
اسم
الله الوهاب

معني الوهاب
أنواع الهبات من الله
الفَرْق بينَ هِبَة الخَالق والمُخلوق
ثمرة معرفة الله الوهاب
الحمدلله
رب العالمين وأشهد أن لاإله إلاالله وحده لاشريك له في سلطانه وأشهد أن سيدنا
ونبينا محمداً عبد الله ورسوله اللهم صلاة
وسلاماً عليك ياسيدي يارسول الله أما بعد فياعباد الله"رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا
بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ"(آل
عمران:8).
أيها
الناس حديثنا إليكم اليوم عن اسم من اسماء الله الحسني :"وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ
الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ
يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ
مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"(الأعراف: ١٨).
وقال
صلي الله عليه وسلم :"إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إلا
وَاحِدًا من أَحْصَاهَا دخل الْجَنَّةَ"(البخاري).
معني الوهاب
عباد الله:" نحن اليوم مع اسم الله الوهاب والوهاب الذي يعطي بلا عوض ولا مقابل ولا غرض ودون استحقاق وإنما يعطيك لمصلحتك. فيعطي التوفيق والسَّداد للثبات على دينه، وتصديق كتابه ورسله.
أنواع الهبات من الله
عباد الله :"انظروا إلى هباته سبحانه تتابعت نعمه وفاض كرمه
وزاد، يغفر ذنبك، يفرج كربك، يُجبر كسيرًا، يُغني
فقيرًا، يشفي سقيمًا، يُخصِب عقيمًا،
ويُعلم جاهلًا، ويهدي ضالًا، ويُرشد حيرانًا، ويفك أسيرًا، ويكسوعاريًا، ويُسَّلي صابرًا،
ويزيد شاكرًا، ويقبل تائبًا، ويُجزي محسنًا، ويعطي محرومًا، وينشر مظلومًا، ويقصد ظالمًا،
ويقيل عثرةً، ويستر عورةً، ويؤمن روعةً، ويُزيد لوعةً، ما للعباد عليه حق واجب، ولا
سعيٌ لديه ضائع، إن نُعموا فَبفضلهِ أو عُذبوا فبعدلهِ، وهو الكريم الواسع سبحانه وتعالى..
الرحمة من الله هبة
قال تعالي :" رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ" (أل عمران/8).
ومعنى الآية : هب لنا نعيما صادرا عن الرحمة ; لأن الرحمة راجعة إلى صفة الذات فلا يتصور فيها الهبة أي :"وهب لنا من لدنك رحمة عظيمة من عندك ومن قبلك توفقنا بها للخيرات وتعصمنا بها من المنكرات تفضلا لا عن سبب منا ولا عمل " إنك أنت الوهاب " أي: واسع العطايا والهبات، كثير الإحسان الذي عم جودك جميع البريات.فسؤال الله الثبات و الرحمة أمر واجب ..
والنبوة والحكم هبة،
يقول الله عن نبي الله موسى: "...فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ"(الشعراء:21). وقال وهب لي لأنه يشعر أنه لا يستحق فالنُّبوة والكتاب هِبةٌ من الله، يَخْتصُّ بها مَنْ يشاء مِنْ عباده، وقد أنْكر أقوامُ الرسل هذا الأمر، فحكى الله عن قومِ صالحٍ عليه الصلاة والسلام؛ أنهم قالوا: "أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ" (القمر: 25).
وقال تعالي:" رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ"(الشعراء /٨٣ ).
وقال تعالي:" قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ"(ص: ٣٥ ).
الأخلاق الطيبة هبة من هبات الله سبحانه وتعالى ولذلك قال تعالى عن بعض أنبيائه: "وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً"(مريم:50).
الأولاد والذرية هبة من الله
". فهو الوهاب سبحانه: يهب الولد الصالح وقد وَهَبَ الله سبحانه بعض الأنبياء الذُّرية، بعد كِبَر السَّن وَوَهن العَظم. فقال تعالى عنْ إبراهيم عليه السلام:"الحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء"(إبراهيم: 39).
وقال تعالي:" وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا"﴿الأنعام/84﴾.
وقال تعالي:"فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ
وَيَعْقُوبَ"﴿مريم/٤٩﴾.
وقال تعالي:" وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ"( العنكبوت/٢٧﴾.
وكذا زكريا عليه السلام وَهَبَه الله الوَلد؛ بعد ما طَعَن في السِّن وشَاخ، وكانت امرأته عاقراً أيضاً؛ كما بيّن الله ذلك في مطلع سورة مريم، لكنْ ذلك لم يمنع زكريا عليه السلام من الطمع في هبة الله الوهّاب، فدعا ربّه:"رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء"(آل عمران: 38).
فاستجاب الله دعاءه: "فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ"(الأنبياء: 90). أي: شفى امرأته من العُقْم، فحَمَلت بيحيى عليه السلام… فسبحان الكريم الوهّاب .
وقال تعالي "وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ"(ص:30).
ووهب لأيوب أهله جميعاًومثلهم معهم:"وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا.." "(ص:43).
الأخ الصالح هبة من الله تعالي
كذلك يهب الأخ الصالح فهوهبة، فعندما يرزقك الله سبحانه وتعالى بأخ صالح يكون عوناً لك على طاعة الله فذلك هبة منه سبحانه وتعالى، يقول الله تعالى عن نبى الله موسي حين أرسل معه أخوه هارون:"وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً"( مريم:53).
وابتلاء الأخوةأشد ابتلاء
علي النقيض أخوة يوسف الذين رموه في البئر وقالوا أكله الذئب "
وأخوة أيوب :"فنبي الله أيوب ابتلى بالمرض وفقد الأولاد وفقدالاموال ولم يطلب من الله الشفاء رغم طلب زوجته منه يدعوا الله أن يشفيه فقال لها "كم سنة عشتها في رغد من العيش وصحة؟
قالت ٨٠سنة قال
وكم سنة مريض؟ قالت ١٨سنة قال
لها استحي من الله أن أسأله الشفاء..
ولكنه لما سمع شماته أخويه وهمايقول أحدهما لصاحبه: "لو كان الله علم من أيوب خيرًا
ما ابتلاه بهذا، فجزع أيوب من قولهما جزعًا لم يجزع قبله من شيء قط، ودعا ربه ساجداً
فقال: اللهم بعزتك لا أرفع رأسي أبدًا حتى تكشف عني، " أني مسني الضر َوأنت أرحم
الراحمين"فما رفع رأسه حتى كشف عنه.
فاستجاب الله لدعأئه.. "فاستجبنا له
فكشفنا مابه من ضر"
الزوجة الصالحة هبة من الله
ويهب الزوجة الصالحة :"وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً"(الفرقان:74). هبة منه سبحانه وتعالى.
الفَرْق بينَ هِبَة الخَالق والمُخلوق
عباد الله :" والفرق بين هبة الخالق وهبة المخلوقين فرق شاسع قال الخَطّابي رحمه الله: فكُلُّ مَنْ وَهَب شيئاً من عَرَض الدنيا لصاحبه؛ فهو وَاهبٌ، ولا يستحقُّ أنْ يسمى”وهّاباً”إلا مَنْ تصرَّفت مواهبُهُ في أنواع العَطَايا، فكثرتْ نوافله ودَامت، والمخْلوقون إنما يَمْلكون أنْ يهبوا مَالاً أو نَوالاً؛ في حَالٍ دون حالٍ، ولا يَملكون أنْ يَهبُوا شفاءً لسَقيم، ولا ولداً لعقيمٍ، ولا هُدى لضالٍ، ولا عَافيةً لذي بلاءٍ، والله الوهّاب سبحانه يَملك جميعَ ذلك، وسِعَ الخَلقَ جودُهُ، فدامتْ مَوَاهبه؛ واتَّصلت مِنَنه وعَوَائده”. وأكثر الخَلْق إنّما يَهَبون من أجل عوضٍ ينالونه، كأن يهب لأجل أنْ يَمدح بين الناس، أو يَهَب من أجل الثواب في الآخرة.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين وبعد
ثمرة معرفة الله الوهاب:
التقرب إلي الله ومحبته :
عباد الله:" وثمرة معرفة الله تعالى بهذا الإسم أن تتقرب إليه وتحبه، فأول الأمر أن يزيد العبد في تقربه إلى ربه سبحانه وتعالى فمن نظر إلى واسع كرمه وجليل نعمه طمع في رحمته لذلك يُكثر من دعائه سبحانه وتعالى لأنه وهَّاب فسيعطيه. واعلم أن العطاء لا يكون هبة حتى يكون مقرونا بطاعة وخير وبركة في الدنيا والآخرة.
لذلك كان الصالحون لا يسألون الله تعالى فيقولون مثلا اللهم زوجني، وإنما كانوا يقولون ارزقني بزوجة صالحة تكون عون لي على أمر ديني ودنياي :"..رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ.."(الفرقان:74). أي تقر أعيننا بهن في الدنيا والآخرة فيكونون عونًا لنا على أمور ديننا ودنيانا ،ولا يسألون الله مجرد الولد والذرية ولكن يسألون الله تعالى الولد الصالح العابد الذي يكون خيراً لهم لا فتنة عليهم. ويقتضي ذلك لا شك حمد الله تعالى على هباته. تأمل حمد خليل الرحمن إبراهيم حين وهبه الله تعالى إسماعيل وإسحاق قال:"الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء"(إبراهيم:39). فيكون من الأشياء الأساسية شكر الله على هذه النعم.
الزهد في الهبة وعدم التعلق بها
وتقتضي كذلك الزُهد، هل رأيت هبة من هبات الدنيا قد بقيت لصاحبها؟ فليعلم كل من وهبه الله تعالى شيئا من الدنيا أنه زائل وأنه لابد أن يذهب عنه، فلا ينشغل بالنعمة عن المنعم ولا يشتغل بالخلق عن خالقهم ولا بالرزق عن رازقه ولا ينشغل بالهبة عن واهبها فلا يُفتن بولده وزوجه وماله وبأي هبة يعطيها الله إياه.
الرضا بماوهب الله عزوجل
وكذلك يقتضي الرضا، أن يرضى بما يهبه الله سبحانه وتعالى له، لأن الله سبحانه وتعالى أعطاه برحمته من غير استحقاق فإن منعه الله فليعلم أن منعه عطاء، فقد يمنع ليعطي وقد يعطي ليمنع، فأحيانًا يمنع عنك كي يزيدك وأحيانًا يعطيك لأنك لو لم تأخذ الآن ستُفتح عليك أبواب أخرى فيتودد إليك بالنعم ليمنع عنك انصراف القلب واليأس والإحباط وهذه المعاني. فلا شك أن هذا الأمر يقتضي الرضا به سبحانه وتعالى وبقدره إذا أعطى وإذا منع.
الصبر علي فقد الهبة
ويقتضي كذلك الصبر إذا ضاعت هذه النعم والهبات، فقد يكون المنع هو عين العطاء كما قلنا فإذا ابتلاك الله بالحرمان من النعمة بأن صرفها عنك أو أخذها بعد أن وهبك إياها فلابد أن هناك حكمة.. فاصبر لحكم الله سبحانه وتعالى، فالله سبحانه وتعالى صاحب النعم ولا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، وإنما دائما أبداً نقول إن لله ما أخذ ، وله ما أعطى ، وكل شيء عنده بأجل مسمى.
وعلينا فقط الصبر والاحتساب فمن أعظم ما يُسلي العبد ويُصبره أن يرجع أمره كله إلى ربه سبحانه وتعالى ،يقول النبي حاكيا عن رب العزة في الحديث القدسي: "إن الله قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر، عوضته منهما الجنة. يريد : عينيه" (البخاري).
ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذهديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب