recent
أخبار عاجلة

رد شبهات ودحض مفتريات رمي الجمرات.. ما حكمة أن ترمي حجراً بحجر؟

 


رد شبهات ودحض مفتريات رمي الجمرات
 ما حكمة أن ترمي حجراً بحجر؟

حكمــة الرمـي 

أوَّلًا: إقامةُ ذِكرِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ

ثانيًا: الاقتداءُ بإبراهيمَ في عداوةِ الشَّيطانِ ورَمْيِه وعَدَمِ الانقيادِ له.

ثالثاً:التبرأ من الشيطان في الدنيا قبل أن يغويه ويتبرأ منه في الآخرة

رابعا:" عداوة الشيطان كما أمرنا المولي عزوجل 

الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد

فسوف نرد اليوم علي شبهة وفرية من شعائر الحج ألاوهي رمي الجمرات على الشيطان فهناك من عميت بصائرهم ويقولون :"

كيف يؤثر هذا على الشيطان والشيطان عبارة عن شيء معنوي غير حسي؟

وما الحكمة من ذلك، إننا نرمي حجراً بحجر؟

بل وتسأل بعض البلهاء الملاحدة متي ستنتهي بدعة رمي إبليس بالحجارة؟

 وللرد علي  تلك الشبهة نقول وبالله التوفيق:"

  الحج فريضة الله عز وجل على عباده من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ومن غيرهم من الأمم، فقد حج إبراهيم وإسماعيل وموسى، وقبلهم نوح عليهم السلام، وأخبر نبينا صلى الله عليه وسلم أن عيسى عليه السلام يحج البيت بعد نزوله آخر الزمان.

وإن المسلمين جميعهم اتفقوا على أن رمي الجمار من شعائر الحج، واشتهر عند بعض العوام أن رمي الجمار هو رجمٌ للشيطان حقيقةً، وهذا خطأ بالكلية لم يقل به أحدٌ من العلماء قط.

فعَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَمَلَ بِالْبَيْتِ، وَأَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ. فَقَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا ... الحديث.( أحمد في مسنده (4/437).

وفيه: "وَيَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ؟ قَالَ: صَدَقُوا، إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا أُمِرَ بِالْمَنَاسِكِ، عَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَسْعَى فَسَابَقَهُ، فَسَبَقَهُ إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ جِبْرِيلُ إِلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَعَرَضَ لَهُ شَيْطَانٌ - قَالَ يُونُسُ: الشَّيْطَانُ - فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، حَتَّى ذَهَبَ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ... قَالَ: ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ جِبْرِيلُ إِلَى الْجَمْرَةِ الْقُصْوَى، فَعَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى ذَهَبَ ... الحديث"(الحاكم في مستدركه مرفوعًا).

فهذا الحديث يدل على أن الشيطان عرض لإبراهيم عليه السلام عند الجمرات الثلاث فرماه بالحصى، والشيطان لا يعرض للحجاج.

وما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما من قوله: الشيطان ترجمون، وملة أبيكم إبراهيم تتبعون"(ابن خزيمة والحاكم والبيهقي).

 فإنما يعني به الرجمَ المعنويَّ، لا الحسيَّ؛ أي أن الامتثال إلى أمر الله عز وجل هو عين رجم الشيطان وكيده، إذن؛ فرمي الجمار لا يكون للشيطان حقيقة، وإنما هو رمز لكيده بالامتثال لأمر الله سبحانه وتعالى.

حكمة الرمي :"

 أما عن الحكمة من رمي الجمار فتتجلى في عِظَم الانقياد واتباع أوامر الله عز وجل، حتى وإن جهِلْنَا علةَ الأمر، وإذا كنا لا نخضع للأوامر الإلهية إلا فيما يدركه العقل لأصبحنا بذلك نعبد العقل ولسنا نعبد الله سبحانه وتعالى‼

فقد جاء الإسلام رافضاً كل الآلهة والأصنام التي تعبد من دون الله ومثبتاً الإلهية لله وحده، وهذا مضمون قولنا: لا إله إلا الله - أي لا معبود بحق إلا الله.وقولنا في الحج لبيك اللهم لبيك لبيك لاشريك لك لبيك "

وحقيقة العبودية تدور حول الامتثال والانقياد لأمر المعبود، وهذا ما دل عليه كل من اللغة والشرع، فالعرب تقول: طريق معبد أي مذلل خاضع، والشرع أمر بإسلام الوجه لله، وقبول ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم مع التسليم وانتفاء الحرج، قال تعالى: بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ"(البقرة: 112)، وقال تعالى:"وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا"(الحشر: 7)، وقال تعالى:"وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ"(الأحزاب: 36)، وقال تعالي:" فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا"(النساء: 65).

فمن رضي بالعبودية لله لم يكن له أن يتقدم بين يدي الله سبحانه برأي أو ذوق أو معقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "(الحجرات:1).

ودين الجاهلية مشتمل على ضلالتين في هذا الباب: عبادة غير الله، وابتداع دين لم يأذن به الله.

وقد كان المشركون يؤمنون بالله، ويدينون له ببعض العبادات مما ورثوه من دين إبراهيم عليه السلام، لكنهم زادوا فيها ونقصوا، وحرفوا وبدلوا، إضافة إلى شركهم وعبادتهم غير الله.

وقد كان المشركون يحجون لله، طوافاً، وسعياً، ونحراً، وحلقاً، ووقوفاً بمزدلفة وعرفة، إلا أن قريشاً ابتدعت ترك الوقوف بعرفة، كما ابتدع الجميع تلبيتهم المشتملة على الشرك، وذلك قولهم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك.

فلا حرج في وجود هذه الموافقة بين ما يفعله المسلمون في حجهم، وبين أكثر ما كان يفعله المشركون في حجهم، لأنه مما أخذوه عن إبراهيم عليه السلام.

ومن المعلوم ضرورة أن العقل لا يدرك حقيقةَ كلِّ شيءٍ. قال حجة الإسلام الإمام الغزالي رحمه الله في إحياء علوم الدين (1/270):"وأما رمي الجمار؛ فاقصد به الانقيادَ للأمر إظهارًا للرق والعبودية، وانتهاضًا لمجرد الامتثال من غير حظٍّ للعقل والنفس فيه، ثم اقصد به التشبه بإبراهيم عليه السلام حيث عرض له إبليس لعنه الله تعالى في ذلك الموضع ليدخل على حَجِّه شبهة أو يفتنه بمعصية، فأمره الله أن يرميه بالحجارة طردًا له وقطعًا لأمَلِهِ".

فإن خطر لك أن الشيطان عَرَضَ له وشاهده؛ فلذلك رماه، وأما أنا فليس يعرض لي الشيطان؛ فاعلم أن هذا الخاطر من الشيطان وأنه الذي ألقاه في قلبك ليُفَتِّرَ عزمَكَ في الرمي، ويخيل إليك أنه فِعْلٌ لا فائدة فيه، وأنه يضاهي اللعِبَ فلم تشتغل به!!

فاطردْه عن نفسك بالجد والتشمير في الرمي فيه برغم أنف الشيطان، واعلم أنك في الظاهر ترمي الحصى إلى العقبة، وفي الحقيقة ترمي به وجهَ الشيطان، وتقصم به ظهره؛ إذ لا يحصل إرغام أنفه إلا بامتثالك أمرَ اللهِ سبحانه وتعالى تعظيمًا له بمجرد الأمر من غير حظٍّ للنفسِ والعقلِ فيه) اهـ.

ومن الحكمة في مشروعية تقبيل الحجر والطواف والرمي ابتلاء العباد، وإظهار العبودية، ليعلم المسلم أن ليس له اختيار مع أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، فالذي حرم عبادة الأحجار والأشجار والأوثان، وحرم التقرب إليه بغير ما شرع الله، هو الذي أمر بالطواف حول بيته، وشرع تقبيل الحجر، ورمي الجمار، ولهذا قال عمر رضي الله عنه: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك "(البخاري).

فاحذر أن تعترض على شيء مما شرع الله، أو أن يكون في نفسك حرج وضيق من ذلك.

والخلاصة :"

الحكمة من رمي الجمرات تتمثل في امور أربع:"

أوَّلًا: إقامةُ ذِكرِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ:

حِكمةُ الرَّميِ في الجملةِ هي طاعةُ اللهِ فيما أمَرَ به، وذِكْرُه بامتثالِ أمْرِه على لسانِ نَبِيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال الله تعالى:"وَاذْكُرُواْ اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ"(البقرة: 203). ويدخُلُ في الذِّكْرِ المأمورِ به: رمْيُ الجِمارِ؛ بدليلِ قَولِه بعدَه: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ"(البقرة: 203) ، فإنَّ ذلك يدلُّ على أنَّ الرميَ شُرِعَ لإقامةِ ذِكرِ اللهِ

ثانيًا: عداوة الشيطان كما أمرنا المولي عزوجل 

فقد ذكرعدد من أهل لعلم أن رمي الجمرات هي اظهار العداوة للشيطان واهانته وارغامه ومخالفته فكان الرمي رمزاً وإشارة إلى عداوة الشيطان التي أمرنا الله تعالى بها في قوله:" إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ "(فاطر:6).

فالله عزوجل أمرنا بعداوته :"يا أيها الناس إن وعد الله بالبعث والثواب والعقاب حق ثابت، فلا تخدعنَّكم الحياة الدنيا بشهواتها ومطالبها، ولا يخدعنَّكم بالله الشيطان. إن الشيطان لبني آدم عدو، فاتخذوه عدوًّا ولا تطيعوه، إنما يدعو أتباعه إلى الضلال؛ ليكونوا من أصحاب النار الموقدة.

وليس أدل علي إعلان الحاج عداوته للشيطان إلافي أثناء تأدية المناسك واقتداء بأبي الأنبياء وخليل الرحمن إبراهيم عليه السلام ..


ثالثاً:"الاقتداءُ بإبراهيمَ في عداوةِ الشَّيطانِ ورَمْيِه وعَدَمِ الانقيادِ له

عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما مرفوعًا، قال:"لَمَّا أتى إبراهيمُ خليلُ اللهِ عليه السَّلامُ المناسِكَ، عَرضَ له الشَّيطانُ عند جَمْرةِ العَقَبةِ، فرماه بسَبْعِ حَصَياتٍ، حتى ساخَ في الأرضِ، ثم عَرَضَ له عند الجَمْرة الثَّانيَة، فرماه بسبْعِ حَصَياتٍ، حتى ساخ في الأرضِ، ثم عَرَضَ له في الجَمْرة الثَّالثةِ، فرماه بسَبْعِ حَصَياتٍ حتى ساخَ في الأرض. قال ابنُ عبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما:" الشَّيطانَ تَرْجمونَ، ومِلَّةَ أبيكم تَتَّبِعونَ"

 رابعا:"التبرأ من الشيطان في الدنيا قبل أن يغويه ويتبرأ منه في الآخرة

عندما ينزل الحاج من علي جبل عرفات متوجهاً إلي مني ليرمي جمرة العقبى الأولي لولسان حالة أنه يتبرأ من الشيطان في المكان الذي تبرأ فيه إبراهيم وإسماعيل من الشيطان الذي أراد أن يغويهما كي يخالفا أمر الله في رؤيا خليل الله إبراهيم ورؤيا الأنبياء حق وصدق .. 

ينزل الحاج ليرمي الجمرات ليعلن عداوته للشيطان :" إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ"(  فاطر/ 6).

وفي يوم القيامة سيتبرأ الشيطان من الإنسان إذا لم يتبرأ الإنسان منه في الدنيا وسوف يقف الشيطان خطيباً في عرصات القيامة :" وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ "(إبراهيم/ 22).

وقال تعالي:" كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ "(الحشر /16).

 

وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم

google-playkhamsatmostaqltradent