وتحميه من النقص أو الخلل , فأمر بكل خلق يصلح به العمل , فلا عمل بغير أمانة , بل إن النبي صلى الله عليه وسلم يوضح توضيحا أكيدا على دور الأمانة في تحمل المسئوليات العملية فيجيب على من سأله عن علامات الساعة بقوله :" إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة " , فلما سئل عن كيفية إضاعتها قال :" إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة "
كذلك فالصدق في العمل , وعدم الغش فيه شرط من شروط صلاحه , فيقول صلى الله عليه وسلم " من غش فليس منا " , وهكذا قل في الأخلاق الأخرى
وهكذا قل في الأخلاق الأخرى.
و لقد مدح الله تعالى أهل الأمانة في الصنعة فقال عن نبيه داود عليه السلام :" وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ"(سبأ: 10، 11).
ومدح الإتقان و الأمانة في حياة سليمان عليه السلام فقال سبحانه:" يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ"(سبأ: 13).