
ما هي الحالات
التي يجوز فيها دعاء القنوت؟ وما صيغته؟ وهل تجوز الزيادة عليه؟

القنوت في تعريف الفقهاء هو : " اسم للدعاء
في الصلاة في محل مخصوص من القيام " .
وهو مشروع في صلاة الوتر بعد الركوع على الصحيح
من قولي العلماء .
ومشروع إذا نزلت بالمسلمين نازلة فيدعو بعد الرفع
من الركوع في آخر ركعة من كل فريضة من الصلوات الخمس ، حتى يكشف الله النازلة ، ويرفعها
عن المسلمين. انظر كتاب تصحيح الدعاء للشيخ بكر أبو زيد ص 460
وأما القنوت في صلاة الصبح دائماً في جميع الأحوال فإنه " لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خص الصبح بالقنوت، ولا أنه داوم عليه في صلاة الصبح، وإنما الذي ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قنت في النوازل بما يناسبها، فقنت في صلاة الصبح وغيرها من الصلوات يدعو على رعل وذكوان وعُصَيَّة لقتلهم القراء الذين أرسلهم النبي صلى الله عليه وسلم إليهم ليعلموهم دينهم، وثبت في صلاة الصبح وغيرها يدعو للمستضعفين من المؤمنين أن ينجيهم الله من عدوهم، ولم يداوم على ذلك، وسار على ذلك الخلفاء الراشدون من بعده، فخير ( للإمام ) أن يقتصر على القنوت في النوازل اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عن أبي مالك الأشجعي قال : قلت لأبي : يا أبت قد صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أفكانوا يقنتون في الفجر ؟ فقال : (أي بنيّ مُحدَث) رواه الخمسة إلا أبا داود ( وصححه الألباني في الإرواء 435) ، وإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم .
فإن قلت : هل هناك صيغة محددة للقنوت في صلاة الوتر ؟ والقنوت في النوازل ؟
فالجواب : لدعاء القنوت في صلاة الوتر صيغ واردة
منها:
وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي آخِرِ وِتْرِهِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ "(الترمذي).
ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت عن بعض الصحابة رضي الله عنهم في آخر قنوت الوتر ، منهم : أُبي بن كعب ، ومعاذ الأنصاري رضي الله عنهما .
القنوت عند النوازل
وعند القنوت للنوازل يدعو بما يناسب الحال كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن قبائل من العرب غدروا بأصحابه وقتلوهم ، ودعا للمستضعفين من المؤمنين بمكة أن يُنجيهم الله تعالى , وورد عن عمر أنه قنت بهذا الدعاء : ( اللهم إنا نستعينك ونؤمن بك ، ونتوكل عليك ونثني عليك الخير ولا نكفرك ، اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك ، إن عذابك الجدَّ بالكفار مُلحق ، اللهم عذِّب الكفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك "(البيهقي ).
فإن قلت : هل يمكنني أن أدعو بغير ما ذُكر ؟
فالجواب :
وبما أنَّ الصيغة الواردة لا تتعين بذاتها، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يدع بها، فلا حرج من الزيادة عليها، قال الشيخ الألباني رحمه الله : " ولا بأس من الزيادة عليه بلعن الكفرة ومن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاء للمسلمين "
بقي معنا مسألة مهمة وهي : هل دعاء القنوت يكون قبل الركوع أم بعده ؟
الجواب : " أكثر الأحاديث والذي عليه أكثر
أهل العلم : أن القنوت بعد الركوع , وإن قنت قبل الركوع فلا حرج ، فهو مُخير بين أن
يركع إذا أكمل القراءة ، فإذا رفع وقال : ربنا ولك الحمد قنت ... وبين أن يقنت إذا
أتم القراءة ثم يُكبر ويركع ، كل هذا جاءت به السنة " .
قال النووي : المراد بالقنوت هنا طول القيام باتفاق العلماء فيما علمت . أ.هـ
فليس المراد من الحديث بالقنوت : الدعاء بعد الرفع من الركوع ، وإنما المراد به طول القيام
دعاء القنوت يشرع في الوتر كل ليلة، وقد جاء في حديث الحسن بن علي بيانه وهو: اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك .. ... في حديث آخر حديث علي زيادة: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك.
وإذا دعا بزيادة فلا بأس، إن دعا بدعوات طيبة زيادة كله طيب، هذا قنوت الوتر يسمى قنوت الوتر، في الركعة الأخيرة الواحدة التي يوتر بها، بعدما يرفع من الركوع يرفع يديه ويقنت هذا القنوت، ويدعو بما يسر الله له من الدعاء.
وأما القنوت في صلاة الصبح فقد اختلف الأئمة
رحمهم الله في مشروعيته فذهب أحمد وأبو حنيفة رحمهما الله إلى أنه لا يسن القنوت في
صلاة الصبح ولا في غيرها من الصلوات سوى الوتر. لما روى مسلم أن النبي صلى الله عليه
وسلم قنت شهراً يدعو على حي من أحياء العرب ثم تركه. وعن أبي مالك قال : قلت لأبي إنك
صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ههنا بالكوفة نحوا
من خمس سنين أكانوا يقنتون في الصبح ؟ قال : أي بني محدث. رواه الترمذي وقال حديث حسن
صحيح والعمل عليه عند أكثر أهل العلم. وذهب مالك والشافعي إلى أن القنوت في صلاة الصبح
سنة في جميع الزمان ، لأن أنسا قال: ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر
حتى فارق الدنيا . رواه أحمد، وكان عمر رضي الله عنه يقنت في الصبح بمحضر من الصحابة
وغيرهم. والخلاف في ذلك يسع الجميع ، لأنه من الخلاف المعتبر ، ولا ينكر فيه على المخالف.
ويسن أن يسجد للسهو إن ترك القنوت عند بعض من قال بسنيته في صلاة الصبح.
وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم