
رمضان كله عبادة عبادة انتظارالفرج
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد
فانتظار الفرج
وترقبه إذا كان مصحوبا ببذل الأسباب التي يكشف بها البلاء فهو من
العبادات العظيمة التي يتقرب بها العبد من ربه.
"فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ
عِنْدِهِ""لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ
ذَلِكَ أَمْرًا"، فعلى العبد أن لا يضيق ذرعاً وينتظر الفرج من
ربه ويكون على يقين بموعود الله له لأن الناس مع قضاء الله وابتلائه على أنواع منهم من يصبر ويرضى وينتظر الفرج من ربه .. ومنهم من يقنط من رحمة ربه. وفرق شاسع بين هؤلاء وأولئك. الأول ينال رضا الله جل وعلا .. والثاني ينال سخط الله جل وعلا.
تعالوا نبدأ الموضوع
من حال واحد ضاقت عليه الدنيا كما ضاقت علينا كثيراًومرات
ومرات وفرجها الله عزوجل.
تعالوا كأننا نشهد
مشهد كعب بن مالك وهو ماكث خمسين ليلة مهجور من قِبَل المسلمين ونرى كيف ضاقت عليه
نفسه وضاقت عليه الأرض بما رَحُبَت ثم يأتي الفرج وتأتي المنحة وتأتي
من قِبَل الله عز وجل الجائزة والرحمة والفرج، من هذه اللقطة
نرى قصة ابن وضَّاح.
من هو ابن وضّاح؟
ذكر ابن بشكوان
في كتاب "المستغيثين بالله" قصة هذا الرجل يقولون أنه في وقت من الأوقات
أعسر وبقيَّ يومًا وليس عنده شيء يتقوَّت به أو شيء يُطعمه لأولاده قال "فخرجت
إلى أهلي فقالت ليس عندنا شيء يُؤكل ولزومك هذا البيت لا فائدة فيه" ضاقت عليه
الدنيا تمامًا ولا يدري ماذا يفعل، فزوجته قالت له لماذا تجلس في البيت اخرج فاطلب
لنا شيئًا نتعيَّش به قال "فخرجت وقد ضاقت بي الدنيا فقلت من أقصد؟"..
هنا محل الشاهد:: هنا كيف ندخل على رمضان هنا ندخل
في الموضوع "فقلت من أقصد؟ فأجمع رأي على ألا أقصد إلا الله عزَّ وجلَّ"
.."صدق اللُجأ".. لا أحد من الناس فنهضت إلى المسجد الجامع، فكنت فيه إلى
أن صليت العصر ثم خرجت من المسجد فلما صرت إلى باب القنطرة لقيت غلام رجل من ساكني
القرية وكان ذلك الرجل لي صديقًا" وجد خادم لواحد من أصحابه فقال "فوجدت
الغلام معه دابَّة موَّفرة بحِمل دقيق وفي يد الغلام جرة مملوءة بالزيت فقال لي إليك
أقصد..."أي أنني أبحث عنك " فقال: أأنت غلام فلان؟ فقلت: نعم، فقال: هذا
الرجل بعث إليك بهذا الدقيق والزيت وينتظرك لتعمل معه ..قال: "ولم يكن من عادته
أن يصنع بي ذلك، لكنه فضل الله ورحمته حرَّكته إليَّ في وقت الضرورة فحمدتُ الله عزَّ
وجلَّ ورجعتُ من ذلك الموضع الذي لقيني الغلام فيه ودخلت على أهلي فسُرُّوا بما ورد
من الله إلينا".
أريد أن أخذ من
قصة الرجل مسألة صدق اللُجأ ..أني لم أجد أحد ينفعني ولا أحد أقصده إلا الله عز وجل
وهذه بداية الدخول على الملك وهذه بداية التصحيح لمفهوم العبادة مع الملك سبحانه وتعالى.
يا كل من يئست
.. ويا كل من ضاقت بك الدنيا
ويا كل من تقول من داخلك: سيكون رمضان مثل كل رمضان
ولن يفرق فأنا فعلت قبل ذلك أمور كثيرة كي أصحح رمضان، لكن تعود الأحوال إلى سالف العهد
وللأسف الشديد أقع في نفس المشاكل مرة ثانية...
فأول شيء:: ألا
تضع هذا المعنى أبدًا في قاموسك ..
إياك أن تعرف معنى
كلمة "اليأس" أو معنى "لن ينفع" أو معنى "لا فائدة"
فابدأ الأمر بأن
تجمع قلبك على قصد الرب سبحانه وتعالى .. فهو الله فقط وأنا ليس لي غيره .. فهذه بداية
المفهوم الصحيح للعبادة الحقيقية مع الله عز وجل، وليس العبادة الروتينية التي نريد
أن نصحهها. الواجب على من أصيب بأمر يضيق به صدره ويزداد به غمه أن يصبر ويحتسب الأجر
من الله عز وجل وينتظر الفرج، فهذه ثلاثة أمور: الصبر، واحتساب الأجر، وانتظار الفرج
من الله عز وجل. وذلك أن الإنسان إذا أصيب بمصيبة من غم أو غيره فإنه يكفر الله بها
عنه سيئاته وخطيئاته، وما أكثر السيئات والخطيئات من بني آدم"فكل بني آدم خطاء
وخير الخطائين التوابون". وإذا صبر واحتسب الأجر من الله أثيب على ذلك أي حصل
له أمران التكفير والثواب، وإذا انتظر الفرج من الله عز وجل أثيب على ذلك مرة ثالثة،
لأن انتظار الفرج حسن ظنٍ بالله عز وجل، وحسن الظن بالله سبحانه وتعالى عمل صالح يثاب
عليه الإنسان. اهـ.
من سنن الله تعالى
في خلقه أنه يبتليهم في حياتهم ليرفع درجاتهم ويكفر عنهم سيئاتهم
وابتلاء الله تعالى في الحَقِيقَةِ كله خير؛ كَمَا
ورد عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ،
إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ
أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ،
فَكَانَ خَيْرًا لَهُ" حيث وعد الله تعالى أن مع العسر يسرا فقال تعالى :"فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ
يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا".
ولَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ.
متى فتح الله أبواب
رحمته فلا ممسك لها، ومتى أمسكها فلا مرسل لها، ومن ثم فلا مخافة من أحد، ولا رجاء
في أحد، فالخوف من الله وحده والرجاء في الله وحده لقوله تعالى: "مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ
رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ"و كان أولياء الله يحسنون الظن بالله، ويثقون في موعوده
بمجيء الفرج بعد الشدة ولحسن ظنهم بربهم كان دائمًا عند ظنهم فقال تعالى عن يعقوب أنَّه
قال لبنيه: "يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا
تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ"، ونجى نوحا ومَنْ معه في الفُلك، وأنقذ إبراهيم
من النار، وفدى ولده الذي أُمر بذبحه، ونجى موسى وقومه من اليمِّ مع إغراق عدوِّهم،
وما كان مع أيوب ويونس، وما جرى لمحمد صلى الله عليه وسلم من نجاته من كل أعدائه سواء في الغار، ويوم بدر، ويوم أحد، ويوم الأحزاب، ويوم
حنين، وغير ذلك،
كل هذا مع حسن ظنهم بالله وانتظارهم الفرج من الله
فأثيبوا بخيري الدنيا والآخرة، و من أعظم الملاجئ التي يلجأ بها العبد إلى ربه مع انتظار
الفرج: الاستغفار؛ فبه تنحل الكرب. وقد جاء عن ابن عباس أن النبي –صلى الله عليه وسلم-
قال: "مَن لزمَ الاستغفارَ جَعلَ اللهُ له من كلِّ همٍّ فرجًا، ومن كلِّ ضيق مخرَجًا،
ورزَقَه مِن حيثُ لا يحتَسبُ" فتقوى الله
والمواظبة على الاستغفار تكون مفتاحا للخروج من كل هم فرج ومن كل ضيق مخرجا وكذلك الدعاء
أقوى ما تقابل به المصائب وأقرب ما تنال به المطالب وأفضل ما ترتقي به الدرجات في ثواب
الله وعطائه,"الدعاء هو العبادة"
لقوله تعالى"وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ
يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ
فعبادة انْتِظَارَ الفَرَجِ عِبَادَةٌ مِنْ أَجَلِّ العِبَادَاتِ
التى يغفل عنها الكثيرين وسنن الله لا تتبدل ولا تتحول ومن سنه
الله جل وعلا أن جعل الفرج مع الكرب واليسر مع العسر، فيُخرِجُ من المِحَنِ مِنَحًا وتلك السُّنةُ تُربي
الخلقَ على القُرْبِ من الله تعالى لذلك ربط الله ذلك
بالتقوى :"وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا".
وقال تعالى:
"َيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ".
فكُلُّ كَرْبٍ
ينزِلُ بالمؤمنِ فإنَّ مَعَهَ فَرَجًا لا محالة وكلُّ عُسرٍ مَعَهُ يُسرا ومن عَلِمَ
ذلك وأَيقَنَ به فلن يُسْلِمَ قَلْبَهُ لليأسِ والمتأمل يلاحظ أن أشد الناس بلاء الأنبياء فعن سعد بن أبي وقاص
قلت يا رسولَ اللهِ أيُّ الناسِ أشدُّ بلاءً
؟ قال : الأنبياءُ ، ثم الصالحون ،ثم الأمثلُ فالأمثلُ ، يُبتلى الرجلُ على حسبِ دِينِه
، فإن كان في دِينِه صلابةٌ ، زِيدَ في بلائِه ، وإن كان في دِينِه رِقَّةٌ ، خُفِّفَ
عنه ولا يزالُ البلاءُ بالمؤمنِ حتى يمشي على الأرضِ وليس عليه خطيئةٌ".
و ما تَعِيشُهُ
الأُمَّةُ من مِحَنٍ وكُرُوبٍ تُحيطُ بها من كُلِّ جَانِبٍ، فَسَيَعْقِبُها بإذنِ الله
تعالى يُسرٌ وفَرَجٌ لا يَخْطُرُ على بال، ولكنْ بشرطِ أنْ نَنْبُذَ اليَأْسَ من القُلُوب
كما قال يعقوب عليه السلام في عُسْرِهِ وشِدَّتِه :"وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ
اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ" فالأحداث المتلاحقة والمحن المتواصلة تورث اليأس
لدى النفوس وتغرس بذور الإحباط والقنوط وعلى الدعاة الحكماء على تحويلها إلى آلة لرفع رصيد اليأس وإلى وسيلة
لصنع الأسى إنهم يؤمنون بأن في المحن منحا وبأن النصر مع الصبر، وبأن مع العسر يسراً:"وَلاَ
تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ"
فقد يَبْتَلِي
اللهُ تعالى عِبَادَهُ بِمَا شَاءَ مِنْ أَنْوَاعِ الابْتِلَاءِ لقوله تعالى :"وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ
وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ".
لِيُظْهِرَ مَا في نُفُوسِهِمْ، وَيَرْفَعَ دَرَجَاتِهِمْ، وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ،
وَبِهَا يَمِيزُ اللهُ تعالى الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ، وَهِيَ في الحَقِيقَةِ خَيْرٌ
لَهُمْ، كَمَا ورد عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"عَجَبًا لِأَمْرِ
الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ،
إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ،وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ
صَبَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ"(مسلم).
فدائما تكون الابْتِلَاءَاتِ وَالشَّدَائِدَ مَمْزُوجَةٌ بِلُطْفِ
اللهِ تعالى، مَنْ ظَنَّ انْفِكَاكَ لُطْفِهِ عَنْ قَدَرِهِ فذَلِكَ لِقُصُورِ نَظَرِهِ؛
نَعَمْ تَنْزِلُ الابْتِلَاءَاتُ وَالشَّدَائِدُ وَتَنْزِلُ مَعَهَا مِنَ اللهِ تعالى
المَعُونَةُ؛ يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إِنَّ الْمَعُونَةَ تَأْتِي
مِنَ اللهِ عَلَى قَدْرِ المَؤُونَةِ، وَإِنَّ الصَّبْرَ يَأْتِي مِنَ اللهِ عَلَى
قَدْرِ الْمُصِيبَةِ".
إمرأة
تتصل لتستفتي في أمر
تقول :"ياشيخ أنا إمرأة مسلمة مؤمنة مطيعة لله ولكن
زوجي رجل يشرب الكحول ويأتي إلى المنزل آخر الليل وفي إحدى الليالي دخل علي المنزل
ووجدني أقرﺃ القرءان فبطشه من يدي ومزقه ورماه في الحمام. ما حكمك ياشيخ هل يصلح العيش
معه أو أطلب الطلاق؟ياأختي : هل لكي ولد منه..؟؟قالت : نعم لدي خمسة أولاد ..: ﻫﻞ ﻟﺪﻳﻜﻲ
أسرة؟ قالت : نعم لدي ولكنهم في ﻗﺮﻳﺔ بعيدة ﺟﺪﺍ وأنا في العاصمة
. هل لكي من يعولك الأن ؟ قالت : لا أحد فأبنائي
مازالوا صغار ..: إذا إثبتي مكانك ولاتطلبي الطلاق ولا تتشاجري أو تدخلي معه في أي
صراع واصبري .
قالت : ولكن كيف
ياشيخ اصبر وكيف تفتي بذلك.
: أرأيتي يا أبنتي إن تركتيه ورحلتي بدلا"
من واحد الذي يسكر ويمزق القرءان سيكون ستة لأنه سيأخد أولاده وسيتربون على طباعه ويشربون
الخمور الستة ويمزقون القرءان فلا حل في الفرار وترك المنزل إصبري واعلمي ﺩﻭﺭﻙ هو ﺟﺴﺮ
ﻷﺑﻨﺎﺋﻚ وأريد منك قيام الليل والدعاء له ﺑﺎﻟﻬﺪﺍﻳﺔ .
قالت إن شاء الله
.. ودارت الأيام والشهور والسنة
ونسأل المرأة بشريني يا أبنتي ما حالك .
قالت : والله ياشيخ
إن زوجي الأن هو من يفتح باب الجامع في صلاة الفجر ويؤذن بالناس ﻭيقوم الليل ويقرأ
القرءان ﻭيصلي كل الفروض والنوافل لقد هداه الله حق ﻫﺪﺍﻳﺔ ياشيخ ﺑﺎﺭك
الله ﻓﻴﻚ وهي تبكي بكاء الفرحة لأنها المرأة المؤمنة تقربت إلى الله وعلم الله بنقاء
وطهر وصدق قلبها فاستجاب لها جاهدت النفس وصبرت ونالت ثواب الأجر ولأن يهدي
الله رجلا على يدك خير لك من حمر النعم وكل هذا بفضل الله وبفضل
صناعة الفتوى. فكثيراً ما تأتي
أويأتي سأل ويستفتي في أدق الأمور يريد أن يطلق زوجنه لأنه يشك في
أمر مريب نقول له اصبر لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً
عبادات عظيمة بلا
مجهود أو وضوء
نسأل الله الغفو والعافية في الدين والدنيا
والأخرة