recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة من سنن الله في كونه قد خاب من افتري

 


من سنن الله في كونه قد خاب من افتري

المقصود بالسنن الإلهية

معني  كلمة الخيبة

ذكر الخيبة في القرآن الكريم في أربعة مواضع 

"وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى"(طه:61).

"وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً"(طه: 111).

"وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ"(إبراهيم:15).

"وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا"(الشمس/10).

تحميل الخبطة ورد

تحميل الخطبة pdf

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين أما بعد

فيقول الله تعالي:" قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ "(آل عمران/137).

عباد الله :" حديثنا إليكم اليوم عن سنن الله في كونه والسؤال ما المقصود بالسنن الإلهية التي هي طوق النجاة؟

المقصود بالسنن الإلهية:

هي القوانين الحاكمة قدراً في العباد التي تجري باطراد وثبات وعموم، في حياة البشر.

فلله في الأفراد سنن، وفي الأمم سنن، وفي المسلمين سنن، وفي الكافرين سنن.

 والسنن تعمل مجتمعه ولا تتخلف أو تتبدل، يخضع لها البشر في تصرفاتهم وأفعالهم وسلوكهم في الحياة، ويترتب على ذلك من نتائج كالنصر أو الهزيمة، والسعادة أو الشقاوة، والعز أو الذل، والرقي أو التخلف، والقوة أو الضعف، وفق مقادير ثابتة لا تقبل التخلف ولا تتعرض للتبديل: "فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا "(فاطر/43).

 عباد الله:" لنتعرف على هذا المعنى من أحسن حديث وأبين بيان ؛ كتاب ربنا، فالله سبحانه وتعالى عندما أراد من عباده أن يفقهوا سننه الإلهية بين لهم منها ما تتحقق به الهداية لهم، فقال سبحانه:"يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ "(النساء/26). 

لذلك نحتاج للاستضاءة بنور الوحي لفهم تلك السنن الكونية فسنة الله في خلقه لمن فسد وظلم وبغي وطغي يكون مصيرهم الخيبة والهلاك لامحالة ..

فمن ينظر إلى أسباب الخيبة في القرآن الكريم يدرك أنها لا تختص بزمان دون زمان ولا بجيل دون جيل بل هي مُقدمات تؤدي إلى نتائج، وقيم سافلة تؤدي بفاعلها إلى هاوية سحيقة لا يفلت منها، وصفات متى توفرت تحققت الخيبة.

وكلما امتلك المرء عقيدة أقوى وإرادة أصلب وعقلاً أرجح، وكلما كان صاحب عزيمة وجد ومثابرة، كلما اجتاز ما يواجهه من عقبات وانطلق نحو هدفه ليحققه كله أو بعضه، حتى يكون منتهاه الجنة ، غير أنه لا ييأس ولا يقنط أبدا.

أما من تتحقق فيه موجبات الخيبة التي حددها الله تعالى في كتابه الكريم فلا نجاة له سوى بنية صادقة، وبحسن توجه وإقبال، وبتوبة وندم وإصلاح، وإلا كان من الأخسرين أعمالاً"الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً"(الكهف:104).

معني  كلمة الخيبة؟

عباد الله:" ومن الكلمات التي تلقي على نفس قائلها وعلى نفس مستمعيها بظلال البؤس واليأس والقنوط والإحباط والتشاؤم والعجز والفشل والإخفاق والحسرة والندم والكآبة وقلة الحيلة، وكل ما جاء في هذا الباب من مرادفات.

إن الخيبة هي عدمُ تَحقُّق المطلوب، وامتناع نيل المرء ما تمناه وما عوَّل عليه، وعدمُ الفوز بما كان مُتوقَّعاً.

إن الخيبة لا تكون إلا بعد أمل؛ فحين ينقطع الأمل تحدث الخيبة وما يترتب عليها من مشاعر تدمي القلب، وتوهن البدن، وتفقد صاحبها ثقته بنفسه، فلا تراه إلا هائماً مُتخبطاً لا يعرف مُبتغاه ولا إلى أين سينتهي به مَسعاه.

إن من الخيبة ما يأتي بعد فراغ الحِيَل ونفاد الأسباب، حينها يكون الخسران المبين وتكون الطامة الكبرى حينها لا رجعة، والأقلام قد رُفِعَت والصحف قد جفَّت ونشِرت للحساب الذي لا يُبشر بخير.

ذكر الخيبة في القرآن الكريم في أربعة مواضع 

عباد الله :" ذكرت الخيبة في القرآن الكريم في أربعة مواضع كلها متعلقة بالظلم، إما الظلم بمعناه الشامل (الشرك) أو ظلم العباد أو ظلم النفس.

الموضع الأول :" قال تعالى:"وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى"(طه:61).

وقال تعالى:"وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ" (العنكبوت/68).

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى: أي: لا أحد أظلم مِمَّنِ افْتَرَى.

قال العسكري في كتاب "الفروق اللغوية": "الافتراء: .. الكذب في حقِّ الغير بما لا يرتضيه".

وقال الكفوي في "الكليات": "الافتراء: هو العظيم من الكذب، يُقال لمن عمل عملاً فبالغ فيه: إنه ليفري الفرى. ومعنى افترى: افتعل واختلق ما لا يصحُّ أن يكون؛ وما لا يصحُّ أن يكون أعمُّ مما لا يجوز أن يُقال، وما لا يجوز أن يفعل".

وقال السيوطي في "معجم مقاليد العلوم": "الافتراء: اختراع قضية لا أصل لها."

إن من يفتري على الله ورسله وعلى المؤمنين الكذب قد توعده الله تعالى بالخسران والهلاك، وأي خسران أكبر من انقطاع الأجر، والحرمان من الرحمة، وملاقاة العذاب الأليم! قال تعالى :"وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا"(الشمس: 10).

جاء في تفسير البغوي وقال الحسن:"وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا" أهلكها وأضلها وحملها على المعصية، فجعل الفعل للنفس".

عباد الله:" 

والموضع الثاني من المواضع التي ذكرت فيه الخيبة في القرآن الكريم  قوله تعالى: "وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً"(طه: 111).

قال ابن عباس رضي الله عنه: "خسر من أشرك بالله، والظلم هو الشرك" وعلى هذا النحو قال قتادة وابن زيد.

جاء في تفسير الطبري: "وقوله تعالى ذكره:"وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً" يقول: ولم يظفر بحاجته وطلبته من حمل إلى موقف القيادة شركاً بالله، وكُفراً به، وعملاً بمعصيته"، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "لَمَّا نَزَلَتْ:"الَّذِينَ آمَنُوا ولَمْ يَلْبِسُوا إيمانَهُمْ بظُلْمٍ"(الأنعام: 82). شَقَّ ذلكَ علَى أصْحابِ رَسولِ الله صلي الله عليه وسلم  وقالوا:"أيُّنا لا يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟ فقالَ رَسولُ الله صلي  الله عليه وسلم :" ليسَ هو كما تَظُنُّونَ، إنَّما هو كما قالَ لُقْمانُ لاِبْنِهِ: {يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ باللَّهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ"(لقمان:13- مسلم).

إن كلمة الشرك عندما تذكر يعتقد كثيرون أنه الكفر الصريح وينسون/ أو يتناسون أن النبي صلي الله عليه وسلم  قد حذرنا من الشرك الخفي ووصفه بأنه أخفى من دبيبِ النَّملِ، وحذرنا كذلك من الشرك الأصغر، وهو الرياء .

عن أبي موسى الأشعري - عبد الله بن قيس رضي الله عنه - أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "يا أيها الناسُ! اتَّقوا هذا الشِّركَ؛ فإنه أخفى من دبيبِ النَّملِ، فقال له

 من شاء اللهُ أن يقولَ: وكيف نتَّقِيه وهو أخفى من دبيبِ النَّملِ يا رسولَ اللهِ! قال: قولوا:

 اللهم إنا نعوذُ بك من أن نُشرِكَ بك شيئاً نعلَمُه، ونستغفرُك لما لا نعلمُه" (صحيح الترغيب).

عباد الله أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين وبعد لازلنا بصدد الحديث حول سنن الله في خلقه وهي طالما تحقق الظلم والافتراء تحققت الخيبة وقد ذكرنا موضغين من المواضع الأربعة التي ذكرت فيها الخيبة في القرآن الكريم  أما الموضع الثالث عباد الله :"

 قوله تعالى:"وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ"(إبراهيم:15).

قال مجاهد: "الجبار: الذي يجبر الخلق على مراده، والعنيد: المُعاند للحق ومُجانبه".

عن قتادة: "وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ"، يقول: بعيد عن الحق، مُعْرِض عنه".

عن ابن عباس رضي الله عنه: "وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ" قال: كان الرسلُ والمؤمنون يستضعفهم قومُهم، ويقهَرُونهم ويُكذبونهم، ويدعونهم إلى أن يعودوا في مِلّتهم، فأبَى الله -عز وجل- لرسله وللمؤمنين أن يعودُوا في مِلّة الكفر، وأمرَهُم أن يتوكلوا على الله، وأمرهم أن يستفتحوا على الجبابرة، ووعدهم أن يُسْكنهم الأرض من بعدهم، فأنجز الله لهم ما وعدهم، واستفتحوا كما أمرهم أن يستفتحوا"وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيد".

وقال مجاهد، وقتادة: واستفتحوا يعني الرسل، وذلك أنهم لما يئسوا من إيمان قومهم استنصروا الله ودعوا على قومهم بالعذاب كما قال نوح عليه السلام:"رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً"(نوح:26). وقال موسى عليه السلام :"رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ"(يونس: 88).

وعن أبي موسى الأشعري عبد الله بن قيس - رضي الله عنه - أن النبي صلي الله عليه وسلم قال:"إنَّ في جهنَّمَ وادياً وفي الوادي بئرٌ يُقالُ له هَبْهَبُ حقٌّ على اللهِ أن يُسكنَه كلَّ جبَّارٍ عنيدٍ"(المنذري في الترغيب والترهيب بإسناد حسن).

لقد كان الكفار يتعجلون حُكم الله بينهم وبين الرسل ظناً منهم أنهم على الحق وأن ما جاء به الرسل هو الباطل، وظناً منهم أن ما توعدهم به الرسل من عذاب الله لن يقع ولن يكون، فكان هذا هو استفتاحهم الذي بسببه عجَّل الله تعالى لهم العقوبة فخاب سعيهم وساء ظنهم بتجبرهم وعنادهم.

عباد الله :"أما الموضع الرابع التي ذكرت فيه الخيبة في القرآن الكريم

قوله تعالى :"وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا"(الشمس/10).

جاء في تفسير البغوي: "وقال الحسن: "وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا" أهلكها وأضلها وحملها على المعصية، فجعل الفعل للنفس".

قال ابن الأعرابي: ""وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا" أي دسَّ نفسه في جملة الصالحين وليس منهم".

اللهم إنا نعوذ بك من الخيبة والضلال .. ونسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والأخرة..

عباد الله أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم وقوموا إلي صلاتكم يرحمكم الله 

google-playkhamsatmostaqltradent