
الربط بين الإسراء والمعراج والدفاع عن الوطن
المولى عزوجل في
رحلة الإسراء والمعراج أراد أن يمهد لرسوله أنه سيترك وطنه ومسقط راسه مكة ويهاجر فعرفه
موطنه الذي سيهاجر إليه وهي طيبة كما جاء في صحيح النسائي ونص الحديث في سنن النسائي
بسنده عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "أتيت بدابة
فوق الحمار ودون البغل، خطوها عند منتهى طرفها، فركبت ومعي جبريل عليه السلام فسرت
فقال: انزل فصل. فصليت، فقال: أتدري أين صليت؟ "صليت بطيبة وإليها المهاجر، ثم
قال: انزل فصل..
وفي ذلك دروس كثيرة
وعظيمة منها
أولا" أنت
تريد وانا يريد والله يفعل مايريد
بمعنى ان الرسول
صلى الله عليه وسلم أراد أن يهاجر إلى عدة أماكن منها الطائف ووجد صدود وعناد من أهلها
ويجلس بعد أن اغروا له سفهاءهم وعبيدهم ادموا قدميه وكسروا راعيته فيناجي ربه ويسكو
اليه قلة حياته وضعف قوته وهوانه على الناس.. الخ ماقال ويرسل اليه جبريل ومعه ملك الجبال أمرني يامحمد أطبق عليهم الاخشببن ولكن
المبعوث رحمة للعالمين يقول لا عسى الله أن بخرج من أصابهم رجل يوحد الله.. وقد كان
خرج من ظهر الوليد سيف الله المسلول خالد ومن ظهر العاص عمربن العاص ومن ظهر ابي سفيان معاوية ومن ظهر أبي جهل عكرمة..
ثانيا "تسرية
وتسلية لرسول الله ليريه انه سبحانه وتعالى سوف يعوضه عن وطنه ومسقط راسه الذي ولد
فيه ويحبه وقد راينا الرسول حينما خرج من مكة ويقف على الحذورة ويقول والله يامكة انك
لاحب بلاد الله ولولا اهلك اخرجوني منك ماخرجت يامكة.. وهذا يعلمنا قيمة حب الوطن والموطن..
وان الإنسان إذا أراد أن ينتقل من مكان لمكان فإنه قد يغب في بلد اوبيت ويحول القدر
بينه وبين بيته هذا ويسكن في مكان آخر فعليه ان يقول الخيرة فيما اختاره الله فالله
لا يختار للمسلم الا الخير..
ثالثا" لبيان قيمة وقدسية وأهمية الأماكن المقدسة وفرضية الدفاع عنها.. فلذلك كانت الحكمة في الصلاة ببيت المقدس والروج الي السماء منه والحكمة تتمثل فيما اختاره الله
لأنَّ أرض الشام
هي أرض المحشر، فأراد الله تعالى أن يطأها قدمه الشريف؛ ليسهل على أمته الوقوف يوم
الحشر ببركة أثر قدمه الشريف صلى الله عليه وآله وسلم.
ولأن المسجد الأقصى
من المساجد الثلاثة التي لا تُشَدُّ الرحال شرعًا إلا إليها، وهي: المسجد الحرام؛ لأنه
موضع ولادته وتربيته ونبوته صلى الله عليه وآله وسلم، ومسجد المدينة؛ لأنه موضع هجرته
وتربته صلى الله عليه وآله وسلم، والمسجد الأقصى؛ لأنه ثالث الحرمين وأولى القبلتين،
وإليه الإسراء، ومنه العروج إلى السماء.
الخطبة الثانية
الحمدلله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد
فلازلنا نواصل الحديث الربط بين الإسراء والمعراج والدفاع عن الوطن
رابعا قيمة الأماكن المقدسة ووجوب الدفاع عنها
فقد صلى الرسول
أيضا بالطور الجبل الذي كلم الله موسى عليه تكليما واقسم به في كتابه وصلي في بيت لحم
مولد عيسى كل هذا لنعرف قيمة الأوطان وقيمتها لمقدساتها والمقدسات فرض الدفاع عنها
الرباط في سبيل الله من أجلها
رغم أن رحلة الإسراء
والمعراج قد تبارك بها المسجد الحرام والمسجد الأقصى حيث بداية الرحلة ونهايتها، إلا
أن هناك خمسة أماكن وبلدان قد أصابها من هذه البركة والأنوار نصيب، بأن نزل فيها النبي
صلى الله عليه وآله وسلم وصلى فيها، وكان لمصر في ذلك نصيب.
بدأت رحلة الإسراء
من المسجد الحرام حيث صاحب سيدنا جبريل عليه السلام سيدنا رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم مع البراق، وفي طريق الرحلة مرا على مدينة ذات نخل كثيف، فقال جبريل عليه
السلام للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: انزل فصل ههنا، فنـزل النبي صلى الله عليه وآله
وسلم فصلى ثم ركب، فقال له جبريل: أتدري أين صليت؟، فقال: لا، قال: صليت بطيبة وإليها
المهاجرة.
بعدها تحرك البراق
ليكمل طريقه حتى وصل إلى مكان فيه شجرة عتيقة، فقال جبريل للنبي صلى الله عليه وآله
وسلم: انزل فصلّ فنـزل وصلى، وكان هذا المكان هو مدينة "مدين" – بالقرب من
منطقة تبوك الآن – حيث شجرة سيدنا موسى التي استظل تحتها بعد أن خرج من مصر.أما مصر
فقد كان لها نصيب من هذه الرحلة المباركة، فبعد أن تحرك البراق من "مدين"
تابع سيره حتى وصل إلى "طور سيناء" فقال له جبريل عليه السلام إنزل فصلّ،
فنزل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فصلى، وأخبره جبريل أن هذا المكان هو "طور
سيناء" حيث كلم الله سبحانه وتعالى سيدنا موسى تكليمًا وتجلى عليه.بعدها تحرك
البراق حتى وصل إلى مكان به قصور، عرفها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنها قصور
كسرى بالشام كما أخبره جبريل بذلك، وقال له انزل فصل، فنزل وصلى صلوات الله وسلامه
عليه وعلى آله.ويستكمل البراق الرحلة حتى يصل النبي صلى الله عليه وآله وسلم برفقة
جبريل عليه السلام إلى أرض المسرى، حيث فلسطين، فينزل في بيت لحم، حيث ميلاد سيدنا
المسيح عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، ويقول له جبريل: انزل فصلّ، فينزل
النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويصلي، ويخبره جبريل أن هذا المكان الذي صلى فيه هو
بيت لحم حيث ولد عيسى ابن مريم .كانت تلك أماكن مباركة صلى فيها النبي صلى الله عليه
وآله وسلم خلال رحلة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى المبارك، وقد ورد
ذكر نزول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تلك الأماكن والبلدان والصلاة فيها في حديث
طويل رواه الإمام النسائي في السنن الصغرى والطبراني في مسند الشاميين، كما أوردها
عدد من أئمة التفسير عند تفسيرهم لسورة الإسراء ومنهم الإمام ابن كثير في تفسيره، والإمام
الثعلبي في تفسيرة "الكشف والبيان" وغيرهما.ونص الحديث في سنن النسائي بسنده
عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "أتيت بدابة فوق الحمار
ودون البغل، خطوها عند منتهى طرفها، فركبت ومعي جبريل عليه السلام فسرت فقال: انزل
فصل. فصليت، فقال: أتدري أين صليت؟ [صليت بطيبة وإليها المهاجر، ثم قال: انزل فصل.
فصليت، فقال: أتدري أين صليت؟ ]صليت بطور سيناء، حيث كلم الله موسى، ثم قال: انزل فصل.
فصليت، فقال: أتدري أين صليت. صليت ببيت لحم، حيث ولد عيسى، عليه السلام، ثم دخلت بيت
المقدس فجمع لي الأنبياء عليهم السلام، فقدمني جبريل حتى أممتهم". إلى آخر الحديث.