recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة الحذر واليقظة والإعداد في القرآن الكريم لفضيلة الشيخ عبدالناصربليح

 


الحذر واليقظة والإعداد في القرآن الكريم 

النداء علي المومنين لأخذ الحيطة والحذر

 التحذير من مخالفة أمره سبحانه

التحذير واليقظة من اليهود هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ

الإعداد الجيد والتسلح بالصبر 

تحميل الخطبة pdf

تحميل الخطبة word

الحمد لله رب العالمين وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبدالله ورسوله، القاءل:"  "لا يُلدَغُ المؤمنُ من جُحْرٍ واحد مرتين"(البخاري ومسلم).

اللهم صلاة وسلاماً عليك يارسول الله . أما بعدفيقول الله تعالي:"هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ "(المنافقون: 4).

 عباد الله :"حديثنا إليكم اليوم عن الحذر واليقظة والإعداد في القرآن الكريم  وقد جاءت كلمة حذر في القرأن الكريم بكل مشتقاتها سبعة عشر مرة  بصورة الأمر والمضارع والنهي.. 

النداء علي المومنين لأخذ الحيطة والحذر

وكلها تحذيرات هامة وأهمها التحذيرللمؤمنين "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ"(النساء:71).

وقال تعالي:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"(التغابن/14). 

فما سر توجيه الخطاب للمؤمنين فقط؟

وعلام بنى القرآن الكريم الاستعداد الأمني؟

أولا- خاطب الله المؤمنين لأنهم أولى الناس بأن يقوموا بنشر السلام في العالم؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم يوضح أفضلَ الإسلام عندما سئل عنه فيقول:"مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ"().

، والمقصود سلامة جميع الناس، ويوضح ذلك الرواية الأخرى التي قال فيها صلى الله عليه وسلم مبينًا التعريف العملي للمسلم والمؤمن:"المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم"()، 

ويحدث فضالة بن عبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم عرَّف المسلم والمؤمن بهذين التعريفين في بيانٍ عالمي ذكره في أعظم مجامع المسلمين في حجة الوداع، فقال:"ألا أخبركم بالمؤمن؟ من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب"()..

ثانيا- بنى القرآن الكريم الاستعداد الأمني على المبدأ الإيماني العقدي، فهو لم يقل خذوا حذركم مباشرة، وإنما بدأها بقوله :"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا"، فكأنه يقرر أن عدم أخذ الحذر ينافي الإيمان، وهناك بعدٌ آخر في قوله "خُذُوا حِذْرَكُمْ"، وهو أن أخذ الحذر ينبغي أن يكون قائمًا على الأسس الإيمانية، وليس قائما على الأهواء الشخصية، ولا التعصب لجنسٍ أو هُويةٍ حزبية، أو جماعة تنظيمية..

والحذر الذي يجب أن نتنبه له قسمان : حذر من عدو ظاهر ومعلوم ، والآخر من أذناب هذا العدو أو المثبطين والمعوقين، وهم أشد خطرًا من العدو الظاهر، فما سقطت دولة أو أُسقطت عبر التاريخ إلا كانت العمالة والخيانة أحد أهم عوامل وأسباب سقوطها، وهذا ما حذرنا منه القرآن الكريم في قول الله تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُوا جَمِيعًا" (النساء:71) .

قال الإمام القرطبي رحمه الله عند هذه الآية:"هذا خطاب للمؤمنين المخلصين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وأمر لهم بجهاد الكفار والخروج في سبيل الله وحماية الشرع … وأمرهم أن لا يقتحموا على عدوهم على جهالة حتى يتحسسوا إلى ما عندهم، ويعلمون  كيف يردون عليهم، فذلك أثبت لهم فقال:"خُذُوا حِذْرَكُمْ" فعلمهم مباشرة الحروب ولا ينافي هذا التوكل بل هو مقام عين التوكل … وقوله تعالى: "فَانفِرُوا ثُبَاتٍ" يقال: نفر ينفر بكسر الفاء نفيرا. ونفرت الدابة تنفر بضم الفاء نفورا، المعنى انهضوا لقتال العدو. واستنفر الإمام الناس دعاهم إلى النفر أي للخروج إلى قتال العدو. والنفير اسم للقوم ينفرون وأصله من النفار والنفور وهو الفزع…"ثُبَاتٍ" معناه جماعات متفرقات… كناية عن السرايا الواحدة ثبة وهي العصابة من الناس."أَوِ انفِرُوا جَمِيعًا"معناه الجيش الكثيف مع الرسول صلى الله عليه وسلم. ولا تخرج السرايا إلا بإذن الإمام ليكون متجسسا لهم، عضدا من ورائهم، وربما احتاجوا إلى درئه"

وقال البقاعي رحمه الله تعالى: "ولما كان سبحانه وتعالى قد خلق للإنسان عقلاً يحمله على التيقظ والتحرز من الخوف، فكان كالآلة له، وكان -لما عنده من السهو والنسيان في غالب الأوقات -مهملاً له، فكان كأنه قد ترك آلة كانت منه؛ قال سبحانه وتعالى: "خُذُوا حِذْرَكُمْ" أي من الأعداء الذين ذكرتهم لكم وحذرتكم منهم: المشاققين منهم والمنافقين"

وقال القاسمي رحمه الله تعالى:"دلت الآية على وجوب الجهاد وعلى استعمال الحذر، وهو الحزم، من العدو، وترك التفريط. وكذلك ما يحذرونه وهو استعمال السلاح على أحد التفسيرين".

 التحذير من الله

قال تعالي:" وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ"(٢٨/ آل عمران).وقال تعالي:" وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ"(٣٠/ آل عمران).

  ويحذركم الله نفسه  وردت مرتين في القرآن  أي : يخوفكم عقابه ، ثم قال مرجيا لعباده لئلا ييأسوا من رحمته ويقنطوا من لطفه :"وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ" ومن كان مصيره إلي الله فهو رؤف بعباده  "والله رءوف بالعباد" 

قال الحسن البصري : من رأفته بهم حذرهم نفسه . وقال غيره : أي رحيم بخلقه ، يحب لهم أن يستقيموا على صراطه المستقيم ودينه القويم ، وأن يتبعوا رسوله الكريم .

 التحذير من مخالفة أمره سبحانه  

كما قال تعالي:" لَّا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا ۚ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا ۚ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ "(النور/63).

 لا تقولوا -أيها المؤمنون- عند ندائكم رسول الله: يا محمد، ولا يا محمد بن عبد الله، كما يقول ذلك بعضكم لبعض، ولكن شرِّفوه، وقولوا: يا نبي الله، يا رسول الله.

 قد يعلم الله المنافقين الذين يخرجون من مجلس النبي صلى الله عليه وسلم خفية بغير إذنه، يلوذ بعضهم ببعض، فليَحْذَر الذين يخالفون أمر رسول الله أن تنزل بهم محنة وشر، أو يصيبهم عذاب مؤلم موجع في الآخرة.

ولقد ابتلى الله ما في قلوبهم، فظهرت على فلتات مقالاتهم، وشذرات تغريداتهم، وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ.

نفاقٌ على كل الوجوه مخيم *** وبُغْضٌ على كل الجِباه مسَطَّر.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَى، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى عَبْدِهِ الْمُصْطَفَى،امابعد فياعباد الله 

التحذير واليقظة من اليهود 

أما اليهود فلا تخفى عداوتهم، وقد حذرنا الله منهم وبيان رب العالمين يتلى فيهم؛ " لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا "(المائدة: 82).

عاثَ اليهودُ بقدسِه وبطهرِه *** بغيًا وأهلُ القدس باتوا في العَرَا

وبيان آخر من المصطفى بأن اليهود أبعد الناس عن الهدى، وأقل الشعوب دخولًا في الإسلام، قال صلي الله عليه وسلم:"لَوْ آمَنَ بِي عَشَرَةٌ مِنَ اليَهُودِ، لآمَنَ بِي اليَهُودُ"(البخاري).

قائدهم الدجال الأعور؛ "يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ، سَبْعُونَ أَلْفًا عَلَيْهِمُ الطَّيَالِسَةُ"(مسلم).

اليهود في الأرض شرذمة قليلون، وإنهم لنا لغائظون، فكونوا من مكرهم حاذرون، لعنوا في التوراة والإنجيل والقرآن؛ " فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً "(المائدة: 13)،

 فلا هوادة عندهم في قتل النساء والصبيان؛" لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً "(التوبة: 10)،

 فأي خير يرجى منهم، وأي سلام يطمع معهم، وهم من تطاولوا على الله جلّ جلاله، وامتدت أيديهم إلى أنبياء الله ورسله."فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَٰقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَقَتْلِهِمُ ٱلْأَنۢبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّۢ"(النساء/155).

الغدر من شيمهم، والخيانة من أخلاقهم.. عاهدهم خير هذه الأمة، وصالحهم عليه الصلاة والسلام، فدعوه للمفاوضة، فلما جاءهم تآمروا على قتله وإلقاء الحجر عليه، فأجلاهم وخرب بيوتهم.

ما يَهودُ الغَدر إلا أَنفسٌ

                       غُمِسَت في حقدها المُستَعِرِ

كيف ترجو من سرابٍ كاذبٍ

                             شَربَةً للظامئ المُحتضِرِ

يا قوم، هل ترجون من قاتلِ

                            الأطفالِ حُسنَ المَعشَرِ؟!


عداؤهم للإسلام لا يمكن أن يغسله الإحسان، ولا يمكن أن ينهيه المودة والسلام، "أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ "(البقرة/100).

لكن البشرى أنهم أذلة صاغرون "لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى "(الحشر/14).

والبشرى الأخرى أن الرعب دب في قلوبهم، والهزيمة صرحوا بها؛ "إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ "(النساء: 104)، 

الإعداد الجيد والتسلح بالصبر 

والعاقبة في النهاية للمسلمين؛إذا ما اتحدوا واعدوا العدة وتسلحوا بالصبر "وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ"(الأنفال/60)

وحينها يقول الرسول صلي الله عليه وسلم : "لا تقومُ الساعةُ حتى يقاتلَ المسلمون اليهودَ، فيقتلُهم المسلمون، حتى يختبئَ اليهوديُّ من وراءِ الحجرِ والشجرِ، فيقول الحجرُ أو الشجرُ: يا مسلمُ يا عبدَ اللهِ هذا يهوديٌّ خلفي، فتعالَ فاقْتلْه"(متفق عليه).

اللهم زدهم نكالًا ووبالًا وأخرجهم من الأرض المقدسة أذلة صاغرين.

وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين والمسلمات فاستغفروه إن ربي غفور رحيم.

google-playkhamsatmostaqltradent