recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة من أسماء الله الحسني الولي جل جلاله

 


من أسماء الله الحسني الولي جل جلاله 

اسم الله "الولي" و"المولى" في القرآن الكريم

معنى "الولي" و"المولى" في حق الله تبارك وتعالي

مدلول اسم الله الولي وشمول الولاية جميع الخلائق

الأثار الإيمانية للمستشعر لاسم الله الولي ودلالته

صفات الولي من عباد الله وبما ينال الولاية 

تحميل الخطبة pdf

تحميل الخطبة ورد

الْحَمْدُ لِلَّهِ رب العالمين  وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ

 مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،  أما بعد:

فياأيها المؤمنون: خلق الإنسان ضعيفاً بطبعه، يحتاج في سائر وقته إلى

 من يرعاه ويدبر شؤونه ويقضي مصالحه، ويقويه عند النوازل، ويثبته

 عند الشدائد، قال تعالى:"وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا"(النساء:28)، 

فالطفل يحتاج إلى من يلي أمره، والطالب في المدرسة يحتاج إلى من

 يوجهه، والمرأة كذلك في كثير من شؤونها، والشعوب تحتاج إلى ولي أمر

 وحاكم يرعى مصالحهم، وهؤلاء جميعاً يفتقرون إلى الولي -سبحانه

 وتعالى-،

 ولذلك كان من أسماء الله التي ينبغي أن نعرف معناها ونتدبر

 آثارها ونتعبد الله بها اسم الله الولي.

اسم الله "الولي" و"المولى" في القرآن الكريم:

 قد ورد اسم الله "الولي" في القرآن الكريم ثلاثين مرة منها:

 قوله تعالى:"اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ"

(البقرة:257). 

وقوله تعالى:" (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ"(المائدة: 55). 

وقوله تعالى:"لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ"

(الأنعام:127). 

وقوله تعالى:"أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ"

 (الأعراف:155). 

وقوله تعالى:"إِنَّ وَلِيِّـيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ

(الأعراف: 196).

 وقوله تعالى:"فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي

 مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ" (يوسف: 101).

 وقوله تعالى: (وهو الوليُ الحميد) (الشورى: 28). 

 وأما اسم"المولى" فقد ورد اثنتي عشرة مرة، منها:

 قوله تعالى:"وََاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ

 الْكَافِرِينَ"(البقرة: 286). وقوله تعالى:"بَلِ اللّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ"(آل

 عمران: 150). وقوله تعالى:"ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ

 وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ"(الأنعام: 2). وقوله تعالى:"وَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ

 اللّهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ"(الأنفال: 40). وقوله تعالى:

"وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ"(الحج: 78).

 وقوله تعالى: "ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ"

 (محمد: 11). 

معنى "الولي" و"المولى" في حق الله تبارك وتعالى: 

الولي: هو المُتَوَلِّي لأُمور العوالم والخلائق جميعاً والقائمُ بها، الذي ينصر

 أولياءه ويليهم بإحسانه وفضله، وولاية الله لعباده تعني قربه منهم، فهو

 أقرب إليهم من حبل الوريد.، 

الله هو " الولي " معنى " الولي " هو المتولي لأمور خلقه ، القائم على

 تدبير ملكه ، الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ، كما قال

 سبحانه : " وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ

 لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ "(الحج:65) .

ولما كان يوم أحدٍ أشرف أبو سفيان على المسلمين فقال:" أَفِي القَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَنَهَاهُمُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَنْ يُجِيبُوهُ، ثُمَّ قالَ: أَفِي القَوْمِ ابنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قالَ: أَفِي القَوْمِ ابنُ الخَطَّابِ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ رَجَعَ إلى أَصْحَابِهِ فَقالَ: أَمَّا هَؤُلَاءِ فقَدْ قُتِلُوا، فَما مَلَكَ عُمَرُ نَفْسَهُ، فَقالَ: كَذَبْتَ واللَّهِ يا عَدُوَّ اللَّهِ؛ إنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ لَأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ، وقدْ بَقِيَ لكَ ما يَسُوؤُكَ، قالَ: يَوْمٌ بيَومِ بَدْرٍ، والحَرْبُ سِجَالٌ، إنَّكُمْ سَتَجِدُونَ في القَوْمِ مُثْلَةً، لَمْ آمُرْ بهَا، ولَمْ تَسُؤْنِي، ثُمَّ أَخَذَ يَرْتَجِزُ: أُعْلُ هُبَلْ، أُعْلُ هُبَلْ، قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أَلَا تُجِيبُوا له؟ قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، ما نَقُولُ؟ قالَ: قُولوا: اللَّهُ أَعْلَى وأَجَلُّ، قالَ: إنَّ لَنَا العُزَّى ولَا عُزَّى لَكُمْ. فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أَلَا تُجِيبُوا له؟ قالَ: قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، ما نَقُولُ؟ قالَ: قُولوا: اللَّهُ مَوْلَانَا، ولَا مَوْلَى لَكُمْ." (البخاري).

وكان من دعائه -صل الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي

 فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّمَا

 قْضَيْتَ، إِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ" (صحيح) .

مدلول اسم الله الولي وشمول الولاية جميع الخلائق

وقد دل اسم الله "الولي" على تنزيه الله تعالى أن يكون في ولاية أحد له ما

 يقتضي الذل، قال تعالى"وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ

 شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا"(الإسراء:111).

 قال الحسن بن الفضل: يعني لم يذل فيحتاج إلى ولي ولا ناصر لعزته

 وكبريائه.

عبــــــاد الله: إن ولاية الله لخلقه تشمل جميع الخلق في الأرض وفي

 السماء، برهم وفاجرهم، المسلم منهم والكافر، وإن ولايته سبحانه تنقسم

 إلى قسمين:

ولاية عامة: تقتضي الخلق والرزق والإحاطة، ومنها قوله تعالى:"ثُمَّ رُدُّواْ

 إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ"(الأنعام:62).

وولاية خاصة: تقتضي الهداية والتوفيق، قال سبحانه: "اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ

 آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ"(البقرة:257). ، وتقتضي النصرة

 والتأييد كما في قوله تعالى"بَلِ اللّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ"(آل

 عمران:150). وتقتضي المحبة، قال تعالي: "إِنَّ وَلِيِّيَ اللّهُ الَّذِي

 نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ"(الأعراف:196).

وتؤدي كذلك الاطمئنان والسعادة في الدنيا والآخرة، قال تعالى:"أَلا إِنَّ

 أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ"(يونس:62) .

وانظروا -رحمكم الله- إلى ولاية الله لعبده في أدق معانيها: تولى الله أمر

 سيدنا يوسف، فأحوج القافلة للماء في الصحراء ليذهبوا إلى البئر، ثم

 أحوج عزيز مصر للأولاد ليتبنى سيدنا يوسف، ثم أحوج الملك للرؤيا

 وتفسيرها ليخرجه من السجن، ثم أحوج مصر بأكملها للطعام ليكون عزيز

 مصر، كل هذا من أجل عبده الذي تولى أمره، انظر إلى آخر سورة

 يوسف:"رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ

 السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي

 بِالصَّالِحِينَ"(يوسف:101)، أتمم ولايتك علىَّ في القبر وتوفني مسلماً

 وأدخلني الجنة كما توليت أمري طوال حياتي.

وعندما يقرأ المسلم هذه الآية:"وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا

 وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ"(الشورى: 28).

وقد رغبوا إلى الله، وضجوا بالدعاء حتى تقطعت بهم الآمال، وأيقنوا

 بالبوار والهلاك، وإذا بالغيث يفجؤهم من السماء مدرارا، ناشرا آثار

 رحمة الله في فجاج الأرض وشعابها ؛ لتحيي الأرض والنفوس والأرواح،

 بعد يأسها وموتها، وكم هو جميل أن تختم الآية باسمي الله: "الولي

 الحميد"، فهو سبحانه ولي العباد وحده, الذي تكفل بهم وتولى أمرهم في

 كل آن.

إن ثقة العبد بربه الولي الذي يتولى جميع الأمور في السراء والضراء

 واليسر والعسر دفع الفتية أصحاب الكهف الذين خالفوا القريب والبعيد في

 سبيل مرضاته سبحانه، ففارقوا أقرب الناس فرارا إلى الله، وطلباً لرضاه،

 وخوفاً على دينهم، من الشرك والفسوق والعصيان.

واستبدلوا لأجل مرضاته ضيق الكهف بسعة العيش الرغيد، فما كان إلا أن

 وسعه الله عليهم وتولى أمرهم بما نشر لهم فيه من رحمته، قال تعالى:

 "فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقاً"

(الكهف: 16).

وتأملوا قوله -عز وجل:"يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته" فيعلم العبد أن رحمة

 الله واسعة، إذ بعضها، أو قدر معلوم عند الله منها؛ يكفي ليجعل ذلك

 الكهف، أو ذلك السجن، أو تلكم الزنزانة جنة، أو روضة من رياض الجنة.

وعندما رزق إبراهيم -عليه السلام- بالولد الأول إسماعيل -عليه السلام-

 أمره ربه بأن يهاجر من فلسطين مع زوجته هاجر وابنه الرضيع إلى وادٍ

 لا ماء فيه ولا طعام ولا شجر، ولا يوجد فيه أحد من البشر، حتى إذا وصل

 إلى ذلك المكان ترك زوجته وابنه الرضيع، وترك لهما قليلاً من الماء

 وبعض حباتٍ من التمر، وعاد بأمر ربه إلى فلسطين، فتبعته أم إسماعيل

 فقالت: "يا إبراهيم: أين تذهب وتتركنا في هذا الوادي الذي ليس فيه أحد

 ولا شيء فيه؟!"، قالت ذلك مرارًا، وجعل لا يلتفت إليها حتى لا يتأثر

 بالعاطفة ويحن عليهما وينسى أمر ربه، فقالت له: "آلله الذي أمرك

 بهذا؟!"، قال: "نعم"، قالت: "إذًا؛ لا يضيعنا".

يا لها من كلمة عظيمة تنبئ عن إيمان عميق، وتوكل عظيم، وثقة لا حدود

 لها بالولي خالق الأرض والسماوات! حتى إذا كان عند الثنية حيث لا

 يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا الولي الذي لا يضيع ولا يخذل من

 تولاه، قال تعالى:"رَبَّنَا إِنَّي أَسْكَنتُ مِن ذُرّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ

 الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاةَ فَجْعَلْ أَفْئِدَةً مّنَ النَّاسِ تَهْوِى إِلَيْهِمْ وَرْزُقْهُمْ مّنَ

 الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ"(إبراهيم: 37).

وهل يعقل من إبراهيم -عليه السلام- الذي كان يتمنى طوال حياته هذا الولد

 أن يتركه في هذا الوادي بدون طعام أو شراب؟! لكنه التوكل على الله،

 والثقة بأن من يتولى تدبير أمور العباد هو الله سبحانه وتعالى.

وتولى الله أمر مريم بنت عمران وهي في شدة الضيق والهم والخوف، أي

 شدة عاشتها هذه المرأة، لكن الله تولى أمرها وكذلك يتولى الصالحين قال

 تعالى:"فحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا * فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ

 النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا

 تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ

 رُطَبًا جَنِيًّا* فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي

 إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا"(مريم:22-26)، قري عينا

 ، لأن الولي سبحانه هو من يتولى أمورك

الأثار الإيمانية للمستشعر لاسم الله الولي ودلالته

والمتأمل في اسم الله الولي تتجلى بعض الآثار الإيمانية  التي تظهر في

 سلوك العبد إذا المستشعر لعظمة هذا الاسم ودلالاته، فمن ذلك:

زيادة تعظيم الله في قلب العبد، وزيادة إيمانه، واستقامت أحواله، وتقرب

 العبد إليه حتى يتولاه الله في سائر أموره، روى البخاري عن أبي هريرة

 -رضي الله عنه-قال قال -رسول الله عليه وسلم-: يقول الله تعالى: "من

 عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلى

 مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه؛ فإذا

 أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي

 يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، وإن استعاذني

 لأعيذنه"، أي: يحفظه ويسدده في جوارحه ويتولاه بمعيته الخاصة.

ومن ذلك: الطمأنينة والراحة النفسية؛ لأنه ممن تولاه الله، قال تعالى:"قُل

 لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ"

(التوبة:51). 

لما ولى الحجاج بن يوسف الثقفي العراق، وزاد طغيانه وتجبره، وقف

 الحسن البصري ينكر عليه أعماله، فقال الحجاج لحاشيته ومقربيه: من

 ينكر علي؟ قالوا: الحسن البصري، فأمر الشرطة أن يأتوا به، فجاءوا

 بالحسن فارتجفت له القلوب خوفاً عليه, فلما رأى الحسن السيف والنطع

 والجلاد تحركت شفتاه، ثم توجه إلى الحجاج ، وما أن رآه الحجاج حتى

 هابه ووقره، وقال له الحجاج: أنت سيد العلماء يا أبا سعيد, ثم طيب له

 لحيته بأغلى أنواع الطيب، وودعه، ولما خرج تبعه حاجب الحجاج، وقال

 له: يا أبا سعيد، لقد دعاك الحجاج لغير ما فعل بك، وإني رأيتك عندما

 أقبلت، ورأيت السيف والنطع، حركت شفتيك، فأسألك بالله إلا أخبرتني

 ماذا قلت؟ قال الحسن: لقد قلت: يا ولى نعمتي، وملاذي عند كربتي، اجعل

 نقمته برداً وسلاماً علي كما جعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم"

ومنها: ألا يخاف من أعداء الله مهما كان عددهم وعدتهم، قال تعالى:"إِنَّمَا

 ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ"

(آل عمران:175).

وأيضاً: ليحذر مما ينافي تولي الله تعالى والمؤمنين،كأن يتبع غير منهاج

 الله ويعتز بغير شرعه، أو يتولى غير المؤمنين قال تعالى:"وَمَن يُشَاقِقِ

 الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ

 وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا"(النساء:115).

عباد الله اقول ماتسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم 

الخطــبة الثانـية:

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

أيها المسلمون: ولابد أن نفرق بين الولي الله والولي من البشر فالولي من

 البشر لايملك لنفسه نفعاً ولاضراً ولاموتاً ولاحياة ولانشوراً ولكن الله اتخذ

 له اسم الولاية لمولاته لله وقد وصفهم الله لنا في كتابه الكريم 

صفات الولي من عباد الله :"

   بقوله تعالي :"أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ  الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ "(يونس:62-63).

فأولياء الله: هم أهل الإيمان والتقوى، هم الذين أخلصوا لله العبادة، واستقاموا على دينه، واتقوه -جل وعلا- فأدوا فرائضه، وتركوا محارمه، ووقفوا عند حدوده، هؤلاء هم أولياء الله، أهل الإيمان والتقوى .. أهل البصيرة .. أهل الصدق الذين أخلصوا لله العبادة، ولم يشركوا به شيئًا، ثم أدوا فرائضه، وابتعدوا عن محارمه، ووقفوا عند حدوده، هؤلاء هم أولياء الله، ليس عليهم خوف، ولا حزن، بل لهم الجنة والكرامة والسعادة، لا خوف عليهم في المستقبل، ولا يحزنوا على ما خلفوا في الدنيا

ومِنْ صِفَة الولي من عباد الله: أنه يحبُّ الله سبحانه وتعالى ورسوله

 صلى الله عليه وسلم، ويحبُّ مَن يُحبّ الله ورسوله، ويُبْغض مَنْ يبغض الله

 ورسوله، ويُوالي مَنْ يُوالي الله ورسوله، ويُعَادي مَنْ يُعادي الله ورسوله،

 يعملُ بطاعة الله عزّ وجل، وينتهي عن معصيته.

بماتنال الولاية:"

 ولا تُنَال الولاية؛ إلا بالإيمان الصّادق، والعِلم الراسخ، والعمل المتواصل

 الثابت، والاهتداء بهدي الكتاب والسُّنة، وعمل السلف الصالح من هذه

 الأمة. فولاية الله تعالى إذن كَسْبيةٌ، لها أسبابها وأعْمالها القلبية، والبدنية،

 وليستْ وَهْبيةً لا سببَ لها ولا عمل !! كما يتفوَّه به جهَّالُ الشيعة

 وزنادقتهم، فنسبوا الولاية للمجانين؟ بل وللفسقة والظلمة! والزنادقة من

 أهل وحْدة الوُجود والاتحاد ! بمجرّد حصول بعض الخَوارق والشّعوذات

 الشيطانية على أيدي هؤلاء، كالدخول في النّيران، وحَمْل الأفْاعي؟ وضرب

 بعضهم البعض بالسّيوف والخناجر؟ وغيرها من أفعال السحرة الفجرة

 التي هي مشهورة عنهم. فهذه هي ولايتهم البِدعية ! أما الولاية السُّنية،

 فطريقها لزوم الكتاب والسُّنة والعمل بها، وإتباع سبيل المؤمنين، الأتْقياء

 الأنقياء، البَررة الكرام، قال تعالى مُوصياً نبيه الكريم صلى الله عليه

 وسلم:"ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا

 يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئاً وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ

 وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ" (الجاثية: 18- 19).

 

فما أحوجنا -أيها المسلمون- إلى فهم ديننا وماأحوجنا إلي  أن يتولانا الله في

 جميع أمور ديننا ودنيانا وآخرتنا فلنبذل الأسباب التي بها ننال ولاية الله لنا.

اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين، وتول أمرنا يا أكرم الأكرمين.

google-playkhamsatmostaqltradent