recent
أخبار عاجلة

خير الناس للناس من يبدأ بالسلام الدرس السابع والعشرون

 

خير الناس للناس من يبدأ بالسلام

الدرس السابع والعشرون

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين أما بعد فياعباد الله

خير الناس للناس المسالم الذي يبدأ بالسلام وخير الناس الذي يفشي السلام وخير الناس الذي يلقي السلام ويقريء السلام..ويبدأ بالسلام ..

قال صلي الله عليه وسلم:" لا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجرَ أخاه فوقَ ثلاثةِ أيامٍ يلتقيان فيُعْرِضُ هذا ويُعْرِضُ هذا ,وخيرُهما الذي يبدأُ بالسلامِ"(البخاري ومسلم).

فقد عَمِلَ الإسلامُ على قطْعِ دابرِ الشَّحناءِ والعَداوةِ والبَغضاءِ منَ المجتمعِ، واتَّخذَ لذلك تَدابيرَ مُتعدِّدةً.

وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه لا يَحِلُّ لِمُسلمٍ أنْ يَهجُرَ أخاهُ في الإسلامِ، فَوقَ ثَلاثِ لَيالٍ بأيَّامِها قاصِدًا لِقَطعِ مُواصلَتِه عازِمًا عَليها، وهذا إذا لم يَخَفْ مِن مُكالَمتِه وصِلتِه ما يُفسِدُ عليه دِينَه، أو يُولِّدُ به على نفْسِه مَضرَّةً في دِينِه أو دُنياه، أو لوُجودِ بِدعةٍ في المَهجورِ، أو لتَظاهُرِه بفِسْقٍ أو نحوِه؛ فإنْ كان ذلك فله مُجانَبتُه والبُعدُ عنه، ورُبَّ هَجْرٍ جَميلٍ خيْرٌ مِن مُخالَطةٍ مُؤذيةٍ، وبَعضُ الهَجرِ زَجرٌ وتَأديبٌ. وقولُه:"يَلتقِيَانِ؛ فيَصُدُّ هذا، ويَصُدُّ هذا"، أيْ: إنَّ المتخاصِمَينِ يُعرِضُ كُلٌّ منهما عن الآخَرِ، وهو الغالِبُ مِن حالِ المتهاجِرَينِ عندَ اللِّقاءِ، ثمَّ بيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ خَيرَهُما وأفضَلَهُما الَّذي يَبدَأُ بالسَّلامِ؛ فَالسَّلامُ يَقطَعُ الهِجرَةَ، ويُزيلُ الحَرَجَ.

وذِكرُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لثَلاثِ لَيالٍ يدُلُّ على إباحتِها في الثَّلاثِ لعارِضٍ، وإنَّما عُفِيَ عنها في الثَّلاثِ؛ لأنَّ الإنسانَ قد يَغضَبُ أو يَسوءُ خُلقُه بسَببِ مَوقفٍ، فعُفِيَ عنِ الهَجرِ في الثَّلاثةِ؛ ليَذهَبَ ذلك العارِضُ. قيل: في اليَومِ الأوَّلِ يَسكُنُ غَضَبُه، وفي الثَّاني يُراجِعُ نَفْسَه، وفي الثَّالثِ يَعتَذِرُ، وما زاد على ذلك كان قَطْعًا لحُقوقِ الأُخوَّةِ.

وفي الحَديثِ: ذَمُّ هَجرِ المُسلمِ أخاهُ فَوقَ ثَلاثِ لَيالٍ، إذا لم يَكُن لمصلحةٍ شرعيَّةٍ أو لدَفْعِ مَضرَّةٍ.

وخير الناس يحرص علي إلْقاءُ السَّلامِ على كلِّ مُسلمٍ ابتغاءَ وَجْهِ الله، دونَ تَمييزٍ بيْنَ شَخصٍ وآخَرَ؛ لأنَّه تحيَّةُ الإسلامِ لعمومِ المسلِمينَ. والسَّلامُ أوَّلُ أسبابِ التَّآلُفِ، ومِفتاحُ استجلابِ الموَدَّةِ؛ ففي إفشائِه تَمكينُ أُلْفةِ المُسلمينَ بَعضِهم لبعضٍ، وإظهارُ شِعارِهم، بخِلافِ غيرِهم مِن سائرِ المِلَلِ، مع ما فيه مِن رِياضةِ النُّفوسِ، ولُزومِ التَّواضُعِ، وإعظامِ حُرماتِ المُسلمينَ.وقد جمَعَ في الحديثِ بيْنَ إطعامِ الطَّعامِ وإفشاءِ السَّلامِ؛ لأنَّ بهما يَجتمِعُ الإحسانُ بالقولِ والفعلِ، وهو أكملُ الإحسانِ، وإنَّما كان هذا خيرَ الإسلامِ بعْدَ الإتيانِ بفرائضِ الإسلامِ وَواجباتِه؛ لأنَّ إطعامَ الطَّعامِ وإفشاءَ السَّلامِ لا يَكونانِ مِن الإسلامِ إلَّا بالنِّسبةِ إلى مَن آمَن باللهِ ومَلائكتِه، وكُتبِه ورُسلِه، واليومِ الآخِرِ.

  إقراء السلام، على مَن عرفتَ، ومَن لم تعرف،  على كل مَن لقيتَ، سواء كان ذلك عن معرفةٍ، أو عن غير معرفةٍ، وسواء كان ذلك المسلَّم عليه من القريبين، أو من البعيدين؛ لأنَّ ذلك لله -تبارك وتعالى-، فهو قُربة يتقرّب بها، كما أنه شيءٌ يتحبّب به إلى نفوس الآخرين، ويجذب هذه النفوس، ويُؤلِّف بينها، كما سبق: ألا أدلُّكم على شيءٍ إذا فعلتُموه تحاببتم؟ أفشوا السلامَ بينكم"(). قال عليه الصلاة والسلام : يا أيها الناس أفْشُوا السلام ، وأطْعِمُوا الطعام ، وصَلُّوا بالليل والناس نِيَام ، تدخلوا الجنة بِسَلام "( أحمد والترمذي وابن ماجه ).

وقال صلي الله عليه وسلم :"إن في الجنة غرفا تُرى ظهورها مِن بُطونها ، وبُطونها مِن ظُهورها . فقام أعرابي فقال : لمن هي يا رسول الله ؟ قال : لِمَن أطاب الكلام ، وأطعم الطعام ، وأدام الصيام ، وصلى لله بالليل والناس نيام ."(أحمد والترمذي) ,

وقد سُئلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الإِسْلامِ خَيْرٌ ؟ قَالَ : تُطْعِمُ الطَّعَامَ ، وَتَقْرَأُ السَّلامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ "(البخاري , والنسائي).

فيفعل ذلك ابتغاء وجه الله ، دون تمييزٍ بين مَن يُحبّه، ومَن لا يُحبّه، وبين مَن يعرفه، ومَن لا يعرفه، ولربما بخل الإنسانُ بالسلام لضيق عطنه، أو لكبرٍ في نفسه، أو يبخل به على بعض إخوانه؛ لكونه لا يعرفه، أو لكونه يتوهّم أنَّ هؤلاء لم يُسلِّموا عليه حينما اجتازوا به، فهو يُعاملهم بالمثل، لكن إذا استشعر أنَّ هذه قُربة، وأنها من أفضل الأعمال، دون أن تُكلّفه جهدًا بدنيًّا، ولا أن تُكلّفه شيئًا من المال؛ فإنَّ ذلك لا يبخل به، إلا مَن قد استحكم عليه البخلُ، فهذه تحية الإسلام، مُستحقّة لعموم المسلمين.

 "وكان ابنُ عمر يدخل إلى السوق، فلا يمرّ بأحدٍ إلا سلَّم عليه"، يعني: يذهب إلى السوق في وقت كثرة الناس وتجمهرهم من أجل السَّلام.

لكن قال العلماء: هذا في ذلك الحين، حينما كانت المنكرات قليلةً في الأسواق، أمَّا حينما كثرت المنكرات فلا يذهب الإنسانُ إلى الأسواق لمجرد السَّلام.

وخير الناس يلقي السلام علي من يعرف ومن لايعرف فقد عرف أن  النبي صلي الله عليه وسلم حذر من السلام للمعرفة بقوله:" إنَّ من اقتراب السَّاعة: السلام بالمعرفة"(ابن خزيمة والطبراني).  

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم"(مسلم).

وخير الناس علم أن السلام تحية أهل الجنة فحافظ عليه

قال تعالي عن أهل الجنة:"تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ"(الأحزاب:44).

وخير الناس علم أن السلام حق المسلم على أخيه فحرص علي القاءه ورده  عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا لقيَ أحدُكم أخاه فلْيسلِّم عليه، فإن حالتْ بينهما شجرةٌ أو جدارٌ أو حجرٌ ثم لقيهُ فلْيُسلِّمْ عليهِ"(أبو داود).

وخير الناس حرص علي رد السلام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "خمسٌ تجب للمسلم على أخيه: رد السلام، وتشميت العاطس، وإجابة الدعوة، وعيادة المريض، واتباع الجنائز"( البخاري ومسلم ). وقال تعالى: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا"(النساء:86).

وخير الناس علم أن السلام سبب للبركة

فحرص  أن يبارك الله له في نفسك وأهل بيتك فيسلم عليهم كلما دخل بيته؛ فإن ذلك من أعظم أسباب البركة. فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عيله وسلم: "يا بُني إذا دخلت على أهلك فسلِّم يكون بركة عليك وعلى أهل بيتك"(الترمذي , والطبراني).

وخير الناس حرص علي إلقاء السلام إلقاءً، ولا يكون بالإشارة، إلا لعذرٍ، لقوله   صلي الله عليه وسلم :" لا تُسلِّموا تسليم اليهود، فإنَّ تسليمهم بالرؤوس والأكفّ"( النسائي). و قال: لا تشبَّهوا باليهود، ولا بالنَّصارى، فإنَّ تسليم اليهود الإشارة بالأصابع، وإنَّ تسليم النَّصارى بالأكفّ"(حسن).وخير الناس حرص أن يسلم باللسان إلا علي الأبكم والأصم فبالإشارة  فقد ثبت أنَّه صلي الله عليه وسلم :"أشار بكفِّه"

وصلَّى الله وسلّم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه.

 

google-playkhamsatmostaqltradent