
التنمر والسخرية وأثرهما في تدميرالفراد والمجتمع
تعريف التنمروموقف الإسلا م منه
الأسباب التي تؤدي للتنمر
آثار التنمر علي الفرد والمجتمع
الوقاية خير من العلاج
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله أما بعد
فيقول تعالي: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ"(الحجرات/11).
تعريف التنمروموقف الإسلا م منه
عباد الله حديثتا اليكم اليوم عن ظاهرة التنمر أوالسخرية
والتنمر هو سلوك عدواني يجعل
الشخص مثل النمر في الطباع الشرسة والإعتداء على الآخرين والكراهية والبغضاء، وهو
غالبا ما يفعله الإنسان مع الأقل منه في المكانة أو المال وغير ذلك، وهو موجود في
مجتمعاتنا بكثرة لدرجة أننا كثيرًا ما نسمع عن ناس تنتحر بسبب التنمر لمرض يعانون
منه أو لونهم أو شكلهم.
ويقصد بها
الاعتداء اللفظي والجسدي المتكرر، والذي يمارسه عادة الفتى المعتدي أو الفتاة على
من هم في سنهم أو أصغر، ويعتمد المعتدي على قوته، أو رُفْقَته، وفي المقابل يستغل
ضعف المعتدى عليه، أو انفراده.
وظاهرة التنمر ليست ظاهرة جديدة، بل تصدى لها الإسلام في القرآن والسنة، ونظر إليها نظرة حازمة؛ نظرا لما لها من تأثيرات سلبية على الفرد ونفسيته، وما يمكن أن تنعكس على المجتمع ككل، وللأسف فإن هذه الظاهرة تنتشر انتشار النار في الهشيم خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لا رقابة ولا حدود أخلاقية، ولاشك أن هذه الظاهرة ليست محصورة في مكان دون الآخر أو فئات معينة دون أخرى، بل إنها تنطلق من الأسرة كعينة أساسية والمدرسة ثم إلى أماكن العمل وغيرها.
موقف الإسلام من السخرية أو التنمر
عباد الله :" ولقد وقف الإسلام من التنمر موقفاً حازماً وحذر من كل ما يتسبب في أذية الإنسان حيث قال تعالي: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ"(الحجرات/11).
فالإسلام نهي عن السخرية بل ذهب إلى أبعد من ذلك عندما نهى عن التنابز بالألقاب، بل لا مزاح فيه، لما في ذلك من شحن للأنفس بالضغائن، بل اعتبره كمن كفر بعد إيمانه ليؤكد على خطورة هذا السلوك «ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان" والتنابز بالألقاب هو نداء الآخرين بصفة تضايقهم أو الإشارة إليهم بها أمام الناس، مؤكدًا أن العبرة ليست بالشكل ولا بالجمال، إذ يقول النبي أنه ليأتي الرجل السمين العظيم يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة، فيقول تعالى: "فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنًا".
و قد حرم الإسلام فعل التنمر واعتبره إثمًا كبيرًا، فقال في كتابه العزيز قال تعالي:" والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانًا وإثمًا مبينًا"(الأحزاب/56).
وقال تعالى: «..وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ"(البقرة: 190)،
وقال تعالي:"وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ"(الهمزة/1).
وقد حرم الإسلام الإيذاء والاعتداء ولو بكلمة أو نظرة، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ"(ابن ماجه)،
موضحًا: والضرر الذي وجه الإسلام لإزالته ليس الجسدي فقط، وإنما وجَّه -كذلك- لإزالة الضرر النفسيّ الذي قد يكون أقسى وأبعد أثرًا من الجسدي، قال صلى الله عليه وسلم: "لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا"(أبوداود)،
وقال أيضًا: "مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ –أي: وَجَّهَ نحوه سلاحًا مازحًا أو جادًا- فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَلْعَنُهُ، حَتَّى يَدَعَهُ وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ"(مُسلم).
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"المسلم من سلم
المسلمون من لسانه ويده"(البخاري)،
وقال صلى الله عليه وسلم: «لَا يَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ أَخِيهِ لَاعِبًا، وَلَا جَادًّا"(أبو داود).
وهذا كلام واضح جلي لا يحتاج إلى شرح وتفصيل، وطالما أن التنمر سلوك عدواني يهدف إلى الإضرار بالآخر سواء جسدياً أو نفسياً، فهو يتعارض مع مبادئ الإسلام وقيمه التي تدعو إلى حفظ كرامة الإنسان وعدم الحط منها.
عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليسكت"(البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم).
وعن أبي هريرة رضى الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزلُّ بها إلى النار أبعد ما بين المشرق والمغرب"(متفق عليه).
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، ما النجاة؟ قال: "أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابكِ على خطيئتك"(الترمذي وقال: حسن).
وقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم في التنمّر:"أثقل شيءٍ في ميزان المؤمن يوم القيامة حسن الخلق، وإنّ الله
ليبغض الفاحش البذيء"، أي بمعنى أنّ التنمر من الفواحش التي يمارسها الإنسان بحق
الآخرين وإنّ الله يكره ويبغض السيئين والفاحشين وينبذهم؛ وإنّ الأخلاق الحسنة هي
التي تثقل ميزان المؤمن وترفعه درجات عند الله تعالى.
وروي عن أم المؤمنين عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قُلْتُ للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - : حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كذَا وكَذَا. قَالَ بعضُ الرواةِ : تَعْنِي قَصيرَةً، فقالَ: "لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ البَحْرِ لَمَزَجَتْهُ".. قالت : وَحَكَيْتُ لَهُ إنْسَانًا فَقَالَ: "مَا أُحِبُّ أنِّي حَكَيْتُ إنْسانًا وإنَّ لِي كَذَا وَكَذَا"(أَبُو داود والترمذي).
معنى: "مَزَجَتْهُ": أي خَالَطَتْهُ مُخَالَطَةً يَتَغَيَّرُ بِهَا طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ لِشِدَّةِ نَتْنِها وَقُبْحِهَا... وهذا الحَديثُ مِنْ أبلَغِ الزَّواجِرِ عَنِ الغِيبَةِ
وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم على هذا المعنى، حين قال: لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أحمر ولا لأحمر على أبيض ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى، التقوى هي الفيصل بين الجميع في الميزان يوم القيامة، "فتخيل لما تسخر من واحد عشان لونه أو ودانه أو أيده فيها عيب أو رجليه..أنت عارف أن ربنا خلق الإنسان دا بالعيب دا لحكمة فكأنك بتسخر من حكمة الله في هذا الخلق"، وأكد الشرقاوي أن الله سبحانه وتعالى حذر المسلمين من هذا
وننصح المسلمين بالتواضع وتعليم أبناءهم باحترام الكبير والصغير وعدم الإساءة إليهم بإشارة أو كلمة ولا بأي نوع من أنواع الإيزاء، فيكبر ونفسيته سوية لا يؤذي الناس في شيء، مؤكدًا أن حتى المزاح والضحك في هذه الأمور سوف يحاسب عليها العبد في الآخرة، ورب كلمة صغيرة تؤذي مشاعر الآخرين تكون سببًا في أن ينزل بها العبد إلى نار جهنم والعياذ بالله، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن العبد ليتكلم الكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالًا يهوي بها في نار جهنم سبعين خريفًا.
أسباب التنمر
عباد الله:" ولهذا التنمر أسباب لابد من معرفتها حتي نصف العلاج ومن تلك العوامل :"
عوامل أسرية
هناك للكثير من الأمور الأسرية التي يتعرض لها الأشخاص تخلق لديهم دوافع وخصائص المتنمر، فأكدت الأبحاث الاجتماعية على تعرض الشخص المتنمر منذ صغره للإساءة من إحدى والديه، أو تعرضه للعنف الأسري بشكل مستمر.
فبعض الأباء والأمهات يمارسون بعض من تصرفات التنمر دون وعي منهم كالمقارنة المستمرة بين الأخوة، أو أفضلية ابن واضطهاد الآخر، بالإضافة إلى أسلوب الترهيب والتهديد المستمر كل هذا يخلق دوافع لارتفاع العنف للتخفيف عن الغضب المكتوم بداخله على شخصٍ أضعف منه.
كما أيضًا التنافر والشجار الدائم بين الوالدين من شأنه أن يعزز السلوك العدواني، والصفات السلبية في أبنائهم.
و سلْب حق الطفل الذي يتعرض للتنمر في العيش الهنيء،
التكبر
أغلبية المتنمرين يعانون من التعجرف وحب الذات، حيث يعتقدون أنهم الأفضل في كل شيء، ويسخرون من الحلقات الأضعف في مجتمعهم، أو زملائه في المدرسة.حيث قال صلي الله عليه وسلم:" لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبْرٍ قالَ رَجُلٌ: إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أنْ يَكونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا ونَعْلُهُ حَسَنَةً، قالَ: إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ، الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ، وغَمْطُ النَّاسِ"(مسلم).
فالكبر: بطر الحق، وغمط الناس، يعني: احتقار
الناس، فينبغي للمؤمن أن يكون بعيدًا عن ذلك، وأن يحذر التّكبر والعجب وجميع ما نهى
الله عنه.
الغيرة
إن الشخص الذي يحمل طباع الحقد والغيرة يتعمد توجيه الإهانات والانتقادات الساخرة للتقليل من شأن غيره، ويكون فعله واقعًا بالأخص على شخص محبوب أو ذو مكانة اجتماعية، أو متفوق دراسيًا.
عدم تقدير الذات
المتنمر عادةً يشعر بإن لديه نقص في شخصيته، أو مظهره، ويرغب في إظهار تأثيرًا له لمحاولة إكمال ذلك النقص ويكون في شكل توجيه العنف لأفراد تحت سلطته أو أضعف منه.
البيئة المحيطة
إن انتشار مشاهد العنف في بعض الأفلام والألعاب أيضًا من شأنه أن يولد الرغبة في ارتكابه وخاصةً لدى الأطفال، لذلك انتشرت تلك الظاهرة على نطاق واسع تزامنًا من انتشار الإنترنت.
وكراهيته لمدرسته ومجتمعه وقلقه الدائم من الانخراط فيهما، عدم قبوله النصح والتوجيه من المعلم في المدرسة أو الوالدين في البيت،غياب خلق احترام المعلم بين طلابه، تفريغ المدرسة من دورها الإرشادي والتربوي،
تمادي الطفل المتنمر في سلوكه المعتدي مما يرسخ لديه هذا السلوك في حاضره ومُستقبله،
تحول الطفل الذي يتعرض للتنمر
إلى متنمر على من هو أصغر أو أضعف منه؛ بسبب الممارسات الظالمة الواقعة عليه.
أنواع وأشكال التنمر
عباد الله :" للتنمر أنواع وأشكال متعددة يجب أن نوضحها للحد من تلك الظاهرة الخطيرة، وهي كالآتي:
التنمر اللفظي
وهو من أكثر أنواع التنمر انتشارًا؛ فالأغلبية العظمى من أفراد المجتمع تعرضوا له بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
من خلاله يقوم شخص بتوجيه الكلمات والعبارات المسيئة كالشتائم، أو التشبيهات والإيماءات، والألقاب المُهيِنة بغرض التقليل من شخص آخر دون وجه حق أو استفزاز مسبق.
ويُعد الفعل تنمرًا في حالة تعمد الفاعل القيام به وتكراره أكثر من مرة.
التنمر الجسدي
وهو أشدهم إيذاءٍ وينتج عنه آثار طويلة المدى؛ يتعمد فيه المتنمر بضرب الضحية بطريقة تسيء له مثل: عرقلته، أو شد شعره، الضرب على الوجه والرقبة، الركل، الدفع أو أي فعل بدني بغرض السخرية.
التنمر الاجتماعي
يحمل ذلك النوع الكثير من الحقد بين أفراد المجتمع، فمن خلاله يتعمد المتنمر توجيه الإحراج للضحك خلال التجمعات العائلية أو بين الأصدقاء، أو تحريضهم على ألا يكونوا ودودين معه.
له وجهًا آخر يكون في شكل نشر الإشاعات الكاذبة حول شخصٍ ما في إطار مجتمعه بغرض تشويه صورته ومكانته الاجتماعية، وقد يكون من خلال النظرات السيئة، والتجاهل المتعمد.
التنمر المدرسي أشد خطرًا
مع وجود التنمر في
منظومات المجتمع المختلفة إلا أن وجوده في أماكن تلقي العلم من مدارس ومعاهد أشد
خطرًا، وأعظم ضررًا، لكونه يتنافى مع دَوْر التعليم الرئيس في تهذيب السلوك وسمو
الوجدان، ولأن أغلب أضراره تقع على أطفال في مقتبل أعمارهم.
التنمر الإلكتروني
وهو ينتشر أكثر بين المراهقين
ويأخذ إحدى صور التنمر اللفظي عبر الإنترنت سواء في المحادثات الخاصة، أو خلال
التعليقات المهينة بين العامة.
الخطبة الثانية
الحمدلله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد فلازلنا بصدد الحديث عن التنمر وأثره علي الفرد والمجتمع ونقول
أولاً آثار التنمر علي الفرد
ينتج عن التنمر آثار نفسية تضر بالضحية قد تصل إلى الانتحار،
حيث أثبتت الإحصائيات على مستوى
العالم بأن هناك أكثر من ربع مليون طالب وطالبة يتعرضون للتنمر من قِبل زملائهم،
وفي مصر تحديدًا تنتشر تلك الظاهرة بين فئة المراهقين بنسبة ٧٠%، وبناءً على ذلك
اتخذت العديد من الدول إجراءات التوعية للتحذير من الآثار الناتجة عنه.
حيث يعاني ضحايا السلوك التعسفي
من بعض المشاكل النفسية كالإحساس بالوحدة، والاكتئاب، وفقدان الثقة بالنفس والشغف
في الحياة، وضعف الشخصية.
قد تصل آثاره إلى الانتحار؛ ففي
بريطانيا يسجل من ١٥ إلى ٢٠ حالة انتحار بين الأطفال بسبب التنمر.
أما بخصوص آثار التنمر على المجتمع فهي خطيرة، لكونها ظاهرة تزرع حالة من الخوف، نتيجة انتشار السلوكات العدوانية والعنف، كما أننا لاحظنا أن الأسر تشتكي من عجزها وعدم قدرتها على حماية أبنائهم الذين يعانون من حالة الوحدة والانعزال، نتيجة تعرضهم للتنمر، إضافة إلى تراجع مستواهم الدراسي وانعدام الثقة، إضافة إلى التنمر الالكتروني الذي يطال الجميع دون استثناء ويؤدي إلى شعور الفرد بعدم أهميته وغياب تقديره لذاته بسبب الهجومات العدائية المتكررة عليه، أما تعرض العامل للتنمر في مكان العمل فإن ذلك له تداعيات مقلقة؛ لأنها لا تنعكس على العامل فحسب بل على أداء المؤسسة في حد ذاتها، وتشير مختلف الاستطلاعات إلى أن المؤسسات التي ينتشر فيها التنمر تواجه انخفاض الإنتاجية ومشاكل كثيرة.
الوقاية خير من العلاج
نصائح عن التنمر للوقاية منه
نصائح
للوقاية من التنمر وأضراره لا بد من مراعاة أمور داخل الأسرة والمدرسة، نُجملُها
في النقاط الآتية:
(1) غرس التواضع والحلم وحب الآخرين في الطفل منذ صغره، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ"(مسلم).
(2) تربية الطفل منذ صغره على توقير الكبير والعطف على الصغير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا فَلَيْسَ مِنَّا"(سنن أبي داود).
(3) إيجاد بيئة اجتماعية جيدة
للطفل من خلال انتقاء صحبة صالحة تعينه على فعل الخير، وحسن الخلق، قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم:مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالجَلِيسِ السَّوْءِ، كَمَثَلِ
صَاحِبِ المِسْكِ وَكِيرِ الحَدَّادِ، لاَ يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ المِسْكِ
إِمَّا تَشْتَرِيهِ، أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وَكِيرُ الحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ،
أَوْ ثَوْبَكَ، أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً"(البخاري).
(4) تقويم الطفل وعدم تبرير
أخطائه حتى لا يختل ميزان الخطأ والصواب لديه، مع مراعاة الرفق واللين، قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا
زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ"(مسلم).
(5) المساواة بين الطلاب في أماكن التعلم، وعدم
التمييز بينهم إلا لمكافئة على عمل، أو تخلُّق بخلق حسن.
(6) إبعاد الطفل عن مشاهدة
العروض والمشاهد التلفزيونية العنيفة، بما في ذلك أفلام الكرتون وألعاب الفيديو
التي تنمي العنف.
(7) كف الوالدين عن ممارسة العنف والعدوانية داخل الأسرة سواء كان أطفالها يمارسون التنمر أم لا، وإبعاد الأولاد عن مشكلاتهم.
(8) عدم مناداة المعلم أحد طلابه بما يكرهه أو ينتقصه أمام
زملائه؛ لما لهذا من أثر سيء على صحة الطفل النفسية، فعن أنس رضي الله عنه قال:
«لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا، وَلاَ
لَعَّانًا، وَلاَ سَبَّابًا، كَانَ يَقُولُ عِنْدَ المَعْتَبَةِ: مَا لَهُ؟!
تَرِبَ جَبِينُهُ"(البخاري).
(9) تعزيز الاحترام المتبادل بين الطلاب من خلال
الأنشطة التربوية الداعمة لذلك، قال تعالى:"وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ
وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ"(المائدة/ 2).
(10) عدم الإسراف في العقاب أو الهجوم اللفظي على الطفل المخطئ، بل ينبغي تناسب العقاب مع حجم الخطأ المُرتَكَب، فأغلب المتنمرين كان سبب ميلهم للعنف هو تعرضهم للعنف والاضطهاد في صغرهم.
(11) إرشاد الطلاب إلى أن القوة تكمن في ضبط النفس، والتَّحلِّي بالصبر عند مواجهة الفعل الخاطئ، وتدعيم ذلك الأمر من خلال مقررات دراسية وأساليب تربوية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ"(البخاري).