recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة فضائل التوبة والاستغفار لفضيلة الشيخ عبدالناصربليح

 فضائل التوبة والاستغفار

 الاستغفار هو طلب الستر والعفو من الله

كلنا ذوو خطأ، وكلنا ذاك المذنب

المصيبة هي الإصرار علي المعصية والبقاء علي الذنب 

أحدث لنفسك توبة قبل الموت 

الدنيا سبب كل بلية وسبب التسويف في التوبة 

تحميل الخطبة ورد

تحميل الخطبة pdf

الحمد لله رب العالمين .. يارب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ..

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في سلطانه  :"يا ابن آدم ، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي ، يا ابن آدم ، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ، ثم استغفرتني غفرت لك ، يا ابن آدم ، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا ، لأتيتك بقرابها مغفرة"( الترمذي).

وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه طب القلوب ودوائها وعافية الأبدان وشفائها ونور الأبصار وضيائها محمد صلي الله عليه وسلم قال وما ينطق عن الهوي :” من لَزِم الاستغفار جعل اللهُ له من كلّ ضيقٍ مخرجاً ، ومن كلّ همّ فرجاً ، ورزقه من حيث لا يحتسب”(أحمد وابن ماجه).اللهم صلاة وسلاماً عليك يا سيدي يا رسول الله وعلي آلك وصحبك وسلم تسليماً كثيراً ..

أما بعد فيا جماعة  الإسلام :"حديثنا إليكم اليوم عن التوبة والاستغفار ..

 الاستغفار هو طلب الستر والعفو من الله

والتجاوز عن الذنب لذا قد أثني الله عز وجل علي المستغفرين وذكرهم في أكثر من موضع في كتابه الكريم فقال :"والمستغفرين بالأسحار"(آل عمران/17). وقال تعالي :"ومن يعمل سوءً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً"(النساء/110).

وعلاوة على ذلك ، فإن للاستغفار مزيد فضل على غيره من العبادات ، إذ لا تقتصر بركته على محو الخطايا وتكفير السيئات ، بل يمتدّ خيره إلى السماء فتنزل أمطارها ، وإلى الأرض فتنبت زروعها وثمارها ، ويحصل به النماء في الذريّة ، والقوّة في العُدّة ، ولا أدلّ على ذلك من قوله تعالى :"فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا ، يرسل السماء عليكم مدرارا ، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً"(نوح/ 10 – 12).

ويقول المولى سبحانه:"يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ تُوبُواْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً". 

ويقول جل في علاه: "وَتُوبُواْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"(النور:31). 

ويقول سبحانه: "نَبّئْ عِبَادِى أَنّى أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِى هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلأَلِيمُ"(الحجر/49-50). 

ويقول أيضاً رب العزة والجلال في حديث قدسي:"يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم"(مسلم).

فمن هنا : لم يكن غريباً أن ترى الأمر بالاستغفار في كثير من الآيات الكريمات ، ولم يكن غريبا أن يتكرر الاستغفار على لسان كثير من الأنبياء والمرسلين ، بل كان نبينا صلى الله عليه وسلم يُعدّ له في المجلس الواحد مائة استغفار ، كما ورد في سيرته .

ولا يكون الاستغفار صادقاً إلا حين يصدر من قلب مؤمن مستحضر لجلال الرب وعظمته ، نادم على ما كان منه من تفريط وتقصير ، عازم على التوبة والإنابة ، وإلا فهي توبة جوفاء ، لا تنفع صاحبها .

 ثم إن أعظم أسباب المغفرة وأجلّها تحقيق جوانب التوحيد ، والإتيان به على أكمل وجه ، ويكون ثمرته الأمن والأمان وقد أعلمنا ربنا بذلك بقوله  :"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون"(الأنعام / 82 ) ، فامتدح من كان إيمانه نقيّا خالصا من عوالق الشرك ، وبشّرهم بالسلامة من دخول النار ، ولا عجب في ذلك ، فإن الذنوب كلها تتصاغر أمام عظمة التوحيد ، ومن ثمّ تكفّل الله تعالى لمن لم يشرك به شيئاً أن لا يعذّبه ، كما جاء في حديث معاذ رضي الله عنه :"وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يُشرك به شيئاً "(البخاري).

كلنا ذوو خطأ، وكلنا ذاك المذنب،

أخوة الإيمان والإسلام :"كلنا ذوو خطأ، وكلنا ذاك المذنب، والخطأ من طبيعة البشروالمعصوم من عصمه الله سبحانه وتعالى، والكمال لصاحب الكمال سبحانه وتعالى، لا يوجد علي وجه الأرض من لا يخطيء فكل ابن آدم خطأ والخطأ مركب فينا والاعتراف بالحق فضيلة وإن كان عندي نصف فضيلة لأنه ليس هناك معني أن أعترف بالخطأ واتمادي فيه ولكن اعترف بالخطأ واقلع عنه تلك هي الفضيلة .. و"كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون"( صحيح). .

ويقول  صلي الله عليه وسلم:"والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لأتى الله بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر الله لهم"(مسلم)..فلا بد من الخطأ والتقصير، فكلنا ذو خطأ، وكلنا ذاك المذنب..

المصيبة هي الإصرار علي المعصية والبقاء علي الذنب 

أخوة الإيمان والإسلام :" لكن المصيبة   أن نبقى على الخطأ، وأن ندوم على الذنب، وأن نصر على المعصية التي هي والله شؤم، وهي والله وحشة وعذاب من الله الواحد الديان.

تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها                   من الحرام ويبقى الإثم والعار

تبقى عواقب سوء من مغبتها                   لا خير في لذة من بعدها النار

والمعصية قد تكون سبباً في أن يحبس الله سبحانه وتعالى عن الأمة الخير، ولو كانت من فرد واحد من الأمة لم يؤمر ولم ينه نسأل الله سبحانه وتعالى أن لا يحرمنا خير ما عنده بشر ما عندنا.ما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة ..

ها هم بنو إسرائيل يلحق بهم قحط شديد على عهد موسى عليه السلام، فيجتمعون إلى نبي الله موسى عليه السلام فيقولون: يا نبي الله ادع لنا ربك أن يغيثنا الغيث، فقام معهم وقد خرجوا إلى الصحراء وعددهم سبعون ألفاً أو يزيدون، فقال موسى عليه السلام: إلهنا اسقنا غيثك، وانشر علينا رحمتك، وارحمنا بالأطفال الرضع، والبهائم الرتع، والشيوخ الركع. فما زادت السماء إلا تقشعاً، والشمس إلا حرارة، فتعجب نبي الله موسى من ذلك وسأل الله عن ذلك، فأوحى الله إليه أن فيكم عبداً يبارزني بالمعاصي منذ أربعين سنة، فناد في الناس حتى يخرج من بين أظهركم.

فقال موسى: إلهي وسيدي، أنا عبد ضعيف وصوتي ضعيف، فأين يصل صوتي فأوحى الله إلى موسى أن منك النداء ومنا البلاغ، فقام نبي الله موسى عليه السلام منادياً في الناس قائلاً: يا أيها العبد العاصي الذي يبارز الله بالمعاصي منذ أربعين سنة اخرج من بين أظهرنا، منك ومن ذنوبك منعنا القطر من السماء، فقام العبد العاصي ونظر ذات اليمين وذات الشمال فلم ير أحداً خرج فعلم أنه المقصود، فقال في نفسه: إن أنا خرجت من بين هذا الخلق افتضحت على رؤوس بني إسرائيل، وإن قعدت معهم منعوا القطر من السماء بشؤمي وشوم ذنبي ومعصيتي، فما كان من هذا العبد العاصي إلا أن أدخل رأسه في ثيابه نادماً ومتأسفاً على فعاله ثم قال: يا إلهي ويا سيدي، عصيتك أربعين سنة وأمهلتني، وقد أتيتك طائعاً تائباً نادماً فاقبلني ولا تفضحني يا كريم، فما أكمل كلامه حتى ارتفعت سحابة بيضاء فأمطرت كأمثال القرب حتى ارتوت الأرض وسالت الأودية، فقال موسى عليه السلام: إلهي وسيدي، سقيتنا ولم يخرج من بين أظهرنا أحد، فقال الله: يا موسى أسقيتكم بالذي به منعتكم، فقال موسى: إلهي أرني هذا العبد الطائع التائب، فقال الله: يا موسى لم أفضحه وهو يعصيني أأفضحه وهو يطيعني؟!!

فلا إله إلا الله ما أعظم شأن التوبة، ولا إله إلا الله ما أعظم رحمة الله بعباده، وحلمه سبحانه وتعالى.

فيا أيها المذنب وكلنا ذاك المذنب، ويا من زل وأخطأ وأذنب، ويا من بارز الله بالمعصية وبكره الله، تب إلى الله وعد إلى رحابه قبل أن تفضح في يوم الفضائح، وتندم حين لا ينفع الندم “يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ” (الشعراء/88-89).

من أعظم الأمور المعينة على التوبة – يا عباد الله – أن يستحضر العبد سعة رحمة الله سبحانه وتعالى فهو القائل:"قُلْ يا عِبَادِىَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى  أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ"(الزمر/53).

وهو القائل جل في علاه في حديث قدسي:"يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم جئتني لا تشرك بي شيئاً لآتيتك بقرابها مغفرة"(الترمذي).

وهو القائل سبحانه وتعالى:"وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَي مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ"(آل عمران/135).

وفي الصحيحين :"أن رجلاً أسرف على نفسه في الخطايا فلما حضرته الوفاة قال لأبنائه: إذا أنا مت فاجمعوا لي حطباً ثم احرقوني بالنار ثم اسحقوني وذروني مع الريح، فلما توفي هذا الرجل وفعل أولاده بوصيته قال له الله: يا عبدي، ما الذي حملك على ما فعلت؟ قال: يا رب، خفتك وخشيت ذنوبي، فقال الله: يا ملائكتي، أشهدكم أني قد غفرت له وأدخلته الجنة"(متفق عليه).

وروي أن سبياً جاء إلى الرسول ، وإذا بامرأة من نساء السبي جاءت تبحث عن صبي لها فقدته، فأخذت تقلب الأطفال واحداً واحدا، ثم وجدت طفلها بعد مشقة وعناء، فألصقته في بطنها وأخذت ترضعه، والرسول وصحابته يرقبون الموقف ويرقبون المرأة وهي تذرف الدموع رحمة بوليدها، فيقول الرسول لأصحابه:"أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟”، قالوا: لا يا رسول الله، فقال:"لله أرحم بعباده من هذه  بولدها"(البخاري).

فلا إله إلا الله ما أعظم رحمة الله، وما أوسع رحمة الله، رحمته سبحانه وتعالى وسعت كل شيء، ورحمته جل وعلا سبقت غضبه، فهو رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، له سبحانه مائة رحمة، أنزل لنا في هذه الدنيا رحمة واحدة، فبها يتراحم الخلق كلهم، صغيرهم وكبيرهم، مؤمنهم وكافرهم، ناطقهم وأعجمهم، حتى إن الدابة لترفع رجلها ليرضع منها وليدها ثم يذهب بهذه الرحمة، فإذا كان يوم القيامة رفع الله هذه الرحمة إلى تسع وتسعين رحمة، حتى إن إبليس ليتطاول في ذلك اليوم، ويظن أن رحمة الله ستشمله.

فيا من رحمتك وسعت كل شيء ارحمنا برحمتك.

يا كثيــر العفو عمن كثر الذنب لديـــــه

 جاءك المذنب يرجو الصفح عن جرمٍ لديه

أنـا ضـيف وجـزاء الضـيف إحســــان إليـه

يروى أن رجلاً من بني إسرائيل أطاع الله أربعين سنة، ثم عصى الله أربعين سنة، فلما نظر في المرآة رأى الشيب في لحيته فقال: يا رب، أطعتك أربعين سنة، وعصيتك أربعين سنة، فهل تقبلني؟ فقيل له: أطعت ربك فقبلك، وعصيته فأمهلك، وإن عدت إليه قبلك.

إن الملوك إذا شابت عبيدهـم          فـي رقهـم عتقوهـم عتق أبــــرار

وأنت يا خالقي أولى بذا كرماً          قـد شبت في الرق فأعتقني من النار

أحدث لنفسك توبة قبل الموت 

فالموت – يا عباد الله – ليس نهاية المطاف الموت يقصم الظهور ويخرج الناس من الدور، وينزلهم من القصور ويسكنهم القبور.الموت لا يستأذن شاباً ولا شيخاً ولا طفلاً، ولا يستأذن غنياً ولا أميراً ولا ملكاً ولا وزيراً ولا سلطاناً.

أتيت القبـور فنـاديتهـا                   أيـن المعظـم والمحتقـر

تفانـوا جميـعاً فما مخبرٌ                 وماتوا جميعاً ومات الخبر

فيا سائلي عن أناس مضوا             أما لك فيما مضـى معتبر

تروح وتغدوا بنات الثرى               فتمحو محاسن تلك الصور

الموت يا عباد الله:”  أسرع وأقرب إلينا من شراك النعل، وما أسرعه هذه الأيام، وما أسهله، والحياة قصيرة  والله  جد قصيرة، إذا ولد الإنسان أذن في أذنه اليمنى أذان بلا صلاة، فإذا مات الإنسان صليت عليه صلاة الجنازة بلا أذان، فكأن حياة الإنسان قصيرة قصيرة، وكأنها كالوقت الذي بين الأذان والإقامة.

أذان الطفل في الميلاد دوماً   وتأخير الصلاة إلى الممات

دليـلاً أنّ محيـاه قليــلٌ          كمـا بين الإقامـة والصلاة

فهل من تائب إلى الله؟ وهل من عائد إلى رحاب الله؟ وهل من توبة صادقة؟ وهل من عودة حميدة؟

يا شيخاً كبيراً احدودب ظهره، ودنا أجله، ماذا أعددت للقاء الله؟ وماذا بقي لك في هذه الدنيا؟ يقول سفيان الثوري: “إذا بلغ العبد ستين سنة فليشتر كفناً وليهاجر إلى الله”.

ويا شاباً غره شبابه وطول الأمل، ماذا أعددت للقاء الله؟ متى تستفيق إن لم تستفق اليوم؟ ومتى تتوب إن لم تتب في هذه الساعات؟ ومتى تعمل إن لم تعمل في هذه اللحظات؟

يا نفس توبي قبل أن لا تستطيعي أن تتوبي

واستغفري لذنوبك الرحمن غفار الذنوب

إن المنايا كالرياح عليك دائمة الهبوب

وأن أجلس مع نفسي الأمارة بالسوء و أقول لها :

 يا نفس توبي فإن الموت قد حانـا

                                     واعصي الهوى فالهوى مازال فتانا

أما ترين المنــايا كيف تلقـطنا *** لقـطا ً وتلحـق أخرانا بأولانـا

في كل يوم لنـا ميت نشــيعه *** نـرى بمصـرعه آثـار موتـانا

يا نفـس مالي وللأمـوال أتركها *** خلفي وأخـرج من دنياي عريانا

أبعد سنين قـد قضيتها لعبــا *** قد آن تقتصـري قـد آن قد آنا

ما بالنـا نتعامى عن مصــائرنا *** ننسـى بغـفلتنا من ليس ينسانا

نزداد حرصـا وهذا الدهر يزجرنا *** كان زاجرنا بالحـرص أغرانـا

أين الملوك وأبنــاء الملوك ومن *** كانت تخـر له الأذقـان إذعانـا

صاحت بهم حادثات الدهر فانقلبوا *** مستبدلـين من الأوطان أوطانا

خلوا مدائـن كان العز مفرشـها *** واستفرشـوا حفرا غبرا وقيعانا

ياراكضا في ميـادين الهوى مرحا *** ورافلا في ثيـاب الغي نشـوانا

مضى الزمان وولى العمر في لعب***يكفيك ما قد مضى قد كانا ما كانا

إخوة الإيمان والإسلام :

فمن أعظم أسباب التوبة تذكر الموت والقدوم إلى الله والوقوف بين يديه سبحانه وتعالى.:"ابن آدم أحبب ما شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه، وكن كما شئت فكما تدين تدان ".

والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.

الخطبة الثانية :

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف الخلق أجمعين .

أما بعد فيا جماعة الإسلام :ماأحوجنا إلي توبة صادقة خالصة نصوحٍ، 

نقلع فيها عن كل معصية، ونندم على ما مضى من أعمارنا في معصية الله، ونعاهد الله ألا نعود لمعصية.

 فالتوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وربّه ولا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط: الإقلاع عن الذنب، والندم على ما فات، والعزم على عدم العودة إلى الذنب أبداً، 

وإن كانت المعصية تتعلق بحق آدمي فيضاف شرط رابع لهذه الشروط الثلاثة وهو أن يبرأ من حق صاحبها،وهي رد المظالم إلي أهلها , فإن كانت مالاً رده إليه، وإن كانت غيبة استحله منها ونحو ذلك.

يا نفـس توبي قبـل أن لا تستطيعي أن تتوبي

واستغفري لذنوبــــــك الرحمن غفــار الذنـوب

إن المنايا كالرياح عليــــك دائمــة الهبــــــوب

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما من عبد مؤمن إلا و له ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة ، أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه حتى يفارق الدنيا ، إن المؤمن خلق مفتنا توابا نسَّاء ، إذا ذكر ذكر"(صحيح).  

عباد الله:" الدنيا سبب كل بلية وسبب التسويف في التوبة 

يحكى أنّ فتى قآل لـ أبيه ؛ أريد الزوآج من فتآة رأيتها و قد أعجبني جمآلهآ ، و سحرها!ردّ عليه الأب و هو فرح و مسرور ، و قال ؛أين هذه الفتاة ؟! حتى أخطبها لك يآ بني ..فلما ذهبا ..و رأى الأب الفتاة ، أعجب بهآ !و قآل لابنه ؛

أسمع يآ بني ، هذه الفتاة ليست من مستوآك و أنت لآ تصلح لهآ !

هذه تنآسب رجلاً له خبره في الحيآة و تعتمد عليه مثلي !

أندهش الولد من كلآم أبيه !!!!و قآل له ؛

كلاّ بل أنآ سأتزوجها يآ أبي ، و ليس أنت !

تخآصمآ ثم ذهبآ لـ مركز الشرطة لـ يحلّوا لهم المشكلة و عندمآ قصّآ للضآبط قصتهمآ !قآل لهم ؛ أحضروآ الفتآة لكي نسألهآ من تريد ؟!!

* الولد أم الأب * ؟!!و لمآ رآها الضآبط أنبهر من حسنهآ و جمآلهآ و فتنته

و قآل لهم ؛

هذه لآ تصلح لكمآ !!! بل تصلح لـ شخص مرموق في البلد مثلي ..

و تخاصم الثلاثة و ذهبوآ إلى الوزير ،و عندمآ رآهآ الوزير ، قآل ؛

هذه لآ يتزوجهآ إلآ الوزرآء مثلي !أيضاً آختصموآ عليهآحتى وصل الأمر إلى أمير البلدة وعندمآ حضروآ قآل: أنا سأحل لكم المشكلة أحضروا الفتاة

فلما رآها الأمير قآل :بل هذه لآ يتزوجها إلآ أمير مثلي ،

و تجآدلوآ جميعاً !!!

ثم قالت الفتاة ؛ أنا عندي الحل !!

سوف أركض وأنتم تركضون خلفي والذّي يمسكني أولاً

أنآ من نصيبه و يتزوجني !!!و فعلاً ركضت ،و ركض الخمسة خلفها

الشاب والأب والضابط والوزير والأمير ..وفجأة؟ سقط الخمسة في حفرة عميقة

ثم نظرت إليهم الفتاة من أعلى و قالت ؛

هل عرفتم من أنا ؟أنا ( الدنيا )

أنآ التي يجري خلفي جميع النآس و يتسآبقون للـحصول عليّ !

و يلهون عن دينهم في اللحاق بي حتى يقعوا في القبر

و لن يفوزوا بي أبدا ًنعم أنا الدنيا دار من لادار له وأهل من لاأهل له ويفرح بها من لاعقل له ويجري خلفها من لادين له ..هي الدنيا إذا حلت أوحلت وإذا كست أوكست وإذا دنت أودنت وإذا جلت أوجلت وإذا نعت أينعت وعجلتها علي هذا الأساس تدور :"هي الدنيا تقول بمليء فيها حذاري حذاري من بطشي وفتكي 

فلا يغرركموا مني ابتسام فقولي مضحك والفعل مبكي"

 ابن آدم سارع بالتوبة إلي الله فهو لذي ينادي علينا :":"وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ "(آل عمران/133).

وتارة يقول :"سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ "(الحديد /21).

ويقول الله عزوجل :"يا ابن آدم ، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي ، يا ابن آدم ، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ، ثم استغفرتني غفرت لك ، يا ابن آدم ، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا ، لأتيتك بقرابها مغفرة"(الترمذي).

اللهم تب علينا لنتوب اللهم اغفر لنا ذنوبنا وأسرافنا في أمرنا وتوفنا مع

 الأبرار

عباد الله أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم وأقم الصلاة

 

google-playkhamsatmostaqltradent