
هل يؤدي الدين القديم عند تغير قيمة العملة
بوقت السداد أم بوقت الدين؟
كلمة حق لمن أخذ اموال الناس اتق الله
كيفية أداء الدين القديم
القول الأول ماذهب إليه الجمهور
القول الثاني: أن الديون تؤدى بالقيمة
القول الثالث: يؤدى ماعيله من دين بالأوسط
القول الرابع:حسب الاتفاق والصلح
والحق: أن هذه المسألة يفصل فيها القضاء،
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد
كلمة حق لمن أخذ اموال الناس اتق الله :"
فمن اقترض أوسلب أوغصب مالاً في زمن كانت فيه العملة منخفضة
..وصحي ضميره وأراد أن يسدد ماعليه ويبريء ذمته امام الله ..
فمثلاً كان الدولار بثمانية أوعشرة جنيهات والآن بثلاثين جنيهاً وجرام
الذهب ب300ج والآن
ب2500ج فهل يسدد الجنيه بسعر اليوم؟
ونقول أولاً لكل من استحل أموال الناس وأخذها لايريد أدائها حذَّرَ الإسلامُ
مِن أكْلِ أمْوالِ النَّاسِ بالباطلِ، وحثَّ على التَّنزُّهِ عنها، وحُسْنِ التَّأديةِ إليهم
عندَ المُدايَنةِ.
فاتق
الله في نفسك لأنك تدمر نفسك في الدنيا وفي الآخرة
أما في
الدنيا:"
مَن أخَذَ أمْوالَ النَّاسِ يُرِيدُ أداءَها أدَّى اللَّهُ عنْه، ومَن أخَذَ يُرِيدُ إتْلافَها أتْلَفَهُ
اللَّهُ"(البخاري.) و"أتْلَفَه اللهُ"، أي: أذهَبَ مالَه مِن يَدِه، فلا يَنتفِعُ به في
الدُّنْيا؛ لِسُوءِ نِيَّتِه،
وعاقَبَه على الدَّينِ في الآخرةِ.
فالنِّيَّةَ الصَّالحةَ سَببٌ قَويٌّ للرِّزقِ وقَضاءِ الحَوائجِ، وفكِّ الكَرْبِ، وأنَّ النِّيَّةَ
السَّيِّئةَ سَببٌ لِلتَّلَفِ والإتلافِ.
أما في
الأخرة:" عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: «من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شئ فليتحلله منه
اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم،إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته،وإن لم
يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه"(البخارى). يحثنا الرسول
صلي الله عليه وسلم على سرعة التحلل من المظالم-
أيا كان نوعها فى العرض أو النفس أو المال- والتخلص منها قبل الآخرة، ويكون التحلل
مع صاحب الحق الذى وقع عليه الظلم، فإن لم يكن حيا،فيكون مع ورثته، ويقع التحلل من
المظلمة على صور مختلفة برد الحق إلى صاحبه،أو بتمكينه من القصاص، أوبأن يستسمح صاحب
الحق فيرضى ويصفح عنه.
كيفية أداء
الدين القديم :"
اختلف الفقهاء في حكم أداء الدين القديم عند تغير قيمة العملة لسبب ما،
إلى أربعة أقوال:
القول الأول ماذهب إليه الجمهور:" أن الديون تؤدى بالمثل، مهما زادت
قيمة العملة أو نقصت، وهو رأي السادة الأحناف والمالكية والشافعية
وقول عند الحنابلة.
القول الثاني: أن الديون تؤدى بالقيمة، وهو لأبي يوسف من الأحناف
والحنابلة في القول الآخر وهو قول بعض الفقهاء، فيقدر المال بالذهب
وقت الإقتراض وبه يسدد وقت السداد.
القول الثالث: يؤدى ماعيله من دين بالأوسط بين المثل والقيمة، وهو قول
ابن عابدين من الحنفية، وهي مسألة "الصلح على الأوسط، التي ذكرها
ابن عابدين في رسالته:" تنبيه الرقود على مسائل النقود"
وذكر بعض العلماء الحنابلة في القرن الثالث عشر، قال: لو عرضت عليه
المسألة فسيفتي بالصلح بينهما بحسب الإمكان، هيبة الجزم بالمثل
والقيمة. قال أي: خشية منه أن يفتي بالمثل فيظلم الدائن أو بالقيمة فيظلم
المدين.
القول الرابع:حسب الاتفاق والصلح :"
إذاكان تغير قيمة العملة ضمن أجل الدين أوعند تعسر السداد ولم تطل
المدة لفترة طويلة فيؤدى بمثله لقوله تعالى:"وإن كان ذو عسرة فنظرة
إلى ميسرة"،أما إذا كان تغير هذه القيمة بعد الأجل وأثناء المماطلة
فعليه أن يؤدي الدين بقيمته ذهباً، وهذا يؤيده ما جاء في الشرع من أن مطل الغني ظلم وأنه يحل عرضه وعقوبته. قال صلي الله عليه وسلم:" مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ، فإذا أُتْبِعَ أحَدُكُمْ علَى مَلِيٍّ فَلْيَتْبَعْ"(البخاري).
فقد بين صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَطْلَ الغَنيِّ ظُلمٌ، والمَطْلُ: هو التَّسويفُ
والتَّأخيرُ في قَضاءِ الدَّينِ، فإذا مَاطَلَ الغنيُّ فهذا يُعَدُّ ظلمًا؛ لأنَّه قادِرٌ على
السَّدادِ ورَدِّ المالِ، فلمَّا مَنَعَ المالَ وأخَذَ يُماطِلُ كان ظالِمًا، ثُمَّ قال صلَّى اللهُ
عليه وسلَّمَ: "فَإذا أُتْبِعَ أحدُكُم على مَلِيٍّ فَلْيَتْبعْ"، والمَلِيُّ: الغنيُّ الواجدُ لِما
يَقْضي به الدَّينَ، والمعْنى: أنَّه إذا كان لِأَحدِكم دَينٌ على أحدٍ، وأحالَه هذا
المَدينُ على رَجلٍ غَنيٍّ، فَلْيوافِقِ الدائنُ ولْيقبَلْ تَحويلَ الدَّينِ مِن على هذا
المَدينِ إلى الرَّجلِ الغَنيِّ؛ لَيَسُدَّ عنه الدَّينَ.
وهذا الخبَرُ يدُلُّ على مَعانٍ؛ منها:"أنَّ مِن الظُّلمِ أنْ يَدفَعَ الغَنيُّ عن مالِه
بالمَواعيدِ، فلا يَقْضي ما عليه مِن الدُّيونِ، وأمَّا مَن لا يَقدِرُ على القَضاءِ
فهو غيرُ داخلٍ في هذا المعْنى؛ لأنَّ اللهَ تعالَى قدْ أنْظَرَه بقَولِه:"وَإِنْ كَانَ
ذُو عُسْرَةٍ
فَنَظِرُةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ"،
الخلاصة:" الغني المماطل الظالم يدفع بسعر
القيمة ويوم السداد
والفقير الذي عجز عن السداد للفاقة وأنظره الدائن فنظرة إلي ميسرة
"فيدفع بسعر يوم أن أخذ أوبالاتفاق والصلح بينهما شريطة أن يرتضي
الدائن ويسامح في حقه ..
والحق: أن هذه المسألة يفصل فيها القضاء، وتستفتى فيها دار الإفتاء
والمجامع الفقهية عند الإختلاف، حفاظا على الحقوق، ودفعا للتنازع
والشقاق.
وصلي اللهم
علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم