
الركن السابع السجود على الأعضاء السبعة
لقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"(الحج/77).
ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه - في قصة المسيء صلاته، وفيه:"ثمّ اسجدْ حتى تطمئنَّ ساجدًا"(متفق عليه)؛
ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"أُمرتُ
أن أسجدَ على سبعة أعْظُمٍ: على الجبهة - وأشار بيده على أنفه - واليدين،
والركبتين"(البخاري ومسلم).،
ويتحقق السجود بوضع ملامسة
الأعضاء السبعة للأرض. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم
ارفع حتى تطمئن جالسًا”، وقال صلى الله عليه وسلم: “أقرب ما يكون العبد من ربه وهو
ساجد”، إذن الذكر مطلوب، وبخاصة إذا كان معه خشوع في القلب، والرأي أنه لا حد
للأذكار في الصلاة المفروضة أو النوافل أو خارج الصلاة، ولا بأس من ملازمة الذكر
في كل وقت تضرعًا وخفية.
وهي: صَفْحةُ الوَجهِ ما فوقَ الأَنْفِ والعَيْنينِ، وأشارَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِيَدِهِ إلى أنْفِهِ، مُبَيِّنًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بذلك أنَّ الجَبهةَ والأَنفَ عُضوٌ وَاحدٌ مِن السَّبعةِ، وتَأكيدًا على أنَّ الساجدَ يُلامِسُ بأنْفِه الأرضَ، وكذلك اليَدانِ والرُّكْبتانِ، وأصابِعُ القَدَمينِ وما يَلِيهِما، فاليَدانِ والرُّكْبتانِ والقَدَمانِ سِتَّةُ أعضاءٍ، ولا "نَكْفِتَ الثِّيابَ والشَّعرَ"،
وكَفْتُ الثِّيابِ هُوَ ضَمُّ بَعضِها فوقَ بَعضٍ بحيثُ لا تَنْسدِلُ، وكَفْتُ الشَّعرِ هوَ رَبْطُه بحيثُ لا يَستَرْسِلُ ويَنسابُ، والمرادُ ألَّا نَكُفَّ شُعورَنا وثِيابَنا عندَ السُّجُودِ على الأرضِ صِيانةً لها، بلْ نُرسِلها حتَّى تَقَعَ على الأرضِ، فتَسجُدَ مع الأعضاءِ، والحِكمةُ في ذلك: أنَّه إذا رفَعَ ثَوبَه وشَعرَه عن مُباشَرةِ الأرضِ أشْبهَ المُتكبِّرَ. وقيل: إنَّ الشَّعرَ يَسجُدُ مع الرَّأسِ إذا لَم يُكَفَّ أو يُلَفَّ.
ويقول الإمام الغزالي رحمه الله: "إن الرجل ليسجد
السجدة يظن أنه تقرَّب بها إلى الله سبحانه وتعالى، ووالله لو وُزِّع ذنب هذه
السجدة على أهل بلدته لهلكوا"، سُئِلَ كيف ذلك؟ فقال: "يسجد برأسه بين
يدي مولاه، وهو منشغل باللهو والمعاصي والشهوات وحب الدنيا. فأي سجدة هذه؟".
يقول بعض العلماء:
"فالإقبال على الصلاة والخشوع فيها من أهم المهمات وهو روحها، فينبغي العناية
بالخشوع والطمأنينة في الصلاة، في سجوده، في ركوعه، وبين السجدتين، بعد الركوع
يعتدل، يخشع ويطمئن ولا يعجل، سواء كان رجل أو امرأة جميعًا، وأكثر ما يكون في
النساء. وإذا أخل بالخشوع على وجهٍ يكون معه النقر في الصلاة وعدم الطمأنينة تَبطل
الصلاة، ويُكره له العبث بثيابه أو لحيته أو غير ذلك، وإذا كثر وتوالى حرم وأبطل
الصلاة. فإذا اعتقد المُصلِّي أن عبثه كثير وقد توالى فعليه أن يُعيد الصلاة إن
كانت فريضة".
ويقول صلي الله عليه وسلم :"أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ"(مسلم).
الصَّلاة من أَجلِّ وأعظمِ العباداتِ التي يتقرَّبُ فيها العبدُ إلى اللهِ تعالى، وكلَّما ازدادَ تَواضُعُ العبدِ وخشوعُه زادَ قُربًا مِن الله، ووضْعُ الوجهِ والأنف في الأرض قمَّةُ التَّواضُع والتَّذلُل، وهنا يكون الدُّعاء من قلبٍ خاشع، ومُتواضِع لله فيكون أقربَ لاستجابةِ الدُّعاء، وفي هذا الحديث يقولُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه "أقربُ ما يكونُ العبدُ من ربِّه وهو ساجدٌ"،
أي: أقربُ ما يكون العبدُ مِن الله سبحانه وتعالى في
حالِ سجودِه؛ "فأكْثِروا الدُّعاءَ"، أي: فأكْثِروا الدُّعاء في وضْعِ
السُّجودِ، فإنَّه أجدرُ أنْ يَستجيبَ اللهُ فيه الدُّعاء من العبدِ.
وقدْ حثَّ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم على كثرةِ
السُّجود والدُّعاء فيه في أحاديثَ أخرى.
وفي الحديث: بيانُ مَوضِع من مواضِع الدُّعاء في الصَّلاة وهو السُّجودُ وبيانُ فَضْله.و الحثُّ على الإكثارِ من الدُّعاء في السُّجودِ.
وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم .