
هل يجوز للمرأة أن تتشبه بالرجل والرجل أن يتشبه بالمرأة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيقول الله تعالي :"الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ"(النساء:34).
وعليه فلا يجوز للمرأة أن تتشبه بالرجل ولا للرجل أن يتشبه بالمرأة، لقول ابن عباس رضي الله عنهما: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء, والمتشبهات من النساء بالرجال"(البخاري والترمذي وأبو داود).
وروى أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل".
وهذا دليل على أن التشبه المذكور من الكبائر، عافانا الله جميعاً.
وكما أنه لا يجوز تشبه أي من الجنسين بالجنس الآخر، فإنه كذلك لا يجوز التشبه بالكفار أو الفساق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: من تشبه بقوم فهو منهم. وفي رواية: حشر معهم"( أحمد وأبو داود).
وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود
ولا النصارى". الحديث.(
قال صاحب عون المعبود: قال القاري: أي من شبه نفسه بالكفار مثلاً في اللباس وغيره أو الفساق أو الفجار أو بأهل التصوف والصلحاء الأبرار فهو منهم، أي في الإثم والخير. وقال العلقمي: أي من تشبه بالصالحين يكرم كما يكرمون، ومن تشبه بالفساق لم يكرم.
وبناء على هذا، فالرجل إذا ذهب إلى بلاد الكفر أو
أي بلد أعتيد فيها للرجال بأن يلبسوا الأساور والحلق والخواتم أو أي حلية أخرى مما
خص الشرع لبسه للنساء، فليس له أن يلبس ذلك. لأنه لا يخلو من أن يكون متشبها بالنساء
أو بالكفار والفساق، وكل ذلك حرام، وقد بينا من قبل ما يجوز للرجل لبسه من الحلي،
وعن ابنِ عبَّاسٍ رضي اللَّه عَنْهُما قَالَ:
"لَعَنَ رسُولُ اللَّه صلي الله عليه وسلم
المُخَنَّثين مِنَ الرِّجالِ، والمُتَرجِّلاتِ مِن النِّساءِ".
وفي روايةٍ: "لَعنَ رسُولُ اللَّه
صلي الله عليه وسلم المُتَشبِّهين مِن الرِّجالِ بِالنساءِ، والمُتَشبِّهَات مِن النِّسَاءِ
بِالرِّجالِ"( البخاري).
وعنْ أَبي هُريْرةَ قَالَ: "لَعنَ رسُولُ اللَّه صلي الله عليه وسلم الرَّجُلَ
يلْبسُ لِبْسةَ المرْأةِ، والمرْأةَ تَلْبسُ لِبْسةَ الرَّجُلِ"( أَبُو داود بإسنادٍ
صحيحٍ).
وقَال رسُولُ اللَّه صلي الله عليه وسلم :"صِنْفَانِ
مِنْ أهلِ النَّارِ لَمْ أرَهُما: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِياطٌ كأذْنَابِ الْبقَرِ يَضْرِبونَ
بِها النَّاس، ونِساء كاسياتٌ عارِياتٌ مُمِيلاتٌ مَائِلاتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمةِ
الْبُخْتِ المائِلَةِ، لا يَدْخُلْنَ الجنَّةَ، وَلا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وإنَّ رِيحَهَا
لَيُوجَدُ مِنْ مسِيرَةِ كذَا وكَذَا "( مسلم).
لا يجوز لكل صنفٍ أن يتشبَّه بالآخر، فالله ميَّز
هؤلاء عن هؤلاء، وهؤلاء عن هؤلاء، فيجب أن يتميَّزوا، وألا يتشبَّه بعضُهم ببعضٍ:"الرِّجَالُ
قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ"(النساء:34)، فالواجب على الرجل أن تكون له ميزة
وصفة، وعلى المرأة كذلك.
ونساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ، مائلاتٌ مميلاتٌ،
رؤوسهنَّ كأسنمة البُخْت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها.
كاسيات عاريات يعني: ملابسهن قصيرة، أو
رقيقة، اسمها كسوة، لكنها عارية في الحقيقة، مائلة عن العِفَّة وعن الصلاح، مميلة لغيرها
إلى الفساد والفواحش.
رؤوسهنَّ كأَسْنِمَة البُخْت المائلة يعني:
يُعظّمن الرؤوس بأشياء يجعلنها فيها، حتى تكون كأسنمة البخت المائلة، والبُخْت: نوعٌ
من الإبل لها سنامان بينهما شيء منخفض، فهن يجعلن على رؤوسهنَّ أشياء حتى تكون كأسنمة
البخت المائلة، يكون لهن مثل الرأسين بينهما فجوة تُشبه أسنمة البخت المائلة، إما للتمييز،
وإما للتعاظم، وإما لأسبابٍ أخرى.
فالواجب على النساء أن يحذرن هذه الصفات،
وأن يكن عفيفات، بعيدات عن الفواحش، بعيدات عن الميل عن الحق والصواب، بل يلزمن الزي
الصالح، والسيرة الحميدة، والحذر مما حرم الله من الميل عن الحق، أو الإمالة إليه،
أو لباس ما لا يستر من الملابس لقصره أو لرقته، والحذر من الميل إلى الباطل أو إلى
الزنا،
والحذر من إمالة الناس إليه من أخواتٍ، أو جارات، أو بنات، يجب على المرأة أن تحذر الزنا، وأن تحذر أن تكون عونًا فيه، أو مشيرةً فيه، أو تُميل الناس إليه، وكما يحرم على النساء يحرم على الرجال، فيحرم على الرجال أيضًا أن يكونوا دعاةً للباطل، دعاةً للإثم في أقوالهم، أو أفعالهم؛
والحذر كل الحذر من الدعوة للمثلية والاختلاط والتشبه بالنساء .. نسأل الله
العافية.
وصلي اللهم علي سيدنا محمدوعلي آله وصحبه
وسلم