
حكم صيام عاشوراء يوم الجمعة منفرداً
ما هي الذنوب التي يكفرها صوم عاشوراء؟
سبب صوم النبي صلى الله عليه وسلم ليوم عاشوراء
هل يجوز صيام يوم عاشوراء منفردا؟
وما الحكم لو وافق يوم الجمعة؟
الحمد لله والصلاة والسلام علي سريول الله وبعد
فيسن صيام يوم عرفة ويوم عاشوراء لما ورد عن رسول الله صلي الله عليه وسلم في فضلهما وصيام يوم عرفة لغير الحاج فصيامه يكفر سنتين وصيام يوم عاشوراء يكفر السنة الماضية لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ " (مسلم ).
وهذا من فضل الله علينا أن أعطانا بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة والله ذو الفضل العظيم .
وروى أحمد وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة بعرفات.
- ومنها: أيام شهر الله المحرم: لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه وفيه أنه صلى الله عليه وسلم سئل: أي الصيام بعد رمضان أفضل؟ قال: شهر الله المحرم"(مسلم والسنن).
ومنها: صيام عاشوراء وهو اليوم العاشر من شهر محرم ويضاف إلى العاشر التاسع لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :"لما صام رسول الله يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال: "إذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع"(أحمد ومسلم).
فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد تقدمت قبل إشارة إلى فضله في حديث أبي قتادة.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى
صيام يوم عاشوراء ؛ لما له من المكانة ، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
قَالَ : مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ
يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا
الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ "(البخاري).
ومعنى " يتحرى " أي يقصد صومه
لتحصيل ثوابه والرغبة فيه .
سبب صوم النبي صلى الله عليه وسلم ليوم
عاشوراء
وأما سبب صوم النبي صلى الله عليه وسلم
ليوم عاشوراء وحث الناس على صومه فهو ما روي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ
فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ مَا هَذَا ؟ قَالُوا : هَذَا
يَوْمٌ صَالِحٌ ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ
فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ
"(
قوله : ( هذا يوم صالح ) في رواية مسلم " هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وغرّق فرعون وقومه " .
قوله : ( فصامه موسى ) زاد مسلم في روايته " شكراً لله تعالى فنحن نصومه " .
وفي رواية للبخاري " ونحن نصومه تعظيما له " .
قوله : ( وأمر بصيامه ) وفي رواية للبخاري أيضا : " فقال لأصحابه أنتم أحق بموسى منهم فصوموا " .
ما هي الذنوب التي يكفرها صوم عاشوراء؟
تكفير الذنوب الحاصل بصيام يوم عاشوراء المراد به الصغائر ، أما الكبائر فتحتاج إلى توبة خاصة .
قال النووي رحمه الله : "يُكَفِّرُ ( صيام يوم عرفة) كُلَّ الذُّنُوبِ الصَّغَائِرِ , وَتَقْدِيرُهُ يَغْفِرُ ذُنُوبَهُ كُلَّهَا إلا الْكَبَائِرَ .
ثم قال رحمه الله : صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ , وَيَوْمُ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ , وَإِذَا وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ... كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ صَالِحٌ لِلتَّكْفِيرِ فَإِنْ وَجَدَ مَا يُكَفِّرُهُ مِنْ الصَّغَائِرِ كَفَّرَهُ , وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً كُتِبَتْ بِهِ حَسَنَاتٌ وَرُفِعَتْ لَهُ بِهِ دَرَجَاتٌ , .. وَإِنْ صَادَفَ كَبِيرَةً أَوْ كَبَائِرَ وَلَمْ يُصَادِفْ صَغَائِرَ , رَجَوْنَا أَنْ تُخَفِّفَ مِنْ الْكَبَائِرِ"(المجموع شرح المهذب ج6).
وقال ابن تيمية رحمه الله : وَتَكْفِيرُ الطَّهَارَةِ , وَالصَّلاةِ , وَصِيَامِ رَمَضَانَ , وَعَرَفَةَ , وَعَاشُورَاءَ لِلصَّغَائِرِ فَقَطْ "(الفتاوى الكبرى ج5).
أما النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصيام مخصوص:"
بمن قصد ذلك، وبالتالي فإذا وافق يوم عرفة ويوم عاشوراء يوم جمعة فلا حرج في إفراده بالصيام ولا يجب صيام يوم قبله.
قال ابن قدامة في المغني: قلتُ: رجل كان يصوم يوماً
ويفطر يوماً، فوقع فطره يوم الخميس، وصومه يوم الجمعة، وفطره يوم السبت فصام الجمعة
مفرداً؟ فقال: هذا الآن لم يتعمد صومه خاصة، إنما كره أن يتعمد الجمعة"اهـ
وتجدر الإشارة إلى أن النهي عن الإفراد
المذكور نهي تنزيه لا تحريم ففي عون المعبود: قال الطيبي واتفق الجمهور على أن هذا
النهي والنهي عن إفراد الجمعة نهي تنزيه لا تحريم. انتهى. يستحب يوم التاسع مع يوم عاشوراء من شهر الله المحرم،
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما صام
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا:"يا رسول الله إنه يوم
تعظمه اليهود والنصارى، قال: فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع،
قال فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم"(مسلم).
يجوز إفراد يوم الجمعة بصوم عاشوراء ولا حرج في ذلك، وكذلك كافة الأيام التي يُستحب صيامها، إذا وافقت صومًا مُعتادًا للمسلم.
ويجوز صيام يوم عاشوراء منفردا ولا حرج في ذلك ، فلم يرد نهى عن ذلك، وإنما ورد الاستحباب بصيام يوم معه حتى نخالفهم .
فعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:" وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ"( مسلم).
ويكره عند الحنفية إفراد يوم عاشوراء بالصيام.
ولا يكره إفراده عند الحنابلة، قال الإمام البهوتي الحنبلي:"وَلَا يُكْرَهُ إفْرَادُ الْعَاشِرِ بِالصَّوْمِ، قَالَ فِي "الْمُبْدِعِ": وَهُوَ الْمَذْهَبُ" اهـ.(الكشاف القناع عن متن الإقناع" (2/ 339).
ويقول الإمام ابن قدامة رحمه الله:"ويُكره
إفراد يوم الجمعة بالصوم، إلا أن يوافق ذلك صومًا كان يصومه، مثل من يصوم يومًا ويُفطر
يومًا، فيوافق صومه يوم الجمعة، ومَن عادته صوم أول يوم من الشّهر، أو آخره، أو يوم
نصفه، ونحو ذلك.
فيجوز صيام يوم عاشوراء منفردًا، ويستحب مع ذلك صوم يوم قبله أو يوم بعده خروجًا من الخلاف. لأنه وافق سنة يستحب الصيام فيها.
إذا أراد المسلم صيام عاشوراء فقط، ووافق ذلك يوم جمعة، جاز له الصوم ولا حرج عليه؛ لأنه وافق سنة يستحب الصيام فيها. ولأنه صيام لسبب معروف، وأما ما ورد من كراهة صوم يوم الجمعة منفردًا فهذا في حالة ما إذا كان صيامه لغير سبب.