
صلوا كما رأيتموني أصلي
الجزء الأول فرضية الصلاة وأهميتها
تعريف الصلاة لغة واصطلاحاً
الصلاة مشروعة في جميع الملل،
أهمية الصلاة، ومتى فرضت؟
حكمها وأدلة فرضيتها
أهمية الصلاة وفضلها
الصَّلاةُ عِمادُ الدِّينِ، مَنْ أقَامَها فَقدْ أقَامَ الدِّينَ، وَمنْ هَدمَها فَقَد هَدَمَ الدين, ألآوهي اعظم أركان الإسلام الخمس من حافظ عليها فهو السعيد الرباح ومن أضاعها فذلك الخاسر الشقي ..
وهي أول مايحاسب عليه العبد يوم القيامة فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر..
وقد أخبر الرسول صلي الله عليه وسلم أن الصلاة لاتقبل إلا بتمامها وأركانها فقال:"صلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي"(صحيح الجامع).
" وقال للمسيء في صلاته:" ارْجِعْ فَصَلِّ، فإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ"(البخاري).
الصَّلاةُ عِمادُ الدِّينِ، وقد بيَّن النبيُّ الكريمُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كيفيَّتَها قولًا وعملًا، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُراجِعُ مَن يُسيءُ في صَلاتِه ويُعلِّمُه الطَّريقةَ الصَّحيحةَ لأدائِها.
ونحن سوف نقف معك أخي المسلم مع الصلاة وأحكامها من أركان وواجبات وسنن ومندوبات ومكروهات ومبطلات ..
فأفعال الصلاة وأقوالها تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
أركان: وهي ما لا يسقط جهلاً ولا عمدًا ولا سهوًا،
وواجبات: وهي ما تبطل به عمدًا ويسقط جهلاً وسهوًا ويجبر بسجود السهو،
وسنن: وهي ما لا تبطل به عمدًا ولا سهوًا.
تعريف الصلاة:"
الصلاة لغة: هي الدّعاء، أو
الدّعاء بالخير،
قال تعالى:"وَصَلِّ عَلَيْهِمْ
ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ"(التوبة/103).
أي ادعُ لهم،
أمّا الصلاة في الاصطلاح الشّرعيّ: فهي أقوال وأفعال
مخصوصة، مفتتحة بتكبيرة الإحرام، ومختتمة بالتسليم.
الصلاة مشروعة في جميع الملل،
قال تعالى:"يا مَريَمُ اقنُتي لِرَبِّكِ وَاسجُدي وَاركَعي مَعَ الرّاكِعينَ"(آل عمران: 43)،
ويدل على ذلك أيضاً من السنة ماثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي
الله عنه "في قصىة سارة زوجة إبراهيم عليه السلام عندما قام إليه الملك ليتناولها
بيده فقامت تتوضأ وتصلي...."
قال ابن تيمية:" ومن كان قبلنا لهم
صلاة ليست مماثلة لصلاتنا في الأوقات ولا في الهيئات"(الاختيارات-ص 30).
أهمية الصلاة، ومتى فرضت؟
الصلاة ثاني أركان الإسلام وأهمها بعد الشهادتين،
ويدل على أهميتها أن الله تعالى فرضها على نبيه صلى الله عليه وسلم في السماء ليلة
المعراج بلا واسطة كما ثبت في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه وكان ذلك قبل الهجرة
بنحو ثلاث سنين على المشهور، ومما يدل على أهميتها أنها تتكرر في اليوم والليلة خمس
مرات وأنها واجبة على كل مكلف ما دام عاقلاً.
فرضت الصلاة أول ما فرضت خمسين صلاة ثم خففت خمس
صلوات بالفعل وخمسين صلاة في الميزان، فجعلت الصلاة الواحدة عن عشر صلوات كما في حديث
أنس رضي الله عنه المتفق عليه وتقدم شرحه في كتاب الإيمان.
وكان عدد ركعات الصلوات أول ما فرضت ركعتين لكل صلاة
إلا صلاة المغرب ثلاث ركعات، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بقيت
الركعتان للمسافر، وزيدت صلاة المقيم إلى أربع ركعات إلا الفجر فبقيت ركعتين كما في
حديث عائشة المتفق عليه وغيره من الأحاديث وسيأتي شرحها.
والصلاة ذكرها الله تعالى في القرآن في أكثر من ستين موضعاً تارة مقرونة بالزكاة وتارة مفردة، وكل ما تقدم يدل على عظمة هذه الشعيرة ومحبة الله تعالى لها؛ لأن ثمراتها عظيمة وهي الصلة بين العبد وربه ولها ثمرات وفضائل عديدة ..(انظر شفاء العليل ص310-313).
حكم الصلاة :"
تجب الصلوات الخمس في اليوم والليلة على
كل مسلمٍ مكلّفٍ، ذكراً كان أو أُنثى، وقد فُرضت الصلوات الخمس بمكة ليلة الإسراء
والمعراج قبل الهجرة إلى المدينة بسنة في الأوقات المعروفة؛ وهي وقت الظهر والعصر والمغرب
والعشاء والفجر، وأول الفرائض التي صلّاها النبي -صلى الله عليه وسلم- هي صلاة الظهر،
وقد ثبتت فرضية الصلاة في الكتاب والسُّنة والإجماع،
وأدّلة فرضيّتها فيما يأتي:
يقول الله تعالى:"إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا"(النساء/103).
وقال الله تعالى:"حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ
وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ"(البقرة/238).
وقال صلى الله عليه وسلم-:"بُني الإسلامُ على خمسٍ، شهادةِ أن لا إله إلا اللهُ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، والحجِّ، وصيامِ رمضانَ"(البخاري).
وقد صحّ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-
بَعَثَ مُعَاذًا رَضِيَ اللَّهُ عنْه إلى اليَمَنِ، فَقالَ:"ادْعُهُمْ إلى شَهَادَةِ
أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَنِّي رَسولُ اللَّهِ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ
أنَّ اللَّهَ قَدِ افْتَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَوَاتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فإنْ
هُمْ أطَاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً في أمْوَالِهِمْ
تُؤْخَذُ مِن أغْنِيَائِهِمْ وتُرَدُّ علَى فُقَرَائِهِمْ"(البخاري).
أهمية الصلاة وفضلها:"
إنّ للصلاة أهميةً كبيرةً في دين الإسلام، وأجراً عظيماً، ومنها ما يأتي:
الصلوات الخمس تُذهِب الذُّنوب
كما يُذهِب الماء الأوساخ، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"مَثَلُ الصَّلَواتِ
الخمسِ كمَثَلِ نَهَرٍ جارٍ غَمْرٍ على بابِ أحدِكم، يَغتَسِلُ منه كُلَّ يَومٍ خمسَ
مَرَّاتٍ، فما يُبقي ذلك مِن الدَّرَنِ"(البخاري).
ومعنى ذلك أنّ الصلوات الخمس تُطهّر النّفوس وتنظفها
من الذُّنوب والآثام، كما أنّ الاغتسال بالماء النّقي خمس مرات في اليوم يُطهّر الأجسام
ويُنظفها من جميع الأقذار.
الصلاة تُصلح أعمال الإنسان، وتُقوّي علاقته
بربه، قال الله –تعالى:"إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ"(العنكبوت/45).
الصلاة من أجلِّ العبادات التي يتحقّق بها دوام ذكر
الله -تعالى- ودوام الاتصال به.
الصلاة تُعدّ من تمام الطاعة والاستسلام
لله وحده لا شريك له.
الصلاة تُربّي النّفس، وتُهذّب الأخلاق،
وتُنير القلب.
الصلاة قُرّة عيون المحبّين، ولَذّة أرواح
الموحّدين، فكلّ من هداهم الله لها فازوا بالقرب منه
الصلاة نورٌ لصاحبها في الدُّنيا والآخرة.
المشي إلى الصلاة يُكتب به الحسنات ويُرفع
به الدّرجات ويُحطّ به الخطايا؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"مَن تَطَهَّرَ
في بَيْتِهِ، ثُمَّ مَشَى إلى بَيْتٍ مَن بُيُوتِ اللهِ لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِن فَرَائِضِ
اللهِ، كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إحْدَاهُما تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً"(مسلم).
اختلف العلماء في تارك الصلاة عمداً من
المسلمين إذا لم يجحد وجوبها فقال بعضهم هو كافر كفراً يخرج من ملة الإسلام ويعتبر
مرتداً ويستتاب ثلاثة أيام فإن تاب فيها ؛ وإلا قتل لردته ، فلا يصلى عليه صلاة الجنازة
ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا يسلم عليه حياً أو ميتاً ولا يرد عليه السلام ولا يستغفر
له ولا يترحم عليه ولا يرث ولا يورث ماله بل يجعل ماله فيئا في بيت مال المسلمين ،
سواء كثر تاركو الصلاة عمداً أم قّلوا ، فالحكم لا يختلف بكثرتهم وقلتهم .
وقدأختار البعض هذا الرأي لأنه الأرجح في الدليل لقول النبي صلى الله عليه وسلم :"العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر"(أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح ).
وقوله صلى الله عليه وسلم :" بين الرجل
وبين الكفر والشرك ترك الصلاة "(مسلم).
وقال جمهور العلماء :"إن جحد وجوبها فهو كافر مرتد عن دين الإسلام
وحكمه كما تقدم تفصيله في القول الأول ، وإن لم يجحد وجوبها لكنه
تركها كسلاً مثلاً فهو مرتكب كبيرة غير أنه لا يخرج بها من ملة الإسلام
وتجب استتابته ثلاثة أيام فإن تاب فالحمد لله وإلا قتل حداً لا كفراً ، وعلى
هذا يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدعى له بالمغفرة والرحمة ويدفن في
مقابر المسلمين ويرث ويورث ، وبالجملة تجري عليه أحكام المسلمين
العصاة حياً وميتاً .ونرجح هذا الرأي
وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم